نشرة كنيستي
نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.
الأحد 9 تشرين الأوّل 2022
العدد 41
الأحد (17) بعد العنصرة
اللّحن 8- الإيوثينا 6
أعياد الأسبوع: *9: الرَّسول يعقوب بن حلفا، البارّ أندرونيكس وزوجته أثناسيّا، إبراهيم الصِّدِّيق، ولوط *10: الشَّهيدين إفلمبيوس وأخته إفلمبيّة *11: الرَّسول فيلبُّس أحد الشَّمامسة السَّبعة، البارّ اسحق السُّريانيّ، ثيوفانس الموسوم *12: القدِّيس سمعان اللّاهوتيّ الحديث، الشُّهداء بروفُس وأندرونيكس وطراخوس *13: الشُّهداء كربُس وبابيلوس وأغاثوذورُس، وأغاثونيكي الشُّهداء *14: الشُّهداء نازاريوس ورفقته، القدِّيس قُزما المنشئ أسقُف مايوما * 15: الشَّهيد في الكهنة لوكيانوس المُعلِّم الأنطاكيّ.
كلمة الرّاعي
طالبو الله
”اَلرَّبُّ مِنَ السَّمَاءِ أَشْرَفَ عَلَى بَنِي الْبَشَرِ، لِيَنْظُرَ:
هَلْ مِنْ فَاهِمٍ طَالِبِ اللهِ؟“ (مز 14: 2)
ماذا يطلب الإنسان من الحياة؟ لماذا يحيا؟ ما هو هدف وجوده؟ كيف يحقِّق غاية حياته؟...
أسئلة كثيرة تطرحها الحياة علينا وما لم نجد لها أجوبة شافية تبقى حياتنا عقيمة وبلا معنى وجوديّ.
بعامّة، يعيش النّاس مَقودين من الَّذين يتحكّمون بفلسفة الوجود ويطوّعونها لمآربهم، أي البشر يخضعون لما يُملى عليهم من حكام هذا الدّهر المَخفيِّين الَّذين يخطّطون لما فيه مصالحهم الكونيّة أي أن يحكموا الخليقة كلّها ويستعبدوها. هؤلاء هم أبناء الشّيطان الَّذين يريدون تدمير الإنسان وتشويهه، لأنّهم فقط حينها يسيطرون عليه.
في هذا العالم نحن نعيش حربًا وجوديَّة كيانيّة، وحربنا هي في الحقيقة ضدّ من يريدون أن يسبونا إلى بابل الأهواء وإلى مصر العبوديّة والسُّخرْةَ. الإنسان بسهولة يسقط في عبادة اللَّذّة، وكلّ فلسفة الحياة في أيّامنا مبنيّة على اقتناء الملذّات وسهولة الحصول عليها. ليست الغاية من رفاه العيش والسّعي اللّاهث وراء الشّهوات فرح الإنسان بل أَسْرُهُ استهلاكيًّا لكي يعيش حياته راكضًا وراء ما لن يدركه، فيبقى مسلوبَ الإرادة تجاه من يقوده في طرق اللَّهو والاستمتاع واضعًا كلّ حياته ومقتنياته ومشاريعه لأجل تحقيق هذا الهدف.
* * *
”اخرُجوا من بينِهم واعتَزِلوا، يقولُ الرَّبُّ ولا تَمَسُّوا نَجِسًا، فأقبَلُكم وأكونُ لكم أبًا وتكونون أنتمُ لي بَنِينَ وبَناتٍ يقولُ الرَّبُّ القَدير“ (2 كو 6: 17—18).
المؤمن غريب في هذا العالم، لأنّه يعرف أنّ طريق الحياة آخَر عمّا يُسَوَّق في هذه الدّنيا. النّاس تطلب الطّعام والشّراب واللّباس، والمديح والسّلطة والمال، واللَّذة وراحةَ الكسلِ ورفاه العيش، والمقتنيات من البيوت والقصور والأراضي والذّهب والجواهر، والعُجب بسلطان الجمال والعلم... هذا كلّه يطلبه أهل الدّنيا على أنّه هو الحياة وغايتها ومعنى وجودها.
لكنّ الجامعة يقول: ”بَاطِلُ الأَبَاطِيلِ، الْكُلُّ بَاطِلٌ. (...) الْعَيْنُ لاَ تَشْبَعُ مِنَ النَّظَرِ، وَالأُذُنُ لاَ تَمْتَلِئُ مِنَ السَّمْعِ. مَا كَانَ فَهُوَ مَا يَكُونُ، وَالَّذِي صُنِعَ فَهُوَ الَّذِي يُصْنَعُ، فَلَيْسَ تَحْتَ الشَّمْسِ جَدِيدٌ“ (جا 1: 2 و8—9).
جدَّة الحياة الّتي يبحث عنها الإنسان بكثرة أعماله واختراعاته لإشباع رغائبه النّفسانيّة والجسدانيّة لن يجدها طالما هو بعيد عن مصدر وجوده الله اللّامتناهي وغير المحدود. روح الرّبّ هو الرّوح الصَّانع الحياة وهو مصدر كلّ تجدُّد في الخليقة ومصدر كلّ معرفة لامحدودة لله اللّامحدود وغير المُدرَك.
* * *
أيُّها الأحبّاء، ”فلنُطَهِّر أنفُسَنا مِنْ كُلِّ أدناسِ الجسَدِ والرُّوحِ ونكْمِلِ القداسةَ بمَخافةِ الله“ (2 كو 7: 1).
فقط في القداسة نحقِّق ذواتنا ونصير إلى الحقيقة الّتي خُلِقنا لأجلها. مسيرتنا إلى الحقيقة السّرمديَّة لله طريقها التّطهُّر من كلِّ ما يوسِّخ كياننا من الدّاخل والخارج، وهذا يتمّ بتطهير الذّهن والقلب. لذا علينا أن نحارب ناموس الخطيئة الَّذي يستعبدنا. يوضح لنا الرّسول بولس الحرب الدّائرة فينا فيقول: ”وَلكِنِّي أَرَى نَامُوسًا آخَرَ فِي أَعْضَائِي يُحَارِبُ نَامُوسَ ذِهْنِي، وَيَسْبِينِي إِلَى نَامُوسِ الْخَطِيَّةِ الْكَائِنِ فِي أَعْضَائِي“ (رو 7: 23).
المؤمن بالمسيح يسوع ليس له فكر آخر في ذهنه سوى ”فكر المسيح“، وهو يحصل على هذه النّعمة متى عاش ما يوصي به الرّسول بولس: ”فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ اللهِ أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ، عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ. وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ“ (رو 12: 1—2).
البداية تأتي من الإيمان بالمسيح يسوع ابن الله المخلِّص لنا على الصّليب، هذا الإيمان يمل كياننا بالمحبّة للَّذي بذل نفسه لأجلنا، فنقتدي به سالكين بوصيّته فنقدّم حياتنا له بحمل صليب التّخلِّي عن ما يرضينا لنرضيه في خدمة الإنسان بتوبتنا عن ذواتنا، فنعبده بالحقّ في البِرِّ الَّذي بكلمته المُحيية الّتي تُجدِّد أذهاننا وأفكارنا وقلوبنا بنور النّعمة الإلهيَّة فنتغيَّر من الخارج والدّاخل بروحه القدّوس الَّذي يكشف لنا إرادته وأعماله الصّالحة فينا لكي نعملها ونمجّد اسمه القدُّوس إذ نقتني سرّ الحبّ الإلهيّ فينا مصدرًا لكلّ فرح وسلام ولطف ووداعة واتّضاع وشركة ومعرفة ونور وقوّة...
ومن له أذنان للسّمع فليسمع...
+ أنطونيوس
مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما
طروباريّة القيامة (باللَّحن الثّامن)
انْحَدَرْتَ مِنَ العُلوِّ أَيُّها المُتحنِّن. وقَبِلتَ الدَّفنَ ذا الثّلاثةِ الأيّام. لكي تُعتقَنا مِنَ الآلام، فيا حياتَنا وقيامتَنا يا رَبُّ المجدُ لك.
طروباريَّة الرُّسُول (باللَّحن الثَّالِث)
أيُّها الرُّسول القدِّيسُ يعقوب، تَشَفَّع إلى الإله الرَّحيم أن يُنْعِمَ بِغُفْران الزَّلات لنُفوسِنا.
القنداق (باللَّحن الثّاني)
يا شفيعَةَ المَسيحيّين غَيْرَ الخازية، الوَسيطةَ لدى الخالِق غيْرَ المرْدودةِ، لا تُعْرضي عَنْ أصواتِ طلباتِنا نَحْنُ الخَطأة، بَلْ تدارَكينا بالمعونةِ بما أنَّكِ صالِحَة، نَحنُ الصّارخينَ اليكِ بإيمان: بادِري إلى الشَّفاعَةِ وأسَرعي في الطّلْبَةِ يا والدَة الإلهِ، المُتشَفِّعَةَ دائمًا بمكرِّميك.
الرّسالة (2 كو 6: 16-18، 7: 1)
صَلُّوا وأوْفُوا الرَّبَّ إلهَنا
الله معروفٌ في أرضِ يهوذا
يا إخوةُ أنتمُ هيكَلُ الله الحَيِّ كما قالَ الله: "إنّي سأسكُنُ فيهم وأسيرُ فيما بينَهم وأكونُ لهم إلهًا وهم يكونونَ لي شعبًا فلذلك اخرُجوا من بينِهم واعتَزِلوا، يقولُ الرَّبُّ ولا تَمَسُّوا نَجِسًا، فأقبَلُكم وأكونُ لكم أبًا وتكونون أنتمُ لي بَنِينَ وبَناتٍ يقولُ الرَّبُّ القَدير، وإذ لنا هذه المواعِدُ أيُّها الأحبَّاءُ فلنُطَهِّر أنفُسَنا مِنْ كُلِّ أدناسِ الجسَدِ والرُّوحِ ونكْمِلِ القداسةَ بمَخافةِ الله".
الإنجيل (لو 7: 11-16)(لوقا ٣)
في ذلك الزَّمان كان يسوع مُنطَلِقًا إلى مدينةٍ اسمها نايين، وكان كثيرون مِنْ تَلاميذه وجَمْعٌ غَفير مُنطَلِقين معه. فلمّا قرب من باب المدينة، إذا ميت مَحْمُول، وهو ابنٌ وَحِيدٌ لأمِّهِ، وكانت أرملة، وكان معها جَمْعٌ كثيرٌ مِنَ المَدينة. فَلَمّا رآها الرَّبُّ تَحَنَّنَ عليها، وقال لها: "لا تبكي". ودَنا ولَمَسَ النَّعْشَ فوقف الحامِلون. فقال: "أيّها الشَّاب، لك أقولُ قُمْ". فاستَوى الميْتُ وبدأ يتكلَّم، فسلّمه إلى أمه. فأخذَ الجميعَ خوفٌ، ومجَّدوا الله قائلين: "لقد قام فينا نبيٌّ عظيمٌ وافتقد الله شعبَه".
حول الإنجيل
الكلام الَّذي يتكرَّر في الجنازات، وحده حنان الرَّبّ يسوع ينفع. تَرِدُ كلمة "تحنَّن" 13 مَرَّة في العَهد الجديد وهي دائمًا تُشير إلى السَّيِّد المسيح، لأنَّه هو المتحنِّن. في المقطع الإنجيلّي يقابلُ الرَّبُّ يسوع مُعطي الحياة موكبَ الجنازة، أي تتقابل الحياة والفرح مع الموت والحزن، فيُغيّرُ تحنُّنُه الموت إلى حياة والحزنَ إلى فرح. عند اليهود، كان لَمْسُ نعش الميت عملًا منجِّسًا، ولكنَّ القدُّوس الطَّاهر لَمَسَ النَّعْشَ وأقام الميت، فهو لا يتنجَّس. في البداية قال الرَّبُّ للأمّ ”لا تبكي“ أي أنَّه قبل أن يلمس النَّعش لمس قلبَها. كلمة ”لا تبكي“ لا تُعزِّي أمًّا فقدتْ وحيدَها إلّا أنَّ مقابلة المسيح أدخلت العَزاء إلى قلبها. تختلف هذه المعجزة عن إقامة ابنة يايرس وإقامة لعازر، إذ أنَّ المسيح هو الَّذي يُبادِر بِصُنْعِ المعجزة دون أن يسأله أحدٌ وذلك ليُعْلِنَ أنَّه أتى ليُعطي الحياة للبشر، فهو ليس قادرًا على أنْ يُقيم من الموت الجسديّ وحَسْب بل على أنْ يقيمَنا مِنْ مَوْتِ الخطيئةِ أيضًا. إيليّا وأليشع وغيرهما مِمَّن أقاموا أمواتًا، أقاموهم بالصَّلاة لله. أمَّا المَسيح فبأمره ومن دون أنْ يُصَلِّي. الأرملة هنا تشير إلى البشرَّية الَّتي صارت كأرملةٍ بفَقْدِها نعمَة الله ولذَّة العشرة معه. أمَّا الشَّاب المَيْت فيُشير لكلِّ نفسٍ أفْقَدَتْها الخطيئةُ حياتَها. هناك أمواتٌ كثيرين ماتوا أيّام السَّيِّد المَسيح ولم يُقِمْهُم، فالسَّيِّد لا يهتَّم بأنْ يُقيم الأجساد لتموت ثانيةً، بل هو يريد أنْ يُعلِنَ أنَّه يريد قيامتَنا مِنْ موت الخطيئة لحياةٍ أبديَّة، وإقامته لهذا الشَّاب خيرُ دليلٍ على إمكانيَّة حدوث هذه القيامة الأبديَّة. لَمْسُ السَّيِّد للنَّعْش يُظْهِر أنَّ جسد المسيح المُتَّحِد بلاهوته قادرٌ أن يُعطي حياةً لِمَنْ يتلامس معه، فهو له سلطان على مَحو المَوْت والفَساد ”مَنْ يأكلني يَحيا بي“، وهو بهذا يَقْصُد سِرَّ الإفخارستيّا الَّذي يُعطي فيه جَسَدَه لنا مأكلًا ”خذوا كُلُوا هذا هو جسدي“. ”قال: أيّها الشَّاب لك أقولُ قمْ. فجلسَ الميت وابتدأ يتكلَّم فدفعه إلى أمِّه“.
هذا هو يسوع المُتحَنِّن الرَّؤوف، أعاد المفقود إلى أمِّه لأنَّه هو القيامة والحياة وغالبُ الموت. إنَّ يسوع المسيح هو ينبوعُ الحنان الحَقيقيّ الَّذي يمكن أنْ يشربَ منه الإنسانُ المُتعَب والمُحتاج، فهو الَّذي أخذ جسدًا وشابَهَنا في طبيعتنا حتّى يمكِّننا أن نرتوي من حنانه وبصورةٍ مباشرة.
وقت الفراغ
”مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ“ (أف 5: 16)
هذا ما يطلبه بولس الرَّسول في رسالته إلى أهل أفسس، وبالتّالي من كلّ مسيحيّ مؤمن، إن لم ننتهز فرصة الوقت، يضيع هذا الوقت الثَّمين لحساب العالم الشِّرير. فلنستثمره ليَصير وقتًا للسّماويّات، ولنبدأ حياتنا الأبديّة من الآن.
لا يجب أن ندع الوقت يمرُّ عبثًا، فلنستغلّنَّ روحيًّا أوقات الفراغ الَّتي تظهر بين الحين والآخر بين اهتماماتنا المعيشيّة الكثيرة موجِّهين ذهننا إلى الرَّبِّ، إلى الصَّلاة والأفكار المَرضيّة لله، هذه الفرص سوف تملأنا تعزية روحيّة، سماويّة لا يمكن لأيّ تعزية أرضيّة أن تقارن بها.
طبعًا لا مانع من بعض التَّرفيه المَقبول، أو بعض الرّاحة، أو الاسترخاء. لأنَّ الإنسان لا يستطيع أن يكون باستمرار منشغلًا وجادًّا ومُركِّزًا، أو مشدودًا كلَّ الوقت. واللَّه قد أعطانا أيّامًا للرّاحة، هي من أجلنا، ومن أجل حاجة طبيعتنا البشريّة. على أن تكون الرّاحة أو الاسترخاء في حدود المعقول ولا تصبح كسلًا وضجرًا ...
إنّ الرَّبَّ يسوع قريبٌ منّا جدًّا وهو ينتظر منّا مبادرة تجاهه، حضوره يمنح قلوبنا سلامًا، وحياتنا معنى، محبَّته لنا تثبت الدِّفء في نفوسنا، تحنّنه يعدنا بفرحٍ أبديّ وارتياح.
فلماذا إذًا نضجر؟
إذا قرأتَ الكتاب المقدَّس، تنصت لصوت الرَّبِّ يسوع، إذا قرأتَ كتب روحيّة تتمثَّل بالقدّيسين، وإذا فعلت الخير والرَّحمة تتممّ وصايا الرَّبّ يسوع، إذا قرأت المزامير تحصل على السَّكينة والهدوء الخارجيّ.
إذا صلَّيْتَ المسبحة في العزلة والصَّمت، تنفتح لك أبواب السَّماوات، تنقذك رحمة الرَّبّ، وترتعد أساسات الجحيم إذا صَلَّيْتَ من صميم قلبك، فقط صلِّ هكذا: "ربّي يسوع المسيح، ارحمني أنا الخاطئ".
ويأتي نورٌ من الرَّبّ يسوع ويدخل قلبك ويعطيك نعمة.
هكذا نُحَوِّل أوقات الفراغ إلى نعمةٍ وبركة لأنّه ”ها هوذا وقت يُعمل فيه للرَّبّ“.
من أقوال القدّيس باييسيوس
- تشير الأفكار إلى حالتنا الرُّوحيَّة، والفِكر الحَسَنْ يتحلّى بقوَّةٍ هائلة على تغيير الإنسان روحيًّا. أمّا الفكر الشّرّير فيعذّب الإنسان، وعندما يطرد الإنسان الأفكار الشّرّيرة وينَمّي الأفكار الحَسَنَة يتطهّر الذَّهن وتسكنُ النِّعمَة في القلب.
- بالأفكارِ الحَسَنَة (الَّتي عن اليَمِين) يتطهّر الإنسان وتَحُلُّ عليه النِّعْمَة الإلهيّة، وبالأفكار السَّيِّئة (الَّتي عن اليَسار) يَدين الآخَرين ويظلمهم، فيُعيق حلول النِّعْمَة الإلهيّة، ويُفسح المجال لدخول الشَّيطان فيَنْهَزِم منه (من الشّيطان). لا يُعيد التَّوبيخ الخاطئ إلى الطّريق الصّواب، ولكن بإظهار الصَّلاح يتوبَّخ الشّرّ مِنْ تِلقاء ذاته.
- المرض الأكبر في هذا العصر هو أفكار الّناس المادّيّة. قد يملك النّاس كلّ شيء ما عدا الأفكار الحَسَنَة، لهذا تَراهُم يتعذَّبون لأنّهم لا يُواجِهون الأمور مواجهة روحيّة.
- مَنْ يعمل على نفسه بدقّة لا يُبرِّر نفسَه بل الآخَر.
- الإنسان الخبيث لا ينتفع من فضائل الآخَرين، لأنّ السَّواد القاتِم الَّذي يغلِّف نفسه يمنعه من رؤية هذه الفضائل.
- نوعيَّة أفكار الإنسان تكشف عن حالته الرُّوحيَّة... فالنّاس يخلعون على الآخرين حالَتهم النَّفسيّة.
- يقول القدّيس اسحق السّريانيّ (نسكيّات) إنّنا نغلب الأهواء بالتّواضع لا بالازدراء.
- تطفئ الكبرياء نورَ العقل فيُمْسي في ظلام وقد يضلّ.
- التّفاني والإحساس المُرْهَف موهبتان طبيعيّتان ينجح الشَّيطان أحيانًا في استغلالهما.
- إذا أشعل الإنسان كيلوغرامًا من البَخّور وهو يُصلّي وكان ذهنه مملوءًا من الأفكار السَّيّئة فإنّه لن ينتفع، لأنّ من الذِّهن تنطلق البرقيّة إلى القلب فتجعل الإنسان وحشًا.
- المَظلومون هم الأولاد المحَبَّبون كثيرًا لدى الرَّبّ، يتعَزَّون داخليًّا لأنّهم يملكون المسيح المظلوم في داخلهم.
- عندما تغمر المحبّة القلب، يحترق هذا القلب من العشق الإلهيّ فيذوب الحزن إلى غير رجعة.
- إنّ الله يسمح بأنْ يظلمنا النّاس أو يسيئوا إلينا ببعض الأحاديث لكي نسدّد الدَّيْن عن بعض الخطايا أو لنَدَّخِر لنا شيئًا للحياة الثّانية.