نشرة كنيستي
نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.
الأحد ۲٣ حزيران ۲٠١٩
العدد ۲٥
الأحد (١) بعد العنصرة (جميع القدّيسين)
اللّحن ٨- الإيوثينا ١
أعياد الأسبوع: *23: الشَّهيدة أغريبينا ورفقتها *24: بدء صوم الرُّسُل، مولد يوحنَّا المعمدان، تذكار القدّيسين زخريَّا وأليصابات*25: الشهيدة فبرونيَّة، الشُّهداء أورنديوس وإخوته السِّتَّة *26: البارّ داوود التِّسالونيكي *27: البارّ شمشمون مضيف الغرباء، يونَّا امرأة خوزي *28: نقل عظام كيرس ويوحنا العادمَا الفضّة *29: بطرس وبولس هامتا الرُّسل.
كلمة الرّاعي
عيد جميع القدّيسين
الرُّوح القُدُس هو روح التَّقديس. والقداسة تَشَبُّه بالله. الرّبُّ الإله دعانا عند الخَلْق إلى السّعي للتّمثُّل به. الطّريق كان عبر طاعة الوصيّة الإلهيّة حُبًّا. طريق القداسة مَسيرَةُ حُرِّيّةٍ في الحُبّ. لا يستطيعُ الإنسان أن يَتقَدَّسَ مُجبَرًا، لأنّ الله محبَّة والمحَبَّة لا تفرض ذاتها على المحبوب بل تَمتَدُّ إليه بإفراغ الذّات من الأنا ليَصيرَ المُحِبُّ مَسْكِنًا مُكَرَّسًا للمَحبوب...
* * *
الرَّبُّ الإله في ابنه "أفْرَغَ ذاتَهُ..." (فيليبّي ۲: ٥) لِيُسْكِنَ الإنسان فيه ويَسْكُنُ هو في الإنسان لتحقيقِ غاية الخلق ألا وهي الوَحدَة مع الله... هذا الإله- المحبّة سِرُّهُ لا يُدرَك لإنسان السّقوط المُتَمَحوِر حول نفسه. هذا السِّرّ يُكشَف فقط لمَن تتوَفَّر لديهم شروط نَقاوَة القَلب: "أحمَدُكَ أيُّها الآب رَبُّ السَّماءِ والأرضِ، لأنَّكَ أَخفَيْتَ هذِهِ عنِ الحُكَمَاءِ والفُهَمَاءِ وأَعْلَنتَها للأطفال..." (متّى ١١: ۲٥). فقط أنقياء القلوب أي أصحاب طهارَة النِّيَّة والفِكِر يستطيعون أن يُدرِكوا سِرَّ الله في الإنسان لأنّهم ببساطَةِ روحِهم قادرون أن يُطيعوا الله في وَصاياه حُبًّا وليس خَوفًا.
* * *
لماذا نُعَيِّد اليوم لجميعِ القدّيسين؟!... لأنّ الكثيرين من الّذين تنطبِق عليهم التّطويبات نُصادِفُهُم في يوميّاتنا ولا نعرفهم، إذ يظُنٌّ النّاس أنّ القداسَة مُرتبطَة بالمُعجزات الظّاهرة والعَجائب الباهِرَة... القَداسَة عند الله سيرة حياةٍ في البساطَة وعدم صنع الشَّرِّ والسُّلوك في المَحبَّة المُعبَّر عنها في بساطَةِ الحياة اليوميّة.
كثيرون من آبائنا وأمّهاتِنا وأجدادِنا وجدّاتِنا كانت لديهم هذه البَساطَة في الحياة والرِّضى والاتّكال على الرَّبّ. العَجيبة الحقيقيّة هي أن لا يتعلّق الإنسان بِمَجْدِ العالم، بل أن يطلب خبزه اليوميّ من الله وأن يَحيا كلّ يوم بيومِهِ في هذا الاتّكال الثّابِت على الله والثّقَة الكُلِّيَّة بعنايَتِهِ والتَّسليم بِمَشيئة...
* * *
أيّها الأحبّاء، السّيرة المَرْضِيَّة لدى الله هي المَحَبَّة البّريئة من حُبِّ الذّات أي الّتي لا تطلب ما لنَفسِها بل تَسعى لِتُتَمِّم ما يطلبُهُ الله منها. إنّها محبَّة خالية مِنَ الحَسَدِ والدَّينونَةوالاستكبار... إنّها امتدادٌ صادِقٌ نحو الآخَر للخِدمَة دون أيّةِ غايَة داخليّة أو خارجيّة، هي نِيَّة صافِيَة صادِقَة مَملوءَة بالخير لكُلِّ مَخلوق، ورَغْبَة حقيقيّة في اتّباعِ المسيح يسوع في دَرْبِ صَلْبِ العَتاقَة وكلّ تعلُّقٍ مَرَضيّ بالذّات وبِمَنْ نُريدُهُم أخِصَّاء. إنّها نَبذٌ لكُلِّ هوًى أو شهوة تفصلنا عن محبَّةِ المسيحِ أوّلًا...
القَداسَة عمقٌ سَحيق لا قرار له من التّواضُع المُتأتّي بنعمَةِ الرُّوح القُدُس من طاعَةِ الكلمة الإلهيَّة المُجَسَّدَة حياةً في المسيحِ الإنسان بطاعَةِ الحُبِّ في الإله الآب وسط الكنيسة جسد يسوع المُمَجَّد بعد عبورِه بالصّليبِ سافِكًا دمَهُ الكَريم في كأسِ العهد الجديد وباذِلًا جسدَهُ مَكسورًا في الخبز الجامِعِ للخَليقَة والبَشَر في وَحدَةٍ مع الإله المُثَلَّث الأقانيمِ بالابن في الرُّوحِ القُدُس "الرَّبّ الصّالِح والصّانِع الحياة" جديدة بقيامَةِ المَسيحِ للوجودِ الثّابِت والدّائم والمُستمِرّ في ملكوت السّماوات...
طريقُ القَداسَةِ واضحٌ وبَسيط يَعرِفُهُ الأطفال في الشَّرِّ والنّاضِجون في المَحبَّة...
ومَن استطاع أن يقبّل فَلْيَقبَل...
+ أنطونيوس
مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما
طروباريّة القيامة (باللَّحن الثّامن)
انحدرتَ مِنَ العُلوِّ أَيُّها المُتحنِّن. وقَبِلتَ الدَّفنَ ذا الثّلاثةِ الأيّام. لكي تُعتقَنا مِنَ الآلام، فيا حياتَنا وقيامتَنا يا رَبُّ المجدُ لك.
طروباريَّة أحد جميع القدِّيسين (باللَّحن الرَّابِع)
أيُّها المسيحُ الإله، إِنَّ كنيسَتَكَ إذ قد تزيَّنَتْ بدماءِ شُهَدائِكَ الَّذين في كلِّ العالم، كأنَّها ببرفِيرَةٍ وأُرْجُوَان. فهي بهم تهتِفُ إليكَ صارِخَة: أَرْسِلْ رأفَتَكَ لشعبِكَ، وٱمْنَحِ السَّلامَ لكنيسَتِك، ولنفوسِنَا الرَّحمة العُظْمَى.
قنداق أحد جميع القدِّيسين (باللَّحن الرَّابِع)
أيُّها الرَّبُّ البارِئُ كلَّ الخليقةِ ومُبدِعُها، لكَ تُقَرِّبُ المسكونَةُ كبواكيرِ الطَّبيعة الشُّهَدَاءَ اللاَّبِسِي اللاَّهوت. فبتوسُّلاتِهِم اِحْفَظْ كنيسَتَكَ بسلامَةٍ تَامَّة لأَجْلِ والِدَةِ الإله، أيُّها الجَزِيل الرَّحْمَة.
الرّسالة (عب 11: 33-40، 12: 1-2)
عَجِيبٌ هو اللهُ في قدِّيسيه
في المجامِعِ بَارِكُوا الله
يا إخوةُ، إنَّ القدِّيسينَ أَجمَعِين بالإيمانِ قَهَرُوا الممالِكَ وعَمِلُوا البِرَّ ونَالُوا المواعِدَ وسَدُّوا أَفْوَاهَ الأُسُود، وأَطْفَأُوا حِدَّةَ النَّارِ ونَجَوْا من حَدِّ السَّيْفِ وتَقَوَّوْا من ضُعْفٍ، وصارُوا أَشِدَّاءَ في الحربِ وكَسَرُوا مُعَسْكَرَاتِ الأجانِب. وأَخَذَتْ نساءٌ أَمْوَاتَهُنَّ بالقِيامة. وعُذِّبَ آخَرُونَ بتوتيرِ الأعضاءِ والضَّرْبِ، ولم يَقْبَلُوا بالنَّجَاةِ ليَحْصُلُوا على قيامةٍ أفضل. وآخَرُونَ ذَاقُوا الهُزْءَ والجَلْدَ والقُيُودَ أيضًا والسِّجن. ورُجِمُوا ونُشِرُوا وٱمْتُحِنُوا وماتُوا بِحَدِّ السَّيْف. وسَاحُوا في جُلُودِ غَنَمٍ ومَعَزٍ وهُمْ مُعْوَزُون مُضَايَقُونَ مجَهُودُون، ولم يَكُنِ العالمُ مُسْتَحِقًّا لهم. فكانوا تائِهِينَ في البراري والجبالِ والمغاوِرِ وكهوفِ الأرض. فهؤلاءِ كلُّهُم، مَشْهُودًا لهم بالإيمانِ، لم يَنَالُوا الموعِد، لأنَّ اللهَ سبَقَ فنظَرَ لنا شيئًا أَفْضَلَ: أنْ لا يُكْمَلُوا بدُونِنَا. فنحن أيضًا، إذ يُحْدِقُ بنا مثلُ هذه السَّحابَةِ من الشُّهُودِ، فلْنُلْقِ عنَّا كُلَّ ثِقَلٍ والخطيئةَ المحيطَةَ بسهولةٍ بنا. ولْنُسَابِقْ بالصَّبْرِ في الجِهادِ الَّذي أمامَنَا، ناظِرِين إلى رئيسِ الإيمانِ ومكمِّلِهِ يسوع.
الإنجيل (مت 10: 32-33 و37– 38، 19: 27– 30) (متى 1)
قال الرَّبُّ لتلاميذِه: كلُّ مَنْ يعترفُ بي قدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أنا بهِ قدَّامَ أبي الَّذي في السَّماوات. ومَن يُنْكِرُني قدَّام النَّاس أُنْكرُهُ أنا قدَّامَ أبي الَّذي في السَّماوات. مَن أَحَبَّ أبًا أو أُمًّا أكثرَ مني فلا يستحقُّني. ومن أحبَّ ابنًا أو بنتًا أكثر منِّي فلا يستحقُّني. ومَن لا يأخذْ صليبَهُ ويتبعْني فلا يستحقُّني. فأجابَ بطرسُ وقال لهُ: هوذا نحنُ قد تركنا كلَّ شيءٍ وتبعناك فماذا يكونُ لنا؟ فقال لهم يسوع: الحقّ أقولُ لكم، إنَّكم أنتمُ الَّذين تبعتموني في جيل التَّجديد، متى جلس ٱبْنُ البشر على كرسيِّ مجدِهِ تجلِسُون أنتم أيضًا على اثْنَيْ عَشَرَ كرسِيًّا تَدينُونَ أسباطَ إسرائيلَ الاثني عَشَرَ. وكلّ من تركَ بيوتًا أو إخوةً أو أَخَوَاتٍ أو أبًا أو أُمًّا أو ٱمرأةً أو أولادًا أو حقولاً من أجل ٱسمي يأخُذُ مِئَة ضِعْفٍ ويرثُ الحياة الأبديَّة. وكثيرون أوَّلون يكونون آخِرِين وآخِرُون يكونون أوَّلين.
حول الرّسالة
يعلن الرّسول بولس في هذا المقطع من رسالته إلى العبرانيّين قوّة وفاعليّة الإيمان الّذي هو: "الثّقة بما يُرجى والإيقان بأمورٍ لا تُرى" (عبرانيّين 1:11)، على هذا الإيمان بنى القدّيسون حياتهم. والوقت لا ينتهي إذا ما أحصينا بالتّدقيق مفاعيل هذا الإيمان وحوادث الكتاب المُقَدَّس الكثيرة عنه وعن قوّته مع القدّيسين، وماذا عملوا من خلاله في حياتهم. "قهروا الممالك" كشمشون (قضاة 15:15)، "نالوا المواعد" كما حصل مع جدعون (قضاة 11:8)، "سدّوا أفواه الأسود" مثل (دانيال 22:6)، "أطفأوا حدّة النّار" كالفتية الثّلاثة (دانيال 3)، "نجوا من حدّ السَّيف" كأستير ومردخاي (أستير 8)، "وكسروا معسكرات الأجانب" كيهوذا المكابي وإخوته الّذين هزموا الإمبراطوريّة اليونانيّة (1 مكابيين)، "أخذت نساء أمواتهنّ بالقيامة" كما فعل إيليّا النّبيّ عندما أقام إبن أرملة صرفت صيدا (1 ملوك 22:17)، "وآخرون ذاقوا... والسّجن" كيوسف الصِّدّيق البارّ ابن يعقوب في مصر، "رُجموا" مثلما أمر الملك يوآش برجم زكريّا الكاهن لأنّه وبّخ الشّعب على خطاياهم (2 أيام 21:24)، "نُشروا" فمنسّى الملك أمر بنشر إشعيا النّبيّ على ما يذكر التّقليد اليهوديّ. "وامتُحنوا" كتجربة إبراهيم عندما أمره الرَّبّ بذبح وحيده إسحق (تكوين 22)، "ماتوا بِحَدِّ السَّيف" مثل أخيمالك الكاهن الّذي قتله شاول الملك لأنّه أطعم داود وأعطاه سيف جليّات ورمحه (1صموئيل 16:22) "لم يكن العالم مُستحقًّا" لهم احتمل هؤلاء الأبرار كلّ هذا من أجل الله ولم يكونوا ضعفاء إلّا في الظّاهر، ولكن أمام الله هم قدّيسون أسمى من العالم ولا يستحقّ العالم وجودهم فيه. "فكانوا تائهين في البراري والجبال والمغاور وكهوف الأرض" كإيليّا النّبيّ ويوحنّا المعمدان وغيرهما (1ملوك 9:19)، (لوقا 80:1). هؤلاء الأبطال لم ينالوا المواعيد على الأرض بل احتملوا ضيقات كثيرة واجتازوا الباب الضّيّق، لكنّ المُكافأة انتظرتهم ونالوها عندما نقلهم السّيّد المسيح بقيامته إلى نعيم الفردوس مكان انتظار الأبرار إلى أن يدخل كلّ المُؤمنين بعد نهاية مشوار حياتهم الأرضيّة بصحبتهم إلى ملكوت السّماوات. هؤلاء الأبطال درس لنا وأمثولة علينا الاقتداء بها إذا ما أردنا أن نحظى بلقاء العريس السّماويّ بعد أيّام غربتنا على هذه الأرض.
الصّمت واللّسان
الصّمت في مرحلته البِدائيّة هو اتّقاء لأخطاء اللّسان، يقول الكتاب: "كثرة الكلام لا تخلو من معصية" (أم 10: 19) وأيضًا يقول داود النّبيّ في المزمور "إجعل يا ربّ حارسًا لفمي، وبابًا حصينًا على شفتيّ" (مز 141: 3). ويُعلّم أيضًا القدّيس أرسانيوس الكبير "كثيرًا ما تكلّمت وندمت، أمّا عن سكوتي فما ندمت قطّ". ومع ذلك فالإنسان الحكيم يعرف أنّه ليس كلّ صمت فضيلة، وليس كلّ كلام خطيئة.
يقول القدّيس بولس الرّسول في رسالته الثّانية إلى تيموثاوس "اكْرِزْ بِالْكَلِمَةِ. اعْكُفْ عَلَى ذلِكَ فِي وَقْتٍ مُنَاسِبٍ وَغَيْرِ مُنَاسِبٍ. وَبِّخِ، انْتَهِرْ، عِظْ بِكُلِّ أَنَاةٍ وَتَعْلِيمٍ" (2تيمو 2:4). ويقول أحد العُلماء "السّاكت عن الحقّ شيطان أخرس". كيف نوفّق بين فضيلة الصّمت والدّعوة للكلام الّتي يدعونا إليها القدّيس بولس الرّسول؟
الحكيم لا يصمت حين يجب الكلام، ولا يتكلّم حين يجب الصّمت. بالحكمة يعرف متى يتكلّم، وكيف؛ وإذا تكلّم ماذا يكون قدر كلامه، وعن ماذا يتكلّم. وهكذا يتكلّم بميزان، وبرويّة، وبحكمة، وبفائدة. ولا يندم على كلمة يقولها. ولا يشتاق إلى الصّمت الّذي يحمي من أخطاء اللّسان. المسألة إذن تحتاج إلى حكمة، ولا يؤخذ الصّمت كتدريبٍ بطريقةٍ حرفيّةٍ خالية من الرّوح، لأنّه ربّما يكون في بعض الصّمت أخطاء. أيضًا علينا أن لا ننسى موضوع الكلام الّذي نتكلمه. فالكلام عن كلمة الله أمر في غاية الأهميّة، بل هو واجب. يقول القدّيس بولس الرّسول "ويل لي إن لم أبشّر" (1كو16:9) وأيضًا يقول الرّسول نفسه في موضعٍ آخَر "كيف يؤمنون بمن لم يسمعوا به؟ وكيف يسمعون بلا كارز؟ وكيف يكرزون إن لم يرسلوا" (رو 10: 14، 15). فهذه أيضًا دعوة إلى الكلام ولكن أيّ كلام هذا؟ هو كلام عن الرَّبِّ يسوع وعن خلاص البشريّة.
أمّا المُحادثات الهذيانيّة... فاجتنبها... في هذا الموقع لا بُدَّ من الصّمت. لأنّ موضوع الحديث لا يليق به الكلام.
الصَّمتُ أيضًا يُعطي مجالًا للصّلاة والتّأمُّل. إنّ الإنسان الكثير الكلام، ليست لديه فرصة للصّلاة، وليست لديه إمكانيّة للعمل الرّوحيّ. الإنسان الكثير الكلام في الأمور الفارغة يَدلُّ على أنّه فارِغٌ من الدّاخل أي فارغ من العمل الرّوحيّ الدّاخليّ. سُئِلَ القدّيس أرسانيوس الكبير عن صمته ووحدته، أجاب: "إنّي لا أستطيع أن أكون مع الله والنّاس في وقتٍ واحد. الصّمت يُعلّم الإنسان الرّزانة والهُدوء، ويُبعِدُه عن الصّخب والضّوضاء والضّجيج. ويبعده عن الخلطة بأفكار كثيرة قد تشتّت الفكر، ويصعب جمعه وقت الصّلاة.
اللّهمَّ عَلِّمنا متى يجب أن نصمت ومتى يكون لكلامنا وقع خلاصٍ في آذان الآخرين، آمين.
أقوال في التّوبة
+ القدّيس سمعان اللّاهوتيّ الجديد: "التّوبة هي الباب الّذي يقود من حيّز الظّلمات إلى حيّز النّور. والله نور، وهو يبث ضوءه للمتّحدين به نسبةً إلى مدى تطهّرهم".
+ القدّيس يوحنّا الذّهبيّ الفم: "هذه الحياة في الحقيقة إنّما هي مُكرَّسة للتّوبة، للنَّوْح والنَّحيب... لذلك، مِنَ الضَّروريّ للمرء أن يتوب، لا ليومٍ واحِدٍ أو يومَيْن فحسب، بل طوال حياته أيضًا... هل اقترفت خطيئة؟ إذن أدخل الكنيسة وَتُب عن خطيئتك. فهنا يوجد الطَّبيب لا القاضي، وهنا لا يَخضَع المرء لدعوى بل يحصل على غُفران الخطايا... فلنطبّق إذن على أنفسنا طبّ التَّوبَة الخلاصيّ، ولنَقبل مِنَ الله التّوبَة الّتي تشفينا. إذ لسنا نحن من يقرِّبونَها له، بل هو يمنَحُنا إيّاها".
+ القدّيس باسيليوس الكبير: "التّوبة هي الخلاص، أمّا غياب الفهم فهو موت التّوبة".
أقوال في الدّينونة
+ القدّيس غريغوريوس اللّاهوتيّ: "يكون الله نورًا للبعض، ونارًا للبعض الآخر، وذلك وِفقًا للجوهر والنّوعيّة الّتي يجدها في كلٍّ منهم".
+ القدّيس سمعان اللّاهوتيّ الجديد: "بالنّسبة إلى مَن صاروا أولاد النّور وبني اليوم الآتي، بالنّسبة إلى السّالكين دومًا في النّور، لن يأتي يوم الرَّبّ أبدًا. لأنّهم دَوْمًا مع الله، وعليه فإنّ يوم الرَّبّ لن يظهر لمن استناروا آنِفًا بالنُّور الإلهيّ، بل سينكشف بغتةً لِمَن يَقبَعون في ظُلُمات الأهواء، لِمَن يَعيشون بحسب هذا الدَّهر مُتشبِّثين بالخَيرات البائدة. لهؤلاء سيظهر ذلك اليوم بغتة، على نحو مفاجئ، وسوف يكون لهم رهيبًا كالنّار الّتي لا يُمكن أن تُطاق".
أقوال في الحياة
+ القدّيس نيكتاريوس: الرّجاء في الله يُعتِق أولئك الّذين وقعوا في الخطيئة، ويُعيد الجرحى إلى الصّحّة ويقطّع أغلال السّجناء. يُشرق الرّجاء مثل الفجر الورديّ في السّماء المعنويّ ويُنير أولئك المُظلِمين بوسخ الرّوح الحزينة. إنّه يصبّ بلسم الرّاحة على جراح القلب الّذي في حداد.