Menu Close
061024

نشرة كنيستي

نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.

أُنقُر على الملف لتصفُّح نشرة كنيستي

كما يمكن قراءة النص الكامل في المقطع أدناه.

الأحد (15) بعد العنصرة

العدد 40

الأحد 6 تشرين الأوّل 2024

اللّحن 6- الإيوثينا 4

أعياد الأسبوع: *6: تذكار الرَّسول توما *7: الشّهيدين سرجيون وباخوس، الشّهيد بوليخرونيوس *8: البارّة بيلاجيا، القدّيسة تائيس التّائبة، القدّيس سرجيوس رادونيج *9: الرَّسول يعقوب بن حَلفى، البارّ أندرونيكس وزوجته أثناسيَّا، إبراهيم الصِّدِّيق ولُوط *10: الشَّهيدين إفلمبيوس وأخته إفلمبيّة *11: الرَّسول فيليبّس أحد الشَّمامسة السّبعة، القدّيس ثيوفانِس الموسُوم *12: القدّيس سمعان اللّاهوتيّ الحديث، الشُّهداء بروفوس وأندرونيكس وطَرَاخُس.

كلمة الرّاعي 

الرَّجاء في زمن الشِّدَّة

"مُتَحَيِّرِينَ وَلَكِنْ غَيْرَ يَائِسِينَ" (2 كو 4: 8)

نعيش أيّامًا صعبةً ومُقلقة وحزينة بسبب القتل والدَّمار والتَّشرُّد، مئات آلاف من أبناء الوطن ينزحون عن بيوتهم وقُراهم بسبب الحرب على بلادنا. الخوف يتحكّم بمعظم النَّاس، الخوف من الموت من الدَّمار من التَّهجير من الإصابات من العَوَز... وهذا كلّه مُبرَّر، لأنّ الخطر مُحدِقٌ بالجميع ولا يوجد، حتّى الآن، من يُوقِف آلة التَّهديم والإجرام...

ما الَّذي يستطيع الإنسان أن يفعله ليحافظ على حياته وحياة الَّذين يحبّهم والَّذين هو مسؤول عنهم؟!... كما يقول المثل: "الاحتياط واجب"، أمّا الاتّكال فهو على الله. على الإنسان أن يفعل كلّ ما بوسعه ليحافظ على حياته، وطبيعيًّا أن يعمل على الابتعاد عن الأماكن الخطرة. لكن، هذا لا يكفي، لأنّ لا مكان آمن بالمطلق. من هنا، لا بدّ من التّوكّل على الله، واللُّجوء إلى الصَّلاة والصَّوْم، ربَّما أيضًا، والاهتمام بالمحتاج، لأنّ "الصَّدَقَة تنجي من الموت" (طوبيّا 12: 9).

*       *       *

"الرَّبُّ فَادِي نُفُوسِ عَبِيدِهِ، وَكُلُّ مَنِ اتَّكَلَ عَلَيْهِ لاَ يُعَاقَبُ" (مز 34: 22). الإنسان لا يستطيع أن يحفظ نفسه من المخاطر الدّاهمة والفُجائيّة، كما أنّه لا يقدر أنْ يَضمن نتيجة احتياطاته من الأخطار، فقط بالاتّكال على الله يسلم الإنسان من الشّرّ بعد أن يكون قد قام بدوره في هذا المجال. الرَّبُّ يَفدينا من الشّرّ متى كنّا لَصيقين به مُنفتحين على وصيّته سالكين في مشورته وصادقين في طاعته. مَنْ كان طالبًا للسَّلام يحفظه ربُّ السَّلام، ومن كان سالكًا في الخصام يتحمّل مسؤولية أعماله. لا يقدر الإنسان أن يؤمن بأنَّ الغَلَبَة على الشّرّ تأتي بالشّرّ ويكون في أمان، "لِأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ!" (مت 26: 52).

الشّرُّ لا يُغلب بالشّرّ، بل الخير هو الغلبة على الشّرّ لأنّ الحقد يُقتلَع بالمحبّة. هذا ما فعله الرَّبُّ يسوع المسيح على الصّليب إذْ أمات الكراهية والحقد والكبرياء والصَّلف والأنانيّة والتّسلُّط بمحبّته وتواضعه وتضحيته إذ "وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ" (في 2: 8). لا حياة إلَّا بِكَلِمَة الله، والموت يأتي مِنْ كلّ كلمةٍ أُخرى ليست من الله. فلنتحفَّظ ولنتنبّه ولنتعلّم أن نميِّز كلمة الحقّ من كلمة الباطل الَّتي أحيانًا كثيرة تتجلْبَب بلباس الحقّ زيفًا. ولن نستطيع أن نقتني روح التّمييز هذه إلّا بواسطة روح الرّبّ القدُّوس...

*       *       *

أيُّها الأحبّاء، لا يسعنا في هذا الزَّمَن وفي هذه الظّروف الَّتي يتحكّم فيها الأشرار بمصير بلدان وشعوب بدون إنسانيّة أو رحمة أو عقلانيّة، إذ يتحرّكون مَقودين من روح الشّرّير في طريق القتل والدَّمار وإباحة القتل للصَّغير والكبير للرِّجال والنِّساء بدون أيّ إنسانيّة ناسبين جرائمهم إلى وصايا الله. هذه أكبر حركة كُفريّة في الزّمن الحديث نرى فيها دولًا تدّعي التّحضُّر والرُّقي تدعم إبادة شعوب باسم حقِّ أمّةٍ بالدّفاع عن نفسها، هذه الأمّة المغتصبة للأرض والعنصريّة في وجودها والبربريّة في سياستها. هذا زمن الباطل الَّذي لا يُغلَب إلَّا بقوّة إله السَّلام الَّذي عُلِّق على خشبةٍ لتَجديد الخليقة بأسرها مِنْ خلال سُكناه في البشر بروحه في النِّعمة الإلهيَّة ليُحرِّر الإنسان من كلّ شبه مَيْلٍ إلى الشّرّ.

في تاريخ البشر أمثلة كثيرة عن غَلَبة الشّرّ بالخير والكراهية والحقد بالمحبّة، فإنّ يسوع النّاصرّيّ هو الَّذي حقّق هذا وأتباعه وتلاميذه من بعده إلى أيّامنا هذه. والَّذين تعلّموا من يسوع، مثل غاندي، أيضًا غلبوا. التّضحيات لا بُدّ أن تكون، ولكن إذا كانت الذَّبيحة "ذبيحة سلامة" فهي تجلب السَّلام وتقضي على الشّرّ (راجع لاو 3). هذا ما كشفه لنا يسوع على الصَّليب، فهو ذبيحة سلامتنا وسلامنا وخلاصنا الَّذي متى اشتركنا في جسده ودمه نقتني سلامًا أبديًّا وغلبة نهائيّة على إبليس وشروره...

مع المسيح لا خوف بل قوّة ورجاء لا يَخيب وغلبةً على الشُّرور والاضطرابات وشجاعةً في مواجهة كلّ أنواع الموت بالَّذي يقويّنا وينصرنا إلى الأبد...

ومَن له أذنان للسَّمع فليسمع...

+ أنطونيوس

متروبوليت زحلة وبعلبك وتوابعهما

طروباريّة القيامة (بِاللَّحْنِ السّادس)

إِنَّ القوَّاتِ الملائِكِيَّة ظَهَرُوا على قبرِكَ الـمُوَقَّر، والحرَّاسَ صَارُوا كَالأَموات، ومريمَ وَقَفَتْ عندَ القَبْرِ طَالِبَةً جَسَدَكَ الطَّاهِر، فَسَبَيْتَ الجَحِيمَ ولَمْ تُجَرَّبْ مِنْهَا، وصَادَفْتَ البَتُولَ مَانِحًا الحَيَاة، فَيَا مَنْ قَامَ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ، يَا رَبُّ المَجْدُ لَك.

طروباريّة الرَّسول توما (اللَّحن الثّالث)

أيُّها القدّيس الرّسول توما، تشفّع إلى الإله الرّحيم، أن يُنعمَ بغفران الزّلّات لنفوسنا.

القنداق (باللَّحن الثّاني)

يا شفيعَةَ المسيحيّين غَيْرَ الخازية، الوَسيطةَ لدى الخالِق غيْرَ المرْدودةِ، لا تُعْرضي عَنْ أصواتِ طلباتِنا نَحْنُ الخَطأة، بَلْ تدارَكينا بالمعونةِ بما أنَّكِ صالِحَة، نَحنُ الصّارخينَ اليكِ بإيمان: بادِري إلى الشَّفاعَةِ وأسَرعي في الطّلْبَةِ يا والدَة الإلهِ، المتشَفِّعَةَ دائمًا بمكرِّميك.

 الرّسالة (2 كو 4: 6- 15)

خَلِّصْ يَا رَبُّ شَعْبَكَ وَبَارِكْ مِيرَاثَكَ.

إِلَيْك يَا رَبُّ أَصْرُخُ إِلَهِي.

يَا إِخْوَةُ، إِنَّ اللهَ الَّذِي أَمَرَ أَنْ يُشْرِقَ مِنَ الظُّلْمَةِ نُورٌ، هُوَ الَّذِي أَشْرَقَ فِي قُلُوبِنَا لِإِنَارَةِ مَعْرِفَةِ مَجْدِ اللهِ فِي وَجْهِ يَسُوعَ الـمَسِيحِ. وَلَنَا هَذَا الكَنْزُ فِي آنِيَةٍ خَزَفِيَّةٍ لِيَكُونَ فَضْلُ القُوَّةِ للهِ لا مِنَّا، مُتَضَايِقِينَ فِي كُلِّ شيْءٍ وَلَكِنْ غَيْرَ مُنْحَصِرِينَ، وَمُتَحَيِّرِينَ وَلَكِنْ غَيْرَ يَائِسِينَ، وَمُضْطَهَدِينَ وَلَكِنْ غَيْرَ مَخْذُولِينَ، وَمَطْرُوحِينَ وَلَكِنْ غَيْرَ هَالِكِينَ، حَامِلِينَ فِي الجَسَدِ كُلَّ حِينٍ إِمَاتَةَ الرَّبِّ يَسُوعَ، لِتَظْهَرَ حَيَاةُ يَسُوعَ أَيْضًا فِي أَجْسَادِنَا. لِأَنَّنَا نَحْنُ الأَحْيَاءَ نُسَلَّمُ دَائِمًا إِلَى الـمَوْتِ مِنْ أَجْلِ يَسُوعَ لِتَظْهَرَ حَيَاةُ الـمَسِيحِ أَيْضًا فِي أَجْسَادِنَا الـمَائِتَةِ. فَالـمَوْتُ يُجْرَى فِينَا وَالحَيَاةُ فِيكُمْ. فِإِذْ فِينَا رُوحُ الإِيمَانِ بِعَيْنِهِ عَلَى حَسَبِ مَا كُتِبَ "إِنِّي آمَنْتُ وَلِذَلِكَ تَكَلَّمْتُ"، فَنَحْنُ أَيْضًا نُؤْمِنُ وَلِذَلِكَ نَتَكَلَّمُ. عَالِمِينَ أَنَّ الَّذِي أَقَامَ الرَّبَّ يَسُوعَ، سَيُقِيمُنَا أَيْضًا بِيَسُوعَ فَنَنْتَصِبَ مَعَكُمْ. لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ هُوَ مِنْ أَجْلِكُمْ لِكَيْ تَتَكَاثَرَ النِّعْمَةُ بِشُكْرِ الأَكْثَرِينَ فَتَزْدَادَ لِمَجْدِ اللهِ.

الإنجيل (لو 7: 11-16) (لوقا 3) 

في ذلك الزّمان، كان يسوع منطلقًا إلى مدينة اسمها نايين، وكان كثيرون من تلاميذه وجمعٌ غفير منطلقين معه. فلمّا قرب من باب المدينة، إذا مَيْت محمول، وهو ابنٌ وحيد لأمّه، وكانت أرملة، وكان معها جماعةٌ كثيرة من المدينة. فلمّا رآها الرَّبُّ تحنَّن عليها، وقال لها: لا تبكي. ودنا ولمس النَّعش، فوقف الحاملون. فقال: أيّها الشابّ، لك أقول قُم. فاستوى الميْتُ وبدأ يتكلَّم، فسلّمه إلى أمِّه. فأخذَ الجميعَ خوفٌ، ومجَّدوا الله قائلين: لقد قام فينا نبيٌّ عظيمٌ، وافتقدَ اللهُ شعبَه.

حول الرِّسالة

(٦): الكرازة بالإنجيل تعتمد على قوّة الله. فكما خلق الله النُّور في اليوم الأوَّل بعد أن كان العالم ظلامًا، هو أيضًا يُنير قلوبنا في العهد الجديد ويشرق علينا ليس بشمسٍ مادِّيَّة بل بروحه القدُّوس وذلك مِنْ خِلال صورة الآب المنظورة أي المسيح المتجسِّد لخلاص البشريَّة.

(٧): يشبّه الرَّسول بولس نفسه وكلِّ خدّام الرَّبّ بآنية ضعيفة مثل الخزف. فالقوَّة العاملة في الخدمة هي قوَّة الله الَّتي لا تتعطَّل بسبب ضعف الخدّام ومحدوديَّتهم، وهذا يَدعونا لشكر الله مصدر القوَّة في الكرازة وليس مواهب أو قدرات الخدّام.

(٨): يُظهر بولس ضعفه الشَّخصيّ هو وباقي الخدّام أثناء الكرازة، فقد تقابلهم مشاكل ومُعطِّلات تسبّب لهم بعض الاكتئاب لضعفهم كبشرٍ، ولكن قوَّة الله لا تتركهم فلا يستسلمون بل يُواصلون خدمتهم بحماس وإصرار مُحتَملين المضايقات والآلام بشكر.

(٩): يُثير إبليس اضطهادات ومشاكل على الخدّام فيحتملونها لأنّ الله لا يتركهم بل يسندهم ويكون معهم أثناءَها.

(١٠-١١): الاضطهادات والآلام على أنواعها الَّتي قد تحدث للخدّام والكارزين تكاد تودي بحياتهم إذ كثيرًا ما يتعرَّضون للعذابات والآلام والسُّجون والموت.

(١٢): عندما يرى النّاس ثبات المؤمنين المضطهدين وصبرهم وقوّة احتمالهم يتمسَّكون بالله أكثر فأكثر ويختبرون أعماقًا جديدة في الحياة معه.

(١٣): عبارة "آمنتُ لذلك تكلَّمتُ" تضعنا أمام مسؤوليّة كبيرة، فالإيمان بطبيعته ليس أخرسًا والمسيحيَّة انتشرت بكرازة الرُّسل. علينا أن نجعل أحاديثنا وكلامنا تعبِّر عن إيماننا، وإنْ منعنا المجتمع عن النُّطق بالإيمان فلتتكلَّم أعمالنا وتشهد لإلهنا.

(١٤): يتشجَّع بولس في احتمال الآلام بالنَّظر إلى أمجاد الأبديَّة. فالمسيح الَّذي أقام ذاته من بين الأموات سيقيمنا أيضًا نحن في اليوم الأخير إذا ما كنّا أمناء له حتّى الرَّمْق الأخير ولم ننكره.

(١٥): هل تشعر بحقٍّ بأنّ كلَّ ألمٍ وتجربة من أجل الرَّبّ تحتملها بشكرٍ وبدون تذمُّر، تُعطي مجدًا لله. فاقبلها واطلب معونة الرَّبّ واثقًا أنّ كلَّ تعبٍ تقدِّمه للرَّبّ يتحوَّل إلى بركة روحيَّة لك بدون أدنى شكّ.

إيمان توما

إذا ما أردنا أن نتمعّن في قصّة الرَّبّ يسوع مع تلاميذه وخاصّةً مع القدّيس توما، نرى كيف دخل يسوع أوائل اللّيل إلى التّلاميذ وهم مجتمعون خوفًا من اليهود، وقد قصد الرّبّ أن يأتي في هذا الوقت بالتّحديد لأنّ هذا كان وقت اجتماعهم. وإن دلّ خوفهم على شيءٍ، فعلى أنّ الطّبيعة البشريّة دون المسيح قابعةٌ في الظّلمة وخائفة.

أمّا توما أحد الرّسل الاثني عشر، فلم يكن مع التّلاميذ حين جاء يسوع عشيّة أحد الفصح، ولم يقبل تصديق القيامة دون معاينة الرّبّ. بيد أنّ المسيح لم يُرِد إلَّا أن يُشفِق عليه ويعتني به، لكنّه جعله ينتظر ثمانية أيّامٍ كي يُؤجِّج شوقه نحو رؤيته. وتوما هذا الّذي عُرِف بتشكيكه الدّائم الحميد لربّما لم يقبل إلّا أن يعاين قيامة المسيح تماماً كما عاين كرازته قبل موته وقيامته.

غير أنّ البارز في النّصّ هو التّبدّل الحاصل في توما بعد معاينته قيامة المسيح، والّذي تجلّى في صرخته البالغة الأهمّيّة: "ربّي وإلهي". هذا الاعتراف الإيمانيّ الّذي يُقِرّ بأنّ المسيح هو إنسانٌ وإلهٌ في شخصٍ واحدٍ، يؤكّد أيضًا على أنّه اتّخذ يسوع ربًّا له. هذا بالإضافة إلى الطّابع الشّخصيّ لهذه الصّرخة: "ربّي وإلهي" وليس "أيّها الرّبّ الإله"، أيّ أنّ هذا الشّخص الّذي آمنت به هو سيّدٌ عليّ وحياته هي حياتي. لذلك "ما كُتِب هو لنؤمن ولتكون لنا حياةٌ باسمه".

نحن مدعوّون أن نؤمن بقيامة المسيح، "فطوبى للّذين آمنوا ولم يرَوا"، أي للّذين قبلوا البشارة. بيد أنّ الإيمان ليس أمرًا نظريًّا بل عمليًّا، ما يعني أنّه يجب أن نعكسه على حياتنا. بالتّالي يجب أن نخرج من حالة القنوط واليأس والخوف إلى حالة الإيمان والثّقة بيسوع الّذي طلب منّا أن نثق به، فقد غلب العالم.