Menu Close
kanisati

نشرة كنيستي

نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.

الأحد 8 أيلول 2019

العدد 36

الأحد قبل عيد رفع الصّليب

اللّحن 3- الإيوثينا 1

أعياد الأسبوع: *8: الأحد قبل عيد رفع الصَّليب، ميلاد سيِّدتنا والدة الإله الفائقة القداسة *9: تذكار جامع للقدّيسَيْن الصِدّيقَين يواكيم وحنَّة جَدَّي المسيح الإله ، الشَّهيد سفريانوس *10: الشَّهيدات مينوذورة وميتروذورة ونيمفوذورة *11: البارَّة ثاوذورة الإسكندرانيَّة، القدّيس أفروسينوس الطَّبَّاخ *12: وداع ميلاد السَّيِّدة، الشَّهيد في الكهنة أفطونومُس*13: تقدمة عيد الصَّليب، الشَّهيد كورنيليوس قائد المئة ورفقته، تجديد هيكل القيامة *14: عيد رفع الصَّليب الكريم المُحيي (صوم).

كلمة الرّاعي

ميلادُ والدَة الإله والصَّليب 

يُواكيم وحنَّة حَمَلا صليبَ عُقرِ الجسد وعارَهُ بِحَسَبِ مَفهوم اليَهود الّذين كانوا يرَون في عدم الإنجاب لعنةً من الله... يُواكيم وحنَّةَ كانا مَرْضِيَّين لله، لذلك جعل الرَّبُّ صليب عُقرِهِما مَطرحًا لتَجَلِّي مَجدِهِ وحُبِّهِ وحَنانِهِ لهُما وعَثَرَةً للّذين كانوا يَدينون...

سمح الرَّبُّ بأن يُعاني جَدَّيْ المَسيح الإله مِنْ جَهْلِ اليَهود لمحبّةِ الخالِق بسبب تَعَلُّقِهِم بحرفِ الشّريعة ليُظهِرَ لهم أنَّ مَنْ تُخْصِبُ فيه الكلمةُ الإلهيّة بِرًّا لا يكونُ عَقيمًا بل يجعلُ اللهُ في ضَعْفِهِ استعلانًا لقوّة العَلِيّ.

*          *          *

 لقد مَنَحَ السَّيِّد البَشَرَ وُجودَهُم ليَكونوا مُثمرين في حُبِّ الإله الَّذي لا يُدرَك مِنْ ذَوِي العُقول المَربوطة بناموسِ العالم، لذلك الحُبُّ هو صليبُ النّاموسيّين الّذين يبنون حياتَهم على صنميّة الشّريعة، "لأنَّ الحَرْفَ يَقتُل أمّا الرُّوح فيُحيي" (2 كو 3: 6). المسيح أتى ليُشَخْصِنَ الكلمةَ الإلهيَّة ويُؤَقنِمَها بالتَّجسُّدِ الإلهيّ من الرُّوح القُدُس ومريم العذراء. أماتَ المسيح عُقْمَ البَشَريّة بِحَمْلِهِ خطاياها على الصَّليب حيث كَشَفَ اتّحادَه بالبشريّةِ الكُلِّيّ بالجسد المَكسور والدَّم المُهراق...

*          *          *

كان مشروعُ الله أن يأتيَ إلينا ويَسْكُنَ فيما بينَنا لِكَيْما يَقودَنا بمثالِهِ إلى تحقيق وجودنا في شَخصِه. مَسيرةُ اللهِ مع البشريّة كانت تحضيرًا لمَسْكِنِ اللهِ الحَيّ، مريم الّتي أتى بها الرَّبّ من أحشاءٍ عُقرِيَّة لتَصيرَ هي رمزُ البشريّة المُخصبة بالزّرع الإلهيّ الّذي بالكلمة...

مريم هي رسالةُ الإله الثّالوث للإنسانيّة مَكتوبةً ببرِّ والِدَيْن، بِحِبْرِ الرُّوح القُدُس، مَنطوقةً بالأنبياء لتكون أنموذجًا للخليقة الجديدة الّتي بالمَسيح يسوع ابن الله المُتجسِّد...

كيف ذلك؟!...

طاعة يُواكيم وحنَّةَ وثقتَهما بالوَعد الإلهيّ بمجيء المُخلِّص مِنْ نَسلِ المَرأة وإيمانَهما بأنّ "الصِّدّيقُ كالنَّخلَةِ يُزهِر وكأرزِ لبنانَ يَنمو" جعَلَتْهُما ينتظران افتقادَ الرَّبِّ لهما. صليب الانتظار امتزج بنَظْرَةِ العارِ مِمَّن يظنّون أنْفُسَهم أبرارًا بمَحدودِيَّة حرف النَّاموس. لكنّ دموع يُواكيم وحنَّةَ المَمزوجَة بالألمِ والرَّجاءِ وبتعزِيَةِ الكُتُبِ كشفتهما كآدَمَ وحَوَّاءَ جدِيدَيْن يَطلبانِ طعامَ الفِرْدَوْس من خلالِ ثَمَرَةِ شَجَرَةِ الطّاعَةِ المُنْبِتَة ثَمَرَةَ الخُلود. شجرةُ الطّاعَة، شجرةُ الحَياة صارت بالرَّجاء اليَقين مُنبِتَةً لِزَهرَةِ مريمَ في أحشاءِ حنَّة بالمسيح الّذي هو الطَّعام المُقَدَّم مِنَ الله للحَياة الأبدِيَّة في وسط الفِردَوْس...

*          *          *

لقد كانَ صَليبُ يُواكيم وحَنَّةَ هو قَبولَهُما مَشيئةِ اللهِ بالصَّبْرِ في الرَّجاءِ بالإيمانِ الثَّابِتِ في تحقيق كلمةِ الرَّبّ في حياتهما... من المُستحيل أن لا يُثمِرَ زَرْعُ الكلمةِ في أرضٍ تَنَقَّتْ بالتَّوبَةِ مِن خلالِ صِنْعِ مَشيئةِ الله، هذا ما حصل مع يُواكيم وحنّة لتكونَ وِلادَةُ مَريم فَرَحُ القِيامَة الّذي وَهَبَهُما إيّاهُ الله إذ جَدَّدَ طبيعتَهُما ونَقَلَها مِنْ مَوْتِ العُقرِ إلى قيامَة الخصوبَة بالجَسَد كثَمَرَةٍ للوِلادَة بالرُّوحِ القُدُس عَبْرَ مَوْتِ المَشيئَة الذّاتِيَّة بالإيمان المُطْلَقِ بالله...

*          *          *

 أيُّها الأحِبَّاء، مَسيرةُ يُواكيمَ وحنَّةَ وَوِلادَةُ مريم هي مسيرةُ كلِّ نَفْسٍ بشريَّةٍ تنتظِرُ خلاص الله بالصَّبرِ في الرَّجاء والإيمانِ بِيَقِينٍ في طاعة كلمةِ الرَّبِّ الّذي يَقول: "لأَنَّ أَفْكَارِي لَيْسَتْ أَفْكَارَكُمْ، وَلاَ طُرُقُكُمْ طُرُقِي، يَقُولُ الرَّبُّ. لأَنَّهُ كَمَا عَلَتِ السَّمَاوَاتُ عَنِ الأَرْضِ، هكَذَا عَلَتْ طُرُقِي عَنْ طُرُقِكُمْ وَأَفْكَارِي عَنْ أَفْكَارِكُمْ. لأَنَّهُ كَمَا يَنْزِلُ الْمَطَرُ وَالثَّلْجُ مِنَ السَّمَاءِ وَلاَ يَرْجِعَانِ إِلَى هُنَاكَ، بَلْ يُرْوِيَانِ الأَرْضَ وَيَجْعَلاَنِهَا تَلِدُ وَتُنْبِتُ وَتُعْطِي زَرْعًا لِلزَّارِعِ وَخُبْزًا لِلآكِلِ، هكَذَا تَكُونُ كَلِمَتِي الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ فَمِي. لاَ تَرْجعُ إِلَيَّ فَارِغَةً، بَلْ تَعْمَلُ مَا سُرِرْتُ بِهِ وَتَنْجَحُ فِي مَا أَرْسَلْتُهَا لَهُ. لأَنَّكُمْ بِفَرَحٍ تَخْرُجُونَ وَبِسَلاَمٍ تُحْضَرُونَ. الْجِبَالُ وَالآكَامُ تُشِيدُ أَمَامَكُمْ تَرَنُّمًا، وَكُلُّ شَجَرِ الْحَقْلِ تُصَفِّقُ بِالأَيَادِي" (أشعياء ٥٥: ٨- ١٢).

هكذا كلُّ نَفْسٍ بَشرِيَّةٍ ما لَمْ تَدخُلْ في سِرِّ سُكنى الكلمة بالطّاعةِ لا تُثْمِر مَسكِنًا...

ومَنْ استطاعَ أن يَقبل فليقبل!!...

+ أنطونيوس

مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما

طروباريّة القيامة (باللَّحن الثّالث)

لِتفرحِ السَّماوِيَّات. ولتَبتَهِجِ الأرضِيَّات. لأنَّ الرَّبَّ صنعَ عِزًّا بساعِدهِ. ووَطِئَ المَوْتَ بالمَوْت. وصارَ بِكرَ الأموات. وأنقذَنا من جَوفِ الجحيم. ومَنَحَ العالمَ الرَّحمةَ العُظمى.

طروباريّة ميلاد السّيّدة (باللّحن الرّابع)

ميلادُكِ يا والدةَ الإلهِ بشَّرَ بالفرحِ كلَّ المسكونة، لأنَّهُ مِنْكِ أَشْرَقَ شمسُ العدلِ المسيحُ إلهُنَا، فَحَلَّ اللَّعنةَ، ووهبَ البَرَكَة، وأبطلَ الموت، ومنحنَا حياةً أبديَّة.

قنداق ميلاد السَّيِّدَة (باللَّحن الرَّابِع)

إنَّ يُواكِيمَ وحنَّةَ قد أُطْلِقَا من عارِ ﭐلعُقْر، وآدمَ وحوَّاءَ قد أُعْتِقَا من فسادِ ﭐلموت، بمولِدِكِ ﭐلمُقَدَّس أيَّتها الطَّاهِرَة، فله أيضًا يُعَيِّدُ شعبُكِ إذ قد تَخلَّصَ من وَصْمَةِ الزَّلَّات، صارِخًا نحوكِ، العاقِرُ تَلِدُ والدةَ ﭐلإله ﭐلمُغَذِّيَة حياتَنَا.

الرّسالة (غل 6: 11– 18) (قبل الصّليب)

خَلِّصْ يا رَبُّ شَعْبَكَ وبَارِكْ مِيراثَكَ

إِلَيْكَ يا رَبُّ أَصْرُخُ إلهِي

يا إخوة، ﭐنْظُرُوا ما أعظمَ الكتابات الَّتي كَتَبْتُهَا إليكم بيدِي. إنَّ كُلَّ الَّذينَ يُريدونَ أن يُرضُوا بحسَبِ الجسَدِ يُلزِمُونَكُم أن تَخْتَتِنُوا، وإنَّما ذلكَ لئلَّا يُضطهَدُوا من أجلِ صليبِ المسيح. لأنَّ الَّذينَ يَخْتَتِنُون هُم أنفسُهُم لا يحفَظُونَ النَّاموسَ بل إنَّما يُريدونَ أن تَخْتَتِنُوا ليفتَخِرُوا بأجسادِكُم. أمَّا أنا فحاشا لي أن أفتَخِرَ إلَّا بصليبِ ربِّنا يسوعَ المسيح الَّذي به صُلِبَ العالمُ لي وأنا صُلِبْتُ للعالم. لأنَّهُ في المسيحِ يسوعَ ليسَ الخِتَانُ بشيءٍ ولا القَلَفُ بل الخليقَةُ الجديدة. وكلُّ الَّذين يسلُكُونَ بحَسبِ هذا القانونِ فعلَيْهم سَلامٌ ورَحمةٌ وعلى إسرائيلِ الله. فلا يَجْلِبْ عليَّ أحدٌ أتعابًا فيما بعدُ، فإنِّي حامِلٌ في جسدي سِمَاتِ الرَّبِّ يسوع. نعمةُ ربِّنا يسوعَ المسيحِ مع روحِكُم أيُّها الإخوة. آمين.

الإنجيل (يو 3: 13– 17) (قبل الصّليب)

قالَ الرَّبُّ: لم يَصْعَدْ أَحَدٌ إلى السَّمَاءِ إِلَّا الَّذي نَزَلَ من السَّماءِ ﭐبْنُ ﭐلبشرِ ﭐلَّذي هو في السَّماءِ. وكما رفعَ موسى ﭐلْحَيَّةَ في ﭐلْبَرِّيَّةِ هكذا ينبغي أنْ يُرْفَعَ ﭐبنُ ﭐلْبَشَرِ لكي لا يَهْلِكَ كلُّ مَن يؤمِنُ بهِ بل تكونُ لهُ ﭐلحياةُ ﭐلأبديَّة. لأنَّهُ هكذا أَحَبَّ اللهُ ﭐلعالمَ حتَّى بذَلَ ﭐبنَهُ ﭐلوحيد لكي لا يَهلِكَ كلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بهِ بل تكونَ لهُ ﭐلحياةُ ﭐلأَبَدِيَّة. فإِنَّهُ لمْ يُرْسِلِ اللهُ ﭐبنَهُ ﭐلوحيدَ إلى ﭐلعالمِ ليَدِينَ ﭐلعالمَ بَلْ لِيُخَلَّصَ بهِ العالم.

حول الرّسالة

الآية 11: يقول القدّيس يوحنّا الذّهبيّ الفم إنّ هذه ربّما تكون الرِّسالة الوحيدة الّتي كتبها بولس بخطّ يده، ففي باقي رسائله كان هناك من يكتب له وهو يُملي عليه. وقد كتبها بحروف كبيرة ربّما بسبب مرض عينيه أو ربّما لمَرَضِ يَدَيْه مِنْ كَثْرة الرَّجم الَّذي تعرّض له.

الآية 12: يعتبر بولس أنّ زينة الإنسان الحقيقيّة تكمن في ختانة القلب لا الجسد. أمّا هؤلاء اليهود العائشين بروح النّاموس، لا يَزالون مَربوطين بالجسد وأعضائه ومنظره الخارجيّ، الّذي مآله وكلّ الجسد إلى الفساد والتُّراب. المُتنصرون من اليهود شكلًا كانوا يختتنون خوفًا من اضطهاد يهود أورشليم فكانوا مُرائين مُحابين للوجوه.

الآية 13: هؤلاء اليهود المُرائين كانوا يطلبون ختانة الغلاطيّين تتميمًا للشَّريعة وهم لا يحفظونها بالأساس ولا يسلكون بموجبها.

الآية 14: بولس يظهر الافتخار الحقيقيّ المُقابل لأولئك الّذين يفتخرون بختانة الجسد من الخارج. لأنّ الصَّليب الّذي كان عارًا ومذلّةً للمجرمين، صار لمّا رفع عليه رَبُّ المَجد أداة للخلاص. فهذا مُدعاة افتخار لتابعي المصلوب ودعوة لهم للتَّشبّه بمعلِّمهم في حمل الصَّليب بصبرٍ وقبول لما ستُلزِمهم به تعاليم المسيحيّة مِنْ تواضع وصَفح واحتمال لكلّ اضطهاد وتضييق عليهم حتّى الموت. الإنسان المصلوب مع المسيح هو ميت مع المسيح في نظر العالم، وفي نظره هو، العالم ميت بالنِّسبَة له لأنّ حياته فقط هي المسيح وفي المسيح.

الآية 15: الإنسان في المسيح هو خليقة جديدة (2 كو  5: 17). الخليقة الجديدة هي خليقة روحانيّة يتقهقر معها كلّ ما هو للجسد. التّابعون الحقيقيّون للمسيح هم اسرائيل الجديد الّذين صاروا بالفعل خليقة جديدة.

الآية 16: القانون هنا هو المبدأ الثّابت المحسوب كقانون الحياة، وهو  قيام خليقة جديدة على أساس موت العتيقة. الآية 17: لقد استكفى بولس تعبًا من الغلاطيّين بسبب مهاتراتهم المُستمرَّة. وهو كمن يقول لهم: "لا تزيدوا عليّ آلامًا، فيكفيني ما أحتمله من آلام الجسد الّذي يحمل كسورًا وجروحًا تحكي عن شركتي الحقيقيّة في صليب ربّنا يسوع المسيح".

الآية 18: يختم بولس رسالته كما بدأها بالدُّعاء وطلب البركة.

الله والمرض

منذُ البَدْء خَلَقَ اللهُ السَّماء والأرض كلّ ما يُرى وما لا يُرى. وبعد كلّ عملِ خَلْق، نقرأ في سفر التّكوين أنّ الله رأى ّكل ما صنعه حسن، وفي اليوم السَّادِس للخَلق، جبل الإنسان على صورته فكان هذا الأخير اسمى ما صنعه الله "حَسَنٌ جدًّا". لأن الإنسان مَخلوق على صورة الله أي أنّه يحمل خصائص الطّبيعة الإلهيّة ولا يعرف الخطيئة لأنّ الإنسان بطبيعته خَيِّرٌ. كان آدم وحوَّاء في الجنَّة عريانان وهما لا يخجلان لأنّ نعمة الله كانت تسترهما، والشَّهوة لم تُقرِّبهما، والمرض والألم لم يعرفاهما، والموت لم يقوى عليهما، فعاش آدم في انسجامٍ وحبٍّ مع جابله، ومع الآخرين.

بعد معصية آدم لوصيّة الله وطرده من الفردوس لَبِسَ الإنسان السَّاقِط الأقمصة الجلديّة وصار خاضِعًا لطبيعته الإنسانيّة وكلّ خَصائصها منها الفساد والموت والمرض وغيرها.

الإشكاليّة المَطروحَة في عَصْرِنا الرَّاهِن، لماذا سمح الله الخالق للإنسان بأن يقع تحت نير الأمراض والموت والفَساد؟ كيف يمكن للإنسان أن يعود إلى الحالة الفردوسيّة؟

الله بِسابِق عِلْمِهِ يَعلَم أنّ آدم سيَعصاهُ ويخطئ، ولكنّه يعلم أيضًا أنّه قد دبَّر له أمر الفِداء منذ الأزل، وسيحوّل الشّرّ الّذي تعرّض له إلى خير، وأنّه سيردّه ليس إلى مرتبته فقط إنّما سيرفعه من الفردوس الأرضيّ إلى الملكوت السّماويّ.

ولمّا حان مِلءُ الزَّمان تجسّد المَسيح ليهب الإنسان روح القوّة لا روح الفشل. بهذا الرُّوح يعمل الإنسان بقوّةٍ وفي تَحدٍّ لكلّ الظّروف القاسية، حتّى في مواجهة المَرَض. فإنّه حتّى المَرَض يبطل إن تممنا إرادة الله بكلّ قلوبنا. "هذَا الْمَرَضُ لَيْسَ لِلْمَوْتِ، بَلْ لأَجْلِ مَجْدِ اللهِ، لِيَتَمَجَّدَ ابْنُ اللهِ بِهِ"، هكذا أجاب الرَّبّ يسوع أُخْتَي لَعازر. أمّا بولس الرَّسول حين مرض تضرَّع ثلاث مَرَّات أن يُفارقه الألم فجاءت حكمة السَّماء "تكفيك نعمتي، لأنّ قوّتي في الضُّعف تُكمَل". إن كان الإنسان تقيًّا حين يأتيه الألم فإنّه يدفعه لمَزيدٍ مِنَ التَّقوى والصَّلاة والاقتراب إلى الله. فالمرض هو أقوى مُحرِّك للتّغيُر والتَّوبة، يُحوِّل الإنسان من أنانيّته وسطحيّته وطمعه، إلى الحُبّ والعمق والعطاء. ويُضيف للإنسان الكثير من الفضائل والمِثاليَّات، الصَّبر، الرَّجاء، الإحساس بالآخَرين، "ومن يصبر إلى المُنتهى فذاك يَخلُص."

+ باقة من أقوال القدّيس سيرافيم ساروفسكي

+ أسرع إلى المُطالَعة الرُّوحِيَّة حالَما تُلازِم قَلَّايتك، واقرأ كلّ مقطع مرّاتٍ عَديدة لكي يحفظه عقلك، ولكن إن دُعيتَ إلى أداء خدمةٍ ما، فاذهب حالًا.

+ تُنيرُ قراءَة الكتاب المُقَدَّس العَقْلَ، وتُغيّره بقُوَّةٍ إلهيّة.

+ علينا بالصَّبْرِ الجَزيل على نَقائِصِنا، وعَدَم كَمال الآخَرين شرط أن لا نكون مُتراخين، بل نحثَّ أنفسنا نحو الأفضل دومًا.

+ إن رغبتَ في اقتناءِ السَّلام الدَّاخليّ، تَجنَّب اليأس، واسلك بروحٍ مرحة. فأوّل تجربة تُواجه المُجاهِد هي اليأس والكآبة والفُتور، وعليه أن يكون مُستعدًّا لها. فمِنَ اليأس والفُتور يتولَّدُ الغَضَب، اللَّوم، التّذَمُّر، الأفكار الدَّنِسَة، عدم تحمُّل الآخَرين. ويُصبِحُ المُجاهِد إمّا راغبًا في الثّرثرة المُتواصِلَة، أو مُنطويًا على نفسه مُعتبرًا الجميع السَّبب في حالته الرُّوحيَّة الكئيبة واليائسة. واعلم أنَّ الكآبة واليأس يتولّدان من الجُبن والبَطالة والأحاديث التّافهة. لذلك فمُواجهة هذا المرض تتمّ بتواضع القلب، والابتعاد عن الثَّرثرة، والعمل المُستمِرّ بحسب طاقة الإنسان، والإنعكاف على قراءة الكتاب المُقَدَّس، والتّأمُّل بكلامِ الله، والصَّبر، وأهمّ من هذا كلّه الطّاعة الكاملة والدَّقيقة. فعندما تُطيع لا يعود لديك المُتّسع من الوقت للضّجر، لأنّ الإنسان المُتَضَجِّر هو إنسانٌ فَوْضَويّ لا يخضع لنظام مُحدَّد. ومُجمل القول إنّ من استطاع التَّحكُّم بأهوائه يستطيع السَّيطرة على روح الضَّجر. كان القدّيس سيرافيم يُردِّد هذا المقطع من براكليسي العذراء: "املأي قلوبنا سرورًا يا مَن قبِلَتْ ملء الفرح، وأزيلي عنّا حزن الخطيئة" و "أطلعي لي نورًا مُفرِّحًا".

+ المَرَح ليس خَطيئة، إنَّه يُبعِدُ التَّعَب الّذي يُوَلِّدُ الفُتور، وهل هناك أسوأ مِنَ الفُتور؟

+ ابقَ في قلاّيتك بانتباهٍ وصَمْت، وحاول التَّقرُّب من الله بكلّ الوسائل المُمكِنَة، وعندَها سيُحَوِّلُكَ الرَّبُّ إلى ملاك.

انقر هنا لتحميل الملف