في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*الشّهيد في الكهنة ألفثاريوس ورفقته *الشّهيد ألفثاريوس كوبيكولاريوس *القدّيسة البارّة في الشّهيدات سوسنّة *القدّيس المعترف استفانوس أسقف سوروج *تسقّف القدّيس يوحنّا الذّهبيّ الفم على القسطنطينيّة *القدّيس البارّ باردوس الفلسطينيّ المتوحّد *القدّيس البارّ مكاريوس أسقف جبل الله المقدّس *القدّيس البارّ بولس لاتروس الجديد.
* * *
✤ الشّهيد في الكهنة ألفثاريوس ورفقته ✤
“لقد استأهلت أيها الأب الحلة الكهنوتية. بما أنك سميّ الحريّة الإلهية. وبتعليمك حسن العبادة بجرأة. ثقفتنا بالأقوال والأفعال. وإذ تممت قصدك في الاستشهاد. تلألأت في الأمرين كليهما. ونلت الإكليل مضاعفاً من لدن المسيح الإله. فإليه ابتهل أيها الشهيد في الكهنة أن يخلّص نفوسنا”.
ذكصا الإينوس – (صلاة السحر)
هكذا تخاطب الكنيسة الشهيد في الكهنة ألفثاريوس الذي أبصر النور في مدينة رومية لأب اسمه أفجانيوس كن موظفاً كبيراً في خدمة قيصر وأم تقية اسمها أنثيّا. أبوه، فيما يبدو، كان وثنياً وقد رقد وألفثاريوس طفل. أما أمّه فاهتدت إلى الإيمان بالرب يسوع عبر تلاميذ الرسول بولس مباشرة.
نشأ ألفثاريوس مسيحياً وترعرع على محبة الله وحفظ الوصايا. وإذ كان لامعاً وأبدى قدرة فائقة على التعلم، اقترح أحد معلّميه على والدته أن تأخذه إلى أسقف رومية القديس أنيقيطس الحمصي (150-161 م). فلما امتحنه الأسقف وبانت مواهبه غير العادية ونعمة الله عليه أخذه على عاتقه.
وُضعت اليد على ألفثاريوس قارئاً وهو في سن الثالثة عشرة وشماساً وهو في الخامسة عشرة وكاهناً وهو في السابعة عشرة وأسقفاً على إلّيريا وهو في العشرين. ويبدو، لروح الله فيه ولفهمه وغيرته، أنه حقّق، في مجال نشر الكلمة بين الوثنيين، نجاحاً كبيراً. كل الوثنيين الذين التقاهم، إما نجح في هدايتهم إلى المسيح أو كانوا يكنّون له احتراماً وتقديراً فائقين.
على هذا لم يلبث خبر ألفثاريوس أن بلغ أذني قيصر. وإذ كان القلق قد ساوره بسبب تزايد المسيحيين، أوفد أحد القادة العسكريين الموثوق بهم لديه، واسمه فيليكس، ليلقي القبض على القدّيس. ويبدو أن فيليكس تسلّل إلى المخبأ الذي كان القدّيس يقيم فيه الصلاة. فلما بلغه كان ألفثاريوس يعظ المؤمنين، فانتحى ناحية ووقف يسمع. ولكن ما أن انتهى رجل الله من الكلام حتى تقدّم إليه فيليكس، لا ليلقي عليه القبض بل ليعبّر له عن رغبته في أن يصير مسيحياً. فكلّمه ألفثاريوس بكلام الحياة ثم عمده.
بعد ذلك، لم يشأ قديس الله أن يعود فيليكس إلى قيصر فارغاً فالتمس العودة معه. وبالجهد رضي فيليكس أن يصحبه إليه.
وقف ألفثاريوس أمام قيصر فسأله هذا الأخير عن إيمانه فاعترف بالرب يسوع إلهاً حقيقياً أوحداً فأحاله على التعذيب. وإذ عمد الجلاّدون إلى ضربه بالسياط وإلى إلقائه على سرير محمى بالنار، ثم إلى سكب الزيت المغلي عليه، لم يتزعزع ولا غيّب الألم كلمة الله في فمه فوبّخ الطاغية على اضطهاده حملان المسيح الودعاء.
وعرض أحد خدّام قيصر واسمه خوريبوس، أو ربما خوريمون، أن يُدخل ألفثاريوس إلى فرن للتعذيب كان قد ابتدعه. في تلك اللحظة صلّى رجل الله من أجل هداية أعداء الله لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون، فاخترقت النعمة قلب خوريبوس وأنارت بصيرته فاستنار وتغيّر من وحش يتلذّذ بتعذيب الناس إلى حمل وديع هادئ. للوقت أخذ خوريبوس جانب القديس ودافع عنه واعترف بالمسيح أمام الجميع فيما أصيب قيصر والحاضرون بالذهول. ثم إن خوريبوس دخل إلى الآتون الذي ابتدعه. دخل إليه بثقة وجرأة. ولكن أبت النار أن تمسّه بأذى فجرى قطع رأسه، وكذلك فعل الجلادون بفيليكس.
أما ألفثاريوس فعانى المزيد من التعذيب وألقي للحيوانات فلم تؤذه. وأن اثنين من الجنود آمنا بالمسيح بفضله وتمت شهادتهما. أخيراً ضرب الجلادون رأسه بالسيف. وما كادوا يفعلون حتى أسرعت أنثيا، والدة القديس، لتضمّ جسد ابنها المخضّب بالدم حباً فهاش إليها الجنود وفتكوا بها، هي أيضاً، فاختلط دمها بدم ابنها.
يذكر أن ثمّة من يظن أن أسقف رومية الذي رعى ألفثاريوس كان أناكلتس لا أنيقيطس، وان استشهاده كان في زمن أدريانوس قيصر (117-138م) لا في زمن أنطونينوس (138-161م)، حوالي العام 130م. وهناك تقليد ثالث يقول إنه استشهد في أيام القيصر سبتيموس ساويروس (193-211م).
يذكر أيضاً أن الشهيد هو شفيع النساء الحاملات اللواتي يسألنه الوضع بالسلامة، وكذلك المسافرين في البحر والمرضى. بهذا المعنى ترتل له الكنيسة في أبوستيخن صلاة غروب العيد، هذا اليوم، الأنشودة التالية:
“لقد تحنّنت أيها الأب على النسوة الدانية ولادتهن، الملازمات في هيكلك، وجُدت عليهن بالخلاص، وكذا منحت آخرين مستمدّين منك بحرارة السير حسناً في البحر، وأنك تخوّل الصحة للمرضى، متلألئاً في العجائب”.
هذا، ويبدو من تيبيكون الكنيسة العظمى في القسطنطينية. من القرن العاشر للميلاد. أن رفات القديس ألفثاريوس، أو بعضها على الأقل، أودعت كنيسة حملت اسمه فوق ما يسمى بالهضبة القاحلة وهي الهضبة السابعة من هضاب المدينة والمدعوّة كسيرولوفوس.
أما رفاته اليوم فمع الأخذ في الاعتبار أنه يمكن أن تكون قد اختلطت برفات قديس أخر يحمل الاسم نفسه يعيّد له اليوم وهو معروف باسم ألفثاريوس كوبيكولاريوس، فإنها تتوزع على اليونان وقبرص وفلسطين وربما مناطق أخرى. بين هذه الأمكنة كنيسة القيامة في القدس ودير كيكّو في قبرص وديري كسيروبوتاموس وسيمونوس بتراس في جبل أثوس ودير القديس يوحنا اللاهوتي في باتموس ودير الثالوث القدوس في تسانغارولون (أكروتيري) اليونانية حيث يوجد قسم من جمجمته ودير ديونيسيو في جبل أثوس حيث توجد ذراعه اليمنى.
طروبارية القديس الفثاريوس (باللحن الرابع)
صرتَ مشابهاً للرسل في أحوالهم، وخليفةً في كراسيهم، فوجدتَ بالعمل المرقاة إلى الثاوريا، أيها اللاهج بالله. لأجل ذلك تتبعتَ كلمة الحق باستقامةٍ، وجاهدتَ عن الإيمان حتى الدم، أيها الشهيد في الكهنة الفثاريوس. فتشفع إلى المسيح الإله أن يخلص نفوسنا.
طروبارية القديس الفثاريوس (باللحن الخامس)
لقد سارعتَ مبادراً إلى المسيح سيدك ،مزيَّناً بالحلة الكهنوتية، وقاطراً بمجاري دمائك، أيها المغبوط الفثاريوس الحكيم، يا داحض الشيطان فلا تزل متشفعاً من اجل المكرمين بإيمان، جهادك المغبوط .
قنداق (باللحن الثاني)
بما أنكَ جمالُ الكهنة أيها البار، ونموذج لابسي الجهاد، نمدحكَ جميعنا ونطلبُ إليكَ أيها الشهيد في الكهنة الفثاريوس، أن تُعتقنا من الشدائد الكثيرة الأنواع نحن المعيّدين بشوق لتذكارك، متشفعاً بغير فتور من أجلنا كافةً.