نشرة كنيستي
نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.
الأحد ١١ آب ۲٠١٩
العدد ٣۲
الأحد (٨) بعد العنصرة
اللّحن ٧- الإيوثينا ٨
أعياد الأسبوع: *11: الشُّهيد آفبلُس الشَّمَّاس، نيفن بطريرك القسطنطينيَّة *12: الشَّهيدان فوتيوس وأنيكيتُس *13: وداع التَّجلِّي، نقل عظام القدّيس مَكسيموس المُعْتَرِف، دوروثاوس أسقف غزَّة وتلميذه دوسيثاوس، والقدّيس تيخن زادونسكي *14: تقدمة عيد الرُّقاد، وتذكار النَّبي ميخا *15: رقاد سيِّدتنا والدة الإله الفائقة القداسة *16: تذكار نقل المنديل الشَّريف من الرَّها، الشَّهيد ديوميدوس *17: الشَّهيد مِيرُن.
كلمة الرّاعي
الحرّيّة ما بين السّقوط والقيامة (1)
خلق الله الإنسان حُرًّا أي متمتِّعًا بالقدرة على عَقْلِ الأمور والاختيار. حرّيّة الإنسان متعلّقة بمشيئة الله، وبالتّالي بهدف خلقه للإنسان ... الحرّيّة صفة أساسيّة حَبَا اللهُ الإنسانَ بها لكنَّها مُرتبطة بالمحبَّة ومُنبثقة عنها ومنها ... لأنّ ”الله محبّة ...“ (1 يوحنا 4: 16). حصل الإنسان الأوّل على صورة الله كاملة فيه عند خلقه، لكنّ تحقيق مثال الله أو التّشبّه به كان هو عمل الإنسان الحرّ عبر طاعة الوصيّة حُبًّا بالخالق ... صورة الله في الإنسان كانت كاملة لأنّ روح الله جعل الطّين ”نَفْسًا حيَّةً“ (راجع: سفر التّكوين 2: 7) أي أنّ النِّعمة الإلهيّة كانت متّحدة مع نَفسِ الإنسان وهكذا كان الإنسان الأوّل ”طفلًا روحيًّا“ أي يسكن فيه روح الله بالنّعمة وهو مدعوّ للنّموّ بالرّوح عبر حفظه لوصيّة المحبّة والنُّصح الإلهيّ... خسر الإنسان روح الرَّبّ لأنّه خالف الوصيّة لمّا شكّكه الشّرّير بمحبّة الله له إذ دغدغ فيه بخبثٍ دعوته إلى التّألّه موحِيًا إليه بأنّ الله لا يريده حُرًّا وبالتّالي إلهًا! ... وكأنّ تألّه الإنسان هو ضدّ مشيئة الله! ... هكذا ضرب الشّيطان طاعة آدم وحوّاء لمّا أغراهما بالحرّيّة والسّيادة المطلَقَتَين اللّتين هما صفة الألوهة ...
* * *
من هو الإنسان الحرّ؟ إنّه صاحب المعرفة والتّمييز بروح الرَّبّ: ”وَأَمَّا الرُّوحِيُّ فَيَحْكُمُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ لاَ يُحْكَمُ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ ...“ (1 كورنثوس 2: 15). إنّه الَّذي يحبّ! ... كما أحبّنا المسيح ... لماذا؟! لأنّه خارج المحبّة، الّتي بحسب يسوع المسيح ربّنا، لا يوجد سوى عبوديّة الأنا واستعباد الآخَر واستهلاكه. في السّقوط جعل الإنسان الفرد ذاته مصدر ومحور وغاية كلّ شيء، استحكَمَت الفردانيّة بالبشر وصارت مفاهيمهم لما حَبَاهُمُ اللهُ به من صورته وفيها منحرفة لأنّها مَبنيّة على محوريّة الأنا وليس محوريّة الرَّبّ والخالق ...
حرّيّة ما قبل السّقوط تنبع من المحبّة أي من الله الكائن بذاته، وحرّية ما بعد السّقوط تنبع من الأنانيّة أي من الفرد الَّذي هو عدم بذاته! ... الحرّيّة الأولى هي حريّة الأحياء والحرّيّة الثّانية هي حريّة الأموات، لأنّه ”حَيْثُ رُوحُ الرَّبِّ هُنَاكَ حُرِّيَّةٌ ...“ ( كورنثوس 3: 17).
* * *
ما بين الفردوس والملكوت هناك إنسان السّقوط وإنسان القيامة. البشريّة في المسيح خَلُصَتْ وتجدَّدّت وملكوت الله صار أمرًا واقعًا معطى للبشر. لكن، هل قبل كلّ البشر خلاص الله؟! ... كلا! وهل كلّ الّذين قبلوه يعيشون بمقتضى النّعمة الممنوحة لهم؟! ... كلا! هم في السّعي بالتّوبة. ومعظم المحسوبين على المسيح لا يعرفون أن يميِّزوا الطّريق الملوكيّ وليس عندهم الطّاقة ليسلكوا في جدّة الحياة ويكونوا خليقة جديدة ... قلّة قليلة هي الّتي لديها المعرفة الحقّانيّة والّتي تطلب الحياة الأبديّة. هذا القطيع الصّغير يعيش غريبًا في هذا العالم لأنّه تغرَّب عن منطق العالم وأهدافه وأولويّاته وطرق حياته ...
من يعيش لصيقًا بهذا العالم ويطلب ما فيه ما زال يحيا في السّقوط ولا تُعطى له حريّة إلّا تحت رعاية مؤدِّب ومربّ هو النّاموس. وأمّا من يريد أن يلتصق بالرَّبّ فهو يطلب أن يحيا بحسب طاعة الوصيّة الإلهيّة بقوّة ونعمة وفعل الرّوح القدس فيه، هذا ينمو في حريّة أبناء الله ”لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ ...“ (رومية 8: 14) وأبناء الله هم ”أبناء القيامة“ (راجع: لوقا 20: 36).
يتبع ...
+ أنطونيوس
مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما
طروباريّة القيامة (باللَّحن السّابع)
حَطَمْتَ بِصَليبِكَ المَوت. وفتحتَ للِّصِّ الفِرْدَوس. وحوَّلتَ نَوْحَ حامِلاتِ الطّيب. وأمَرْتَ رُسلَكَ أن يَكرزِوا. بأنَّكَ قد قُمتَ أَيُّها المسيحُ الإله. مانِحًا العالمَ الرَّحمةَ العُظمى.
طروباريَّة التَّجَلِّي (باللَّحن السَّابِع)
لمَّا تَجَلَّيْتَ أَيُّهَا المسيحُ الإلهُ في الجبل، أَظْهَرْتَ مجدَك للتَّلاميذِ حسبَمَا ﭐسْتَطَاعُوا، فأَشْرِقْ لنا نحنُ الخَطَأَة نورَكَ الأزَلِي، بشفاعاتِ والدةِ الإله، يا مانِحَ النُّورِ المجدُ لك.
قنداق التَّجَلِّي (باللَّحن السَّابِع)
تَجَلَّيْتَ أيُّها المسيحُ الإلهُ في الجبل، وحَسْبَمَا وَسِعَ تلاميذُك شاهَدُوا مَجْدَك، حتَّى، عندما يُعَايِنُوكَ مَصْلُوبًا، يَفْطَنُوا أنَّ آلامَكَ طوعًا بـﭑختيارِك، ويَكْرِزُوا للعالم أنَّكَ أَنْتَ بالحقيقةِ شُعَاعُ الآب.
الرّسالة (1 كو 1: 10– 17)
الرَّبُّ يُعْطِي قُوَّةً لشَعْبِه
قَدِّمُوا للرَّبِّ يا أَبْنَاءَ الله
يا إخوةُ، أَطْلُبُ إليكم بـﭑسم ربِّنا يسوعَ المسيح أن تقولوا جميعُكُم قولًا واحِدًا وأن لا يكونَ بينكم شِقاقاتٌ بل تكونوا مْكْتَمِلِين بفكرٍ واحِدٍ ورأيٍ واحِدٍ. فقد أخبرني عنكم يا إخوتي أهلُ خُلُوِي أنَّ بينَكم خصوماتٍ. أعني أنَّ كلَّ واحدٍ منكم يقول أنا لبولُسَ أو أنا لأبُلُّوسَ أو أنا لصَفَا أو أنا للمسيح. ألعلَّ المسيحَ قد تجزَّأ. ألعلَّ بولسَ صُلِبَ لأجلكم أو بـﭑسم بولسَ ﭐعْتَمَدْتُم. أشكرُ الله أنِّي لم أُعَمِّدْ منكُم أحدًا سوى كرِسْبُس وغايوس لئلَّا يقولَ أحَدٌ إنِّي عَمَّدْتُ بـﭑسمي. وعَمَّدْتُ أيضًا أهلَ بيتِ ﭐستفانَاس. وما عدا ذلك فلا أعلَمُ هل عَمَّدْتُ أحدًا غيْرَهم، لأنَّ المسيحَ لم يُرْسِلْنِي لأُعَمِّدَ بل لأُبَشِّرَ لا بحكمةِ كلامٍ لئلَّا يُبْطَلَ صليبُ المسيح.
الإنجيل (مت 14: 14– 22)(متى 8)
في ذلك الزَّمان أَبْصَرَ يسوع جَمْعًا كَثِيرًا فتحنَّنَ عليهم وأَبْرَأَ مرضاهُم. ولمَّا كان المساءُ دنا إليهِ تلاميذُهُ وقالوا إنَّ المكانَ قَفْرٌ والسَّاعَةُ قد فاتَتْ، فـﭑصْرِفِ ﭐلجموعَ ليذهبُوا إلى القُرى ويبتاعُوا لهم طعامًا. فقال لهم يسوع لا حاجةَ لهم إلى الذَّهاب، أَعْطُوهُمْ أنتم ليأكُلُوا. فقالوا لهُ ما عندنا ههنا إلَّا خمسةُ أرغفةٍ وسمكتانٍ. فقال لهم هَلُمَّ بها إليَّ إلى ههنا، وأمرَ بجلوسِ ﭐلجُموعِ على ﭐلعشب. ثمَّ أخذ ﭐلخمسَةَ ﭐلأرْغِفَةِ والسَّمَكَتَيْنِ ونظرَ إلى السَّماءِ وبارَكَ وكسَرَ وأعطَى تلاميذَه ﭐلأرغِفَة، والتَّلاميذُ أَعطوا ﭐلجموع، فأكلُوا جميعُهم وشبِعُوا، ورفَعُوا ما فَضُلَ من ﭐلكِسَرِ ﭐثْنَتَيْ عَشْرَةَ قُفَّةً مملوءَةً. وكان الآكِلُونَ خمسَةَ آلافِ رجلٍ سوى النِّسَاءِ والصِّبيان. وللوقتِ ﭐضْطَرَّ يسوعُ تلاميذَهُ أن يدخُلُوا السَّفِينَةَ ويسبِقُوهُ إلى العِبْرِ حتَّى يصرِفَ ﭐلجموع.
حول الإنجيل
في هذا النَّصِّ الإنجيليِّ من بشارة متَّى الرَّسول حدثٌ عجائبيٌّ مميَّز يُخفي في طيَّاته مدلولات إيمانيَّة ولاهوتيَّة عديدة وعميقة منها:
انفراد الرَّبّ للخُلوة والصَّلاة- التَّحنُّن على النَّاس وشفاء أمراضهم- إطعام النَّاس ﭐلجائعة.
هذه الأمور الثَّلاثة قام بها الرَّبّ أمام تلاميذه موجِّهًا لهم رسالته ﭐلخلاصِيَّة وعبرهم إلى كلِّ واحد منَّا أراد ﭐتِّبَاعَه. في بداية كلِّ عمل يجب أن نتوجَّه إلى الله بالصَّلاة كي يُلْهِمَنَا ماذا يجب أن نعمل. فالرَّبّ يسوع قبل إجراء عجائبه في هذه ﭐلحادثة ﭐنفَرَدَ وﭐنصَرَفَ إلى موضعٍ خَلاء، أي كان في خُلْوَة مع الله يصلِّي، أي كان في عزلة عن النَّاس. ولكن نراه بعد هذه ﭐلعزلة يأتي إلى النَّاس يخدمهم ويتفرَّغ لقضاياهم ولحلِّ مشاكلهم، فيعلِّمنا بهذا كيف أنَّنا عن طريق الصَّلاة وﭐلهدوء والتَّأمُّل وﭐلخلوة مع الله كلّ حين نتهيَّأ للمهمَّات ﭐلعديدة والصَّعبة ﭐلموكَلَة إلينا، وكم نحن بحاجة إلى الصَّلاة وﭐلهدوء في هذه ﭐلأيَّام كي نكتسب الرَّاحة وﭐلوضوح وﭐلقوَّة، فنتمكَّن من مزاولة أعمالنا ونشاطاتنا ونستمرّ في حياتنا.
تحنَّن الرَّبّ على النَّاس وشفى مرضاهم وأطعمهم بعد جوع، وهذا أمر عاديّ بالنِّسبة له، ولكن بالنِّسبة للتَّلاميذ كان أمرًا صعبًا وربَّما مستحيلًا رغم معاينتهم لقدرته على صنع العجائب عدَّة مرَّات أمامهم. رغم معاينتهم لشفاء مرضى كثيرين لم يخطر ببالهم أنَّ الرَّبَّ يسوع قادِرٌ على حلِّ مشكلة إطعام ﭐلعدد ﭐلكبير من النَّاس. فكان موقف الرُّسل أن طَلَبُوا منه أن يصرف ﭐلجموع، ولكنَّ الرَّبَّ طلب وأمر بجلوس ﭐلجموع على ﭐلعشب، كأنَّهم جالسون على مائدةٍ، معلِّمًا تلاميذه بأن يتعهَّدُوا جوع النَّاس ويعملوا ما بوسعهم لأجل إطعامهم مُتَّكِلِين على الله ومزوَّدِين بالصَّلاة الدَّائمة لحلِّ مشاكلهم المادِّيَّة. وعندما صنع عجيبته في تكثير الخبز والسَّمك أوكلَ إليهم مهمَّة التَّوزيع مُشِيرًا إلى ﭐلمهمَّة ﭐلمُلقَاة على عاتقهم وعلى عاتق خلفائهم في قيادة ﭐلمؤمنين إلى ﭐلخلاص، ومُشِيرًا أيضًا إلى السُّلطة ﭐلَّتي بموجبها يُتَمِّمُون سرَّ الشُّكر (أي القدَّاس الإلهيّ) ﭐلَّذي به يحصل ﭐلمؤمنون على "خبز الحياة". وهذا يتطلَّب صلاة قبل ﭐلبدء بالعمل وبعد ﭐلاِنتهاء منه، كما فعل الرَّبّ قبل صنع هذه ﭐلعجيبة وبعدها. ألا أعطانا الله أن نقوى به لإتمام كلِّ مهمَّة أوكَلَها إلينا، آمين.
عن نشرة الكرمة- العدد ٣٣- الأحد في ١١ آب ۲٠١٣
الثبات في المسيح
"إن كنتَ للآثام راصدًا يا ربّ، يا ربّي، مَن يثبت؟!...
لأَنّ من عِنْدِكَ هو الإغتفار.!.
من أَجلِ إسمكَ صبرتُ لكَ يا ربّ...
صَبَرَتْ نفسي في أَقوالكَ... توكَّلَتْ نفسي على الرّبّ".!.
بَعْدَ الخَلْقِ والسّقوط وطردِ آدم وحوّاء من فردوس النّعيم الإلهيّ... توقَّفَتْ حياة الإنسان العلويّة، الإلهيّة!!.
مات الإنسان الأَوّل الّذي أَولَدَهُ الآب منه لينعم بحياته قربه...
الشّرّير الحسود إنتفضَ علينا وعلى الإله وذرّيّته!.
تحرّكَ روح المضاد ودخل الأَبواب الدّهريّة السّماويّة لينتقم من الآب، إذ طرده من الفردوس، لإستكباره على ربِّه، حين وعى أَنّه أَجمل مخلوقات الكون السَّماويّ!!. فأَسقطه ربُّه، لأَنّه لم يَعِ أَنّ جمالَ طَلْعَتِهِ هي هديّة من إبداعات وخيرات جمالات ربّه له، إذ كلّ خَلْق الإله هو نسخة وتعبير عن المبدع... خالقه والكون.!.
الرّبُّ الآب الإله، أَبدع إنسان السّماويّاتِ من ذاته، وجهًا له، ومن وجوهه الأَجمل!. لكنّ عدو الخير شَوَّه وَجْهَ الإنسان الإلهيّ، حسدًا منه ومن تكوين الآب له... بل لتبنّيه إيّاه... فتآمر عليه مع ضعفاء النّفوس وعلّقوا الكون وربّه ليفنى الحبّ ويغلب الموت.!.
وسقط الإنسان الإلهيّ.!. سقط من سقوط الإنسان الّذي تحوَّل إلى عبدٍ لا للنّور الإلهيّ والعطاء والحبّ، بل صيّره الشّرّير عابدًا لنزواته وأَفعاله الرّخيصة وأَقواله الكذوبة المتملّقة.!. صار الإنسان شرّيرًا.!.
ونعود إلى الصّرخة البكر.!.
"لا تتركنا يا ربّنا إلى الإنقضاء، ولا تصرف وجهك عنّا".!...
لم تعرف البشريّة هذا الطّلب الإنسانيّ المترجّي الإله، إلّا بعد معرفتها أَنّها هي تحيا من موت إلى موت، ومن إستغاثةٍ إلى تفجُّر دموع!...
ومن غَضَبِ حُرقته، سقط الإنسان في عشق ذاته.!. فصار يعمل على رفع عروشه، مُقَلِّدًا الإله السَّماويّ الّذي ثَبَتَ في سرّيّة ذاكرته وقصده منذ آلاف السّنين، أنّ الإنسان الّذي أَبدَعَهُ سيعود إلى الفردوس ليحكم فيه، بعد موت الإله في الجسد!...
ولم يعد الإنسان إلى توبته الأُولى.!. لأَنّه رفع وجه الشّيطان والشّرِّ، اللّذين عبدهما، جاعلهما قبلة عينيه، وليحمل هو عِلَّتَهُ على كتفيه.!. ومات الإنسان في قلبه بعد أَن أَمات ربّه، إلهه وخالقه.!.
واليوم أَتانا التّسآل... كيف الثّبات في المسيح؟!...
بالحبِّ يا أحبّائي.!. أَي بترجمة الحسّ بأَنّنا معاقون، مجهودون متروكون ولا رجاء لنا في أَنفسنا والآخر الّذي مثلنا... فَلْنَشُدَّ أَحقاءَنا لنصعد إلى جبل الزّيتون، لنسمع كلمته ونحفظها في عمق أَعماقنا ليصير قلبنا مضخّة، تسقط أَوان تردّينا، ومرضنا وتخلّينا عن ربّنا، وتحمل كليّة نجاسة الإنسان وسقوطه، يصعد بذاته وبسقوطه تقدمة محرقة أَمام ربّه، مُشْعِلًا لا البخورَ، بل غاسلًا، بدموع توبته، قدمي ربّه وإنتظار خلاصِهِ بكلمة من يسوع ربّه: كنتَ أَمينًا في القليل يا بنيّ فتعال إليّ لأُقيمكَ على الكثير الّذي كان لك منذ بدء الخلق والخليقة.!.
والآن أَنت تركته... سقطت في عشق ذاتك ومُتَّ وعَفِنْتَ.!.
فتعال الآن إلى التّوبة والدّموع والعطاء حتّى يتلقاك إلهك "فتثبت فيه"، إذ هو سَيُثَبِّتُكَ.!.