ببركة صاحب الغبطة سابا رئيس أساقفة بولندا، استكمل اللقاء العالمي للشباب الأرثوذكسي أعماله في سوبراسل، بحضور ٨٥ شاباً وصبيّة من كافة أنحاء العالم، إضافة الى عدد من الكهنة والشمامسة، ومن بينهم قدس الأب سيرافيم (مخول) الذي ترأس الوفد الشبابي اللبناني، ببركة صاحب السيادة المتروبوليت أنطونيوس (الصوري) الجزيل الاحترام، راعي أبرشية زحلة، وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس.
في اليوم الثالث، كان لا بد من زيارة الأديار المقدّسة المجاورة في المنطقة، والتعرف الى الأخويات الرهبانية المؤسَّسة والناشئة في هذه الأبرشية التي تشهد نموّاً روحيّاً لافتاً مضرجاً بدماء الشهداء البواسل من إكليروس، ورهبان ورهبات وعلمانيين وعلمانيات، كابدوا الاضطهاد والظلم والتهجير ولكن أبوا أن يتركوا إيمانهم القويم، فكانت هذه الزيارة حافزاً لجميع المشاركين على تعدّد جنسياتهم لحمل الصليب بفرح وإيمان ورجاء.
انتهى اليوم الثالث بنزهة رائعة في غابات المنطقة المحاذية للحدود البيلاروسيّة، والموضوعة على لائحة التراث الطبيعي العالمي من قبل اليونسكو، وبسهرة نار في أحضان الطبيعة تميّزت بالعفوية والفرح بلقاء الإخوة والتعرّف أكثر عليهم.
بعد ذلك اليوم الديني السياحي الطويل، عاد المشاركون الى دير سوبراسل لينكبّوا في اليوم الرابع على دراسة كافة الحركات الشبابية القديمة التي ساهمت في إرساء العلاقات الأخوية والإيمانية بين أبناء الشعب الأرثوذكسي، وبينهم وبين مختلف الفئات والمجتمعات التي يعيشون فيها ومعها. فكان عرض مميّز لمسيرة ما دعي بال”سيندسموز” في القرن العشرين والذي كان للبنان وسوريا دور كبير فيه عبر شخصيات بازرة وتنظيمات شبابية محليّة جمعهم هاجسٌ واحدٌ ألا وهو توحيد الشباب حول كنيستهم وتفعيل التعاون في ما بينهم.
عقب ذلك في اليوم الخامس جلسة مفتوحة أخرى مع المنظّمين ناقشوا فيها موضوع “الوحدة والانقسام في العالم والكنيسة”، وعبّر فيها الجميع عن مخاوفهم وهواجسهم وتطلّعاتهم، واقترحوا وناقشوا المشاريع القادمة التي يتطلّعون الى إقامتها في المستقبل القريب والبعيد.
كما تخلل اليوم الخامس زيارة لمدينة بياليستوك ولقاء مع صاحب السيادة المطران يعقوب الذي حثّ الجميع أيضاً على المثابرة وعدم اليأس رغم الظروف القاسية التي نمرّ بها.
اختتمت أعمال اللقاء بجلسة أخويّة ودّع فيها الإخوة بعضهم البعض على أمل اللقاء العاجل، بنعمة الثالوث القدوس، بركة رؤساء الكنائس المحلية، وجهود كافة العاملين في هذا القطاع الشبابي المهمّ جدّاً في الكنيسة.
من أبرز ما طبع هذا اللقاء هو جوّ الصلاة المشتركة الذي وحّد مختلف التقاليد واللغات، فكانت الصلوات اليومية تُتلى وتُرتّل بأكثر من عشر لغات، واختبر الجميع عنصرة حيّة نقلتهم الى السماء، خاصّة في صلاة المديح لوالدة الإله يوم الأربعاء الفائيت، وقداس نصف الليل الذي أقيم مساء الجمعة برئاسة قدس الارشمندريت بندلايمون ومشاركة كهنة من لبنان وقبرص واليونان والنروج وهولندا وبولندا، إضافة الى السهرانية التي أقيمت مساء السبت برئاسة صاحب السيادة الأسقف أندراوس في كاتدرائية دير سوبراسل، والقدّاس الإلهي الذي ترأسه صاحب السيادة الأسقف بولس ممثّلاً صاحب الغبطة رئيس الأساقفة سابا الجزيل الاحترام، في العاصمة البولندية وارسو.
وأخيراً تجدر الإشارة أن رئيس الجمهورية البولندية، وجّه رسالة تهنئة للكنيسة الأرثوذكسية على هذا اللقاء المهمّ، ودعا المشاركين الى القصر الرئاسي في العاصمة، وخصّهم بزيارة لحدائق القصر وقاعاته الخاصّة. وهكذا انتهى “سوبراسل ٢٠٢٢”، اللقاء الذي طال انتظاره منذ سنوات، على أن يكون نقطة انطلاق للعمل الشبابي الأرثوذكسي المحليّ والعالميّ ومنارة للعمل البشاري الأرثوذكسي الذي يشعّ بنور المسيح، وفرح اللقاء بالإخوة والاتحاد بهم في مسيرتنا نحو الملكوت، آمين!