Menu Close
kanisati

نشرة كنيستي

نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.

الأحد ٦ أيّار ۲٠١٨

العدد ١٨

أحد السّامريّة

اللّحن ٤- الإيوثينا ٧

كلمة الرّاعي

الانفتاح والتّزمّت

يُطالعنا في هذه الأيام بعض من الناس الَّذين يدَّعون الإيمان والتّمسُّك بالحقّ والعقيدة والتّقليد حفاظًا على نقاوة الأرثوذكسيّة. ربّما، بعض هؤلاء نواياهم وأهدافهم صالحة، لكن ممّا لا شكّ فيه أنّ الشيطان قد خدعهم بأحابيله إذ حرَّك مشاعرهم لتتحكّم بأفكارهم طاردين روح الرب من قلوبهم بروح الكراهية والحقد الّتي ترفض الآخَر وتريد تدميره وإلغاءه.

*           *           *

إنجيل اليوم، حول المرأة السّامريّة، هو تعليم الرب يسوع المسيح حول الحقّ والإيمان القويم وروح الانفتاح بالمحبّة والبشارة والامتداد نحو الآخَر لنقل سرّ المعرفة الإلهيّة لطالبيها.

تحاوَرَ الرب مع امرأة سامريّة. غريب أن يتحاور الرجل مع امرأة أمام الملأ في ذلك الزّمان، وكم بالأحرى يهودي مع سامريّة! الرب يسوع يكسر حواجز التقاليد البالية بإزاء بشارة الملكوت، لا يوجد إنسان ولا مكان محرّم أو ممنوع على الرب يسوع أن يدخله. هو أتى قصدًا إلى السامرة -وهي مدينة لا يأتيها اليهود لئلَّا يتنجَّسوا- أتى إلى جوار المدينة ليدخلها من خلال قلوب أبنائها أوَّلًا قبل أن يدخلها برجليه ثانيًا.

أتى الرب السامرة ليتحاور مع المرأة السامريَّة أولًا لأنها كانت هي باب المدينة الَّذي سيدخل منه إليها. الحوار لا يخيف من يعرف الحقّ بل هو سلاحه ليربح الآخَرين بالنعمة المتأتية بالكلمة الإلهيّة بروح الرب. ”حيث روح الرب فهناك حرية“ (٢ كورنثوس ٣: ١٧)، لذلك، لا تُقيَّد البشارة بأطر وأنظمة وقوانين ولا تُحدُّ الكلمة الإلهيّة بأماكن يمكن للإنسان أن يبشِّر بها فيها، هذا كلّه من الشّرير الَّذي لا يريد لكلمة البشارة ان تمتدّ في العالم لخلاصه.

يعلِّمنا بولس رسول الأمم في هذا الخصوص ما يلي: ”فَإِنِّي إِذْ كُنْتُ حُرًّا مِنَ الْجَمِيعِ، اسْتَعْبَدْتُ نَفْسِي لِلْجَمِيعِ لأَرْبَحَ الأَكْثَرِينَ. فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ. وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ النَّامُوسِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ. وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ ­ مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ للهِ، بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ ­ لأَرْبَحَ الَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ. صِرْتُ لِلضُّعَفَاءِ كَضَعِيفٍ لأَرْبَحَ الضُّعَفَاءَ. صِرْتُ لِلْكُلِّ كُلَّ شَيْءٍ، لأُخَلِّصَ عَلَى كُلِّ حَال قَوْمًا. وَهذَا أَنَا أَفْعَلُهُ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ، لأَكُونَ شَرِيكًا فِيهِ“ (١كورنثوس ٩: ١٩ –٢٣).

من هنا، يَغْبَى على المتزمّتين فهم روح البشارة لأنّهم منغلقون على أنفسهم غير واثقين من إيمانهم، وهذا ما يدفعهم إلى الخوف من الآخَر والهروب منه أو الحوار الرصين المحبّ معه والتّقوقع، وبهذا يصيرون محارِبين للإيمان القويم بسبب استحكام رُهاب (فوبيا) الآخَر المختلف عنهم (allophobia). والفوبيا هو خوف غير عقلاني في شدته أو ماهيته. يرتبط هذا الخوف بشيء أو شخص أو حالة أو فكرة معينة؛ ويسبب التعرُّضُ لمسبِّبِ الخوف القلقَ فورًا، والقلق يؤدّي إلى التوتّر والتوتّر يؤدّي إلى ردّات فعل قويّة قد تُترجَم بأفعال أو أقوال عنيفة وغير منطقيّة لا تنسجم مع حقيقة الموضوع أو حجمه وتهدف إلى تدمير الآخر وإلغائه بهدف إزالة الخوف ونتائجه.

*           *           *

الرب يسوع المسيح اتى ليخلّص العالم كله من الموت، موت الخطيئة وموت الجسد، ويهبه الخلاص والحياة الأبديّة. نحن المسيحيين مسؤولين أن نمدّ هذه البشارة السارة إلى كل الخليقة، ولا يحقّ لنا أن نتقوقع ونخاف بل علينا أن نقتحم بالمحبة واللطف والوداعة كلّ المسكونة حاملين إليها يسوع المسيح في كياننا وحياتنا في حقّ كلمته والبذل والخدمة. لأنّ ”حياة الإنسان مجد الله“، كما يقول القديس إيريناوس أسقف ليون، فإنّ واجبنا كمسيحيين أن ننقل هذه الحياة الإلهيّة إلى العالم بواسطة الكلمة الفاعِلة فينا أوَّلا بالروح القدس الَّذي يفيض منَّا ماء حياة لخلاص العالم...

+ أنطونيوس

مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما

طروباريّة القيامة للإيصوذون (باللّحن الخامس)

 المسيح قام من بين الأموات، ووطئ الموت بالموت، ووهب الحياة للَّذين في القبور.

طروباريّة القيامة (باللّحن الرّابع)

إنّ تلميذاتِ الربّ تعلَّمْنَ من الملاك الكَرْزَ بالقيامةِ البَهِج، وطَرَحْنَ القضاءَ الجَدِّيَّ، وخاطَبْنَ الرُّسُلَ مفتخِراتٍ وقائلات: سُبيَ الموت، وقامَ المسيحُ الإله، ومنحَ العالَمَ الرَّحمةَ العُظمى.

طروباريّة نصف الخمسين (باللّحن الخامس)

 في انتصافِ العيد اِسْقِ نفسي العَطْشَى من مياهِ العبادةِ الحَسَنَةِ أيّها المخلِّص. لأنّكَ هتفتَ نحو الكُلِّ قائلاً: مَن كانَ عطشانًا فليأتِ إليَّ ويشرب. فيا ينبوعَ الحياة، أيُّها المسيحُ الإلهُ المجدُ لك.

طروباريّة القدّيس جاورجيوس اللّابس الظّفر (باللّحن الرّابع)

بما أنكَ للمأسورينَ مُحَرِّرٌ ومُعْتِقٌ وللفقراءِ والمساكين عاضِدٌ وناصِرٌ وللمرضى طبيبٌ وشافٍ وعن المؤمنينَ مكافِحٌ ومحارِبٌ أيّها العظيمُ في الشهداءِ جاورجيوس اللابسُ الظَّفَر تشفَّع إلى المسيحِ الإله في خلاصِ نفوسِنا.

القنداق (باللّحن الثّامن)

ولئن كنتَ نزلتَ إلى قبر يا مَن لا يموت، إلاّ أنَّك درستَ قوَة الجحيم، وقمتَ غالباً أيُّها المسيحُ الإله، وللنسوةِ حاملاتِ الطيب قلتَ افرحنَ، ولِرُسُلِكَ وَهبتَ السلام، يا مانحَ الواقعينَ القيام.

الرّسالة (أعمال الرّسل 11: 19-30)

ما أعظَمَ أعمالَكَ يا ربُّ، كلَّها بحكمةٍ صَنعتَ

باركي يا نفسي الربَّ

 في تلكَ الأيّام، لمَّا تبدَّدَ الرُّسُلُ من أجلِ الضيقِ الذي حصَلَ بسببِ استِفَانُسَ، اجتازُوا إلى فِينيقِيةَ وقُبُرسَ وأنطاكِيَةَ وهمُ لا يكَلِّمونَ أحداً بالكلمِةِ إلاَّ اليهودَ فقط. ولكنَّ قوماً منهم كانوا قُبرُسِيِّين وقِيرِينيِّين. فهؤلاءِ، لمَّا دخَلُوا أنطاكيَةَ، أخذوا يُكلِّمونَ اليونانيّينَ مُبشِّرينَ بالربِّ يسوع، وكانت يدُ الربِّ مَعَهم. فآمنَ عددٌ كثيرٌ ورَجَعوا إلى الربّ، فبلغَ خبرُ ذلك إلى آذانِ الكنيسةِ التي بأُورَشليمَ، فأرسَلُوا بَرنابا لكي يجتازَ إلى أنطاكية. فلمَّا أقبَلَ ورأى نعمَةَ الله فَرِحَ ووعَظَهم كُلَّهم بأنْ يثبُتُوا في الربِّ بعزيمةِ القلب، لأنَّه كانَ رجلاً صالحاً ممتَلِئاً مِن الروحِ القدُسِ والإيمان. وانضَمَّ إلى الربِّ جمعٌ كثيرٌ. ثمَّ خرَجَ بَرنابا إلى طَرسُوسَ في طلبِ شاوُل. ولمَّا وجَدهُ أتى بهِ إلى أنطاكية، وتردَّدا معًا سنةً كامِلة في هذهِ الكنيسةِ وعلَّما جَمعاً كثيراً. ودُعِيَ التلاميذُ مَسيحيّين في أنطاكِيةَ أوّلاً. وفي تلكَ الأيّامِ انحدرَ من أورشليمَ أنبياءُ إلى أنطاكية، فقامَ واحدٌ منهم اسمُهُ أغابُوسُ فأنبأ بالروحِ أن ستكونُ مَجاعَةٌ عَظيمَةٌ على جميعِ المسكونة. وقد وَقَع ذلكَ في أيّامِ كلوديُوسَ قيصرَ، فَحَتَّمَ التلاميذُ، بحسَبِ ما يتَيسَّرُ لكلِّ واحدٍ منهم، أن يُرسِلوا خِدمةً إلى الإخوةِ الساكنِينَ في أورَشليم، ففعلوا ذلكَ وبعثوا إلى الشُيوخِ على أيدي بَرنابا وشَاوُلَ.

الإنجيل (يوحنّا 4: 5-42)

في ذلك الزمانِ أتى يسوعُ إلى مدينةٍ منَ السامرَةِ  يُقالُ لها سُوخار، بقُربِ الضيعةِ التي أعطاها يعقوبُ ليُوسُفَ ابنِهِ. وكانَت هُناك عينُ يعقوب. وكانَ يسوعُ قد تعِبَ مِنَ المَسير، فجلَسَ على العين، وكانَ نحوُ الساعةِ السادسة. فجاءتِ امرأةٌ منَ السامِرةِ لتستَقيَ ماءً. فقال لها يسوعُ: أعطيني لأشرَبَ -فإنَّ تلاميذهُ كانوا قد مضَوا إلى المدينةِ ليَبْتاعوا طعاماً- فقالت لهُ المرأةُ السامريّة: كيفَ تَطلُبُ أن تشربَ مِنيِّ وأنتَ يهوديٌّ وأنا امرأةٌ سامريَّةٌ، واليهودُ لا يُخالِطونَ السامِريِّين؟ أجابَ يسوعُ وقالَ لها: لو عَرَفتِ عَطيَّةَ اللهِ ومَن الذي قال لكِ أعطيني لأشربَ، لَطلبتِ أنتِ منه فأعطاكِ ماءً حيّاً. قالت له المرأةُ: يا سيِّدُ إنَّهُ ليسَ معكَ ما تستقي بهِ والبئْرُ عميقةٌ، فَمِنْ أين لك الماءُ الحيُّ؟ ألعلَّكَ أنتَ أعْظَمُ مِنْ أبينا يعقوبَ الذي أعطانا البئرَ، ومنها شَرِبَ هو وبَنوهُ وماشيتُهُ؟! أجابَ يسوعُ وقالَ لها: كلُّ من يشرَبُ من هذا الماءِ يعطشُ أيضاً، وأمَّا مَن يشربُ من الماءِ الذي أنا أُعطيهِ لهُ فلن يعطشَ إلى الأبد، بَلِ الماءُ الذي أُعطيه لهُ يصيرُ فيهِ يَنبوعَ ماءٍ يَنبُعُ إلى حياةٍ أبديّة. فقالتْ لهُ المرأةُ: يا سيِّدُ أَعطِني هذا الماءَ لكي لا أعطشَ ولا أجيءَ إلى ههنا لأستقي. فقالَ لها يسوعُ: إذهبي وادْعِي رجُلَكِ وهَلُمِّي إلى ههنا. أجابتِ المرأةُ وقالت: إنَّهُ لا رجُلَ لي. فقال لها يسوعُ: قد أحسَنتِ بقولِكِ إنَّهُ لا رجُلَ لي. فإنَّهُ كان لكِ خمسَةُ رجالٍ والذي معَكِ الآنَ ليسَ رَجُلَكِ؛ هذا قُلتِهِ بالصِّدق. قالت لهُ المرأة: يا سيِّدُ، أرى أنَّكَ نبيٌّ. آباؤنا سجدوا في هذا الجَبلِ وأنتم تقولون إنَّ المكانَ الذي ينبغي أن يُسجَدَ فيهِ هُوَ في أورشليم. قال لها يسوعُ: يا امرأةُ، صدِّقيني، إنَّها تأتي ساعةٌ لا في هذا الجبلِ ولا في أورَشَليمَ تسجُدونَ فيها للآب. أنتم تسجُدونَ لما لا تعلمون ونَحنُ نسجُدُ لما نعلَم، لأنَّ الخلاصَ هُوَ منَ اليهود. ولكن، تأتي ساعة -وهيَ الآنَ حاضِرَة- إذِ الساجدونَ الحقيقيُّونَ يَسجُدونَ للآبِ بالروح والحقّ. لأنَّ الآبَ إنَّما يطلُبُ الساجدينَ لهُ مِثلَ هؤلاء. اللهُ روحٌ والذين يسجُدون لهُ فبالروح والحقّ ينبغي أن يسجُدوا. قالت لهُ المرأةُ: قد عَلِمتُ أنَّ مَسيَّا، الذي يقالُ لهُ المسيح، يأتي. فمَتى جاءَ ذلك فهُوَ يُخبرُنا بكُلِّ شيءٍ. فقال لها يسوعُ: أنا المتكلِّمَ مَعَكِ هُوَ. وعندَ ذلكَ جاءَ تلاميذهُ فتعجَّبوا أنَّهُ يتكلَّمُ مَعَ امرأةٍ، ولكِنْ لم يَقُلْ أحدٌ ماذا تطلُبُ؟ أو لماذا تتكلَّمُ مَعَها؟ فترَكتِ المرأة جرَّتها ومضَتْ إلى المدينةِ وقالت للناس: أُنظروا إنساناً قالَ لي كُلَّ ما فعلتُ. ألعلَّ هذا هُوَ المسيحُ؟! فخرجوا من المدينة وأقبلوا نحوهُ. وفي أثناء ذلكَ سألَهُ تلاميذهُ قائلينَ: يا مُعلِّمُ كُلْ. فقالَ لهم: إنَّ لي طعاماً لآكُلَ لستم تعرِفونهُ أنتم. فقالَ التلاميذُ فيما بينهم: ألعلَّ أحداً جاءهُ بما يَأكُل؟! فقالَ لهم يسوعُ: إنَّ طعامي أنْ أعمَلَ مشيئَةَ الذي أرسلَني وأُتَمِّمَ عملَهُ. ألستم تقولون أنتم إنَّهُ يكونُ أربعةُ أشهرٍ ثمَّ يأتي الحَصاد؟ وها أنا أقولُ لكم إرفعُوا عيونَكم وانظُروا إلى المزارع، إنَّها قدِ ابيضَّتْ للحَصاد. والذي يحصُدُ يأخذُ أجرةً ويجمَعُ ثمراً لحياةٍ أبدَّية، لكي يفرَحَ الزارعُ والحاصدُ معًا. ففي هذا يَصْدُقُ القولُ: إنَّ واحداً يزرَعُ وآخرَ يحصُد. إني أرسلتُكُم لتحصُدوا ما لم تتعَبوا أنتم فيه. فإنَّ آخَرينَ تَعِبوا وأنتُم دخلتُم على تَعبِهم. فآمنَ بهِ من تلكَ المدينةِ كثيرونَ مِنَ السامريِّينَ من أجلِ كلامِ المرأةِ التي كانت تشهَدُ أن قدْ قالَ لي كلَّ ما فعلْت. ولمَّا أتى إليهِ السامريُّونَ سألوهُ أن يقيمَ عِندهُم، فمكَثَ هناكَ يومين. فآمنَ جَمعٌ أكثرُ من أولئكَ جدّاً من أجل كلامِهِ، وكانوا يقولونَ للمرأةِ: لسنا من أجل كلامِكِ نُؤمنُ الآنَ، لأنَّا نحنُ قد سمعْنا ونَعْلَمُ أنَّ هذا هُوَ بالحقيقَةِ المسيحُ مُخلِّصُ العالَم.

حول الإنجيل

 يكشف مجيء المرأة السامريّة في الساعة السادسة (أي عند الظهيرة)، بعد أن حمل الرجال والنساء مياههم إلى منازلهم،  عن موقف الشعب منها؛ إذ لم تكن لها الجرأة أن تواجه أحدًا، فجاءت في وسط الحرّ لتستقي ماء من البئر بمفردها. مسيحنا هو إله المرذولين والمطرودين، يُخرج منهم أبناء الملكوت وكارزين بالحق.

واضح أن هذه المرأة السامرية كانت فقيرة، ليس لها خادم يُحضر لها ماءً من البئر، وأنها مكافِحَة ذهبت بنفسها إلى البئر لتأتي بالماء.

هذا اللقاء يذكرنا برفقة وراحيل وابنة يثرون حمو موسى كيف تزوجن خلال اللقاء عند البئر بزيجات مباركة باسحق ويعقوب وموسى. هكذا وجدت المرأة السامرية عريس نفسها عند بئر يعقوب. ونحن نجد مسيحنا عريسًا لنا عند جرن المعمودية.

بدأ الرب يسوع حواره معها بطلب متواضع: أن يشـرب ماءً. ذاك الذي من أجلنا افتقر، الآن من أجلنا صار شحاذًا لكوب ماء، ليس لاحتياج شخصـي، وإنما ليكشف لها عن احتياجها هي إليه، فتشرب وترتوي من ينابيع نعمته الغنية. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: ”إن أردتَ أن تطلب يسوع فلتترك الأحواض المكسورة، لأن المسيح اعتاد أن يجلس ليس بجوار بركة بل بجوار بئر.

هناك وجدته المرأة السامرية، هذه التي آمنت، وأرادتْ أن تسحب ماءً. وإن كان يجب أن تأتي في ساعة مبكرة صباحًا، مع ذلك فإن أتت في الساعة السادسة (عند الظهيرة) تجد يسوع متعبًا من رحلته. إنه متعب بسببك، إذ طال وقت بحثه عنك. عدم إيمانك جعله متعبًا. ومع هذا فإنك إن أتيت لا يعترض قط. إنه يسأل أن يشرب ذاك الذي في طريقه أن يعطي. لكنه يشرب لا من ماء جدول يفيض، بل يشـرب خلاصك. إنه يشرب من تصرفاتك الصالحة، يشـرب الكأس أي الآلام التي يكفر بها عن خطاياك، حتى إذ تشرب من دمه المقدس تروي عطش هذا العالم.“ كما يشير القديس غريغوريوس النيصصي بأن المرأة السامريّة صعدت قليلاً قليلاً إلى التعاليم العلوية! لأنها في الأول ظنت أن المسيح شخص يهودي منحرف عن شريعته... ولما سمعت  "ماء حيًا" (الآية ١٤) ظنّت أن هذا القول قد قيل في وصف ماء محسوس، وصدّقت أن ذلك الماء يقدر أن يبطل العطش، ولم تعرف بعد ما هو هذا الماء، لكنها تحيّرت أيضًا فظنّت أنه أعلى قدرًا من المياه المحسوسة، وقالت: "أعطني هذا الماء لكي لا أعطش، ولا آتي إلى هنا لأستقي". والجدير ذكره أنّ اليهود لا يتعاملون مع السامريين وأنه لا يجوز أن يأكل يهودي طعامًا لسامري لئلا يتنجس كمن يأكل لحم خنزير. أما الرب يسوع فلم ينشغل بهذه العداوة، إنما ما شغله جذبه للنفس لتتمتع بخلاصه .دُهشَت المرأة السامرية لموقفه، فإنه ما كان يمكن ليهودي أن يطلب شيئًا من سامري، مهما بلغ احتياجه، أو واجه من متاعب ومصاعب، من دون أي استثناء.

كلمات المرأة السامريّة الأخيرة ”تعالَوا انظروا إنساناً قالَ لي كُلَّ ما فعلت. ألعلَّ هذا هُوَ المسيح“ تكشف عن سعادتها الداخلية بلقائها مع المسيّا مخلص العالم، وتمتعها بمن يملأ أعماقها. لم يهبها الرجال الستة سعادة، لكن لقاءها مع مخلصها بعث فيها روح السعادة والعمل من أجل الآخرين لخلاصهم. فكما ذهب الربّ إلى المرأة السامريّة وتكلّم معها لخلاصها، هكذا أيضاً  يتكلم معنا كلّ يوم وينتظر منّا الإجابة على إيماننا، ليس بالنظريات إنما بالأعمال.

رفات من جبل آثوس لأبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما

انقر هنا لتحميل الملف