في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*القدّيس البار يوانيكيوس الكبير *الشّهيدة زوجة بطرس الرّسول *القدّيسون الأبرار السّوريّون، آباء الكنيسة الجيورجيّة *الشّهيدان نيكاندروس الأسقف وهرماس الكاهن *القدّيس المهتدي بورفيريوس الأفسسيّ الممثِّل *القدّيس الأمبراطور التَّقي يوحنّا الثّالث دوكاس الرّحيم*القدّيس البار مركوريوس الصّوّام الكييفيّ *القدّيس البار سمعان يورييفياتس الرّوسيّ المتباله *القدّيس البار نيكاندروس غوردونسك *أبونا الجليل في القدّيسين بولس طوبولسك *القدّيس البار يوحنّا أكاتزيوس *الشّهداء الرّوس الجدد أرسانيوس تروتسكي ومَن معه.
* * *
✤تذكار أبينا البار يوانيكيوس الكبير (+ 846 م)✤
راعيًا
وُلد القدّيس يوانيكيوس في قرية اسمها ميرقاتا في مقاطعة بيثينيا في العام 754 للميلاد. كان والداه ميرتريك وأنسطاسيا من العامّة وقد جعلاه ناظرًا للخنازير وهو في السّابعة من عمره. نشأ على التّقوى لكنّه أخذ عن والديه عداوتهما للإيقونات في زمن احتدّ فيه النّزاع بين مُدافِع عنها ومُحارِب لها. وقد بقي كذلك إلى سنّ السّادسة والثّلاثين حين التقى شيخًا راهبًا أبان له التّعليم القويم بشأنها وردّه عن ضلاله.
ويبدو أنّ حبّه للعزلة في تلك المرحلة من حياته تفتّق كبيرًا حتّى قيل إنّه كان يرشم إشارة الصّليب على قطيعه ليحفظها من الضّياع ويستغرق في صلاة عميقة لساعات في هدأة التّلال والوِهاد.
جنديًّا
انخرط يوانيكيوس في الجنديّة وهو في سنّ التّاسعة عشرة فأبدى بسالة منقطعة النّظير وأبلى البلاء الحسن في الحرب البلغاريّة (795 م). وقد لاحَظَه الأمبراطور البيزنطيّ قسطنطين السّادس وأراده في عداد قوّاته الخاصّة، لكنّ نفس يوانيكيوس كانت قد مجّت مناظر الحرب والمَذابِح وبان لها بطلان الحياة الدّنيا، فقام إلى الأمبراطور مُستأذِنًا، ثمّ اعتزل الجيش ووجّه طرْفه ناحية الجنديّة الملائكيّة ورَغِبَ في الحرب اللّامنظورة.
راهبًا
كانت وجهة سير يوانيكيوس جبل الأليمبوس في بيثينيا، موئل الرّهبان الأوّل في ذلك الزّمان. وقد رغب في الحياة النّسكيّة منذ بداية الطّريق، لكنّه اقتنع، لدى استشارة الآباء، أن يكون أوّلُ دخوله الحياةَ المشتركة. من أجل ذلك التحق بأحد الدّيورة وخضع لطاعة رؤسائه. وكما اعتاد خوض المعارك في الجيش، خاض في الدّير معركة لا هوادة فيها ضد حبّ الذّات والأهواء والتّجارب على اختلافها. ثمّ بعد سنتين عاد شوقه إلى الحياة النّسكيّة يتّقد من جديد. وقد بقي أسبوعًا كاملًا غارقًا في صلاة حارّة إلى ربّه أن يهديه إلى أب روحيّ يقوده على طريق الكمال. لم يذق خلال ذلك ولا كسرة خبز. وفي اليوم السّابع حضره ناسكان أنبآه بالآتي وأعطياه رداء من شعر وصليبًا ليكونا له عَوْنًا في معاركه ضد أرواح الظلمة. مذ ذاك انطلق يوانيكيوس إلى حياة التّوحّد والنّسك الّتي طالما اشتهى.
مجاهدًا كبيرًا
سلك يوانيكيوس في التّوحّد أربعة عشر عامًا أقام خلالها في المغاور الجَبَليّة النّائية. وكان يضطرّ بين الحين والحين إلى هجر منسكه إلى غيره لذيوع خبره. ويبدو أنّ جهاده ضدّ قوى الظّلمة كان ضاريًا حتّى بات يتحدّى الشّياطين.
يُروَى عنه، بهذا المعنى، أنّه التقى مرّة عذراء كان شيطان الزّنى يُعذّبها. فتحنّن عليها وسألها أن تضع يدها على عاتقه، ثمّ قال: “لتنتقل إليّ، بقوّة الرَّبّ يسوع المسيح، التّجربة الّتي عليك!” فانتقلت. وعادت العَذراء إلى ديرها في سلام ويوانيكيوس إلى مغارته وهجمات شيطان الزّنى عليه ولا أشدّ. إلى ذلك يُذكر أنّ طعام يوانيكيوس خلال هذه الفترة اقتصر على الخبز والماء وكان بكميّات قليلة جدًّا. كما أمضى سنة كاملة مربوطًا إلى سلسلة حديديّة ثقيلة.
يوانيكيوس وخلاص النّفوس
أخيرًا، عرّفه الله في رؤيا أنّه آن له الأوان ليعمل لخلاص النّفوس. فقام إلى أحد الدّيورة القريبة من النّاس واتّخذ لنفسه فيها مقرًّا. وقد ظهرت لديه مواهب جمّة كالتّبصّر والنّبوءة ومعرفة مكنونات القلوب والتّعاطي مع الحيوانات على منوال آدم في الفردوس، يروّض المفترس منها، وله سلطان على الأفاعي. يمشي على المياه، ويظهر ويختفي ساعة يشاء. في كلّ ذلك كان يوانيكيوس في منتهى التّواضع والوادعة. وكان في القامة عملاقًا.
أخذ يوانيكيوس يستقبل زائريه فيُعزّي النّفوس القلقة ويُصلح الخطأة ويقوّم الهراطقة ويبرئ المَرضى. كان الكلّ للكلّ دون أن يفقد هدوء النّفس وحالة اللّاهوى الّتي مَنَّ بها الله عليه مجازاة له على أعماله.
أسّس يوانيكيوس في حياته ثلاثة أديار استقطبت العشرات، لا بل المئات من الرّهبان.
دخل أحد تلاميذه مرّة قلاّيته خلسة فألفاه مُعلَّقًا في الهواء، على علوّ ذراعين عن الأرض وكانت نفسه في الغبطة.
جاءه مرّة بعض الزّوّار المشكِّكين بما سمعوه عن عجائب الله فيه فاستقبلهم وقدّم لهم طعامًا. وأثناء المائدة ظهر دبّ فجأة فأثار الرّعب في نفوس الحاضرين فدَعاه القدّيس بصوت لطيف فجاء إليه وسجد أمامه. فأمره أن يسجد أمام المدعوِّين، ثمّ التفت إليهم قائلاً: “لمّا خلق الله الحيوانات كانت توقّر الإنسان لأنّه على صورة خالقه. ولكن لمّا تعدّى الشّريعة صار يخافها. فإن نحن أحببنا الرَّبّ يسوع وحفظنا وصاياه فلا يقدر حيوان أن يؤذينا“.
مُدافعًا عن إكرام الإيقونات
إلى ذلك لعب القدّيس يوانيكيوس دورًا مهمًّا في الدّفاع عن الإيمان القويم لا سيّما ما يختصّ بإكرام الإيقونات، وكانت تربطه بالبطريرك مثوديوس القسطنطينيّ صداقة عميقة.
قيل إنّ الأمبراطور ثيوفيلوس، وهو أكثر الأباطرة المضطّهِدين للإيقونات تشدّدًا، بدأ يشكّ في سنواته الأخيرة في صلاح قناعاته. فقام وأوفد إلى يوانيكيوس بعثة يستشيره فكان جواب القدّيس واضحًا صريحًا لا مُساوَمَة فيه: “مَن لا يكرّم إيقونات الرَّبّ يسوع المسيح ووالدة الإله والقدّيسين لا يدخل ملكوت السّموات حتّى لو كانت حياته على الأرض منزّهة عن كلّ شائبة. فكما يُعاقَب مَن يحتقرون صورتك، أيّها الأمبراطور، بقسوة، كذلك يُلقى مَن يسخرون من أيقونة المسيح في النّار الأبديّة“. ومَرَّت سَنَة على مَشورة القدّيس يوانيكيوس للأمبراطور (842) وإذ بهذا الأخير ينطرح على سرير المَرض وتأتي ساعته، فيؤتى له بناء لطلبه بإيقونة السّيّد فيقبّلها ويضمّها دامِعًا نادِمًا ويلفظ أنفاسه. وبوفاة الأمبراطور ثيوفيلوس انتهت حرب الإيقونات. وقد كانت نصيحة القدّيس يوانيكيوس لما استشير أن يُعامَل محاربو الإيقونات بِرَويّة واعتدال ويُبتَعد عن القَسوة.
رقاده
رقد القدّيس يوانيكيوس بسلام في الرَّبّ في الرَّابع من تشرين الثّاني من العام 846 للميلاد بعدما أسرّ إليه الله بيوم وفاته. وقد عاين رهبان جبل الأوليمبوس عمودًا يرتفع من الأرض إلى السّماء يوم وفاته. وإلى رفاته تُنسب عجائب كثيرة وإليه تُعزى الصّلاة المَعروفة: “الآب رجائي والابن ملجئي والرّوح القدس وقائي أيّها الثّالوث القدّوس المجد لك“.
vتذكار القدّيسة الشّهيدة زوجة بطرس الرّسول. ورد ذكرها في بعض الكتابات من القرن الثّاني للميلاد. قيل إنّها تبعت زوجها إلى روما حيث استُشهدت. وقد أشار إليها أفسافيوس القيصريّ نقلًا عن إقليموس الإسكندريّ بإكبار فقال: “هكذا يكون زواج المغبوطين الّذين أحبّ أحدهم الآخر على أمثل ما يكون“. ولكن لا إقليموس ولا أفسافيوس ذكر اسم القدّيسة. وقد جاء في السّنكسارات المُتأخّرة أنّ اسمها مريم أو بربتوا.