Menu Close
kanisati

نشرة كنيستي

نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.

الأحد 6 أيلول 2020

العدد 36

الأحد (13) بعد العنصرة

اللّحن 4- الإيوثينا 2

أعياد الأسبوع: *6: تذكار أعجوبة رئيس الملائكة ميخائيل في كولوسِّـي *7: تقدمة عيد ميلاد السَّيِّدة، الشَّهيد صوزن، البارَّة كاسياني *8: ميلاد سيِّدتنا والدة الإله الفائقة القداسة *9: تذكار جامع للقدّيسَيْن يواكيم وحنَّة جَدَّي المسيح الإله، الشَّهيد سفريانوس *10: الشَّهيدات مينوذورة وميتروذورة ونيمفوذورة *11: البارَّة ثاوذورة الإسكندرانيَّة، القدّيس أفروسينوس الطَّبَّاخ *12: وداع ميلاد السَّيِّدة، الشَّهيد في الكهنة أفطونومُس.

كلمة الرّاعي 

اليأس

اليأس عكس الرّجاء. إنه استسلام لفقدان الإيمان بتغيير واقعٍ ما أو الاعتقاد الثّابت بعدم إمكانيّة تخطّي مسألة أو صعوبة مُعيّنة أو تَلبية حاجة مُحدّدة...

حرب الشّيطان على الإنسان جوهرها إيقاعه في اليأس. حاجات وملذّات العالم المعاصِر تهدف إلى جعل الإنسان رهين ما يُعرض عليه من أفكار وأهداف خَدّاعة طلبًا للسّعادة الّتي يحدّدها أسياد الأسواق الدّنيويّة.

*    *    *

أسباب اليأس كثيرة ومتعدّدة ولا مجال لذكرها كلّها. المهمّ أن نحدّد مصدرها. خوار الإيمان يؤدّي إلى اليأس. العالم اليوم يحارِب الله. الإلحاد الفكريّ والعمليّ والفساد الأخلاقيّ ثمار الحضارة المُعاصِرة المبنيّة على تأليه الفردانيّة واستباحة كلّ المبادئ الإنسانيّة والإيمانيّة والثّوابت الأخلاقيّة الأنطولوجيّة والأنثروبولوجيّة  باسم الحرّيّة الشّخصيّة. هي صفقة القرن مع الشّيطان بواسطة أبناء هذا الدّهر الّذين يخطّطون لجعل البشريّة نَوْعَين: أسياد متحكّمين منفصلين وعبيد مسوقين بشهواتهم وأهوائهم ومشتركين في همومهم وهواجسهم المفروضة عليهم بخبث ...

*    *    *

اليأس يجعل الإنسان لا قرار له ولا طاقة. إنه استسلام تام للرغبة بالموت. اليأس موت قبل الموت. يهوذا الإسخريوطي يأس فانتحر. يأس لأنه خاب رجاؤه بتحقيق مشروع حياته أي أن يحكم اليهود العالم بالمسيح كملك، وبالتالي أن يكون شريكا في السلطة. اليأس هو الخضوع للامعنى وللعدم٠ هذا ما يولّد مرارة في النفس لا يستطيع الانسان أن يحتمل وجعها، مما يدفع به إلى الرغبة بإيقاف الألم عبر إنهاء ما يسببه. قد يقتل الانسان نفسه أو آخر ... المهم أن ينتهي الألم.

*    *    *

ما هو علاج اليأس؟! ... الرَّجاء "وَالرَّجَاءُ لاَ يُخْزِي، لأَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ قَدِ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنَا" (رسالة بولس الرّسول إلى أهل رومية 5: 5). الرَّجاء من الله يأتي. يتنزّل علينا عطيّة حبّ من لدن العليّ. من هنا، الرَّجاء ثابت و يَقينيّ، لا شكّ فيه لأنّ الله صادقٌ (رسالة بولس الرّسول إلى أهل رومية ٣ : ٤). ليس الرَّجاء تمنّيات وأمل يمكن أن يتحقّق أو لا يتحقّق. إنّه أمرٌ موثوق ومؤكَّد. لماذا؟! لأنّ الله حيّ وفاعل ...

طبعًا، ما لم يكن الإنسان مؤمنًا بأنّ الله موجود وعامل وحاضر في تاريخ البشريّة لا يستطيع أن يترجّى خلاصًا في هذا العالم. الخلاص من الطّرق المَسدودة لا يمكن أن يكون إلّا بقوّة الله الّذي يحلّ عقدنا المستحيلة بأبسط ممّا يمكن أن يتصوّره عقلنا الصّغير والمحدود. المسألة هي مسألة إيمان بالله لأنّ أعمال الإنسان على نفسه أو على البشر فقط باطل ...

*    *    *

إذا كان الموت هو نهاية الحياة فبئس الحياة إذ لا معنى لها سوى العدم. إذا لم يوجد استمراريّة للكائن البشريّ بعد انعدام النّسمة من الجسد فما قيمة الإنسان سوى تراب ورماد ... خارج الإيمان لا أجوبة على هذه الأسئلة. إذا كان الخالق لا يهتمّ بصنع يديه فهو ظالمٌ ولا يمكن عبادته. لكنّ الباري مُحبّ وعَطوف ورَحيم ووَديع ومتواضع. هذا هو الإيمان بالخالق في المسيحيّة. الرَّبّ لم يترك خليقته فريسة لليأس المتأتّي من الموت الرّوحيّ بل منحها رجاء الغلبة بالمسيح على موت الرّوح والجسد.

اليأس الأكبر هو يأس الأنسان من نفسه. هذه حرب تعرض للمؤمن وغير المؤمن. الشّرّير موجود ويبثّ سمومه للبشريّة وفيها. فقط من كان عنده روح الرَّبّ يستطيع أن يميّز التّجارب الرّوحيّة من النّفسيّة. الحرب النّفسيّة تطال غير المؤمن والمؤمن والحرب الرّوحيّة يخوضها من أراد أن يحيا بروح الله...

أن نحيا مع الرَّبّ وأن نموت عن ذواتنا لأجله هذا أفضل بكثير من أن نحيا لأنفسنا. الله هو الحياة ومعه لا مجال لليأس ... بعيدًا عن الله يطالنا الإحباط وتغلبنا رغبة الموت ونستسلم لليأس ...

الله خلقنا للحياة وهو الحياة والحقّ والنّور ... فلا ندعنّ الكذّاب يخدعنا ويقودنا بحسده وظلمته إلى اللّاوجود ...

الله حَيّ ... الله محبّة ... حيث الله هناك فرحنا والله معنا على كلّ موت ...

+ أنطونيوس

مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما

طروباريّة القيامة (باللَّحن الرّابع)

إنَّ تلميذاتِ الرَّبّ تعلَّمنَ مِنَ المَلاكِ الكَرْزَ بالقيامةِ البَهج. وطَرَحنَ القَضاءَ الجَدِّيَّ. وخاطبنَ الرُّسلَ مُفتَخِراتٍ وقائِلات. سُبيَ المَوتُ وقامَ المَسيحُ الإله. ومنحَ العالمَ الرَّحمةَ العُظمى.

طروباريّة لرئيس الملائكة (باللَّحن الرّابع)

يا زعيمَ الأجناد السّماويّين، نتوسّل إليك دائمًا نحن غير المستحقّين، حتّى أنّك بطلباتك تكتنفنا بظلِّ جناحَيْ مجدك غير الهيولي، حافظًا إيّانا نحن الجاثين والصّارخين بغير فتور، أنقذنا من الشّدائد بما أنّك رئيس مَراتِب القوّات العلويّة.

قنداق ميلاد السَّيِّدَة (باللَّحن الرّابع)

إنَّ يُواكِيمَ وحنَّةَ قد أُطْلِقَا من عارِ ﭐلعُقْر، وآدمَ وحوَّاءَ قد أُعْتِقَا من فسادِ ﭐلموت، بمولِدِكِ ﭐلمُقَدَّس أيَّتها الطَّاهِرَة، فله أيضًا يُعَيِّدُ شعبُكِ إذ قد تَخلَّصَ من وَصْمَةِ الزَّلَّات، صارِخًا نحوكِ، العاقِرُ تَلِدُ والدةَ ﭐلإله ﭐلمُغَذِّيَة حياتَنَا.

 الرّسالة (1 كو 16: 13– 24)

ما أعظمَ أعمالَكَ يا ربُّ كلَّها بحكمةٍ صنَعتَ

باركي يا نَفسيَ الرَّبّ

يا إخوةُ، اسهَروا، اثبُتوا على الإيمانِ، كونوا رِجالًا، تَشدَّدوا. وَلْتكُنْ أمورُكم كُلُّها بِالمَحبَّة. وأطلُبُ إليكم أيُّها الإخوةُ، بما أنَّكم تعرِفونَ بيتَ استفاناسَ، وأَنَّهُ باكورَةُ أخائيَةَ، وقد خَصَّصوا أنفُسَهم لِخدمَةِ القدّيسين، أن تخضَعوا أنتم أيضًا لِمثل هؤلاءِ ولكلّ مَن يعاوِنُ ويتَعب. إنّي فرِحٌ بِحُضُورِ استفاناسَ وفُرتوناتُسَ وأخائِكُوسَ، لأنَّ نقصانَكم هؤُلاءِ قد جَبروه فأراحوا روحِي وأرواحَكم. فاعرفوا مِثلَ هؤلاء. تُسَلّمُ عليكم كنائسُ آسِية. يُسَلّمُ عليكم في الرَّبِّ كثيرًا أكِيلا وبِرِسْكِلَّة والكنيسَةُ الّتي في بيتِهِما. يُسلّمُ عليكم جميعُ الإخوة. سلِّموا بعضُكم على بعضٍ بقُبلةٍ مُقدَّسة. السّلامُ بِيدي أنا بولسَ. إن كانَ أحدٌ لا يُحِبُّ ربَّنا يسوعَ المسيحَ فليكُنْ مَفروزًا. ماران أثا. نِعمَةُ ربِّنا يسوعَ المسيحِ معكم. محبَّتي مَعَ جميعِكم في المسيح يسوع. آمين.

الإنجيل (مت 21: 33– 42)(متى  13)

قال الرَّبُّ هذا المثَل: إنسانٌ ربُّ بيتٍ غرسَ كرْمًا وحوَّطهُ بسياجٍ وحفر فيهِ مَعْصَرَةً وبنى بُرجًا وسلَّمهُ إلى عَمَلةٍ وسافر. فلّمَّا قَرُبَ أوانُ الثّمرِ أرسلَ عبيدَهُ إلى العَمَلة ليأخذوا ثمرهُ، فأخذَ العَمَلةُ عبيدَه وجلدوا بعضًا وقتلوا بعضًا ورجَموا بعضًا. فأرسل عبيدًا آخَرين أكثرَ من الأوّلين فصنعوا بهم كذلك. وفي الآخِر أرسل إليهم ابنَهُ قائلًا سيَهابون ابني. فلَمَّا رأى العَمَلةُ الاِبنَ قالوا في ما بينهم: هذا هو الوارِثُ. هلمَّ نقتُلُهُ ونستولي على ميراثهِ؟ فأخذوهُ وأخرجوهُ خارِجَ الكرم وقتلوهُ. فمتى جاءَ ربُّ الكرم فماذا يفعلُ بأولئِك العَملة؟ فقالوا لهُ إنَّهُ يُهلِك أولئِك الأردياءَ أردأُ هلاكٍ، ويسلِّمُ الكرمَ إلى عَمَلةٍ آخَرين يؤدُّون لهُ الثّمرَ في أوانهِ. فقال لهم يسوع: أمَا قرأتم قطُّ في الكتُب؟ إنَّ الحجرَ الّذي رَذَلهُ البنَّاؤُونَ هو صار رأسًا للزّاوية. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كانَ ذلك وهو عجيبٌ في أعيُنِنا.

حول الرّسالة

تشكّل هذه التّلاوة خاتمة الإصحاح الأخير من رسالة بولس الأولى إلى كورنثوس، وتنطبق عليها، كما سنرى، مواصفات الرّسائل الإنسانيّة الّتي يتبادلها النّاس في ما بينهم؛ وهذا عنصر لافت فيها، ويدلّ عليه، بوضوح، تبادل السّلام: "تسلّم عليكم كنائس آسية... سلّموا بعضكم على بعض...". كما أنّ اللّافت فيها الحسّ الأبويّ الرّعائيّ الّذي به يخاطب بولس أهل كورنثوس، ما يدلّ على أنّ هذه الرّسالة هي من رسائله الرّعائيّة بامتياز.

كورنثوس مدينة بحريّة، وتاليًا مفتوحة على العالم، وقد عرفت آنذاك، بحكم موقعها، الكثير من الترف، والفسق، وفساد الأخلاق، والدّعارة وعبادة الأوثان. لذا، يستهلّ بولس تلاوته هذه بمجموعة نصائح يُسديها إلى الكورنثيّين، ويوصيهم فيها باليقظة الرّوحيّة والثّبات في الإيمان لمقاومة الموبقات الّتي تغريهم بها مدينتهم، وتهدّدهم في سلامتهم الرّوحيّة وسلامتهم النّفسيّة، يقول لهم: "تيقّظوا واثبتوا في الإيمان... كونوا أشدّاء". ولمّا بلَغه ما بلَغه من أخبار مؤسفة عن الشِّقاق الحاصل بينهم بسبب التَّحزّب الّذي جَعَلهم ينقسمون بين بولس وأبُلُّس و... استنكر ذلك بشدّة، لأنّ المسيح الّذي يعبده واحد، وينبغي، تاليًا، للمسيحيّين أن يتّحدوا فيه وينبذوا كلّ خلاف؛ خاطبهم قائلًا: "لتكن أموركم كلّها بمحبّة".

أوصاهم بالمحبّة لأنّها هي وحدها الّتي تجمع المتفرّقات إلى اتّحاد واحد، وأمامها يسقط كلّ خلاف، أمّا هي "فلا تسقط أبدًا" (1 كو 13/8).

في القسم الثّاني من التّلاوة يناشد بولس الكورنثيّين، وبالدّالّة الّتي له عليهم، أن يُحسنوا وفادة الضّيوف الثّلاثة استفانوس وفرطناس وأخائقس. فهؤلاء كانوا على تواصل معه وشكّلوا همزة الوصل بينه وبين الكورنثيّين، فكانوا يطمئِنُونه عليهم، ويريد، تاليًا، أن يقوم تجاههم بواجب اللّياقة. الضّيافة عادةٌ من العادات المشرقيّة الحميدة، وإذا أَوصى بها بولس فلأنّه يرى فيها وجهًا من أوجه اللّياقة الّتي هي، بدورها، تهجئةٌ من تهجئات المحبّة.

في القسم الثّالث ينقل بولس إلى الكورنثيّين سلام كنائس آسية (تركيا حاليًّا) وكذلك سلام أقيلا وبرسقة والكنيسة الّتي في دارهما، ثمّ يتمنّى عليهم أن يسلّموا بعضهم على بعض بقبلة مقدّسة. إنّ تبادل السّلام بين كنيسة كورنثوس وكنائس آسية، بواسطة بولس، له غير دلالة: يدلّ، أوّلًا، على أنّ الكنائس كانت، آنذاك، على تواصل في ما بينها، وهو ما ينبغي للكنائس أن تكون عليه في كلّ ظرف وحال؛ وثانيًا على رباط السّلام الّذي ينبغي أن يشدّ هذه الكنائس بعضها إلى بعض. هذا الرِّباط هو ما كان بولس يشتهيه بحرارة ويدعو المؤمنين إلى تمتينه في ما بينهم في وحدانيّة الرّوح فيقول، مثلًا، مُناشدًا أهل أفسس: "أطلب إليكم أن تسلكوا كما يحقّ للدّعوة الّتي دُعيتم بها... مجتهدين أن تحفظوا وحدانيّة الرّوح برباط السّلام" (أف 4/1¬3). والأكيد أنّ هذا السّلام ليس سلامًا بشريًّا مَحضًا، لأنّ هذا الأخير يعروه الكثير من الزَّغل والزَّيْف، ما يجعله هَشًّا وقابلًا للسّقوط عند أوّل امتحان؛ لا، بل هو السّلام الّذي لا يتزعزع، سلام المسيح الّذي، لمّا أعطانا إيّاه، قال: "السّلامَ أَستودعكم، سلامي أَمنحكم. لا أمنحكم إيّاه كما يمنحه العالم" (يو 27:14).

معلومٌ أنّ بولس لم يكتب رسائله جميعًا بخطّ يده؛ أمّا هذه فقد كتبها بيده، وحرص على أن يبيّن ذلك للكورنثيّين، فقال لهم ختامًا: "هذا السّلام بخطّ يدي أنا بولس"، ربّما ليدلّل لهم على أهمّيّتها الخاصّة، أو ليثير اهتمامهم بها.

بولس يستودع الكورنثيّين سلامه ويمهره، كعادته في كلّ ختام، بالتّضرّع لأجلهم ليبقوا مشمولين ﺒ "نعمة الرَّبّ يسوع"، فيما هم يَحْيَون على رجاء أن يكون لهم نصيب معه في مجيئه الثّاني المجيد، لأنّه آتٍ "ماران أَتا".

الغَلَبَة على الخَطيئة

وَرَدَ في سفر التّكوين أنّ الإنسان أخطأ وأصبح خارج فردوس الله. لكنّ الله تحنّن عليه ووعده بأنّه من نسلِ حوّاء "سوف يأتي مَن يسحق رأس الحيّة" (تك 15:3). هذا الكلام تمّ في الرَّبّ يسوع الّذي تجسّد من والدة الإله وغلب الخطيئة بموته، وأعطى الإنسان إمكانيّة الحياة الأبديّة من جديد. وفي سفر الرّؤيا يتحدّث الإنجيليّ يوحنّا عن المسيح في حربه مع قوات الشَّرّ المتّحدة ويقول: "... يغلبهم، لأنّه ربّ الأرباب وملك الملوك، والّذين معه مدعوّون ومختارون ومؤمنون" (رؤ 14:17).

إذًا الغلبة على الشّرير تتمّ بقوة الله وحده الّتي تعمل بالمؤمنين به. وهي تعمل فيهم لأنّهم "متعلّمين من الله. فكلّ من سمع من الآب وتعلّم يقبل إليّ" يقول الرَّبّ يسوع (يو 45:6). نعم، نحن علينا أن نتعلّم من الرَّبّ يسوع كيف غلب الخطيئة وعلينا أن نسلك بحسب تعليمه لأنه هو "المعلّم". ومن الأمور الضروريّة الّتي يجب أن نتعلّمها هي:

١- أن نحفظ كلمة الله ونعمل بها (لو 19:2). إننا بذلك نُصان من ارتكاب الخطيئة. الرَّبّ يسوع أعطانا مثالًا من خلال تجربته مع الشّيطان في البرّيّة. فقد غلبه لمّا خضع لكلمة الله.

۲- أنّ الغلبة لا تتمّ "بمقاومة الشّرّ" (متى 39:5) بل بالخضوع لمشيئة الله. إن واجهتَ الشّرّ بالشّرّ فاعلم أنّ الغلبة ستكون للشّيطان. إنّ هذا الأمر يحتاج إلى تمييز كبير لذلك على الإنسان أن يخضع لأب روحيّ يُرشده ويعلّمه كيف يميّز مشيئة الله من مشيئته الخاصّة.

٣- لم يُسارع الرَّبّ يسوع ليُظهر نفسه في شفاءاته الكثيرة أو إقامته للموتى على أنّه بطلٌ خارقٌ، بل كان يطلب من النّاس أن لا يُظهروه (متى 16:12) و (مر 12:3) لأنّه على يقين أنّ مجده الحقيقيّ يظهر فقط على الصّليب. والغريب أنّه كان يطلب ذلك من الشّياطين كما من النّاس، وكأنّ حبّ الظّهور هو أسلوب شيطانيّ يُنسي الإنسان قضيّته ليَلْتَهي بتمجيد ذاته. حبّ الظّهور هو من الأهواء الّتي يحذّر منها الآباء القدّيسون لأنّها تُساهِم في مرض النّفس وموتها الرّوحيّ. لنتذكّر أنّ الأشخاص الّذين استقبلوا يسوع يوم الشّعانين على أنّه ملك عظيم، هم مَن صرخوا: اصلبه. لا نسعى للمجد الآتي من النّاس، بل للمجد الّذي يُغدقه الله علينا بسبب طاعتنا وحبّنا له.

انقر هنا لتحميل الملف