نشرة كنيستي
نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.
الأحد 15 تشرين الأوّل 2023
العدد 24
أحد المجمع المَسكونيّ السّابع
اللّحن 2- الإيوثينا 8
كلمة الرّاعي
المَجْمَع المَسكونيّ السّابع
مِنْ شهر أيلول إلى تشرين الأوّل من العام 787 م.، اِلتَأم المَجْمَع المَسكونيّ السّابع في مدينة نيقية، برعاية الإمبراطورة إيريني بصفتها الملكة الوَصيّة على ابنها القاصر قسطنطين السّادس البرفيريّ الَّذي لم يكن قد تجاوز العاشرة من العمر.
رَأَسَ المَجمع البطريرك طراسيوس، بطريرك القسطنطنيّة، وحضره ممثّلون عن البابا أدريانوس وبطاركة كلّ من الإسكندريّة وأنطاكية وأورشليم. وقد بلغ عدد المشتركين 376 شخصًا، إلى جانب عدد كبير من الرّهبان.
سبب انعقاد المجمع كان تحديد موقف الكنيسة في مسألة إكرام الإيقونات، استنادًا إلى المَجامع المسكونيّة السّابقة وتعليم الآباء، وإعادة استعمال الإيقونات في الحياة الكنسيّة بعد أن كانت الدّولة ومُناصِريها حظّروا إكرام الإيقونات وعملوا على مُصادرتها وإتلافها ومُلاحقة مكرّميها والمُدافعين عنها في حرب دامت مئة وعشرين سنة.
وجدير بالذّكر أنَّ الاِضطهاد كان قد بدأ بمرسوم ملكيّ أصدره الإمبراطور لاون الثّالث الإيصوريّ عام 725 م. وامتدّت فترة الاِضطهاد الأوّل إلى عام 787 م.، حيث أُحْرِقَتْ الإيقونات وقُتِلَ المُدافِعون عنها ونُكِّلَ بهم مِنْ عِلمانيّين وإكليروس. وانتهت المرحلة الأولى في ظلّ حكم الإمبراطورة إيريني الّتي دعت إلى انعقاد المجمع المسكونيّ السّابع.
المرحلة الثّانية من الاِضطهاد امتدّت من العام 813 م. لغاية العام 842 م. بعد موت الإمبراطور ثيوفيلوس المُحارِب للإيقونات، قامت الإمبراطورة ثيودورا بوقف هذا الاضطهاد الشَّنيع.
* * *
ما يقوله محاربو الإيقونات أنّ الله حَرَّم في وصاياه رسمًا له لأنّه لم يُرَ ولا يُرى. ويعتبرون أنّ إكرام الإيقونات لا يجوز لأنّه حينئذٍ يعبد النّاس المادّة. طبعًا، حرّم الله على العبرانيّين الصّور والمنحوتات: "لاَ تَصْنَعُوا لَكُمْ أَوْثَانًا، وَلاَ تُقِيمُوا لَكُمْ تِمْثَالًا مَنْحُوتًا أَوْ نَصَبًا، وَلاَ تَجْعَلُوا فِي أَرْضِكُمْ حَجَرًا مُصَوَّرًا لِتَسْجُدُوا لَهُ. لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ..." (لاويين 26: 1) و "لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالًا مَنْحُوتًا صُورَةً مَّا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ أَسْفَلُ وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ..." (تثنية 5: 8). بالتّأكيد، الله لا يُرى ولا يُوصَف ولا يُدرَك بألوهيّته، لذلك لا يُمكِن تَصويره. أمَّا الرَّبّ يسوع المسيح الإله-
الإنسان فنصوّر شخصه في طبيعته البشريّة وذلك لأنّ "الْكَلِمَة صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا" (يوحنا 1: 14). هنا تكمن المسألة الأساسيّة في موضوع إكرام الإيقونات واستعمالها في العبادة. لو لم يظهر الله في الجسد لما استطعنا تصويره، "وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ..." (1 تيموثاوس 3: 16). قبل التّجسُّد، أعلن الله عن تجسّده في العهد القديم في مواضع عديدة، وخاصَّة لمّا ظهر لإشعياء النّبيّ في الرّؤيا: "رَأَيْتُ السَّيِّدَ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيٍّ عَال وَمُرْتَفِعٍ، وَأَذْيَالُهُ تَمْلأُ الْهَيْكَلَ" (إشعياء 6: 1). عندما نَرسُم الرَّبّ في طبيعته البشـريّة لا نكون قد خالفنا الوصيّة الإلهيّة لأنّنا لا نَرسُم الألوهة إذ هي غير منظورة وغير مدركة بل نُؤكِّد سرّ التّجسُّد بتصويرنا لجسد ابن الله المُتألّه، للإنسانيّة المُتألِّهَة في المسيح يسوع "ابن الإنسان"، كما يسّمي هو نفسه في الإنجيل. لمّا "صار الكلمة جسدًا" صار الجسد كلمة وكُتِب في الإيقونة. لذلك، في كنيستنا الأرثوذكسيّة لا نتكلّم على رسم الإيقونات بل على كتابة الإيقونات (εικονογραφία). ومن هنا، من يتقبّل سُكنى "الكلمة الإلهيّ" فيه بكلمة الكتب المقدّسة بروح الله يتحوّل هو نفسه إلى كلمة مكتوبة عن الرَّبّ، إلى إيقونة، وهذا هو حال القدّيسين ولذلك نصوّرهم.
* * *
غاية التّجسُّد وسِرُّ التَّدبير الخَلاصيّ كلّه هو أن نصير إيقونات أي أن نُشبه الله ونتشبّه به. لنحقّق هذا علينا أن نترك الله يكتبنا بإصبع رحمته حافرًا قلوبنا الحَجريّة الصوّانيّة بألم طاعة كلمته بسكب روحه فينا للتّوبة، أوَّلًا، طريقًا للتّنقية ليصير هو ظاهِرًا فينا بالوَصيّة المُعاشَة المَحفور هو فيها إيقونة في قلوبنا تحوّلنا إليها متى صارت هي حياتنا. "يَا رَبُّ، إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟ كَلاَمُ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ عِنْدَكَ" (يوحنا 6: 68). فقط كلمة يسوع تمنحنا حياة أبديّة وتجعلنا أبناء الدّهر الآتي، أي إيقونات لأبناء الملكوت الَّذين هم كلّهم على صورة ومثال يسوع المسيح.
ومن له أذنان للسَّمع فليسمع.
+ أنطونيوس
مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما
طروباريّة القيامة (باللَّحن الثّاني)
عندما انحدرتَ إلى المَوْت. أَيُّها الحياةُ الَّذي لا يَموت. حينئذٍ أَمَتَّ الجحيمَ بِبَرْقِ لاهوتِك. وعندما أقمتَ الأمواتَ من تحتِ الثَّرى. صرخَ نحوكَ جميعُ القُوّاتِ السّماويّين. أَيُّها المسيحُ الإله. مُعطي الحياةِ المَجدُ لك.
طروباريّة الآباء (باللَّحن الثّامن)
أنتَ أيّها المَسيحُ إلهنا الفائق التّسبيح، يا مَن أسّستَ آباءَنا القدّيسين على الأرض كواكب لامعة، وبهم هَدَيتنا جميعًا إلى الإيمان الحقيقيّ، يا جزيل الرّحمة المجد لك.
القنداق (باللَّحن الثّاني)
يا شفيعَةَ المَسيحيّين غَيْرَ الخازية، الوَسيطةَ لدى الخالِق غيْرَ المرْدودةِ، لا تُعْرضي عَنْ أصواتِ طلباتِنا نَحْنُ الخَطأة، بَلْ تدارَكينا بالمعونةِ بما أنَّكِ صالِحَة، نَحنُ الصّارخينَ اليكِ بإيمان: بادِري إلى الشَّفاعَةِ وأسَرعي في الطّلْبَةِ يا والدَة الإلهِ، المُتشَفِّعَةَ دائمًا بمكرِّميك.
الرّسالة(تيطس 3: 8-15)
مباركٌ أنت يا ربُّ إلهَ آبائنا،
لأنَّك عدلٌ في كلِّ ما صنعتَ بنا
يا ولدي تيطُسُ، صادِقَةٌ هي الكَلِمةُ، وإيَّاها أُريدُ أن تقرِّرَ حتَّى يهتمَّ الَّذين آمَنُوا باللهِ في القِيام بالأعمال الحَسَنَة. فهذه هي الأعمالُ الحَسَنَةُ والنَّافِعَة. أمّا المُباحَثات الهَذَيانيَّةُ والأنسابُ والخُصوُمَاتُ والمُماحَكاتُ النَّاموسِيَّة فاجتنِبْها. فإنَّها غَيرُ نافعةٍ وباطلةٌ. ورجُلِ البِدْعَةِ، بعدَ الإنذار مرَّةً وأُخرى، أعرِض عنهُ، عالِمًا أنَّ مَن هو كذلك قدِ اعتَسفَ، وهُوَ في الخطيئةِ يَقضي بنفسهِ على نَفسِه. ومتَى أرسلتُ إليكَ أرتمِاسَ أوتِيخيكوسَ فبادِرْ أن تأتيَني إلى نيكوبولِس لأنّي قد عَزَمْتُ أن أُشتّيَ هناك. أمَّا زيناسُ معلِّمُ النَّاموس وأبُلُّوسُ فاجتَهد في تشييعهما متأهِّبَيْن لئلّا يُعْوِزَهُما شيءٌ. وليتعلَّم ذَوُونا أنْ يَقوموا بالأعمال الصَّالِحةِ للحاجاتِ الضَّروريَّة حتَّى لا يكونوا غيرَ مُثمرين. يسلّمُ عليكَ جميعُ الَّذين معي. سَلِّمْ على الَّذين يُحبُّوننا في الإيمان. النِّعْمَةُ معكم أجمعين. آمين.
الإنجيل(لو 8: 5-15)(لوقا 4)
قال الرَّبُّ هذا المثَل. خرج الزَّارِعُ لِيَزْرَعَ زرعَهُ. وفيما هو يزرع سقط بعضٌ على الطَّريق، فوُطِئَ وأكلتهُ طيورُ السَّماءِ. والبعض سقط على الصَّخر، فلمَّا نبت يَبِسَ لأنَّهُ لم تكنْ له رُطوبة. وبعضٌ سقط بين الشَّوْك، فَنَبَتَ الشَّوْكُ معهُ فخنقهُ. وبعضٌ سقط في الأرضِ الصَّالِحَة، فَلَمَّا نَبَتَ أثْمَرَ مِئَةَ ضِعْفٍ. فسأله تلاميذهُ: ما عسى أنْ يكونَ هذا المثَل؟ فقال: لكم قد أٌعطيَ أنْ تعرِفوا أسرارَ ملكوت الله. وأمَّا الباقون فبأمثالٍ لكي لا ينظروا وهم ناظِرونَ ولا يفهموا وهم سامعون. وهذا هو المثَل. الزَّرعُ هو كلمةُ الله، والَّذين على الطَّريق هُم الَّذين يَسمعون، ثمَّ يأتي إبليسُ وَيَنْزعُ الكلمةَ من قلوبهم لئلَّا يُؤمِنوا فيَخْلُصوا. والَّذين على الصَّخْر همُ الَّذين يسمعون الكلمةَ ويقبلونها بِفَرَحٍ، ولكن ليس لهم أصلٌ وإنَّما يؤمِنون إلى حينٍ وفي وقتِ التّجربة يَرْتَدُّون. والَّذي سقط في الشَّوْك هم الَّذين يَسْمَعون ثمَّ يذهبون فيختنِقون بهُمومِ هذه الحياةِ وغِناها ومَلذَّاتِها، فلا يأتون بثمرٍ. وأمَّا الَّذي سَقَطَ في الأرض الجَيِّدَة فَهُم الَّذين يَسمعون الكلمةَ فيحفظونها في قلبٍ جَيِّدٍ صالِحٍ ويُثمرون بالصَّبْر. ولمّا قال هذا نادى: مَن لهُ أُذنان للسَّمْع فليسمعْ.
حول الرّسالة
إنّ رسالة بولس إلى تلميذه تيطس، الَّتي منها النَّصّ الَّذي تُلِيَ على مَسامِعنا، رعائِيَّة بامتياز، مَثَلُها في ذلك مَثَلُ رسالَتَيْه الأولى والثَّانية إلى تلميذه تيموثاوس ورسالته إلى فيليمون.
ففي النَّصِّ الَّذي سَمِعْنا يُخاطب بولسُ تلميذَه تيطُس بِحِسٍّ أبَوِيّ رعائيّ (يا وَلدي تيطُس...) يُذكِّرنا بأيّة رسالة يوجِّهُها أبٌ مُحبٌّ، راعٍ ومسؤول، إلى ابنه. ففيه التّوجيه والإرشاد (8¬11)؛ وفيه، التّوصية بالضّيوف لوِفادتهم حَسَنًا والوقوف على حاجاتهم بما يُرضي الرَّبّ (12¬14)؛ وفيه، أخيرًا، وعلى الطّريقة الشَّرقيّة، تبليغ السَّلام (يُسلِّم عليك...) وتحميل السَّلام (سَلِّم على ...) (15).
على أنّ ما يَهُمُّنا مِنَ النَّصّ، في هذه العُجالة، هو القسم الأوّل الَّذي فيه توجيه الرَّسول وإرشاده. إنّه لُبّ النَّصّ وزُبدتُه. فما هي الكلمة الصّادقة الَّتي يُرشد بولسُ تلميذَه تيطُس إليها ويُوصيه بتقريرها؟ إنّها، طبعًا، كلمة الله الَّتي كتبها يسوعُ على الصّليب بدمه المُهراق، والرّسلُ قرأُوها دمًا سَكِيبًا، قرأُوها حُبًّا جنونيًّا، حسب وصف كابازيلاس، وخلاصًا أبديًّا، ودَوّنوا بالحِبر ما قَرَأوا، وتركوه لنا عَهدًا جديدًا. إنّ هذه الكلمة هي، بالضّبط، الصّادقة، لأنّ السَّيِّد لم يكتبها بحبرٍ مصنوع من مادّة هذه الأرض، بل إنّما كتبها بدمه الكريم. فليست هي كلامًا بشريًّا قابلًا للصِّحَّة كما للخطأ، لكنّها كلام الله الَّذي لا غِشَّ فيه ولا زَغَل.
إلى هذه الكلمة، تحديدًا، يُرشد بولس تلميذه، وبتقريرها يُوصيه، على رجاء أن ينصرف المؤمنون بالله إلى الأعمال الصَّالحة. ولِمًن يسأل عن الأعمال الصَّالحة: ما هي؟ يجيب الرّسول: "وهذه هي الأعمال الصَّالحة والنّافعة"، مُشيرًا، باسم الإشارة هذه إلى الكلمة الإلهيّة الصّادقة بالذّات. فبالنّسبة لبولس هذه الكلمة هي، بذاتها، الأعمال الصَّالحة. ذلك بأنّ الأعمال الصَّالحة تجسّداتٌ مَرئيّةٌ لكلمة الله، تَفيض منها فَيْضَا، فليس بينها وبين هذه الكلمة تَباين ولا، حتّى، فاصلٌ زمنيّ. إنّ الكلمة الإلهيّة المكتوبة بالدّم الخلاصيّ، متى انزَرَعَت في تربة خَصْبَةٍ، تُثمِرُ، طبيعيًّا وتلقائيًّا، أعمالًا من جِنسها، تمامًا كالثّمر الَّذي يبذر بذرًا من جنسه. ليست كلمة الله عاقرًا؛ وفي هذا يقول الرَّبّ على لسان نبيّه إشعيا: "...فكذلك تكون كلمتي الَّتي، متى خَرَجَت من فمي، لا ترجع إليَّ فارغةً..." (إشعيا 55 : 11).
ثمّ، وفي السِّياق نفسه، يدعو بولس تلميذه تيطس إلى مُحاورة رجل البِدْعَة، على رجاء أن يتوب هذا الأخير عن ضلاله ويعود إلى استقامة الرّأي. غير أنّه يحذّره من مَغَبَّة الاِسترسال معه في الحوار إذا لَمس عنده تَعَسُّفًا وتَشَبُّثًا، وأَيقَن، تاليًا، أنّ الحوار معه عقيم. فإذا لبِث رجل البدعة عادمَ التَّقويم فخَيْرٌ لمن يحاوره أن يتركه وشأنه، فلا يُضيّع وقته معه، لأنّ الاِستمرار في الكلام معه يكون، في هذه الحال، ضربًا من "المماحكات الهَذَيانيّة" الَّتي لا تُجدي نَفعًا.
إنّه لا يليق بكلمة الله الصّادقة النُّطقُ بها عَبَثًا؛ أي لا يليق بها أن تُرمى في تربة عقيمة، لئلَّا يكون نصيبها كنصيب البذر الَّذي، وبحسب التّلاوة الإنجيليّة الَّتي سمعنا، وقع بين الشّوْك فاختنق. إنّ كلمة الله تُحيي ولا تُخنَق.
المجامع المسكونيّة
الأرثوذكسيّة هي التَّمجيد القَوِيم والإيمان المُستَقيم بالله. الإيمان الَّذي تمنحنا إيّاه الكنيسة المُقَدَّسة كما تسلّمته من الرَّبّ يسوع وكما حَدَّدَه الآباء القدّيسون الَّذي اجتمعوا في المجامع المسكونيّة السَّبعة.
هذه المَجامِع المَسكونيّة جَمَعَتْ أساقفةً مِنْ أقطار المسكونة. فناقَشوا ورَذَلُوا تعاليم كانت تُقْلِقُ الكنيسة في مَراحِل عِدَّة وأزمنة مختلفة. هذه التَّعاليم غير الأرثوذكسيَّة تُسَمَّى "هَرْطقات"، وهي تعاليم غير صحيحة عن الإيمان ولا تتوافق مع الإنجيل وتسليم الآباء القِدِّيسين.
المَجامِع المَسكونيّة وضعت أعمدة الإيمان المَسيحيّ ورسَّختها بوُضوح، فَصارَتْ هذه "العقائد" ركيزةً ومَنارةً لكلِّ الَّذين يلتمسونَ معرفة المَسيح الإلهِ الحقيقيّ.
قدَّمَتْ الكنيسة على مَرِّ السِّنين شهداء بذلوا دماءهم ليحاربوا هذه الهرطقات. هولاء رفضوا الحياة خارج الإيمان المسيحيّ القويم، وقبلوا موْتَ الشَّهادَة ولم يُذْعنوا للوُلاة والحُكّام الَّذين حاوَلوا فَرْضَ عقائد غريبةٍ عن كنيسة المسيح.
في القرون الأولى للمسيحيّة، انتشرت الهرطقات انتشارًا واسعًا وحارَبَتْ الكنيسة، ودام بعضها فتراتٍ طويلةٍ ومات الكثير مِنَ الشًّهداء. وقد عانت الأرثوذكسيَّة الحقيقيّة وكان الآباء المُدافِعون عن الإيمان قِلَّة. لكنَّ الرَّبَّ حفظ كنيستَه والإيمانَ القَوِيم وانتصرَتْ العَقيدة المُستَقيمة.
فنحن نُعَيِّدُ لآباء المَجامع ونحتفل بتذكارِهِم لا لنَتَغَنّى بالماضي بل لنتعلَّم الإيمان الصَّحيح الَّذي يجب أن يرافق أعمالَنا الصَّالحة. فنكرِّمُ الآباء الإلهيّين كغيورين على استقامة الرَّأي وكمُعلِّمي للإيمان وكمُحسِنين إلى الإنسانيّة عمومًا وكرجالٍ قدّيسين أنارونا في كلّ الحقّ بنور فضائلهم وتعاليمهم القَويمَة.
المَجامِع المَسكونيّة السَّبعة حفظت لنا الإيمان قويمًا. فتسلّمناه من الآباء القدّيسين وَدِيعَة ثَمينَةً لِنَحْفظها نحن لمجيء المسيح. واجبنا أنْ ندرس إيماننا، إيمان المَجامِع المَسكونِيَّة، ونَتمسَّك به ونقدِّمُهُ للمَسيح إيمانًا مُستَقِيمًا لا عَيْبَ فيه.
أنت أرثوذكسيّ إذًا أنت تحفظ إيمان المَجامِع المَسكونيّة وتعترف به. تعترف بالمسيح إلهًا تامًّا وإنسانًا تامًّا مُتجسِّدًا من العذراء لخلاص البشريّة السّاقطة، وقائمًا من بين الأموات.