نشرة كنيستي
نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.
الأحد 13 كانون الأوّل 2020
العدد 50
الأحد الأجداد القدّيسين
اللّحن 2- الإيوثينا 5
أعياد الأسبوع: :13* الشّهداء الخمسة إفستراتيوس ورفقته، لوكيّا البتول الشّهيدة *14: الشّهداء ثيرسُس ورفقته *15: الشّهيد في الكهنةإليفثيريوس وأمَّه أنثيّا *16: النّبي حجّي، ثاوفاني الملكة العجائبيّة *17: النّبي دانيال والفتية الثّلاثة القدّيسين، القدّيس ديونيسيوس أسقف إيِّينة *18: الشّهيد سابستيانوس ورفقته، القدّيس موذستُس أسقف أورشليم *19: الشّهيد بونيفاتيوس، أغليّة الرّوميّة.
كلمة الرّاعي
استعدادنا لميلاد الرَّبّ
”وَلَكُمْ أَيُّهَا الْمُتَّقُونَ اسْمِي تُشْرِقُ شَمْسُ الْبِرِّ
وَالشِّفَاءُ فِي أَجْنِحَتِهَا“ (ملاخي 4: 2)
الرَّبُّ يأتينا، دائمًا، في سرِّ تواضعه الأقصى، في سرِّ إخلائه لذاته حبًّا بنا ولأجل انتشالنا من بقعة الظّلمة إلى رحاب نوره الإلهيّ.
لم يترك العَليُّ خليقته في فسادها الَّذي اَنْتَجَتْهُ بسبب سرّ الحرّيّة الكامن في الاختيار الشَّخصيّ المُتأتِّي من خيار الإنسان الممنوح له بسبب من أنّ ”الله محبّة“ (1 يوحنا 4: 8 و16).
”وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ“ (1 تيموثاوس 3: 16). سرّ التَّقوى هو سرّ التَّدبير الإلهيّ الّذي حضَّرَ الله من خلاله البشريّة للحياة الجديدة الّتي خلقها، أصلًا، لأجلها. سرّ التَّقوى الإلهيّ هو سرّ التَّواضع الأقصى: ”الله ظهر في الجسد“، أي صار الله واحدًا معنا في إنسانيّتنا. لقد حملنا في ذاته ليس وجدانيًّا أو تَعَاطُفِيًّا بل تجسُّديًّا... لقد ضَمَّنَا إليه، الخالقُ والمخلوقُ صارا متّحدَين في بوتقة أقنوم الكلمة الابن المتجسِّد. ماذا يعني هذا الكلام؟ خلاصنا أُعطي لنا في المسيح يسوع شرط مشاركتنا له في ”سرّ التَّقوى“. لماذا؟ لأنّنا حين نتّحد بالرَّبِّ نُشاركه حياته أي نحمل الصَّليب وراءه (راجع مرقس 8: 34) لنتمجَّد معه. وما هو الصَّليب يا تُرى سوى التَّواضع الأقصى؟!...
* * *
”خُذْ بِيَدِكَ هَدِيَّةً وَاذْهَبْ لاسْتِقْبَالِ رَجُلِ اللهِ“ (2 ملوك 8: 8). كيف سنمثل أمام طفل المذود الآتي إلينا ليهبنا نِعَمَ السّماء وبنوّة المَلِكِ؟!... أيّة هديّة نقدِّم لمن قدَّم لنا ذاته طعامًا وشرابًا للحياة الأبديّة؟!... ماذا نستطيع أن نعطي من هو مصدر كلّ ”عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ“ (يعقوب 1: 17)؟!... هل نملك شيئًا لنعطيه لمن أوجدنا من العدم؟!... كلّنا له. ليس لنا في أنفسنا شيئًا نملكه إلّا وهو وهبنا إيّاه. هل تقول السّاقية للنَّهر الّذي منه تتفرَّع أنا أُغَذِّيك بالمياه؟! هي تأتي منه، بدونه لا وجود لها... هل يُدرك الإنسان منّا حقيقة عدميّته ولاشيئيّته بدون الخالق؟!... كيف يقدر الإنسان أن يستكبر وأن يظنّ أنّه يملك شيئًا أو نفسه حتّى؟!... هذه قمّة الغباء. الحبّ الإلهيّ الثّالوثيّ أوجدَنا لندخل معه في سرّ الشّركة الإلهيّة من خلال صورة الله الّتي خُلقنا عليها. إنسانيّتنا نحقّقها بعيش شركة الوحدة في المحبّة الّتي تطيع المحبوب وتسلّمه كلّ وجودها. من لا يستطيع أن يعيش حياة الشّركة في سعي لعيش الوحدة مع الآخَرين لن يفقه معنى التّجسُّد ولا يستطيع أن يكون مسكنًا لله، لأنّه ”إِنْ قَالَ أَحَدٌ: "إِنِّي أُحِبُّ اللهَ" وَأَبْغَضَ أَخَاهُ، فَهُوَ كَاذِبٌ. لأَنَّ مَنْ لاَ يُحِبُّ أَخَاهُ الَّذِي أَبْصَرَهُ، كَيْفَ يَقْدِرُ أَنْ يُحِبَّ اللهَ الَّذِي لَمْ يُبْصِرْهُ؟“ (1 يو 4: 20). المحبّة المقصودة ليست مشاعر وأحاسيس وعواطف، إنّها فعل قبول غير مشروط للآخَر لأنّ المسيح مات لأجل الخطأة... وهي عمل مستمرّ بالامتداد نحو بعضنا البعض بالطّاعة في الخدمة بحسب الوصيّة الّتي تقول: ”مَتَى فَعَلْتُمْ كُلَّ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ فَقُولُوا: إِنَّنَا عَبِيدٌ بَطَّالُونَ، لأَنَّنَا إِنَّمَا عَمِلْنَا مَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْنَا“ (لوقا 17: 10). هكذا نتدرَّب على إخلاء الذّات، لأنّنا ما لم نفرغ ذواتنا من الأنا فلا مكان لسكنى يسوع فينا.
* * *
أيُّها الأحبّاء، شمس العدل أشرَقَتْ علينا وعرفنا الله وعرفنا الإنسان. لم يعد مسموحًا لمن تسربل نور النّعمة الإلهيّة أن يسلك في ظلمة أفكاره وعِقَدِه وأهوائه وخطاياه وحبّ اللّذَّة وانغلاقه وخوفه وعشقه لذاته وإقصائه للآخَر ورفضه له وحبّه للمال والطّمع والتّسلُّط والسُّخط والانتقام والنّكايات والكلام القبيح والرِّياء والمُحاباة والخبث والمصلحة وصِغَر النّفس إلخ. كَشَفَ لنا الرَّبُّ في ابنه المتجسِّد أنّنا إن لم ندرك حقيقة أنّنا من ”المساكينَ والجُدْعَ والعُميان والعُرجَ“ فلن نطلب منه الخلاص ولا نحتاجه لأنّنا نظنّ أنفسنا من المدعوّين. من يعرف نفسه على حقيقتها يتّضع ويَنْشُدُ العتق من طفل المغارة معلِّم التّواضع الإلهيّ وواهبه لطالبيه. من يعرف المسيح ومن يقبله حياة له يصير حرًّا. لا شكّ أنّ هذه الحرّيّة هي سيرورة وصيرورة بنعمة الله ولكن تفترض التزامًا وجهادًا صادِقًا وأمينًا في الطّاعة. بدون الطّاعة لا تواضع، وبدون تواضع لا يمكننا استقبال الإله طفلًا يشرق علينا في مغارة قلوبنا المظلمة ليحوّلها إلى سماء يتربّع هو في كَبِدِهَا منيرًا الكون فينا ومن خلالنا، بتواضعه المُشِعّ في حياتنا بالحبّ الإلهيّ في عيشنا لكلمته وحفظنا لها، لأنّه يسكن فينا فقط إذا أحببناه: ”إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كَلاَمِي، وَيُحِبُّهُ أَبِي، وَإِلَيْهِ نَأْتِي، وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلًا. اَلَّذِي لاَ يُحِبُّنِي لاَ يَحْفَظُ كَلاَمِي...“ (يو 14: 23—24).
”مَارَانْ أَثَا“ (1 كورنثوس 16: 22) ...
+ أنطونيوس
مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما
طروباريّة القيامة (باللَّحن الثّاني)
عندما انحدرتَ إلى المَوْت. أَيُّها الحياةُ الّذي لا يَموت. حينئذٍ أَمَتَّ الجحيمَ بِبَرْقِ لاهوتِك. وعندما أقمتَ الأمواتَ من تحتِ الثَّرى. صرخَ نحوكَ جميعُ القُوّاتِ السّماويّين. أَيُّها المسيحُ الإله. مُعطي الحياةِ المَجدُ لك.
طروباريّة الأجداد (باللّحن الثّاني)
لقد زكّيتَ بالإيمان الآباءَ القُدَماءَ، وبِهِم سبقتَ فخطبتَ البيعة الّتي من الأمم. فلْيفتخرِ القدّيسون بالمجد، لأنْ مِن زَرْعِهِم أَيْنَعَ ثمرٌ حَسيبٌ، وهو الّتي ولدَتْكَ بغير زرعٍ. فبتوسُّلاتِهِم أيُّها المسيحُ الإلهُ ارحمنا.
قنداق تقدمة الميلاد (باللّحن الثّالث)
اليومَ العذراءُ تأتي إلى المَغارة لِتَلِدَ الكلمةَ الّذي قبل الدّهور ولادةً لا تُفسَّر ولا يُنطق بها. فافرحي أيّتها المَسكونة إذا سمعتِ، ومَجِّدي مع الملائكة والرُّعاة الّذي سيظهر بمشيئته طفلًا جديدًا، وهو إلهُنا قبلَ الدُّهور.
الرّسالة (كول 3: 4– 11)
ما أعظم أعمالَكَ يا ربّ، كلَّها بحكمةٍ صنعت
باركي يا نفسي الرَّبَّ
يا إخوةُ، متى ظهرَ المسيحُ الّذي هو حياتُنا فأنتم أيضًا تَظَهرون حينئذٍ معهُ في المجد. فأمِيتوا أعضاءَكم الّتي على الأرضِ، الزِّنى والنَّجاسةَ والهوى والشَّهوةَ الرَّديئَةَ والطَّمَعَ الَّذي هو عبادةُ وَثَنٍ، لأنَّهُ لأجل هذه يأتي غَضبُ الله على أبناءِ العِصيان. وفي هذه أنتم أيضًا سلَكتُم حينًا إذ كُنتم عائشينَ فيها. أمَّا الآن، فأنتم أيضًا اطرَحوا الكُلَّ: الغضبَ والسُّخْطَ والخُبثَ والتَّجديفَ والكلامَ القبيحَ من أفواهِكم. ولا يكذِبَنَّ بعضُكم بعضًا، بل اخلَعوا الإنسانَ العتيقَ معَ أعمالِه، والبَسُوا الإنسانَ الجديد الّذي يتجدَّدُ للمعرفةِ على صورة خالِقِه، حيثُ ليس يونانيٌّ ولا يهوديٌّ، لا خِتانٌ ولا قَلَفٌ، لا بربريٌّ ولا اسكِيثيٌّ، لا عبدٌ ولا حُرٌّ، بلِ المسيحٌ هُوَ كُلُّ شيءٍ، وفي الجميع.
الإنجيل (لو 14: 16– 24)(لوقا 11)
قال الرَّبُّ هذا المثل: إنسانٌ صنع عشاءً عَظيمًا ودَعا كثيرين، فأرسل عبدَهُ في ساعة العشاءِ يقولُ لِلمَدعُوِّينَ: تعالَوا فإنَّ كُلَّ شيءٍ قد أُعِدّ. فَطَفِقَ كُلُّهُم واحدًا فواحدًا يستَعفُون. فقال لهُ الأوّلُ: قد اشتريتُ حقلًا ولا بدَّ لي أن أخرجَ وأنظرَهُ، فأسألُكَ أن تُعفِيَني؛ وقال الآخَرُ: قدِ اشتريتُ خمسةَ فَدادِينِ بَقَرٍ وأنا ماضٍ لأجَرِبَها، فأسألُكَ أن تُعفِيَني؛ وقال الآخَرُ: قد تزوَّجتُ امرأةً، فلذلك لا أستطيعُ أن أجيء. فأتى العبدُ وأخبرَ سيِّدَهُ بذلك، فحينئذٍ غضِبَ ربُّ البيتِ وقال لِعَبدِه: اخرُجْ سريعًا إلى شوارع المدينةِ وأزقَّتِها، وأَدخِلِ المساكينَ والجُدْعَ والعُميان والعُرجَ إلى ههنا. فقال العبدُ: يا سَيّد، قد قُضيَ ما أَمرتَ بهِ ويَبقى أيضًا مَحلّ، فقال السَّيِّدُ لِلعبد اخرُج إلى الطُّرقِ والأسيْجَةِ واضطَرِرْهم إلى الدّخولِ حتّى يَمتلئَ بيتي، فإنّي أقولُ لَكُم إنَّه لا يَذوقُ عشائي أحدٌ مِن أولئك الرّجالِ المدعُوّين. لأنَّ المدعُوّين كثيرون، والمختارين قليلون.
حول الإنجيل
"إنسان صنع عشاءً عظيمًا، ودعا كثيرين. وأرسل عبده في ساعة العشاء ليقول للمدعوّين: تعالوا لأنّ كلّ شيء أُعدّ".
لكن، بحسب النّص، استعفى أصحاب الدَّعوى. أراد الرَّبّ أن يقيم عشاءً كبيرًا للإنسانيّة، فهو القائل في سِفر الرّؤيا: "هاءنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي" (رؤيا 3:20).
لماذا دعا الرَّبُّ لعشاء وليس لغداء؟ لأنّ هذا دليل أنّنا نعيش في الظّلمة، فعندما نُدخل المسيح، أي النّور، حينئذٍ نحيا في النّور. قُلنا سابقًا أنّ النّاس استَعْفوا أَو بالأحرى أصحاب الدّعوة استعفوا، أي إسرائيل شعب الله، واليوم إسرائيل الجديد يستعفي بمعظمه، ونعني بهم، الّذين اعتمدوا على اسم المسيح. كلّ واحدٍ تعلَّلَ بعِلَّةٍ لكي يستعفي: أحدهم فضَّلَ الأرض على المسيح، وآخر فضَّلَ العائلة على المسيح، وآخر كسلان لا يهمّه. يكمل النّصّ الإنجيليّ: "حِينَئِذٍ غَضِبَ رَبُّ الْبَيْتِ، وَقَالَ لِعَبْدِهِ: اخْرُجْ عَاجِلًا إِلَى شَوَارِعِ الْمَدِينَةِ وَأَزِقَّتِهَا، وَأَدْخِلْ إِلَى هُنَا الْمَسَاكِينَ وَالْجُدْعَ وَالْعُرْجَ وَالْعُمْيَ".
هذا دلالةً على أنَّ الرَّبَّ فتح باب الإيمان للجميع. العميان، هم الّذين لا يعرفون المسيح؛ الُجدْعَ والعرج، هم الّذين تنقصهم المواهب الرّوحيّة لأنّهم مهما فعلوا من الخير فمِنْ دون المسيح يبقى عملهم ناقصًا. فتح الرَّبُّ الدَّعوة لجميع النّاس، فقط عليهم أن يؤمنوا به. ليس مهمًّا أن يقول الشَّخص أنا مسيحيّ أو يكتب على الأوراق أنّه مسيحيّ إنّما المهمّ أن يقول الله عنه أنّه مسيحيّ، والمسيحيّة، أي الإيمان المسيحيّ، لا يظهر في النّاس إلّا وقت الضّيق، والشِّدَّة، والحرب... هذا يُبيّن إنْ كان هذا الشَّخص مؤمِن أم غير مؤمن بالمسيح.
اليوم نُعيّد لأجداد الرَّبَّ يسوع من آدم إلى إبراهيم، الّذين أخذوا الوعد بالمخلِّص. والوعد تمّ بالرَّبِّ يسوع وعرفنا ما يريده الرَّبُّ للإنسان، وهذا يوضحه الآباء القدّيسون، أمثال إيريناوس اسقف ليون وأثناسيوس الكبير بطريرك الاسكندريّة، أنّ المخلِّص صار إنسانًا لكي نستطيع نحن، بإيماننا به وبنعمته، أن نصير آلهةً.
أحد الأجداد القدّيسين
من المعلوم أنّ البنية اللّيتورجيّة لعيد الميلاد المَجيد قد تأثّرت، تدريجيًّا وبشكلٍ كبير، بمثيلتها لعيد الفصح المقدّس، إنْ من جهة الصَّوم الَّذي يسبق العيدَيْن أو من جهة التّحضير اللّيتورجيّ قبل أسبوع للعيدَيْن. فكما اعتُبر الأسبوع العظيم فترة تحضيريّة لعيد الفصح وله صومه الخاصّ المُنفصِل عن الصَّوم الأربعينيّ المقدّس، كذلك نشأت أوّلًا فترة تحضيريّة لعيد الميلاد شملت الأسبوع الَّذي يسبق العيد، وكان صوم الميلاد يقتصر على هذه الأيّام القليلة قبل العيد. ثمّ امتدّ، تمثّلًا بالفصح إلى أربعين يومًا (15ت2- 24ك1).
بدءً، أضيف إلى احتفالات عيد الميلاد الأحد الَّذي يسبق هذا العيد وسُمِّيَ "أحد الآباء القدّيسين". من المؤكّد أنّ عبارة "الآباء" لا يُقصد بها آباء الكنيسة بل أجداد المسيح بحسب الجسد وعلى رأسهم إبراهيم. في فترةٍ لاحقة توسّع مضمون هذا الأحد ليشمل، إضافة إلى الأجداد بحسب الجسد، جميع أبرار العهد القديم، أجدادًا بحسب الجسد وأبرارًا بحسب الإيمان. كان يُقرأ في هذا الأحد، كما هو معلوم حتّى يومنا هذا، الفصل الأوّل من إنجيل متّى الَّذي يحوي شجرة عائلة المسيح بحسب الجسد. كما تُقرأ الرّسالة الّتي تروي لنا آلام رجال العهد القديم الَّذين "شُهد لهم بالإيمان" (عب 11، 9-10. 32 -40).
فرض اتّساعُ المضمون اللّيتورجيّ لهذا الأحد قبل الميلاد شطرَه، إذا صحّ التّعبير، إلى أحدين ونُقل جزء من مضمونه إلى الأحد الَّذي يسبقه. فغدا لدينا أحدان للآباء القدّيسين. وللتّمييز بينهما سُمِّيَ الأحد الَّذي يسبق عيد الميلاد (ما بين 18 و24 ك1) "أحد ما قبل الميلاد" أو"أحد النَّسَب" وهو الأحد التّحضيريّ القديم. واحتفظ الأحد الَّذي استُحدِث فيما بعد، أي الأحد الثّاني ما قبل الميلاد (ما بين 11 و17 ك1)، بالتّسمية القديمة: "أحد الآباء القدّيسين". ولكي لا يتمّ الخلط بين هؤلاء الآباء وآباء المجامع الكنسيّة المسكونيّة سُمِّيَ هذا الأحد: "أحد الأجداد القدّيسين". بعد ذلك تمّ إغناء مضمون هذا الأحد الثّاني قبل الميلاد عبر إضافة ذكرى النّبيّ دانيال والفتية الثّلاثة القدّيسين بعد نقلِ هذا العيد من 17 ك1 إلى الأحد الثّاني قبل الميلاد.
نلحظ أنّ مجمل شهر ك1 هو فترة تحضيريّة لعيد الميلاد. فيه تُقام ذكرى رجال من العهد القديم: النّبيّ ناحوم 1 ك1، النّبيّ حبقوق 2 ك1،النّبيّ صفنيا 3 ك1، النّبيّ حجيّ 16 ك1 والنّبيّ دانيال والفتية الثّلاثة القدّيسين 17 ك1.
تكمن أهميّة ما نقول في أن ندرك أنّ التّهيئة لاندراج الله في الجنس البشريّ لا تقوم فقط على اللّحم والدّم والنّسل البشريّ مع أهميّته، فهذا الأخير، هذا اللّحم والدّم، لم ولن يشرّف انحدار الله إلينا بسبب خطايا النّسب البشريّ وقد عُوِّضَ عن قصور النَّسل البشريّ بنسلٍ إيمانيّ ولَدَه رجالٌ ما كانوا من نسب المسيح الجسديّ بل من نسب إيمانيّ لا يمكننا إلّا أن نتذكّره في هذه الفترة التّحضيريّة لعيد ميلاد الإله بالجسد.
من أقوال الشّيخ كليوبا الرّومانيّ
+ على العائلة أن تذهب إلى الكنيسة على الأقلّ مرّة في الأسبوع، وأكثر إذا كان هناك حاجة. وإن كان هذا غير ممكن في بعض الأوقات فيجب أن يذهب فرد على الأقلّ من العائلة ليصلّي كمَبعوثٍ عنها.
+ منبع كلّ الشّرور هو محبّة الذّات. مِن محبّة الذّات تأتي الشّفقة على النّفس وإعفاؤها من المتاعب والتّبريرُ الدّائم لكلّ أعمالها والاعتداد بالذّات والسُّبح الباطل وكلّ الشّرور الأخرى المعروفة والغير المعروفة.
+ لا تفعل شيئًا من دونِ أن ترسم إشارة الصَّليب عليك، قبل السّفر، قبل العمل، قبل الدّرس، عندما تكون منفردًا أو في وسط مجموعة. أرسم على جبهتك وأذنيك وعينيك وفمك ويديك وعلى كلّ جسدك علامة الصَّليب لتُحفظ من حرب العدوّ.