نشرة كنيستي
نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.
أُنقُر على الملف لتصفُّح نشرة كنيستي
كما يمكن قراءة النص الكامل في المقطع أدناه.
الأحد 05 أيّار 2024
العدد 18
أحد الفصح العظيم المقدَّس
أعياد الأسبوع: *5: الفصح العظيم المقدَّس نُعَيِّد لقيامة ربّنا وإلهنا ومخلّصنا يسوع المسيح المحيِيَة *6: الإثنين من أسبوع التّجديدات (إثنين الباعوث)، تذكار الصّدِّيق أيوب الكثير الجهاد، تذكار القدّيس العظيم في الشُّهداء جاورجيوس اللّابس الظّفر *7: الثّلاثاء من أسبوع التَّجديدات، تذكار علامة الصَّليب الَّتي ظهرَت في أورشليم *8: الأربعاء من أسبوع التَّجديدات، تذكار القدّيس يوحنّا الإنجيليّ، القدّيس أرسانيوس الكبير *9: الخميس من أسبوع التَّجديدات، تذكار النّبي إشعياء، الشَّهيد خريستوفوروس *10: الجمعة من أسبوع التَّجديدات (ينبوع الحياة)، تذكار تجديد هيكل الكّلّيَّة القداسة سيّدتنا أمّ الإله الينبوع الحَيّ، تذكار الرَّسول سمعان الغيّور، البارّ لفرنديوس، البارَّة أولمبيا *11: السَّبت من أسبوع التَّجديدات، تذكار إنشاء القسطنطينيّة، الشَّهيد موكيوس، القدّيس كيريلُّس وميثوديوس المعادلَيْ الرُّسُل.ٍ
كلمة الرّاعي
فصحُنا المسيحُ... حياتنا الجديدة والمتجدِّدة...
فصحُ المسيحِ أي عبورُه من الموت إلى الحياة هو حدثٌ تاريخيّ لا مثيل له، لأنّه بدءٌ جديدٌ للبشريَّة، خلقٌ أخيريّ (eschatologique) في الزَّمن إلى ما بعد الزَّمن في خالق الزَّمن...
فصح العبرانيّين كان آخر فصح لهم قبل فصح المسيح، لأنّ فصحهم اكتمل في الحمل الحوليّ الَّذي لا عَيْب فيه الَّذي بدمه المهراق على الصَّليب خلّص كلّ الَّذين سيؤمنون به على مَرِّ السِّنين والأزمنة. بعد فصح يسوع انتهت اليهوديَّة كديانة وكشعب، لأنّ إسرائيل الجديد قد بزغ من القبر ناهضًا محطِّمًا أمخال الجحيم وأبوابه ومحرِّرًا الَّذَين كانوا في قبضته. انتهى إسرائيل القديم بالقيامة، وأيضًا الخليقة القديمة قد عبرت بالمسيح وفيه إلى وجود جديد، "إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا" (2 كو 5: 17)...
* * *
المسيح نفسه هو الفصح بالنِّسبة لنا، لأنّ فيه عبرت البشريّة العتيقة بالموت إلى بشريّة جديدة متحوِّلة من فساد إلى عدم فساد ومن بِلى إلى عدم بِلى ومن محدوديّة وجود إلى لانهائيّة، ومن خضوع لنتائج السُّقوط إلى حرِّيَّة الأبديَّة. كذلك، فإنّ "الْخَلِيقَةَ نَفْسَهَا أَيْضًا سَتُعْتَقُ مِنْ عُبُودِيَّةِ الْفَسَادِ إِلَى حُرِّيَّةِ مَجْدِ أَوْلاَدِ اللهِ" (رو 8: 21)...
ما هي صفات هذه "الخليقة الجديدة"؟ إنّها عكس الخليقة القديمة الَّتي أصحابها "هُمْ مُظْلِمُو الْفِكْرِ، وَمُتَجَنِّبُونَ عَنْ حَيَاةِ اللهِ لِسَبَبِ الْجَهْلِ الَّذِي فِيهِمْ بِسَبَبِ غِلاَظَةِ قُلُوبِهِمْ. اَلَّذِينَ - إِذْ هُمْ قَدْ فَقَدُوا الْحِسَّ - أَسْلَمُوا نُفُوسَهُمْ لِلدَّعَارَةِ لِيَعْمَلُوا كُلَّ نَجَاسَةٍ فِي الطَّمَعِ" (أف 4: 18 - 19). هذا هو الإنسان "الْفَاسِدَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ الْغُرُورِ" (أف 4: 22). أمّا "الإِنْسَانَ الْجَدِيدَ الْمَخْلُوقَ بِحَسَبِ اللهِ فِي الْبِرِّ وَقَدَاسَةِ الْحَقِّ" (أف 4: 24) فهو على صورة يسوع المسيح وهو يحقِّق فيه هذه الفضائل بنعمة الرّوح الكلّيّ قدسه الَّذي يعطي الإنسان أن يصير مسيحًا صغيرًا ينمو بالتّآزُر بين إرادته وجهاده وطاعته لله، وبين قوّة الثّالوث القدّوس المنسكبة عليه في جسد المسيح أي الكنيسة بالرُّوح الإلهيّ...
ظلمة الأهواء تكتنف الإنسان العتيق ونور النِّعْمَة يملأ الإنسان الجديد ويشعّ منه (راجع مت 5: 14). لا خلاص من ظلمة الخطيئة وهذا الدّهر بدون يسوع "نور العالم" (يو 8: 12)، فهو قال عن نفسه: "أَنَا قَدْ جِئْتُ نُورًا إِلَى الْعَالَمِ، حَتَّى كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِي لاَ يَمْكُثُ فِي الظُّلْمَةِ" (يو 12: 46).
* * *
أيّها الأحبّاء، ليست القيامة حدثًا تاريخيًّا صار وانتهى، إنّ الحدث الَّذي غيّر وجه التّاريخ بأكمله وأدخل الأبديّة في الزَّمن حتّى أنّ كلّ من يؤمن بيسوع ويعيش فيه وبنعمته يصير ابن الدّهر الآتي، ابن الآخِرة وملكوت السَّماوات، وتاليًا هو مُعطى صفات أبناء الملكوت أي صفات المسيح بالرُّوح القدس أي بالنِّعْمَة الإلهيّة غير المخلوقة الّتي حين تُأقنَمُ في الخلق الجديد بالمعموديّة والميرون المقدَّس والأسرار الإلهيَّة تصير مُلْكًا للإنسان الجديد المولود على صورة المسيح من جرن المعموديّة – رحم الكنيسة وبوابة الدّهر الآتي والحياة الأبديَّة...
إنّ قيامة المسيح الرّبّ هي حدث مستمرّ في حياة المؤمن بالتَّوبة، "أَمْ تَجْهَلُونَ أَنَّنَا كُلَّ مَنِ اعْتَمَدَ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ اعْتَمَدْنَا لِمَوْتِهِ، فَدُفِنَّا مَعَهُ بِالْمَعْمُودِيَّةِ لِلْمَوْتِ، حَتَّى كَمَا أُقِيمَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ، بِمَجْدِ الآبِ، هكَذَا نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضًا فِي جِدَّةِ الْحَيَاةِ؟ لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ صِرْنَا مُتَّحِدِينَ مَعَهُ بِشِبْهِ مَوْتِهِ، نَصِيرُ أَيْضًا بِقِيَامَتِهِ..." (رو 6: 3: 5). من صار في المسيح لا تسود عليه الخطيئة بعد، لكن من لبس المسيح ولم يعلم أنّه صار ذبيحًا لله في طاعة الكلمة للبِرِّ والقداسة يبقى في خطاياه وموته، أمّا الَّذين يقدّمون أَجْسَادَهُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ، عِبَادَتُهُمُ الْعَقْلِيَّةَ (راجع رو 12: 1) فهؤلاء يصيرون قياميِّين في فكرهم وكيانهم وحياتهم أي هم يعبرون دومًا بذبيحة الطَّاعة والتَّسبيح والخدمة في التَّوبة إلى تجدُّد كيانهم بيسوع المسيح النّاهِض من بين الأموات بالرُّوح القدس الَّذي يُسكب عليهم في أسرار الكنيسة وفي سكب حياتهم ذبيحة حبٍّ للمسيح في الآخَر ولأجله...
هكذا يصير تجديد الخليقة بالمسيح في المؤمنين به التّوابين والمملوئين من الرُّوح المعزّي والحقّ، في كلّ إنسان جديد وقائم من الموت بالمسيح يصير تجديد الكون والحياة وتُطرد الظّلمة وينبلج نور الحياة الجديدة والمحبّة الإلهيَّة والحقّ والإنصاف... بالمسيحيّين الحقيقيّين يصير العالم مكانًا أفضل... هذا هو جهادنا ودأبنا في اتّباعنا يسوع المسيح الغالب بالحبّ والوداعة والتَّواضع...
نرفع الدّعاء إلى ملك الملوك وربّ الأرباب أن: "قم يا الله واحكم في الأرض..." ليسوده العدل والسَّلام والفرح والحقّ، وارفع الظّلم عن الشُّعوب المقهورة والمتألّمة وعن كلّ إنسان في ضيم وضيق وألم وأنهض الواقعين في ظلمات اليأس والقُنوط إلى نور قيامتك والحياة الجديدة بك يا حياتنا ورجاءنا المجد لك... حتّى نصرخ جميعنا بصوتٍ واحِدٍ وقلبٍ واحِدٍ مُزَلْزِلٍ أركان سيادات هذا العالم السّاقط، ونهتف كلُّنا:
المسيح قام! حقًّا قام!
+ أنطونيوس
متروبوليت زحلة وبعلبك وتوابعهما
طروباريّة القيامة (باللَّحن الخامس)
المسيحُ قامَ من بينِ الأموات، ووَطِئَ الموتَ بالموتِ، ووَهَبَ الحياةَ للَّذينَ في القُبُور.
الإيباكويي(الطّاعة) (باللّحن الرّابع)
سَبَقتِ الصُّبحَ اللَّواتي كُنَّ مع مريم، فَوَجَدْنَ الحجَرَ مُدحْرَجًا عَن القَبْرِ، وَسَمِعْنَ الملاكَ قائِلًا لهُنَّ: لِمَ تَطلُبْنَ مع الموتى كإنسانٍ الّذي هُوَ في النُّورِ الأزليّ، أُنْظُرْنَ لَفَائِفَ الأكْفَانِ وأسْرِعْنَ وَاكْرِزْنَ في العالَم بأنَّ الرَّبَّ قَدْ قامَ وأمَاتَ الموتَ، لأنَّه ابنُ اللهِ المُخَلِّصُ جِنْسَ البَشَرِ.
قنداق الفصح (باللَّحن الثّامن)
وَلَئِنْ كُنْتَ نَزَلْتَ إلى قبرٍ يا مَن لا يموت، إِلَّا أَنَّكَ دَرَسْتَ قُوَّةَ الجحيم، وقُمْتَ غالِبًا أَيُّها المسيحُ الإله، وللنِّسوَةِ حامِلاتِ الطِّيبِ قُلْتَ افْرَحْنَ، ولِرُسُلِكَ وَهَبْتَ السَّلام، يا مانِحَ الواقِعِينَ القِيَام.
الرّسالة (أع 1: 1- 8)
هذا هُوَ اليَوْمُ الَّذي صَنَعَهُ الرَّبّ. فَلْنتهلَّلْ ونَفْرَحْ بِهِ
اعْتَرِفُوا للرَبِ فإنَّهُ صالحٌ وإنَّ إلى الأبدِ رَحْمَتَهُ
قد أنشأتُ الكلامَ الأوّلَ يا ثاوفيلَسُ في جميع الأمورِ الَّتي ابتدأ يسوع يعملّها ويُعلِّمُ بها، إلى اليومِ الَّذي صَعِدَ فيهِ من بعدِ أن أوصى بالرُّوح القدُسِ الرُّسلَ الَّذينَ اصطفاهم، الَّذين أراهُمْ أيضًا نفسَهُ حيًّا بَعْدَ تألُّمهِ ببراهينَ كثيرةٍ، وهو يتراءَى لهم مدَّة أربعينَ يومًا ويُكلِّمُهُم بما يختصُّ بملكوتِ الله. وفيما هو مجتمعٌ معهم أوصاهم أن لا تبرحوا من أورشليمَ بل انتظروا موعِدَ الآب الَّذي سمعتموهُ مني، فإنَّ يوحنا عمَّدَ بالماء وأمَّا أنتم فَسَتُعَمَّدُونَ بالرُّوح القدس، لا بعدَ هذه الأيّام بكثيرٍ. فسألهُ المجتمعونَ قائلينَ: يا ربُّ، أفي هذا الزّمان تردُّ الملكَ إلى إسرائيلَ. فقالَ لهم ليس لكم أن تَعْرِفوا الأزمنةَ أو الأوقاتَ الَّتي جعلَها الآبُ في سلطانِه، لكنَّكم ستنالونَ قوَّة بحلولِ الرُّوح القدس عليكُمْ، وتكونونَ لي شهودًا في أورشليمَ وفي جميع اليهوديَّةِ والسّامرة، وإلى أقصى الأرض.
الإنجيل (يو 1: 1-17)
في البدءِ كانَ الكَلِمةُ والكَلِمةُ كانَ عندَ الله وإلهًا كانَ الكَلِمَة. هذا كانَ في البدءِ عندَ الله. كُلٌّ بهِ كانَ وبغيرِهِ لم يكُنْ شَيءٌ ممَّا كُوِّن. بهِ كانتِ الحياةُ والحياةُ كانَتْ نُورَ النّاس والنُّورُ في الظّلمَةِ يُضيءُ والظّلمَةُ لم تُدْرِكْهُ. كانَ إنسانٌ مُرسَلٌ مِنَ اللهِ اسمُهُ يُوحَنَّا. هذا جاءَ لِلشَّهادَةِ ليشهد للنُّور. لكي يؤمنَ الكلُّ بِواسطتِهِ. لم يكنْ هوَ النُّورَ بل كان ليشهَدَ للنُّورِ. الكلمةُ هو النُّور الحق، الآتي إلى العالم والمُنيرُ كُلَّ إنسانٍ. في العالم كانَ والعالمُ بِهِ كُوِّنَ والعالمُ لَمْ يعرفهُ. إلى خاصَّتِهِ أتى وخاصَّتهُ لم تقبَلهُ. فأمَّا كلُّ الَّذينَ قَبِلوهُ فقد أعطاهُم سُلطانًا أن يكونوا أولادًا للهِ، وهم الَّذينَ يؤمنون باسمِهِ، الَّذينَ لا مِن دَمٍ ولا مِنْ مشيئةِ لحمٍ ولا مِنْ مَشيئةِ رَجُلٍ لكنْ مِنَ الله وُلِدوا. والكلمَةُ صارَ جسدًا وحلَّ فينا (وقد أبْصرْنا مجدَهُ مجدَ وحيدٍ من الآب) مملوءًا نِعمة وحقًّا. ويُوحَنَّا شَهِدَ لهُ وصرَخَ قائلًا: هذا هُوَ الَّذي قلتُ عَنهُ إنَّ الَّذي يَأتي بَعدي صارَ قبلي لأنَّهُ مُتَقدِّمي. ومن مِلئِهِ نحنُ كلُّنا أخَذْنا ونعمةً عوضَ نعمةٍ. لأنَّ النّاموسَ بموسى أُعطِي. وأمَّا النِّعمَةُ والحقُّ فبِيسُوعَ المسيحِ حَصلا.
حول الإنجيل
منذ قيامة يسوع من القبر وحياة القائم تَسْري في دمائنا وأجسادنا بفعل المناولة المقدّسة، وتتّحد به نفوسنا بعمل الرُّوح القدس فينا، وتستنير أذهاننا بالتَّأمّل في حكمة الله وصنائعه العظيمة الَّتي لا تُحصى، ويزيد إدراكنا بفعل العِشرة مع الله في الصَّلاة ودراسة الكلمة الإلهيّة وبداعي خدمتنا الباذلة لإخوتنا. هذه الخيرات هي وَليدة الفصح إذ في المسيح "كانت الحياة" وحياته "كانت نور النَّاس"، وهو أيضًا "النُّور الحقيقيّ الَّذي ينير كلّ إنسان آتيًا إلى العالم". تَعَلَّمْنَا من التَّاريخ ومن الخبرة أنّ البعض قَبِل هذه الخيرات بفرح وامتنان وفهم، وهؤلاء زيّنوا ملكوت الله بالنُّور الَّذي عكسوه على مُحَيّاهم وترجموه في أفعالهم وعبّروا عنه بأقوالهم وسلّموه إلى أجيال من بعدهم ينيرون على أترابهم بالشَّهادة الصَّادقة والخدمة المتفانية لقضيّة الإنسان كما عاشها يسوع، ولقضيّة الله كما شهد لها المسيح. نعم، "الكلمة صار جسدًا وحلّ بيننا، ورأينا مجده، مجدًا كما لوحيد من الآب، مملوءًا نعمة وحقًّا". الخليقة الجديدة برزت في قيامة المسيح وحمل مشعلها المؤمنون به وحقّقوها في حياتهم على الأرض وحملوا ثمارها في ملكوت السَّماوات والَّتي نعاينها في الكنيسة. ما أجملها وأشهاها من ثمار! ما أحلاها وأبهاها من رؤية! أمام هؤلاء نهتف طوعيًّا: "المسيح قام!" فيجيبوننا: "حقًّا قام!"، هذا لأنّهم والمسيح باتوا واحدًا في جسده هو المصلوب عنّا والقائم من أجلنا. ما أكرمها من بشارة! إنّها الشَّهادة للنُّور الَّتي حملها إلينا يوحنّا المعمدان (يوحنّا ١: ٧) ومن بعده شهود قيامة المسيح الكثر، جيلًا بعد جيل! فالشُّكر لك يا الله على عطيّتك لنا في يسوع وقدّيسيك في هذا الفصح وكلّ فصح!...
لأقوم معك
يقول يوحنّا الإنجيليّ "إنّ النّاموس بموسى أُعطِي، أمّا النّعمة والحقّ فبيسوع المسيح صارا". وهذا يكشف لنا أهمّيّة النّعمة من أجل خلاصنا وتألّهنا. لا يمكن إعطاء تعريفٍ "عقليٍّ" للنّعمة بما أنّ المسيح لا يمكن حصره في أيّ تعريف. لذلك ما يمكن قوله هو أنّ النّعمة الإلهيّة هي قوّة الله "الإلهيّة والفائقة الطّبيعة" الّتي يتّحد من خلالها الله والبشر.
النّور الّذي خرج من القبر الواهب الحياة هو نعمة إلهيّة. ويخبرنا الآباء القدّيسون أنّ النّعمة الإلهيّة هي النّور غير المخلوق، نور التّجلّي، نور القيامة.
لذلك يجب التّشديد على أنّ كنيستنا هي كنيسة القيامة، لا لأنّها تحتفل بالقيامة من خلال خدمٍ بهيّةٍ، بل لأنّ فيها دائمًا النّور غير المخلوق ومجد المسيح القائم.
نستطيع أن نشعر بهذا النّور غير المخلوق في الدّفء والتّعزية والرّاحة الّتي تمتدّ في قلوبنا، ولا تقدر أيّ قوّةٍ على إخراجها. بالتّالي فإنّ حياة المسيح القائم موجودةٌ في الكنيسة وتنتقل باستمرارٍ إلى الّذين يعيشون أسراريًّا ويشكّلون جسده.
لهذا يقول بولس الرّسول: "إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ". وذلك لأنّ المسيح هو رأس الجسد الّذي هو الكنيسة، فالإنسان يستطيع من خلال الإله – الإنسان أن يطرح الفساد والموت ويلبس عدم الفساد وعدم الموت، وهكذا يصبح "خليقةً جديدة". هذا ما نراه في والدة الإله والقدّيسين الّذين اختبروا نعمة المسيح القائم ونوره.
إذًا نحن العطاش إلى عالمٍ جديدٍ خالٍ من الحقد والعداوة نحتاج إلى مجتمعٍ مبنيٍّ من خلال المسيح. وهذا ممكنٌ من خلال المسرّة الإلهيّة لا القوّة البشريّة، ومن خلال قيامة الإله – الإنسان لا التّمرّد البشريّ.
نحن كنيسة القيامة ليس لأنّنا نمجّد المسيح القائم فقط، بل لأنّ أعضاء هذه الكنيسة يعيشون حياة المسيح القائم. بالتّالي عندما نقول "المسيح قام"، لا نقصد فقط حدثًا تاريخيًّا، بل لأنّ هذا مرتبطٌ بالحاضر والمستقبل. "المسيح قام" يعني أنّ "الكنيسة قامت"، وأيضًا "نحن قُمنا".