في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
* العظيم في الشّهداء بروكوبيوس والّذين معه *الشّهيد عبدا *القدّيس البارّ ثيوفيلوس المقدوني المفيض الطّيب *الجديد في الشّهداء الكهنة أنستاسيوس يوانينا *القدّيس البارّ بروكوبيوس أوستيوغ المتباله *الشّهيد كيليان الإيرلنديّ *القدّيسون الرُّهبان الإبراهميّون *القدّيسة البارّة لاندرادا لوكسمبورغ.
* * *
✤ القدّيس البار ثيوفيلوس المقدوني المفيض الطيب (+1558م)✤
وُلد في مقدونيا من أبوَين تقيَّين فاضلَين شجّعاه، منذ الولودة، على تلقّي العلم. أضحى، سريعاً، خطّاطاً ممتازاً. وإذ أقبل كل يوم على مطالعة الكتب المقدّسة والتأمّل فيها أخذت ثمار الفضيلة تفيض فيه كعود على مجاري المياه (مز 1). انصرف، منذ سنّ مبكّرة، عن ذويه وتخلّى عن مقتنياته ليصير راهباً، ثمّ بعد ذلك بقليل كاهناً. كرّس نفسه لتعليم كلمة الله التي طالما كانت الحاجة إليها ماسة في تلك الحقبة الصعبة من الاحتلال العثماني. قدّم للمسيحيّين المعذَّبين نفسه مثالاً طيِّباً للحياة الإنجيلية الحقّ. رافق صديقه أكاكيوس إلى مصر. أكاكيوس هذا كان رئيس كهنة كارديتسا أوفده القدّيس نيفون القسطنطيني إلى يواكيم، بطريرك الإسكندرية، في مهمّة. بعد إقامة في جبل سيناء وحجّ إلى الأرض المقدّسة لقي أكاكيوس خلالها حتفه، عاد ثيوفيلوس إلى القسطنطينية حيث خدم بضع سنوات إكسرخوساً وأميناً للوثائق في الكنيسة الكبرى. رغم التقدير الذي تمتّع به آثر الاعتزال في جبل آثوس. انضمّ أولاً إلى رهبان دير فاتوبيذي. جعل نفسه في خدمة أسقف ماتيمنا المعتزل هناك. إثر وفاة هذا الأخير انتقل إلى دير الإيفيرون حيث سلك كالنحلة يجمع رحيق الفضيلة، متعلِّماً من الجميع. مارس مهنة الخط ونسخ، بعناية كبيرة، الكتب المستعملة في الخدم الإلهية. ذاع صيت فضائله. قصده العديدون مسترشدين، لا سيما من سكّان تسالونيكي الذين لم يعرفوا راعياً نظيره. ادّعى المرض وانكفأ. حاول البطريرك القسطنطيني ثيوكليتوس أن يسقّفه فلم يشأ. أقام في قلاّية منفردة على أرض الإيفيرون. ثمّ لمزيد من الخلوة انتقل إلى قلاّية أخرى تابعة لدير باندوكراتور (الضابط الكل). هناك عايشه تلميذ اسمه إسحق. سلك في نظام صارم. اغتذى بالكتب المقدّسة ونصوص الآباء القدّيسين. استغرق في صلاة القلب حتى استبان بكلّيته مشبعاً بمحبّة الله ولمّا يعد هو يحيا بل المسيح فيه.
لمّا بلغ ملء قامة المسيح عرف بيوم مفارقته فأمكنه أن يضع وصيّته كتابة. دعا الكهنة فأقاموا لديه صلاة الزيت. سأل المسامحة من الجميع. في اليوم التالي أقام في الصمت وساهم القدسات. ثمّ دعا تلميذه وأمره ألاّ يُعلم أحداً بموته وأن يلقي جسده في الغابة لتفترسه الوحوش. وإذ تمدّد بسلام على مضجعه قال: “أيّها الربّ يسوع المسيح، اقبل روحي!” رقد رقود القدّيسين يوم الأحد في الثامن من تموز سنة 1558م قبل شروق الشمس.
أمّا إسحق فنفّذ ما أوصاه به قدّيس الله. ألقى بجسده في الغابة، لكن رهبان دير الضابط الكل دروا بالأمر فبحثوا عن الجسد إلى أن وجدوه وأخذوه سرّاً إلى ديرهم. وبالجهد نجح إسحق في استرداده وجعله في كنيسة القلاّية. بعد ذلك لم يطل الوقت بالرفات حتى أخذت تشيع رائحة طيب زكيّة دليلاً على رضى الله عن سيرته.