نشرة كنيستي
نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.
الأحد 19 أيلول 2021
العدد 38
الأحد بعد عيد رفع الصّليب
اللّحن 4- الإيوثينا 2
أعياد الأسبوع: *19: الشُّهداء تروفيموس وسبَّاتيوس ودوريماذُن *20: الشُّهداء إفستاثيوس وزوجته ثيوبيستي وولديهما أغابيوس وثيوبيستوس *21: وداع عيد الصَّليب، الرَّسول كدْراتُس، النَّبيّ يونان *22: الشَّهيد في الكهنة فوقا أسقف سينوبي، القدِّيس فوكاس البستانيّ *23: الحبل بيوحنَّا المعمدان، الشَّهيدة بوليكسيني *24: القدِّيسة تقلا أولى الشَّهيدات والمعادِلَة الرُّسل، البارّ سلوان الآثوسيّ *25: البارَّة آفروسيني ووالدها بفنوتيوس.
كلمة الرّاعي
قدّيس الحنان الإلهيّ
ولد القدّيس سلوان الآثوسيّ في إحدى قرى مقاطعة تامبوف، في روسيا الوسطى، عام 1866 م. اسمه المدنيّ كان سمعان ايفانوفيتش انطونوف، وعائلته عاميّة فلّاحة، كان إنسانًا بسيطًا، قويّ البُنية. عاش طيش شبابه. لكنّ محبّة الله كانت حاضرة في حياته من خلال رقّة والده وحكمته في تعامله معه، إذ كان يصلحه باللّطف والصَّبر، وهكذا عاد إلى الله بالتّوبة.
في التّاسعة عشرة من عمره أعطاه الله نعمة الصّلاة الحارّة وروح التّوبة، فكان يبكي خطاياه لثلاثة أشهر. مذ ذاك، اتّجه ذهنه ناحية الرّهبنة، لكنّه انتظر نهاية خدمته العسكريّة. وصل إلى دير القدّيس بندلايمون في جبل آثوس في خريف 1892، عاش راهبًا ملتزمًا صلوات القلّاية، صلوات الكنيسة، الأصوام، الأسهار، الاعترافات، المناولة، عِشْرَة الكلمة الإلهيّة والكتب الآبائيّة، العمل والطّاعة. الرّهبان رأوا فيه الوقار والتّقوى. خدم في مطحنة الدّيرلم يعرفه الكثيرون معرفة عميقة. الأرشمندريت صفروني (سخاروف)، القدّيس صفروني حاليًّا، كتب سيرته وجمع أقواله واهتمّ بإبراز قداسة سيرته. رقد رقاد الأبرار في 24 أيلول 1938. أعلن المجمع المقدّس القسطنطينيّ قداسته في تشرين الثّاني من عام 1987.
بلغ القدّيس سلوان الألم الكبير، في جهاده الرّوحيّ، وعرف الحبّ الإلهيّ الَّذي لأجله تجسَّد كلمة الله. هكذا بلغ سلوان الحبّ الكبير المتألّه، وكتب خبراته هذه في أقوال بسيطة وعميقة تعبّر عن مدى دخوله في سرّ الحبّ الإلهيّ...
* * *
”نحن نتألَّم لأنّه ليس لنا تواضع. إنّ الرّوح القدس يسكن في النّفس المتواضعة ويمنحها الحرّيّة والسّلام والحبّ والبركة“. هذا ما خبره القدّيس سلوان حين تركته النّعمة الإلهيّة بعد اعترافه الأوّل والكامل في بداية دخوله الدّير بسبب تهاونه وقلّة خبرته في الحياة الرّوحيّة، رغم انكبابه على الصّلاة الحارّة والدّائمة لمدّة ستّة أشهر متواصلة، حتّى صرخ أخيرًا: ”الله قاسٍ لا يلين“. لكن الرّبّ سرعان ما عزّاه، إذ في نفس اليوم، خلال صلاة الغروب، الرّبّ يسوع المسيح ظهر حيًّا أمامه قرب إيقونته، وامتلأ كلّ كيانه من التهاب نعمة الرّوح القدس. لقد تنزَّل عليه نور إلهيّ عظيم رفعه من هذا العالم إلى وجه الرّبّ. هذه كانت ولادته الجديدة من فوق بروح الله ( راجع يو 13:1 و 3:3). هذا حصل له، لأنّه بعد اعترافه الشّامل ظنّ أنّه تحرَّر ولم يفهم أنّ الفرح الَّذي انسكب عليه في الاعتراف وبعده كان لتشديده وتعزيته للانطلاق في مسيرة حربه الرّوحيَّة. تعلّم درسًا قاسيًا، ولكن هذا لم يمنعه أن يقع في تجربة الكبرياء بعد عيشه لزمن من شبه شهر عسل في فرح النّعمة الإلهيّة إذ ذاق حلاوة المصالحة مع الله وسلامًا عميقًا. جحيم خسارته للنّعمة دام خمسة عشر سنة عاش خلالها خبرات قاسية جدًّا من برودة القلب إلى تشتّت النّفس وثورة الأهواء وبعثرة الأفكار. صارت نفسه متقلقة. لكن، هذا دفعه إلى مزيد من الجهاد والمثابرة فصار لا ينام إلّا ساعة ونصفًا أو ساعتين في اليوم. رغم ذلك، لم تعد إليه النّعمة، فصار في حالة ضياع. في إحدى المرّات قام ليسجد فوجد إبليس أمامه، فرجع إلى كرسيه الصّغير وصرخ إلى الله: "قل لي يا ربّ ماذا أفعل؟". فسمع صوتًا يقول له: "اِحْفَظْ نفسَكَ في الجحيم ولا تيأس". فَهِم حينها إنّ الكبرياء هي جذر كلّ الخطايا وبذرة الموت، وإن الله تواضع ولا يُبلغ إليه إلّا في التّواضع.
* * *
أيُّها الأحبّاء، يقول القدّيس سلوان ”إنّ حبَّ السّيّدِ حارٌّ مضطرمٌ ولا يَترُكُ مجالًا لتذكُّر الأرضيّات، والَّذي ذاق حبَّ السّيّد يبحثُ عنه ليلَ نهار بلا هَوادَة. أمَّا نحن فنضيّع هذا الحبَّ بكبريائنا، بدينونة الأخ وبرفضه، وبالحَسَد...“. هذه الخبرة الّتي يتحدَّث عنها قدّيسنا ليست هي للرّهبان والنّسّاك فحسب، بل هي لكلّ إنسان يحبّ الرّبّ ويسعى لإرضائه بطاعة وصيّته وباللّهج بها في يوميّاته. كثيرون من بسطاء الإيمان، أي المتواضعون الَّذين يتّكلون على الرّبّ بثقة تامّة، يمنحهم الله هذا الهذيذ به من خلال ذكر اسمه القدّوس أو ترداد وصيّته في فكرهم وقلبهم وسعيهم لعيشها في كلّ حين في أعمالهم وعبر تعاطيهم مع الآخَرين وخدمة المحبّة الّتي يعيشونها لأنّهم يحبّون يسوع ويريدون أن يعيشوا في تقوى الله. هؤلاء تصير الوصيّة بالتّقوى خَتْمَ الرّوح القدس في قلوبهم وأيقونة الكلمة الإلهيّ في أفكارهم العميقة.
لِنَوال النّعمة الإلهيّة المعزّية بالفرح والنّور الإلهيَّين، على الإنسان أن يتَّضِع ويتوب ويصلّي بشوق في طلب الرّبّ لأنّ روحه تجوع إليه ونفسه تعطش للارتواء منه. الخطيئة المستمرَّة والَّتي يعتادها الإنسان تعطِّلُ حواسَّ القلب الرّوحيّة وتُميتُ الحِسّ بألم رفض محبّة الخالق. السّقوط المستمرّ يؤدِّي إلى الموت الرّوحيّ أي عدم الحِسّ، وهذا بدوره يُفقِدُ الحياة معناها فيدخل الإنسان في دوامة لانهائيّة تُودي به إلى اليأس وخراب النّفس والجسد، لأنّه لم يعد يعرف نفسه محبوبًا، إذ استهلك وجوده وما ومَن فيه في شهواته وأهوائه...
عبثًا يبحث الإنسان عن السّلام والرّاحة خارج نفسه أي خارج يسوع، لأنّه كما يقول القدّيس سلوان ”ليس على الأرض إنسان أعذب وفيه ملء الحبّ مثل سيّدنا يسوع المسيح. فيه فرحنا وحبورنا. فلنحبّه، لأنه سيُدخلنا إلى ملكوته وسنُعاين مجده“...
ومن له أذنان للسّمع فليسمع...
+ أنطونيوس
مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما
طروباريّة القيامة (باللَّحن الرّابع)
إنَّ تلميذاتِ الرَّبّ تعلَّمنَ مِنَ المَلاكِ الكَرْزَ بالقيامةِ البَهج. وطَرَحنَ القَضاءَ الجَدِّيَّ. وخاطبنَ الرُّسلَ مُفتَخِراتٍ وقائِلات. سُبيَ المَوتُ وقامَ المَسيحُ الإله. ومنحَ العالمَ الرَّحمةَ العُظمى.
طروباريّة عيد رفع الصّليب (باللَّحن الأوّل)
خَلِّصْ يا رَبُّ شَعْبَكَ وبارِكْ ميراثَك، وامْنَحْ عبيدَكَ المؤمنينَ الغلبَةَ على الشِّرّير، واحفَظْ بقوَّةِ صليبِكَ جميعَ المختصِّينَ بك.
قنداق عيد رفع الصّليب (باللَّحن الرّابع)
يَا مَنِ ارْتَفَعْتَ على الصَّلِيبِ مُخْتَارًا أَيُّهَا المسيحُ الإله، اِمْنَحْ رَأْفَتَكَ لشعبِكَ الجديدِ المُسَمَّى بِك، وفرِّحْ بقوَّتِكَ عبيدَكَ المؤمنين، مانِحًا إيَّاهُمُ الغَلَبَةَ على مُحارِبِيهِم. وَلْتَكُنْ لهم معونَتُكَ سِلاحًا للسَّلامِ وظفَرًا غيرَ مَقْهُور.
الرّسالة (غل 2: 16– 20)
ما أَعْظَمَ أعمالَكَ يا ربُّ كلَّها بحكمةٍ صَنَعْتَ
بارِكِي يا نَفْسِي الرَّبّ
يا إخوة، إذْ نعلَمُ أنَّ الإنسانَ لا يُبرَّرُ بأعمالِ النَّاموسِ بل إنَّما بالإيمانِ بيسوعَ المسيح، آمَنَّا نحنُ أيضًا بيسوعَ لكي نُبَرَّرَ بالإيمانِ بالمسيحِ لا بأعمالِ النَّاموس، إذْ لا يُبَرَّرُ بأعمالِ النّاموسِ أَحَدٌ من ذَوِي الجَسَد. فإنْ كُنَّا ونحنُ طالِبُونَ التَّبريرَ بالمسيحِ وُجِدْنَا نحن أيضًا خَطَأَةً، أَفَيَكُونُ المسيحُ إذًا خادِمًا للخطيئة؟. حَاشَا!. فإنِّي إنْ عُدْتُ أَبْنِي ما قَدْ هَدَمْتُ أَجْعَلُ نفسِي مُتَعَدِّيًا، لأنِّي بالنَّاموسِ مُتُّ للنَّاموسِ لكي أَحْيَا لله. مع المسيحِ صُلِبْتُ فَأَحْيَا لا أَنَا بل المسيحُ يَحْيَا فِيَّ. وما لي من الحياةِ في الجسدِ أنا أَحْيَاهُ في إيمانِ ابْنِ اللهِ الَّذي أَحَبَّنِي وبَذَلَ نفسَهُ عنِّي.
الإنجيل (مر 8: 34– 38، 9: 1)
قالَ الرَّبُّ: مَنْ أَرادَ أَنْ يَتْبَعَنِي فَلْيَكْفُرْ بنفسِهِ ويَحْمِلْ صليبَهُ ويَتْبَعْنِي. لأنَّ مَنْ أرادَ أنْ يُخَلِّصَ نفسَهُ يهلِكُهَا، ومَنْ أَهْلَكَ نفسَهُ من أَجْلِي ومن أَجْلِ الإنجيلِ يُخَلِّصُهَا. فإنَّه ماذا ينتفِعُ الإنسانُ لو ربحَ العالمَ كلَّه وخَسِرَ نفسَهُ، أَمْ ماذا يُعْطِي الإنسانُ فِدَاءً عن نفسِهِ؟ لأنَّ من يَسْتَحِي بِي وبكلامِي في هذا الْجِيلِ الفَاسِقِ الخاطِئِ يَسْتَحِي بهِ ابْنُ البشرِ متى أَتَى في مجدِ أبيهِ مع الملائكةِ القِدِّيسين. وقالَ لهم: الحَقَّ أقولُ لكم إنَّ قومًا من القائمينَ هَهُنَا لا يَذُوقُونَ الموتَ حتَّى يَرَوْا ملكوتَ اللهِ قد أَتَى بقوَّة.
حول الإنجيل
يدعونا الرَّبُّ، في إنجيل اليوم إلى الحرّيّة والخلاص. هذه الدّعوة أنا حرٌّ أن أقبلها، وحرٌّ أن أرفضها، لأنّه يقول "من أراد أن يتبعني...". فإن تبعناه نلنا الخلاص والحياة معه، وإن لم نفعل سنخسر كلّ ما حقّقناه من مكاسب في هذه الحياة، ونُرمى عند مماتنا في القبر، والأهمّ من هذا كلّه أننا سنخسر المسيح.
ما هو شرط اتّباع المسيح؟ أن "أكفر بنفسي"، فهو لم يقل أكفر بمالِكَ، أو بذكائك أو بمجدك أو بجمالك إنّما "أكفر بنفسك". يعني الله لم يطلب منّا أن نتخلّى عن المال أو أن نعيش فقراء، أو أن نكون أغبياء أو أن نشوّه أنفسنا، إنّما المطلوب هو الآتي:
+ إن كنتَ مَيْسورًا فيجب أن تساعد، وألّا تغشّ، وألّا تَرْتَشي، بمعنى آخر أن تكون سيِّدًا على المال وليس عبدًا له.
+ إن كنتَ جميلًا أم ذكيًّا، ألّا تستخدم هذا الذّكاء للشّرّ إنّما للخير، وإن مَدَحَكَ أحدهم على جمالك أو ذكائك، ألّا تتأثّر بالمديح، لأنّه إن فعلت هذا يعني أنّك تعاني من هوى المجد الباطل وحبّ المديح.
+ ألّا تفتخر بفضائلك، وهذا الأسوأ: يعني ألّا تدَّعي أنّك إنسانٌ جيّد، لا تسرق، لا تزني، لا تقتل... إنْ قال أحدهم هكذا هذا يعني أنّه قدّيس في نظر نفسه ويعتبر أنّه يجب تطويبه. إنسانٌ كهذا يعيش في قمّة الجهل والضّلال.
"لستُ أنا أحيا بل المسيح يحيا فيّ" (غل 2: 20) هكذا يقول بولس الرَّسول، وهذا هدفنا في الحياة أن نُقنع المسيح أن يحيا فينا، وهذا لن يتمّ إلّا إن كفرنا بأنفسنا. إذًا، علينا أن نحمل صليبنا في هذه الحياة، بصبرٍ دون تذمُّر. بهذه الطّريقة نُميتُ إنسانَنا القديم وخاصّة الأنا، أي حبّ الذّات، الّتي تعشّش بداخلنا، لكي يَحيا، في المقابل، المسيح في داخلِنا، الّذي سَيُحيينا بدوره بعد رقادنا، بسبب سُكناه فينا، لأنّ قول الرَّبّ صادِقٌ: "مَنْ آمَنَ بي وإن مات فسَيَحْيَا" (يو 11: 25).
تفسير القدّاس الإلهيّ: مقدّمة
القدّاس الإلهيّ اجتماع الأرض والسّماء
(من كتاب تفسير القدّاس الإلهيّ)
"سرّ الإفخارستيّا" هو السِّرُّ الّذي يُفَعِّل وَحدة الجسد الكنسيّ وفي الوقت عينه يُغذّي كلّ أعضائه إلى القيامة العامّة. الرَّبّ يسوع هو مؤسّس السِّرّ في العشاء الأخير مع تلاميذه، وعبره يتلمّس المؤمنون حضور مخلّصهم في حياتهم حتّى مجيئه الثّاني. إنّ هذا السِّرّ هو بالحقيقة اجتماع الأرض والسّماء.
المكان الّذي فيه يتمّ استدعاء الرّوح القدس يَغدو "مسكن الله مع النّاس". الخليقة مع الإنسان، ترفع التّمجيد لله، الكلّ يلتئم حوله، "حول المذبح الّذي أمام عرش الله". الله، كما يكتب القدّيس ديونيسيوس، الّذي "هو الحسن الفائق على السّماوات... يجمع الكلّ إليه".
الخليقة كلّها تلتئم وتشكر الله. هذا هو بالضّبط القدّاس الإلهيّ: اِلتئام الكلّ حوله ومسيرتهم نحو ملكوت الإله الثّالوثيّ. ويُسمّي الذَّهبيّ الفم وآباء قدّيسون كثيرون القدّاس الإلهيّ: "السَّيْر معًا" وذلك لأنّ الكلّ يسير، الواحد مع الآخر نحو الله: "لا يلتفتنّ أحدٌ من أولئك الّذين يتناولون فصح سرّ الشُّكر هذا، إلى مصر، بل إلى السّماء، إلى أورشليم العُلوِيَّة".
القدّاس الإلهيّ هو حضور المسيح: "عند اقترابك من المائدة المقدّسة آمن أنّ مَلِكَ الكلّ حاضر هناك". المسيح "الجامع الخليقة قاطبةً إلى اِلتئامٍ"، يجمع حول المائدة المقدّسة و"يشدّ الكلّ بِعُرَى وثيقة إلى عنايته، الواحد مع الآخر ومعه هو".
إلى جانب المسيح، هناك السيّدة العذراء. حتّى قبل أن يقيم المسيح عشاءه، فإنّ سرّ خلاصنا قد تحقّق في العذراء – بقوّة الرّوح القدس: "صار حشاكِ مائدةً مقدّسة تحوي الخبز السّماويّ". في القدّاس الإلهيّ، ملكة السّماوات هي عن يمين الملك، "لأنّه حيث المسيح هناك تقف العذراء، لأنّها بالحقيقة عرشه، فحيث يجلس الملك ينتصب عرشه".
محفل العالم الملائكيّ يحيط بالمسيح. يسير الرَّبّ نحو الجلجثة "محفوفًا من المراتب الملائكيّة" وعند التّقدمة تعظّم الملائكة معنا صلاح الله.
ويشترك في القدّاس الإلهيّ مع القوّات الملائكيّة "محفل القدّيسين". حول المائدة إلى جانب المسيح، هناك محفل القدّيسين غير منفصل عنه. الاجتماع الشُّكريّ هو عيد ظفر المسيح وكلّ الّذين ساروا معه يكونون معه في هذه السّاعة: "لأنّه كما عندما ينتصر الملوك، يُكرّم ويُمدح كلّ من ساهم في صنع الظّفر، هكذا أيضًا هنا: خدمة القدّاس الإلهيّ هي زمن الظّفر".
في القدّاس الإلهيّ، الرَّاقدون من إخوتنا حاضرون أيضًا، إخوتنا الّذين نطلب لهم رحمة الله. لأنّ ذكرنا إيّاهم في القدّاس الإلهيّ هو بالنّسبة لنفوسهم "ربح كبير وفائدة عميمة".
الكلّ يعيّد معًا: السّماء والأرض الملائكة والبشر الأحياء والرّاقدون. والكلّ يشكر الرَّبّ على محبّته. "الأرض والبحر الأماكن المأهولة وغير المأهولة الكلّ يرفعون التَّسبيح إلى الأبد ويشكرون، يحدوهم إلى ذلك شعور الامتنان لأجل الخيرات الإلهيّة الّتي اقتبلوها". الكلّ يشكر: "للجالس على العرش وللخروف البركةُ والكرامةُ والمجدُ والسُّلطانُ إلى أبد الآبدين".
أقوال للقدّيس سلوان الآثوسيّ
+ إذا ما أغضبنا أحدهم فأحبّوه حتّى لو كان ليس سهلًا علينا، وإذ يرى السّيّد جهدنا فهو يعيننا بنعمته.
+ ليس من عجيبة أكبر من حبّ الخاطىء في سقطته.
+ إنّ حبّ السّيّد حارّ مضطرم ولا يترك مجالًا لتذكّر الأرضيّات والّذي ذاق حبّ السّيّد يبحث عنه ليل نهار بلا هوادة. أما نحن فنضيّع هذا الحبّ بكبريائنا، بدينونة الأخ وبرفضه، وبالحسد.
+ ليس على الأرض إنسان أعذب وفيه ملء الحبّ مثل سيّدنا يسوع المسيح. فيه فرحنا وحبورنا. فلنحبّه، لأنه سيُدخلنا إلى ملكوته وسنعاين مجده.
+ في نفسي شهوة كبيرة: أن تظلّل رحمة السّيّد جميع البشر، حتّى يدرك العالم بأسره ويعرف النّاس بأيّ حنان يحبّنا السّيّد...إنّه يحبّنا مثل أولاده الأعزّاء جدًّا.
+ إنّ الشّيء الأثمن في العالم هو معرفة الله ووعي مشيئته ولو جزئيًّا.
+ إذا منحتني أنا الخاطىء أن أعرفك بالرّوح القدس، فإني أستمحيك يا سيّد أن إمنح كلّ شعوب الأرض أن يعرفوك هم أيضًا.