نشرة كنيستي
نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.
أُنقُر على الملف لتصفُّح نشرة كنيستي
كما يمكن قراءة النص الكامل في المقطع أدناه.
الأحد (7) بعد العنصرة
العدد 32
الأحد 11 آب 2024
اللّحن 6- الإيوثينا 7
أعياد الأسبوع: *11: القدّيس إفْبُلُس الشّمّاس الشَّهيد، القدّيس نيفن بطريرك القسطنطينيّة *12: الشَّهيدَيْن فوتيوس وإنيكيتس *13: وَداع التَّجلِّي، تذكار نقل عظام القدّيس مَكْسيموس المعترف، القدّيس دوروثاوس أسقف غزَّة وتلميذه دوسيثاوس، القدّيس تيخُن زادونْسكي *14: تقدمة عيد الرُّقاد، النَّبيّ ميخا *15: رقاد سيّدتنا والدة الإله الفائقة القداسة *16: تذكار نقل المنديل الشَّريف من الرَّها، الشَّهيد ديوميدوس *17: الشَّهيد مِيرُن.
كلمة الرّاعي
كنيستي – الأحد في 11 آب 2024
رقاد وانتقال والدة الإله - الفصح الصَّيفيّ
فقط والدة الإله والقدِّيس يوحنّا المعمدان تُحدِّد الكنيسة صَوْمًا في ذكرى رقادهما. هما يَرتبطان مباشرةً بِسِرِّ التَّجسُّد العظيم، ودورهما أساسيّ في استعلان ابن الله بحسب النُّبوءات (راجع مثلًا إش 7: 14 و40). من هنا كان صوم عيد الرُّقاد تحضيرًا للاشتراك في سرّ هذا العيد ومفاعيله في حياتنا كمؤمنين.
بحسب التَّقليد الأرثوذكسيّ، رقدتْ مريم العذراء كما يَرقد أيّ مؤمنٍ آخَر، ولكنَّها بعد رقادها نقلها ابنها الرَّبُّ يسوع المسيح إلى السَّماوات بعد أنْ أقامها بالجسد في اليوم الثّالث. وكما نرتّل في إكسابستلاري العيد "فالرُّسل اجتمعوا حول مضجعها بعد أن أُحضروا من مختلف أصقاع الأرض، والمسيح نفسه حضر ليأخذ روحها إلى السَّماء". في اليوم الثَّالث من دفنها، عندما ذهب الرُّسل إلى قبرها، وجدوه فارغًا، ممّا أكَّد لهم قيامتها بالجسد وانتقالها إلى السَّماء.
* * *
إنّ رقاد والدة الإله دليل على إنسانيّتها الكاملة وأنّها بحاجة إلى المسيح للخلاص. أمّا انتقالها بالجسد فهو إعلان خلاصها بالمسيح الَّذي أدخلها ملكوته الأبديّ قبل أيِّ كائنٍ بشريّ آخَر. لذلك، بما أنّها أُقيمتْ بالجسد من بين الأموات فهي باكورة البشريّة الجديدة في المسيح وبه، وهي أوّل مستوطني ملكوت الله من البشر المخلوقين. مريم رافقت يسوع وكانت حاضرة معه في مسيرته "تَحْفَظُ جَمِيعَ هذَا الْكَلاَمِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا" (لو 2: 19) منذ التّجسُّد إلى الصَّليب والقيامة حتّى صعوده إلى السَّماوات وإرساله الرُّوح القُدُس. هي كانت شاهدةً على كلّ تدبير الله الخلاصيّ والخلاص الـمُحقَّق في يسوع وبه. مريم العذراء كانت جواب البشريّة المؤمِنة في مشروع الله الخلاصيّ. فهي الَّتي حَمَلَتْ المسيح في بطنها، وهي الَّتي رافقته في حياته الأرضيَّة، ولذلك هي الَّتي تُشارك الآن في مجده السَّماويّ كعربون للقيامة العامّة للبشر في المسيح وبه، وبُرهان على أنَّ الجسد البشريّ مقدَّس وأنّ الخلاص النَّهائيّ لا يتحقَّق إلّا في القيامة العامّة عندما سيَقوم كلُّ البشر بأجسادهم المتحوِّلة بالنِّعمة إلى أجساد غير فانية حيث يتّحد الجسد بالنَّفس ويكتمل الإنسان من جديد نفسًا وجسدًا باتّحاده مع الله عبر سكنى نعمة الرُّوح القدس فيه.
* * *
أيّها الأحبّاء، إنّ هذا عيد رقاد وانتقال والدة الإله الَّذي نحتفل به في نهاية هذا الصَّوْم، هو دعوة لنا للتَّأمُّل في حياتنا الرُّوحيّة أي في عيشنا لوجودنا بنعمة الرُّوح القُدُس من خلال السَّعي إلى التَّنقية من الأهواء والخطايا للشِّفاء من أمراض النَّفس واقتناء الصِّحَّة الرُّوحيَّة، وهذا نحقّقه بالتَّوبة والاعتراف والصَّوْم والصَّلاة والعطاء والخدمة والغفران والمسامحة وحمل أثقال بعضنا البعض (غل 6: 2)، وهذا هو سعينا إلى القداسة. مِنْ هنا، فإنّنا إذ نُعَيِّد هذا العيد فلنجعله فرصةً لتَجديد إيماننا واِلتزامنا بوصيّة المسيح وتعليمه، عبر اقتدائنا بمريم العذراء في طاعتها الكاملة لمشيئة الله.
إنّ هذا العيد يذكِّرنا، كمُؤمِنين بالقيامة، أنّ الموت ليس نهايةً بل هو بدايةً لحياةٍ جديدة، مع المسيح وبه وفيه في ملكوت أبيه من خلال نعمة الرُّوح القدس، وأنّنا سنُقام جميعًا إلى الحياة الأبديّة كما أُقيمت مريم بالجسد، ومن هنا يفتح لنا هذا العيد أبواب التَّأمُّل في عظمةِ محبَّةِ الله ورحمته لخليقته وعلى رأسها الإنسان، واضِعًا نُصْبَ أعيُنِنا مريم العذراء، كأمٍّ للمسيح وأمٍّ للمؤمنين، شفيعةً حارّة لا تُردّ طلبتها وملجأ لجميع الملتجئين إليها ومرافقة لنا أمام عرش ابنها لتطلب إليه أن يرأف بنا ويرحمنا من زلّاتنا وسقطاتنا وخطايانا الكثيرة الَّتي لن نتحرَّر منها إلَّا بقوَّةِ الله، ومن هنا أهميَّة دور الثِّيوطوكس (Theotokos) الَّتي نستجير بها بعد الله لتوصلنا نحن غير المستحقِّين إلى أمام كرسيّ ملكه لطلب غفران خطايانا وشفاء أمراض أرواحنا. وهذا العيد، يجعلنا نتيقّن أنَّ فصح الرَّبّ قد تحقَّق فيه وهو يتحقَّق في المؤمنين به، والعذراء مريم هي أوَّل مَنْ اجتَنى ثمرة قيامة المسيح فصار رقادها فصحًا جديدًا لنا بالمسيح الَّذي أقامها بالجسد، وهذا هدف وجودنا وحياتنا وإلَّا فلا قيمة لشيءٍ والكلّ "باطل الأباطيل" (جا 1: 2) ...
ومن له أذنان للسَّمع فليسمع...
+ أنطونيوس
متروبوليت زحلة وبعلبك وتوابعهما
طروباريّة القيامة (بِاللَّحْنِ السّادس)
إِنَّ القوَّاتِ الملائِكِيَّة ظَهَرُوا على قبرِكَ الـمُوَقَّر، والحرَّاسَ صَارُوا كَالأَموات، ومريمَ وَقَفَتْ عندَ القَبْرِ طَالِبَةً جَسَدَكَ الطَّاهِر، فَسَبَيْتَ الجَحِيمَ ولَمْ تُجَرَّبْ مِنْهَا، وصَادَفْتَ البَتُولَ مَانِحًا الحَيَاة، فَيَا مَنْ قَامَ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ، يَا رَبُّ المَجْدُ لَك.
طروباريَّة التَّجَلِّي (باللَّحن السَّابِع)
لمـَّا تَجَلَّيْتَ أَيُّهَا المسيحُ الإلهُ في الجبل، أَظْهَرْتَ مجدَك للتَّلاميذِ حسبَمَا ﭐسْتَطَاعُوا، فأَشْرِقْ لنا نحنُ الخَطَأَة نورَكَ الأزَلِي، بشفاعاتِ والدةِ الإله، يا مانِحَ النُّورِ المجدُ لك.
قنداق التَّجَلِّي (باللَّحن السَّابِع)
تَجَلَّيْتَ أيُّها المسيحُ الإلهُ في الجبل، وحَسْبَمَا وَسِعَ تلاميذُك شاهَدُوا مَجْدَك، حتَّى، عندما يُعَايِنُوكَ مَصْلُوبًا، يَفْطَنُوا أنَّ آلامَكَ طوعًا بـﭑختيارِك، ويَكْرِزُوا للعالم أنَّكَ أَنْتَ بالحقيقةِ شُعَاعُ الآب.
الرّسالة (رو 15: 1-7)
خلِّص يا ربُّ شعبَكَ وبارِك ميراثك
إليكَ يا ربُّ أصرُخُ إلهي
يا إخوةُ، يجبُ علينا نحنُ الأقوياءَ أنْ نَحْتَمِلَ وَهْنَ الضُّعَفاءِ ولا نُرضِيَ أنفسَنا. فليُرضِ كلُّ واحدٍ منَّا قريبَهُ للخيرِ لأجلِ البُنيان. فإنَّ المسيحَ لم يُرضِ نفسَه ولكن كما كُتِبَ تعييراتُ مُعَيِّريكَ وَقَعَتْ عَلَيَّ. لأنَّ كلَّ ما كُتِبَ مِنْ قَبْلُ إنَّما كُتِبَ لتعلِيمنا، ليكونَ لنا الرَّجاءُ بالصَّبْرِ وبتعزية الكُتُب. وليُعطِكُم إلهُ الصَّبرِ والتَّعزِيَةِ أنْ تَكُونوا مُتَّفِقي الآراءِ في ما بينَكم بحسَبِ المسيحِ يسوع، حتّى أنَّكم بنفسٍ واحدةٍ وفمٍ واحدٍ تمجِدون اللهَ أبا ربِّنا يسوعَ المسيح. مِنْ أجلِ ذلك فلْيتَّخذْ بعضُكم بعضًا كما اتَّخذَكم المسيحُ لمجدِ الله.
الإنجيل (متى 9: 27-35) (متى 7)
في ذلك الزَّمان، فيما يسوع مُجتازٌ تَبِعَهُ أعْميانِ يَصيحان ويقولان اِرحمنا يا ابنَ داوُد. فلَّما دخل البيتَ دنا إليهِ الأعميانِ فقال لهما يسوع: هل تؤمنانِ أنّي أقدِرُ أن أفعَلَ ذلك؟ فقالا لهُ: نعم يا ربُّ. حينئذٍ لمس أعينَهما قائلًا: كإيمانِكُما فليكُنْ لَكُما. فانفتحت أعينُهما. فانتَهرَهما يسوعُ قائلًا: أنظُرا لا يَعلَمْ أحدٌ. فلَّما خرجا شَهَراهُ في تلك الأرضِ كلِّها. وبعد خروجهما قدَّموا اليهِ أخرسَ بهِ شيطانٌ، فلمَّا أُخرِجَ الشَّيطانُ تكلَّم الأخرسُ. فتعجَّب الجُموع قائلين لم يَظهَرْ قطُّ مثلُ هذا في إسرائيل. أمَّا الفرِّيسيون فقالوا إنَّهُ برئيسِ الشَّياطين يُخرج الشَّياطين. وكان يسوع يَطوف المدُنَ كلَّها والقُرى يعلِّمُ في مجامِعِهم ويكرِزُ ببشارة الملكوتِ ويَشْفي كلَّ مَرَضٍ وكلَّ ضُعفٍ في الشَّعب.
حول الإنجيل
في انطلاقة الرَّبِّ البشاريّة قرأ يسوع في المجمع من سفر أشعياء النّبيّ الموضع الَّذي كُتب فيه: "روح الرَّبِّ عَلَيَّ لأنَّه مسَحَني لأبشّر المساكين أرسلني لأشفي المنكسري القلوب، لأناديَ للمأسورين بالإطلاق والعمي بالبصر وأرسل المنسحقين في الحرّيّة"، وبعدما طوى السِّفِر يقول أنَّه قال للسَّامعين أنّه: "اليوم قد تمَّ هذا المكتوب على مسامعكم" (لو 16:4-21).
اليوم نقرأ في إنجيل متّى أنَّه كان يَطوف المـُدُن كلّها ويكرز ببشارة الملكوت ويشفي كلَّ مَرَضٍ وكلَّ ضُعفٍ في الشَّعب. إنّ ملكوت الله هو ملكوت المحبَّة والسَّلام، حيث لا مكانٌ للوجع والحزن والتَّنهُّد وتنتفي فيه كلّ العاهات والأمراض. حضور الرَّبّ بين شعبه المؤمن به هو الملكوت، وههنا حيث المسيحُ حاضرٌ بين المؤمنين به يتجلَّى حضور الله بين البشر بيسوع المسيح الَّذي لم يظهر مثله أحدٌ قط لا في إسرائيل ولا في التّاريخ ولا في أيِّ مكانٍ لِكَوْنه هو نفسه الله معنا.
عندنا اليوم حديث عن أعجوبتَيْن: شفاء الأعمَيَيْن وشفاء الإنسان الأصمّ-الأخرس.
في الأعجوبة الأولى كان له تشديد على دور الإيمان، وعلى تأكيد قوَّة هذا الإيمان: أتؤمنان أنّي أقدر أن أفعل هذا؟ وبحسب إيمانكما ليَكُن لكما. في هذا الحدث يبرز لنا يسوعُ أنَّ الإيمان لا يتعلَّق بالإقرار بقوَّة الله فحسب وإنّما بالثِّقَة التَّامَّة والفاعلة لهذه القوَّة الإلهيّة، وكأنَّه يقول: "إن كان إيمانكما ينبع من الشّفاه وليس من أعماق القلب فستبقيان أعميان على حسب قياس إيمانكما. لكنَّ الأعميان أظهرا حقيقةً وصدق إيمانهما وما كانت النَّتيجة فقط بشفاء النَّظَر وإنَّما تمَّ فيهما مقولة النّبيّ: "آمَنْتُ ولذلك تكلَّمْتُ" (مز 10:116) إذ أصبحا مُبشّرَيْن بحضور الملكوت، بالرَّبِّ يسوع.
الأعجوبة الثَّانية هي تأكيد على حنان الله ورأفته، الأعميان طلبا الرَّحمة في ندائه، وههنا يرحم بدون طلب فلم يطلب إيمانًا من أخرسٍ مأسورٍ ومقيّد من الشَّيطان، بل توجَّه إليه وشَفاه، مُظْهِرًا سلطانه ليس على الأمراض وإنّما على مُسبِّب العاهات والأمراض "فلمّا أخرج الشَّيطان تكلّم الأخرس".
كلُّ إنسانٍ مَدْعُو لاتّخاذ موقفٍ منَ الرَّبّ مِنْ خِلال ما يَرَاه في حياته، كما هَهُنا. عليه أن يأخذَ موقِفًا اختياريّا من يسوع وماذا يترتَّب عليه هذا القرار. فماذا يقولُ النَّاس عنه؟ ومَن تقولون أنتم، إنّي أنا هو؟
من هو الـمُـعترف؟
لقد جعل لنا الرَّبّ الكُلِّيَّ التَّحنُّن سحابةً مِنَ الشُّهود، لِيَكُونوا لنا أمثلةً في الحياة والإيمان القَويم، حتّى إذا سَلَكْنا في ضوء سيرتهم نبلغ إلى غاية الحياة بالمسيح أي اقتناء الرُّوح القدس.
أوّلُ القدِّيسين الَّذين اعترفتْ بهم الكنيسة كانوا شهداء ومٌعتَرِفين، أناسًا قَبِلوا الموت أو المـُعاناة الجسديَّة الشَّديدة ولم يُنكِروا المخلِّص. هؤلاء أدركوا أنَّ التَّعذيبات كانت تدريبات لهم على التَّواضع، وأنّهم بتواضعهم وتخلّيهم حتّى عن الحياة، والأسرة، والضَّروريَّات الأساسيَّة، يَصيرون أوَّلين في مملكةٍ ليست من هذا العالم.
القدّيسون "المعترفون" هم الَّذين تحمَّلوا الآلام والعذابات والقيود والسّجن والنَّفي وكلّ أنواع الضِّيقات بسبب تمسُّكِهم بإيمانهم بالرَّبِّ يسوع المسيح، ولكنَّهم لم يبلغوا حَدَّ الاستشهاد بِسَفْكِ دمائهم.
في الكنيسة الأولى كلُّ مَنْ عانى من أجل اسم الرَّبّ، واضطُهدَ من ذَوِيه غير المؤمنين في بيته، حتّى لو لم يُقَيَّد أو يسجن، كانَ يُعتبَر من المعترفين. وكان للمُعترفين في الكنيسة الأولى كرامةً عظيمة، فعذاباتهم هي ختمٌ ايمانيٌّ وإكليلٌ يزيّن هاماتهم الشَّريفة.
آباء المجامع المسكونيَّة حمَلوا جراحاتهم وأجسامهم المشوَّهة جواز عبورٍ للشَّهادة. فقدوا عينًا أو يدًا أو لسانًا، ولم يقبلوا بالنَّجاة ليحظوا بالملكوت.
لمعَ المعترفون في أزمنةٍ مختلفة وأماكن عدّة. نُورِدُ كمثالٍ، قدِّيسَيْن مُعترفَيْن عاشا في زمنَين مختلفين: الأوَّل القدِّيس مكسيموس المعترف من القرن السّادس، الَّذي رفض التَّنازُل عن العقيدة من أجل المصالح السياسيَّة. لم يقبل المساومة على إيمان المجامع. ولم يُنكِر رغم كلِّ الصِّعاب بل حفظ الإيمان دقيقًا. اقتبل المحاكمة والسّجن والتَّعذيبات وقطع اللِّسان واليَد اليُمنى. ورقد في السِّجن من شدَّة العذابات.
والثَّاني، القدِّيس الطَّبيب لوقا المعترف من القرن العشرين. الَّذي شهد في أيّامنا المعاصرة للمسيح ببطولة وبسالة، في مهنته بالطِّبّ، كما في خدمتِه كأسقفٍ ومعلّم كبير. فقد احتمل النَّفي والسّجن والإهانة والعذابات. كلّ ذلك، ولم تضعف خدمته لرَّعيَّة المسيح في بلاده الجريحة. لذا مجّده الله بعد رقاده بصنع العجائب والشِّفاءات.
اليوم، بغضِّ النَّظر عن البلد أو الزَّمن الَّذي نَعيشُ فيه، يَدعونا المسيح، أنْ نَشْهَد له، أن نعترف به أمام الآخرين، وأن نحبَّه أكثر من أيِّ شيءٍ حتّى من عائلاتنا، وأن نتحمَّل صليبنا. هو يدعونا اليوم لنكون شهودًا أُمَناء له، في ثقافةٍ لا مكان فيها لِضَبْطِ النَّفس ولِصَوْنِ المبادئ والتَّعاليم المسيحيّة.