Menu Close
kanisati

نشرة كنيستي

نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.

الأحد ١٨  آذار ۲٠١٨

العدد ١١

أحد القدّيس يوحنّا السّلّميّ

اللّحن ٨- الإيوثينا ٨

كلمة الرّاعي

الجهاد الروحي

ها قد وصلنا إلى الأحد الرابع من الصوم الكبير، أحد القديس يوحنا السلمي. بعد أن شددتنا الكنيسة المقدسة بذكر الصليب الكريم المحي في الأحد السابق، ها هي ترينا ثمرة الصليب في حياة المؤمن، أي ثمرة حهاده الروحيّ، من خلال مِثال القديس يوحنا السلمي أو السينائي وكتابه السلّم إلى الله

*           *           *

من هو القديس يوحنا السلّمي؟

لا نعرف شيئا عن حداثته، لكنه كان ملقَّباً وهو على قيد الحياة  ب "العلاّمة"، ممّا يدل على أنه كان رفيع الثقافة والعلم. أمّا ما يُعرف عنه وعن حياته وفكره فيُستَنتج من كتاباته. في السادسة عشـرة من عمره تتلمذ لأحد شيوخ دير القديسة كاترينا في سيناء. واعتزل وتنسَّكَ  في عمر العشرين. توحّده في البريّة دام أربعين سنة تعلّم فيها من روح الرب فقط الحرب الروحيّة اللامنظورة وحلاوة نور وجه الرب.

كان، مع ذلك، يقبل من يأتون إليه للاسـترشـاد من رهبان وعلمانيين ويزور المرضى المتوحدين. انتُخِبَ رئيساً لدير القديسة كاترينا في جبل سيناء، لكنه لم يُطل البقاء في هذه المهمة، إذ استقال سريعاُ وعاد إلى خلوته، توفي حوالي ٦٠٠م. عن عمر يناهز الخامسة والسبعين. طلب إليه رئيس دير رايثو يوحنا أن يكتب إرشادات للرهبان، فوضع كتاباً أسماه "السلّم"، وهذه التسمية مستوحاة من رؤيا يعقوب (تكوين ٢٨: ١٢-١٣).

كتاب السلم وضعه القديس حاملاً ثلاثين درجة، إشارة إلى سني يسوع الثلاثين قبل ظهوره للعالم عندما اعتمد من يوحنا المعمدان في نهر الأردن. ويرمز هذا السلّم إلى المسيرة نحو الكمال كصعود عند الله عبر الجهاد ضدّ كل ما يعيق الإنسان عن معرفة حقيقة نفسه من خلال التوبة، كون صليب المسيح هو الصديق الذي يجمع الأرض بالسماء من خلال المصلوب والمعلّق عليه.

*           *           *

كتاب السلم إلى الله هو كتاب علم النفس البشـرية بامتياز كونه يكشف حقيقة دواخل الإنسان وحركات نفسه بإزاء الوصيّة الإلهية والتجارب والأهواء التي تحارب المجاهد. هو كتاب يدلّ طالب الكمال على الطريق ويرشده منه، انطلاقاً من الزّهد بالعالم مروراً بمحاربة الأهواء إلى الإتحاد بالله، ثمرة للدخول في سرّ الحبّ الإلهي

*           *           *

كنيستنا رتّبت أن كتاب "السلّم" يقرأ في زمن الصوم الكبير لكيما يساعدنا في جهادنا وتوبتنا ولكي نكتشف من خلاله حقيقة أعمالنا وأفكارنا ونوايانا. فالأمور والحقائق الروحيّة لا يُحكم عليها بظواهر الأمور لأن روح الرب يكشف خفايا النفوس وهذه هي الحقيقة التي يجب أن نسعى للسلوك فيها. لذلك ، نقرأ، مثلاً ، في "السلّم":

  • المتكبّر رمّانة مهترئة في داخلها ، تلمعُ بهيّة في ظاهرها.
  • ينشأ الغرور من نسيان الزلات، لأنّ ذكرها يؤول إلى الاتضاع.
  • إذا ما قمنا نصلي، قامت علينا تلك الأفكار النجسة والمُمتَنع النطق بها. لكنها تنصـرف حالاً إذا تابعنا صلاتنا لأنها لا تُحاربُ محاربيها.
  • من يظنُّ أنّه غير متعلّق بشيء يملكه ويغتمّ لفقده، هو مخدوع تماماً.
  • لِنُقرَّ بخطايانا لقاضينا الصالح وحده قبل أي إنسان وإن أَمَرَنا فلنعترف بها لكلّ الناس. لأنَّ الجراحات إذا شُهِرَت لا تصير إلى حال أسوأ بل تُشفى.
  • يعرف المرء صِدق حبّه لأخيه ومودَّته له متى حَزِنَ لهفواته وفَرِحَ لتقدُّمه وما يناله من النِعم.

من له أذنان للسمع فليسمع!!

+ أنطونيوس

مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما

 

طروباريّة القيامة (باللّحن الثّامن)

انحدرتَ مِنَ العُلوِّ أَيُّها المُتحنِّن. وقَبِلتَ الدَّفنَ ذا الثلاثةِ الأيام. لكي تُعتقَنا مِنَ الآلام، فيا حياتَنا وقيامتَنا يا رَبُّ المجدُ لك.

طروباريّة القدّيس يوحنّا السّلّميّ (باللّحن الثّامن)

 للبرِّيّة غَير المُثمرة بمجاري دُموعِك أمْرعتَ. وبالتنهُّداتِ التي منَ الأعماق أثمرْتَ بأتعابك إلى مائةِ ضِعفٍ؛ فَصِـرتَ كَوكَباً للمَسْكونةِ مُتلألئاً بالعجائب يا أبانا البارَّ يوحنّا. فتشفَّع إلى المسيحِ الإله في خلاصِ نفوسِنا.

القنداق (باللّحن الثّامن)

إنّي أنا عبدُكِ يا والدةَ الإله، أكتبُ لكِ راياتِ الغَلَبة يا جُنديَّةً محامية، وأُقَدِّمُ لكِ الشُّكرَ كمُنقِذَةٍ مِنَ الشَّدائد. لكنْ، بما أنَّ لكِ العِزَّةَ التي لا تُحَارَب، أَعْتِقِينِي من صُنوفِ الشَّدائد، حتّى أَصْرُخَ إليكِ: اِفْرَحِي يا عروسًا لا عروسَ لها.

الرّسالة (عبرانيّين 6: 13-20)

الربُّ يُعطي قوّةً لشَعبه 

قدِّموا للرّب يا أبناءَ الله

يا إخوة، إنَّ اللهَ لمّا وَعَدَ إبراهيمَ، إذ لم يُمكِن أن يُقسِمَ بما هُوَ أعظَمُ منهُ، أقسَمَ بنفسِهِ قائلاً: لَأُباركَنَّكَ بركةً وأُكثِّرنَّكَ تكثيراً. وذاك، إذ تَأنّى، نالَ الموعد. وإنّما الناسُ يُقسِمونَ بما هُوَ أعظَمُ منهمُ، وتنْقضي كلُّ مُشاجرةٍ بينَهم بالقَسَم للتَثْبيتِ. فَلِذلك، لمَّا شاءَ اللهُ أنْ يَزيد وَرَثةَ الموعِد بياناً لعدم تَحوُّل عزْمِهِ، توسَّط بالقسَم حتى نَحصُلَ، بأمْرين لا يتحوّلان ولا يُمكِن أن يُخِلف اللهُ فيهما، على تعزيَةٍ قوَّية نحنُ الذين التجأنا إلى التمسُّكِ بالرَّجاءِ الموضوع أمامَنا، الذي هو لنا كَمِرساةٍ للنَفْسِ أمينةٍ راسِخة تَدْخُلُ إلى داخلِ الحِجاب حيث دَخَل يسوعُ كسابقٍ لنا، وقَدْ صارَ، على رُتبةِ مليكصادَق، رئيسَ كهنةٍ إلى الأبَدِ.

الإنجيل (مرقس 9: 17-31)

في ذلك الزمان، دنا إلى يسوع إنسانٌ وسَجدَ له قائلاً: يا مُعَلِّمُ قد أتيْتُك بابْني بِه روحٌ ْأبْكَمُ، وحيثما أخذهُ يصرَعُهُ فيُزبِدُ ويصرِفُ بأسنانه وَييبَس. وقد سألتُ تلاميذَكَ أن يُخرجوهُ فلم يَقدِروا. فأجابَهُ قائلاً: أيُّها الجيلُ غيرُ المؤمِن، إلى متى أكونُ عِندَكُم، حتّى متى أحتمِلُكُم؟ هَلمَّ بهِ إليَّ. فأتَوهُ بهِ. فلما رآهُ للوَقتِ صَرَعَهُ الروحُ فسَقَطَ على الأرض يَتَمَرَّغُ ويُزبدُ. فسأل أباهُ: منذ كَمْ مِنَ الزمان أصابَهُ هذا؟ فقالَ: مُنذُ صِباهُ، وكثيراً ما ألقاهُ في النار وفي المياهِ ليُهلِكَهُ، لكنْ إنِ استَطَعْتَ شيئاً فَتَحَنَّنْ علينا وأَغِثنا. فقال لَهُ يسوعُ: إن استَطَعْتَ أن تُؤمِنَ فكُلُّ شيءٍ مُستطاعٌ للمؤمِن. فصاحَ أبو الصّبيّ مِنْ ساعَتِه بدموع وقالَ: إنّي أُومِنُ يا سيِّدُ، فأغِث عَدَم إيماني. فلمّا رأى يسوعُ أنَّ الجميعَ يتبادَرون إليهِ انتهَرَ الروحَ النجِسَ قائلاً لَهُ: أُّيُّها الروحُ الأبْكمُ الأصَمُّ، أنا آمُرُكَ أَنِ اخرُج مِنهُ ولا تعُدْ تَدخُلُ فيه، فصرَخَ وخبَطهُ كثيراً وخرجَ مِنهُ فصارَ كالميت، حتّى قال كثيرون إنَّه قد ماتَ. فأخذَ يسوعُ بيده وأنهضه فقام. ولمّا دخل بيتًا سأله تلاميذه على انفراد: لماذا لم نستطع نحن أن نُخرجه؟ فقال لهم: إنّ هذا الجنس لا يمكن أن يخرج بشيء إلّا بالصّلاة والصّوم. ولمّا خرجوا من هناك اجتازوا في الجليل ولم يُرِد أن يدري أحد، فإنّه كان يعلِّم تلاميذه ويقول لهم: إنّ ابن البشـر يُسلَم إلى أيدي الناس فيقتلونه وبعد أن يُقتَل يقومُ في اليوم الثالث.

حول الإنجيل

وبخ السيد المسيح تلاميذه لفشلهم في  تقديم الشفاء للولد المصاب بالصـرع وعجزهم عن إخراج الروح النجس . هو المسؤول عن الكنيسة كونها عروسه ولا يجب أن يعتريها عيب ، فيوبخ خدامها على كل تقصير في إيمانهم وعملهم ، ويقوم هو بالعمل . من الضـروري بمكان أن نعرض على الرب همومنا ومشاكلنا وأمراضنا  كما فعل هذا الوالد ، لأنه مكتوب " ملعون الرجل الذي يتكل على الانسان ويجعل البشـر ذراعه وعن الرب يحيد قلبه " (إرميا ١٧ :٥) . سمح الرب للولد أن يتألم إلى حين كي يقود والده للإيمان ، فما يهم المسيح شفاء الروح قبل الجسد ، وشفاء الجسد كنتيجة لشفاء الروح . لذلك سأل الوالد " إن كنت تستطيع أن تؤمن ، كل شيء مستطاع للمؤمن ". مفتاح الشفاء في يد الإنسان إن آمن . هنا أبرز الوالد إيمانه جهاراً مظهراً معه تواضعا" عندما طلب معونة الرب . وهكذا أظهر المسيح قوة وفاعلية وسلطان الإيمان . أبان أيضاً قساوة إبليس وشره مع جنوده . وبسؤاله للوالد عن زمن المرض ، أظهر أن عدو الخير لا يرحم طفلاً ولا رجلاً ولا شيخاً. قدم المسيح الشفاء للولد مبرزاً دور الوالد الإيجابي في تتميم الشفاء ، وأيضاً إيمانه واتضاعه . وإذ سأله التلاميذ عن سبب فشلهم في تقديم الشفاء للولد ، أبرز السيد المسيح قوة الصلاة والصوم على دحر سلطان وشر إبليس ، هذان السلاحان (الصلاة والصوم ) الروحيان هما جناحا النفس البشرية الضروريان لها . أيضا" سؤال التلاميذ عن فشلهم كان بسبب خشيتهم من أن يكونوا قد فقدوا العطية المعطاة لهم ، إذ كانوا قد نالوا سلطانا ًعلى الأرواح النجسة . لأن أحداث الصليب كانت تقترب ، كان السيد يؤكد لتلاميذه ضرورة تسليمه وصلبه وقتله حتى تأتي القيامة المنشودة ويصير الخلاص كحتمية نهائية .

الأخ الصّانع السّلام

اعترتْ بعض البرودة العلاقة بين ناسكين بسبب سوء تفاهم. مرضَ أحدهما، مرة، فطلب إلى أحد الرهبان أنْ يتوسط لمصالحتهما، لخشيته من أنْ يموت وهو على تلك الحال. فيما كان الأخ عائداً، كان يصلّي إلى الله لكي ينيره في معالجة الأمر بشكل صحيح لكي لا يتسبب بالضرر بدلاً من المنفعة. عند وصوله، دبّر الله أنْ يُحضر له أحد ما سلّة تين، فاختار أفضله، وذهب به من دون تأخير إلى الناسك الآخر زميل الناسك المريض، قال له: هذه أرسلها لك الأنبا (فلان). تحيّر الأنبا وقال: أرسلها لي أنا؟ قال الأخ: نعم قَبِلها ذاك بتأثر وشكر الأخ. رضيَ صانع السلام بالنجاح الأول، وذهبَ بالتِّين الباقي إلى الأخ المريض، وقال له: هذه أرسلها لك رفيقك الناسك. سأل الناسك بفرح: ماذا تقول؟ تصالحنا، إذاً؟ أجابه الأخ: نعم أيها الأنبا، بصلواتك. المجد لله! قالها الأنبا بحماس. وهكذا، بقليل من التّين وحكمة الأخ ومحبته، تصالح الناسكان.

(مواهب وموهوبون الجزء الثالث)

الشّيوخ الثّلاث

في صباح أحد الأيام الباردة أطلّت إحدى السيدات من نافذة البيت، ففوجئت بثلاثة شيوخ كبار السن يجلسون على عتبة دارها في هذا الطقس الشديد البرودة، فأشفقت عليهم وأرادت دعوتهم إلى بيتها. خرجت إليهم وطلبت منهم أن يدخلوا معها إلى منزلها الدافئ، فنظروا إليها وقال لها أحدهم: إختاري أحدنا حتى يدخل إلى منزلك. فقالت لهم: ولماذا أختار أحدكم، أنا أريد دعوتكم أنتم الثلاثة. فقال لها: إختاري أحدنا فقط. فنظرت إليهم بحيرة. فقال الرجل: لا تحتاري أنا أُسمّى النجاح وصديقي هذا إسمه الغنى وثالثنا هو الحب، فاختاري واحداً منا فقط ليدخل منزلك. شعرت المرأة بالحيرة وقرّرت استشارة عائلتها، فدخلت المنزل وحكتْ لزوجها ما حدث فقال لها: اختاري الغنى فنحن كما ترين نعاني من الفقر، فربما تتحسن حالتنا. أما الإبن فقال لها: "يا أمي اختاري النجاح حتى يدخل بيتنا فأكون دائماً من الناجحين". ثم نظرت السيدة إلى ابنتها فقالت لها: "يا أماه، ما أجمل أنْ يكون الحبّ هو ضيفنا فيمتلئ بيتنا بالمحبة وتنتهي كل المشاكل والصعاب". فكّرت السيدة قليلاً ووافقت على كلام ابنتها. ثم خرجت إلى الرجال الثلاثة وقالت لهم: "لقد قررنا أنْ يكون الحب هو ضيفنا". لكن دُهشت السيدة عندما وجدت الرجال الثلاثة يهمّون بدخول المنزل، وتعجبّت جداً، فقالوا لها: "لا تتعجبي يا سيدتي فلو اخترت الغنى أو النجاح لدخل وحده إلى منزلك، ولكنك اخترت الحبّ الذي إذا دخل إلى بيتٍ جلب معه الغنى والنجاح".

(من كتاب صفحات الحياة)

أينفع المرض؟

تساعد الأمراض الناس لكي يصبحوا أبناء الله ويستأهلوا الخلاص من لدنه ولو لم يعملوا أية فضيلة. الصحة أمر مهم جداً، ولكن المنفعة التي يقدمها المرض لا تستطيع الصحة أن تعطيها، يكفيه فقط أن يصبر ويتقبل مرضه برضى حتى يملك الفردوس. بعض الأمراض تتطلب قليلاً من الصبر فقط، فيعوّض الله عن ذلك للمريض أجراً ويزيل عنه الكثير من الشوائب، ذلك لأن الأمراض الجسدية تساعد كثيراً في علاج الأمراض الروحية. الله يفعل كل شيء من أجل الخير. يعرف ماذا يحتاج كل واحد منا فيسمح بأن تحلّ بنا بعض الأمراض، وعوضاً عن ذلك ينزع عنا خطايانا ويمنحنا الميراث العتيد في فردوسه العذب.

(القديس باييسيوس الآثوسي)

انقر هنا لتحميل الملف