Menu Close
kanisati

نشرة كنيستي

نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.

الأحد ١٣ آب ۲٠١٧ 

العدد ١٨

الأحد (١٠) من متّى

اللّحن ١- الإيوثينا ١٠

كلمة الرّاعي

عيد رقاد والدة الإله

"إِن والدةَ الإله التي لا تغفل عن الشفاعة والرجاء الغير المردود في النَّجدات. لم يَضبِطْها قبٌر ولا موتٌ لكن بما أنَّها أُمُّ الحياة نقلها إلى الحياة الذي حلَّ في مُستودعها الدائم البتولية" (قنداق العيد).

كثير من أبنائنا يخلطون في اسم هذا العيد ومعانيه ولاهوته. هو ليس عيد الانتقال بل عيد الرُّقاد والانتقال.

يعود تاريخ هذا العيد إلى ما بين القرنين الخامس والسادس. هو يأتي من تقليد الكنيسة الشريف. لا يوجد ايّ شيء بخصوص هذا العيد في الكتاب المقدّس.

لأوّل مرّة نعرف عن عيد لوالدة الإله في شهر آب، كان عيدًا لها في ١٣ منه في كنيسة أورشليم يسمّى "يوم والدة الإله". وبعد ذلك، بزمن قليل نقل العيد إلى ١٥ آب. ومن ثمّ صار يحتفل فيه بعيد رقاد العذراء وانتقالها. وقد صار لاحقًا شهر آب هو شهر مريم في الكنيسة الأرثوذكسيّة إذ ينتهي بعيد وضع زنار والدة الإله. لا بل يمتدّ زمن مريم في الليتورجيا إلى وداع عيد ميلادها في ١٢ أيلول.

*           *           *

مريم تشترك معنا بإنسانيّتنا كاملة، أي هي بحاجة أن تُفتَدى كباقي النّاس. لذلك، كانت تحمل مثلنا نتائج خطيئة الجدَّين الأوَّلَين أي هي كانت خاضعة للموت، إذ يقول الرسول بولس: "مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ" (رومية ٥: ١٢). فكما كلّ البشر صاروا تحت حكم الموت بآدم الأول، كذلك بآدم الثاني المسيح سوف يخلصون إذا آمنوا به، "لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ الْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ بِالْوَاحِدِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ، سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ!" (رومية ٥: ١٧).

*           *           *

"أيتها البتول الطاهرة أن حدود الطبيعة قد غلبت فيك لأن المولد بتولي والموت قد صار عربونا للحياة فيا من هي بعد الولادة بتول وبعد الموت حية يا والدة الإله أنت تخلصين ميراثك دائما" (إرمس تاسعة العيد).

بحسب التقليد أنّ الرسل في حين استعداد والدة الإله لرقادها حضروا بالسحب إليها ليودّعوها. لكن، توما لم يكن منهم، بل أتى في اليوم الثالث لرقادها، وطلب أن يتبرك من جسدها ويودّعها الوداع الأخير، فذهب مع الرسل إلى القبر وفتحوه فلم يجدوا جسدها في القبر. ولاحقًا ظهرت عليهم وأخبرتهم بأن الرب قد نقلها بالجسد إلى ملكوته.

العذراء مريم الّتي "هي أكرم من الشيروبيم وأرفع مجدًا بغير قياس من السيرافيم"، دخلت ملكوت السماوات مع المسيح ابنها وهي خارج الدينونة العامّة، لأنّ الرّبّ أقامها بالجسد واجلسها عن يمينه في مجده.

*           *           *

موقع مريم العذراء في حياة المؤمنين والكنيسة يأتي من التصاقها بالرب يسوع ومن كونها أمّه بالجسد، الّتي منها أخذ طبيعتنا وافتداها. هي لا تنفصل عنه ولا دور لها خارجه. هي اليوم صارت بأمومتها للرب يسوع أمّا للبشرية جمعاء وشفيعة حارَّة لنا عنده.

إقامتها بالجسد من قبل الرب وإصعادها إليه هما أيضًا عربون قيامتنا في المسيح كما حصل معها.

فلنقتد بها، بإيمانها، وحفظها للكلمة الإلهيّة، وطاعتها المطلقة لله لكيما يكون لنا نصيب معها في ملكوت السماوات.

+ أنطونيوس

مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما

طروباريّة القيامة (اللّحن الأوّل)

إنَّ الحجرَ لما خُتِمَ مِنَ اليهود. وجَسَدَكَ الطاهِرَ حُفِظَ مِنَ الجُند. قُمتَ في اليومِ الثالثِ أَيُّها المُخلِّص. مانحاً العالمَ الحياة. لذلكَ قوّاتُ السماويات. هتفوا إليكَ يا واهبَ الحياة. المجدُ لقيامتِكَ أَيُّها المسيح. المجدُ لِمُلكِكَ. المجدُ لتدبيرِكَ يا مُحبَّ البشرِ وحدك

طروباريّة التّجلّي (اللّحن السّابع)

لمّا تجلّيتَ أيها المسيحُ الإلهُ في الجبل، أظهرتَ مجدَكَ للتلاميذِ حسبما استطاعوا. فأشرقْ لنا نحن الخطأة نوركَ الأزليّ، بشفاعة والدة الإله، يا مانح النور المجد لك.

القنداق للتّجلّي (اللّحن السّابع)

تجليتَ أيها المسيحُ الإله على الجبل، وحسبما وسِعَ تلاميذُكَ شاهدوا مجدكْ، حتى عندما يعاينوك مصلوباً، يفطنوا أنّ آلامَكَ طوعاً باختيارك، ويكرزوا للعالم، أنّك أنت بالحقيقةِ شعاعُ الآب.

الرّسالة (١ كور نثوس ٩:٤-١٦)

لتكُنْ يا ربُّ رحمتُكَ علينا

ابتهجوا أيُّها الصدِّيقون بالرب

يا إخوةُ إنَّ اللهَ قد أَبْرَزَنَا نَحْنُ الرُّسُلَ آخِرِينَ كَأَنَّنَا مَحْكُومٌ عَلَيْنَا بِالْمَوْتِ. لأَنَّنَا صِرْنَا مَنْظَراً لِلْعَالَمِ لِلْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ. نَحْنُ جُهَّالٌ مِنْ أَجْلِ الْمَسِيحِ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَحُكَمَاءُ فِي الْمَسِيحِ! نَحْنُ ضُعَفَاءُ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَأَقْوِيَاءُ! أَنْتُمْ مُكَرَّمُونَ وَأَمَّا نَحْنُ فَبِلاَ كَرَامَةٍ! إِلَى هَذِهِ السَّاعَةِ نَجُوعُ وَنَعْطَشُ وَنَعْرَى وَنُلْكَمُ وَلَيْسَ لَنَا إِقَامَةٌ وَنَتْعَبُ عَامِلِينَ بِأَيْدِينَا. نُشْتَمُ فَنُبَارِكُ. نُضْطَهَدُ فَنَحْتَمِلُ. يُفْتَرَى عَلَيْنَا فَنَعِظُ. صِرْنَا كأَقْذَارِ الْعَالَمِ وَوَسَخِ كُلِّ شَيْءٍ إِلَى الآنَ. لَيْسَ لِكَيْ أُخَجِّلَكُمْ أَكْتُبُ بِهَذَا بَلْ كَأَوْلاَدِي الأَحِبَّاءِ أُنْذِرُكُمْ. لأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَكُمْ رَبَوَاتٌ مِنَ الْمُرْشِدِينَ فِي الْمَسِيحِ لَكِنْ لَيْسَ آبَاءٌ كَثِيرُونَ. لأَنِّي أَنَا وَلَدْتُكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ بِالإِنْجِيلِ. فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَنْ تَكُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي.

الإنجيل (متى ١٤:١٧-٢٣)

في ذلكَ الزمان دنا إلى يسوع إنسانٌ فجَثا لَهُ وقَال: يَا ربُّ ارْحَمِ ابْنِي فَإِنَّهُ يُصْرَعُ وَيَتَأَلَّمُ شَدِيداً، وَيَقَعُ كَثِيراً فِي النَّارِ وَكَثِيراً فِي الْمَاءِ. وَأَحْضَرْتُهُ إِلَى تَلاَمِيذِكَ فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَشْفُوهُ. فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: أَيُّهَا الْجِيلُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ الْمُلْتَوِي إِلَى مَتَى أَكُونُ مَعَكُمْ؟ إِلَى مَتَى أَحْتَمِلُكُمْ؟ قَدِّمُوهُ إِلَيَّ هَهُنَا! فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ فَخَرَجَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ. فَشُفِيَ الْغُلاَمُ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ. ثُمَّ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ عَلَى انْفِرَادٍ وَقَالُوا: لِمَاذَا لَمْ نَقْدِرْ نَحْنُ أَنْ نُخْرِجَهُ؟ فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: لِعَدَمِ إِيمَانِكُمْ. فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهَذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ وَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ. وَأَمَّا هَذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ. وَفِيمَا هُمْ يَتَرَدَّدُونَ فِي الْجَلِيلِ قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: ابْنُ الإِنْسَانِ سَوْفَ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي النَّاسِ فَيَقْتُلُونَهُ وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ.

حول الرّسالة

قضية الأبوة والبنوة الروحية قضية أساسية تدخل في بنية الحياة المسيحية للشخص وتطوره ونموه في المسيح ذلك أن الاتكال على الذات يخزي. والحاجة إلى أبٍ مرشد روحي أمرٌ له أهميته لأن الإنسان لا يمكنه قيادة نفسه لولوج شاطئ الخلاص فقد يقع في فخاخ كثيرة وهو بعد غير مكتملٍ في النضج والفهم الروحيين فيذهب إلى الهلاك. فما هي صفات الأب الروحي الذي يستطيع قيادة النفوس إلى بر الأمان؟

في الرسالة اليوم إلى أهل كورنثوس يكتب الرسول لهم معتبراً أنهم أولاده الأحباء معترفاً أن لهم مرشدين كثيرين في المسيح (بطرس وأبلوس)، إلا انه يؤكّد أن ليس لهم آباء كثيرون قائلاً: "لأني أنا ولدتُكم في المسيح يسوع بالإنجيل"، هذا الإنجيل الذي بشّرهم به وهو يقصد بالدرجة الأولى تعليمه عن صلب المسيح وقيامته اللذين أبرزهما في مطلع الرسالة أيضا. ولكونهم اهتدوا بالإنجيل، تجاسر أن يقول لهم: "فأطلب إليكم أن تكونوا مقتدين بي" وهو يعرف انه قدوة إذ قال في موضع آخر "تشبّهوا بي كما أتشبّه أنا بالمسيح".

أنت تستطيع أن تدعو الناس إذا دعاك الله ونحتك كي تكون على مثاله. هذا درس لنا جميعا. تعليمك عن المسيح وشهادتك له غير ممكنين ما لم تكن مثالا للجميع في الصدق والتواضع والوداعة والعفاف. ومن كان كذلك فقط يأتي به الأسقف ليكون أبا للرعية. الأب هو من له أولاد من ذاته. الأب الروحي من كان له وجود روحي أمام الله ومن وجوده هذا ينبثق وجودات أخرى. الكاهن لن يتمكن من رعاية شعب الله بمجرد ندائه له أن يكون شعبًا صالحًا، أما إذا كان هو صالح فيشعّ منه الصلاح وهو صامت. وأنت مِن تعامله مع الشعب تعرفه أيقونة للسيد وتنجذب ليس إليه ولكن إلى سيده. أما إذا سقط الكاهن أو الأسقف أو الشماس فيجدّف الناس على الله ويتركون الكنيسة أو يهملون صلاتهم.

عندما قال السيد لتلاميذه: "تكونون لي شهودًا" ما عنى فقط الشهادة بالكلام. هذه أساسية ولا يمكن إهمالها إذ قال السيد: "تَلمِذوا جميع الأمم وعلّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به". هناك تعليم في الأبوة الروحية مولجٌ الكاهن به، غير أن التعليم لا يصل إلى الأذن فقط ولكن إلى القلب أي ينبثّ من القلب إلى القلب ويُحدث فيه تغييراً. الإيمان يأتي من روح الكاهن وعقله معًا وهكذا تنمو الجماعة.

الحسد

ورد في تاريخ اليونان أنَّ ملكاً من الملوك أراد أنْ يجرّب الحسود والبخيل. فأمر واستحضر لديه رجلين أحدهما حسود والآخر بخيل، وقال لهما: فليطلبْ أحدكما منّي ما يشاء لأعطيه بفرح، ولكن بشرط أنْ يأخذ الثاني منكما ما يطلبه الأوّل مضاعَفاً. فتحاورا كثيراً ولم يتّفقا على شيء، إذ لم يرضَ أحدهما أنْ يطلب شيئاً أوّلاً كيلا يأخذه الثاني مضاعَفاً. حينئذ أمر الملك أنْ يطلب الحسود أوّلاً، فطلب أنْ تُقلع عينه، وذلك لكي تُقلع عينا رفيقه الإثنتان فمن حسده فضّل لنفسه الضرر على طلب الإنعام من الملك كيلا يحصل عليه رفيقه مضاعَفاً. أرأيت إلى أيّة درجة من العمى والرداءة يصل إليها الحسود. فاهرب أيّها الإنسان من هذا الوحش القتّال، وصلّ إلى الله من أجل من تحسده، واثنِ عليه أمام الناس، وإن أمكنك أحسنْ إليه ولو قسراً عنك، لأنّك بقسر إرادتك هذه تحظى على موهبة المحبّة، فتنجو من هوى الحسد المضرّ الذي لا فائدة منه أصلاً. (من نشرة راهبات دير القديس يعقوب الفارسي المقطّع)

ما هي الخطيئة

الخطيئة هي أكبر شرّ وأخطر مرضى يصيب نفس الإنسان، وهي تُمرِّضها بطريقة غاشة فتصير وسيلة لكي تتغرب عن شركة محبة الله. إنها حادث مأساوي يعتمد على اختيارنا الحرّ وانتقائنا الشخصي. الخطيئة شرٌّ مخيف. وكنيستنا المقدسة، بسرّ التوبة والإعتراف، تشفيها. طوال الوقت الذي تمسك فيه بيدك جمرةً متقدةً فأنت تحترق، ولكن حالما ترميها، يتوقف الإحتراق. الأمر ذاته يحصل مع الخطيئة، التي هي أيضاً نارٌ تحرق نفس الإنسان. كثيرون ينكرون تأثيرها ولكنهم على صعيد الممارسة يقبلون نتائجها دون أنْ يشعروا بالأمر أو يتخوفوا منه. ( القديس كيرللس الأورشليمي)

الرّهبنة

 + الرّهبنة ليست هربا من مسؤوليات الحياة، أو هرباً من المواقف الانفعالية التي تواجه الشخص في العالم، وليست الرهبنة نوعاً من السلوك السلبي وإلا كانت الرهبانية سلوكاً مَرَضِيّاً. الرهبنة هدفها العمل الناجح والتفرغ للتعبّد وانقطاع الإنسان للجهادات الروحية، هي انصراف للتأمل والنسك، وخلود إلى السكون، والوجود الدائم في حضـرة الرب الإله والتفكير الدائم فيه والاتحاد به وفي إرضائه والتفكير فى عمل الخير دائماً.

+ قال الرب يسوع: "لا يقدر أحد أن يخدم سيدين الرب والمال" وملخص الخبرة الإنسانية أن محبة المال هي أصل كل الشرور، لهذا اشترطت قوانين الرهبنة اختيار العيش في حياة الفقر طوعياً واقتناع الإنسان بحياة الكفاف مكتفياً بالضروريات فقط ويأكل من عمل يديه، ولهذا تشترط قوانين الرهبنة قبل الاعتزال في الدير تنفيذ وصية الرب القائلة: ”إن كنت تريد أن تكون كاملاً فاذهب وبعْ كل شيء لك وأعطه للمساكين فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني“ ( متى ١٩: ٢١) .

+ ليس معنى اختيار الفقر طوعياً أن الرهبنة هي طريق الفقراء الذين لجأوا إلى الدير هرباً من أعباء الحياة أو ليتخلصوا من تحمّل أعباء الحياة. فتاريخ الرهبنة طويل ينبئنا عن أعداد لا حصر لها من ذوي الثراء ومَن كانوا في مناصب عليا، ومع ذلك تركوا كل شيء وتبعوا السيد المسيح الذي ليس له مكان ليسند إليه رأسه، فآثروا الفقر والتعبّد على الغنى والجاه وهم في ثقة أن المناصب الرفيعة إنما هي نفاية من أجل ربح المسيح.

أنماط الرّهبنة

 + نظام التوحّد: بدأ نظام الرهبنة بنظام التوحد وهو أول نظام ظهر في الرهبنة. في هذا النظام يعيش الرهبان متفرقين منفردين كل واحد في قلاية أو مغارة أو كهف في الصحاري والجبال، ويتبعون نظاماً خاصاً في صلاتهم وأصوامهم وعبادتهم وتأملاتهم.

+ نظام الشركة: بدأ نظام الشركة في الرهبنة عندما اجتمع حول القديس أنطونيوس عدد كبير من الشباب يريدون أن يتبعوا طريقه في الرهبنة ولكنه تجاهلهم لمدة ٢٠ سنة، ولما بلغ بهم الضيق اقتحموا بابه عنوةً فاضطر أن يخرج إليهم، وكان على أنطونيوس حينئذ " أن ينتقل دائماً كأب بين جماعات أولاده من مكان إلى مكان" وعلى هذا المنوال تكوّن أول نموذج نظام رهباني شركوي: "أب يرعى أسرة روحية من الأبناء المحبوبين المخلصين للطريق“، وعُرف باسم ”نظام القديس أنطونيوس“.

+ نظام الشركة الباخومي: وضع قوانينه القديس باخوميوس، حيث يخضع الرهبان لنظام صارم دقيق موحَّد في يقظتهم ونومهم وصلواتهم، وأصوامهم، وطعامهم، واجتماعاتهم وعملهم... إلخ، يعهد بها للرهبان الأكفاء وعلى الباقين التعاون معه لأجل إكمال هذا النظام في تواضع وبذل، آخذين نظامهم من المعيشة المشتركة التي كان التلاميذ يحيونها مع المسيح، وكل واحد له حقوق وعليه التزامات.

انقر هنا لتحميل الملف