Menu Close
kanisati040224

نشرة كنيستي

نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.

أُنقُر على الملف لتصفُّح نشرة كنيستي

كما يمكن قراءة النص الكامل في المقطع أدناه.

الأحد 4 شباط 2024            

العدد 5

الأحد (15) من لوقا (زكّا) 

اللّحن 2- الإيوثينا 2

أعياد الأسبوع: *4: البارّ إيسيذوروس الفرميّ *5: الشّهيدة أغاثي *6: الشَّهيد إليان الحمصيّ، القدّيس بوكولوس أسقف أزمير، القدّيس فوتيوس بطريرك القسطنطينيّة *7: القدّيس برثانيوس أسقف لمبساكا، البارّ لوقا *8: القدّيس ثيوذوروس قائد الجيش، النّبيّ زخريّا *9: وداع عيد الدُّخول، الشّهيد نيكيفوروس *10: الشَّهيد في الكهنة خارالمبوس العجائبيّ، البارّ زينون.

كلمة الراعي

تحدّيات العائلة المسيحيَّة (2) – التّربية المسيحيَّة السَّليمة

"أَدِّبِ ابْنَكَ، وَاجْتَهِدْ فِي تَهْذِيبِهِ، لِئَلاَّ يَسْقُطَ فِيمَا يُخْجِلُكَ." (سي 30: 13)

التَّربية السَّليمة في المفهوم العلميّ هي عمليّة توجيه الأطفال والشَّباب نحو السُّلوكيّات الإيجابيّة والمساعِدة في تطوير شخصيَّتهم ومهاراتهم الاجتماعيّة والعاطفيّة. تشمل التَّربية السَّليمة العديد من المبادئ والأساليب التَّي يمكن استخدامها لتحقيق هذه الأهداف، مثل توفير بيئة داعمة ومحفِّزة للنُّموّ الشَّخصيّ، وتعزيز الثِّقة بالنَّفس والتَّعلُّم الذّاتيّ، وتعزيز القيم الأخلاقيّة والاجتماعيّة، وتعزيز العلاقات الإيجابيّة مع الآخرين، وتعزيز الصّحّة النّفسيّة والعاطفيّة، وتعزيز القدرة على التّعامل مع التّحدّيات والصُّعوبات في الحياة.

حتّى تكون التَّربية مسيحيَّة سليمة ينبغي أن ينبثق كلّ عمل تربويّ للأهل مع أولادهم من خبرة عيشهم لإيمانهم المَسيحيّ القَويم، فلا تكون المبادئ التَّربويَّة مبنيَّة فقط على النَّظريَّات العلميَّة في هذا المجال بل مُشبَعة بخبرة معرفة الله – المحبَّة وبُنيان العلاقة مع الإله الحَيّ والحاضِر والفاعِل في حياة المؤمن. هذا، طبعًا، لن يحصل إن لم يكن الأهل مؤمنون ممارسون لإيمانهم من خلال عِشْرَة الكَلِمَة الإلهيّة والصَّلاة الشَّخصيّة والمشاركة في الأسرار الإلهيَّة وعّيْش الوصيّة في التَّوبة وتقويم الحياة وخدمة المحتاج...

*           *           *

العائلة المسيحيَّة عائلة مميَّزة برُوح المحبَّة والتّفهُّم والتّعاضد والشّركة والوَحدة، وهذه تتجلَّى أوَّلًا في العلاقة بين الأب والأم من خلال الاحترام المتبادَل وروح الفرح المنبثقة من محبَّة الوالدَين بعضهما لبعض والتَّي تُغذِّي حياة الأولاد بالرُّوح الإيجابيَّة واكتشاف الله كمصدر للحبّ والفرح، كما أنّها تتجلَّى في روح التّعاون والمشاركة والتَّضحية لأجل الآخَر ممّا يساعد الأولاد على تعلّم التّحرُّر من روح الأنانيّة. الدَّعم والتَّشجيع بين أعضاء العائلة أساسيّ في إطار تقوية الشَّخصيّة والثِّقة بالنَّفس كما النّقد البنّاء الَّذي يُعين من يتقبّله على التّطوّر نحو الأفضل.

طبعًا للوالدين الدَّوْر الأوَّل والأساس في التَّربية، وعلاقة الأولاد بهما تحدِّد بشكلٍ كبير علاقة الأولاد مع الله. في هذا الإطار، يعتبر الدّكتور كوستي بندلي بأنّ الطّفل في علاقته المبكّرة بوالدَيه "يبدأ باختبار الوَجهَيْن الأساسيَّين لله كما عرفناهما في يسوع المسيح، ألا وهما قربه الصَّميميّ الحَميم، من جهة، وما يمنحه هذا القرب من حبّ وطمأنينة وسلام، وتعاليه الَّذي لا يُحَدّ، من جهة أخرى، مع ما يفرضه هذا التّعالي من طاعة وتجرُّد وتجاوز مستمرّ للذّات ونموّ للقامة الإنسانيّة لا يقف عند حدّ" (كتاب: "الطفل بين أبويه والله، ص. 11). من المهمّ أنْ نعرف أنَّ العنصر الأوَّل تجسّده علاقة الطّفل بأمّه، أمّا العنصر الثّاني فتجسِّده علاقة الطّفل بأبيه.

*           *           *

في أيّامنا، نرى تراجعًا لدور الأهل التَّربويّ مع أولادهم، وتنامي لدور أشخاص آخَرين كالمساعدين في البيوت أو وسائل التّواصل والاعلام أو الرِّفقة الحقيقيّة أو الافتراضيّة. لا شكّ أنّ التّربية تتأثّر بعدّة عوامل وبيئات مختلفة مرتبطة بالعائلة نفسها وإطارها الاجتماعيّ، بالمجتمع المحيط والرِّفقة، بالمدرسة، وبكلّ ما أو من له دور في حياة الأولاد، وبالكنيسة. في مَعْمَعَة هذا المؤثّرات هل للأهل من دور في تثبيت من أو ما يجب أن يكون لهم التّأثير الأكبر في حياة أولادِهم. هل يهتمّ الأهل بأنْ يكونوا حاضرين في حياة أبنائهم ليمنحوهم الحنان والأمان ويكونوا لهم مرجعيَّة يُطيعونها فيتجاوزون ذواتهم لينموا في الكلمة الحقّ وتنموا شخصيّاتهم باستقامةٍ وتوازنٍ من خلال التَّقييم والتّقويم عبر سلطة الأهل ومحبّتهم.

من هنا أهميّة أن تكون مرجعيّة الأولاد أهلهم، وحين يكون الأهل مؤمنون ينقلون صورة صالحة عن الله في حياتهم ومثالهم، أوَّلًا، من خلال علاقتهم مع أولادهم، وثانيًا من خلال تعليمهم عن الرّبّ. استقامة هذه العلاقة مع الأب والأم والله ينبثق عنها أشخاص أسوياء على المستويات المختلفة النّفسيّة والجسديّة والرُّوحيَّة، شخصيّاتهم قويّة ولديهم المعايير التَّي تؤهّلهم ليميِّزوا ما هو صالح ممّا هو طالح، وما هو مقبول ممّا هو غير مقبول، وما هو خَيِّر ممَّا هو شرّير، وما هو مناسب ممّا هو غير مناسب...

*           *           *

أيُّها الأحبّاء، التَّحدّيات التَّي تواجه الأهل في تربية أولادهم كبيرة جدًّا في هذه الأيّام وهذا يرتّب عليهم مسؤوليّة جسيمة إذ ثقافة الإِفساد منتشرة بسهولة. من هنا، وجب على الأهل أن يهتمُّوا شخصيًّا بتربيّة أبنائهم على العيش مع الله، وأن يكونوا هم أنفسهم قدوة صالحة تكشف لأولادهم صورة إيجابيّة عن الله كمصدر لكلّ محبّة وحنان وسلطة وأمان. هذا يتطلّب أن يعلّم الأهل أولادهم حياة الإيمان بالقدوة، أي أن يُصلّوا معهم، ويقرأوا معهم الكلمة الإلهيّة ويفسِّروها لهم، أن يأخذوهم إلى الكنيسة للمشاركة في الصَّلوات المُختلفة والأسرار المقدَّسَة، وأن يتحاوروا معهم في أسئلتهم المختلفة ويجيبوهم انطلاقًا من إيمانهم، أن يكون الأب والأم مثالًا لأولادهم في التَّقوى والالتزام وذلك من خلال علاقتهما مع بعضهما البعض في البيت أوَّلًا...

العائلة المسيحيّة المؤمنة هي حصن المجتمع والعالم من الفساد ومن أفكار التشتُّت التَّي يتخبَّط بها عالم اليوم ولاسيّما أطفاله وشبابه، وهذا بسبب الحرب الممنهجة على العائلة من خلال التَّشريعات للشُّذوذ الجنسيّ وتكوين وحدات من ذوي الجنس الواحد والسَّماح لهم بتبنّي الأولاد أو انجابهم بطرق غير أخلاقيَّة...

طبعًا، لا يمكننا في هذه العجالة أن نَفي هذا الموضوع حقَّه، لكن وجب علينا التَّطرّق إلى مسألة التّربية المسيحيّة السَّليمة والعائلة للتَّذكير والتَّنبيه... والذّكرى تنفع المؤمن...

ومن له أذنان للسَّمع فليسمع.

                 + أنطونيوس

متروبوليت زحلة وبعلبك وتوابعهما

طروباريّة القيامة (باللَّحن الثّاني)

عندما انحدرتَ إلى المَوْت. أَيُّها الحياةُ الَّذي لا يَموت. حينئذٍ أَمَتَّ الجحيمَ بِبَرْقِ لاهوتِك. وعندما أقمتَ الأمواتَ من تحتِ الثَّرى. صرخَ نحوكَ جميعُ القُوّاتِ السّماويّين. أَيُّها المسيحُ الإله. مُعطي الحياةِ المَجدُ لك.

طروباريّة دخول السّيّد إلى الهيكل(باللّحن الأوّل)

إفرحي يا والدةَ الإلهِ العذراءَ المُمتلئةَ نعمة، لأنَّ منكِ أشرقَ شمسُ العدلِ المسيحُ إلهُنا، مُنيرًا لِلّذِينَ في الظّلام. سُرَّ وابتَهِجْ أنتَ أيّها الشّيخُ الصِّدّيق، حاملًا على ذِراعَيكَ المُعتِقَ نفوسَنا، والمانحَ لنا القيامة.

قنداق  دخول السّيّد إلى الهيكل (باللَّحن   الأوّل)

يا مَنْ بمَوْلدكَ أيُّها المسيحُ الإله، للمُستَوْدَعَ البَتوليّ قدَّسْتَ. ولِيَدَيّْ سمعانَ كما لاقَ بارَكْتَ. ولنا الآن أدركتَ وخلَّصْتَ. احفَظ رعيَّتَكَ بسلامٍ في الحروب وأيِّد المؤمنين الّذين أحببتَهُم، بما أنَّكَ وحدَكَ مُحبٌّ للبَشَر.

الرّسالة (1 تيمو 4: 9– 15)

الرَّبُّ يُعطي قوَّةً لشَعبِه

قدِّموا للرَّبِّ يا أبناءَ الله

يا إخوة، صادقةٌ هي الكلمةُ وجديرةٌ بكُلِّ قبُولٍ. فإنّنا لهذا نتعَبُ ونُعيَّر، لأننّا أَلْقَينا رجاءَنا على اللهِ الحيّ، الّذي هو مُخلِّصُ النّاسِ أجمعين، ولا سِيَّما المؤمنين. فَوَصِّ بهذا وعلّمِ به. لا يَسْتَهِنْ أَحَدٌ بِفُتُوَّتِك، بَل كُنْ مِثالًا للمؤمنينَ في الكلامِ والتّصرُّفِ والمحبَّةِ والإيمان والعَفاف. واظِبْ على القراءةِ إلى حينِ قُدُومي، وعلى الوعظِ والتّعليم، ولا تُهمِلِ الموهبَةَ التَّي فيك، التَّي أُوتِيتَها بِنُبُوَّةٍ بِوَضْعِ أيدي الكهنة. تأمَّل في ذلك وكُنْ عليهِ عاكِفًا، لِيَكونَ تقدُّمُكَ ظاهرًا في كلِّ شيء.

الإنجيل  (لو 19: 1– 10)

في ذلك الزّمان، فيما يَسُوعُ مُجتازٌ في أريحا، إذا بِرَجُلٍ اسمُهُ زكّا كان رئيسًا على العشّارينَ وكان غنيًّا، وكان يلتمسُ أن يرى يسوعَ مَن هُوَ، فلم يكن يستطيع من الجمع، لأنّه كان قصيرَ القامة. فتقدّمَ مُسرِعًا وصعدَ إلى جُمَّيزَةٍ لِيَنظُرَه، لأنّه كان مُزمِعًا أن يجتازَ بها. فلمّا انتهى يسوعُ إلى الموضع، رفعَ طَرْفَهُ فَرآه، فقال: يا زكّا أسرِعْ انْزِلْ، فاليوم ينبغي لي أن أمكُثَ في بيتِك. فأسرعَ ونَزَلَ وقَبِلَهُ فَرِحًا. فلمّا رأى الجميعُ ذلك تذمَّرُوا قائلين إنّه دخلَ لِيَحُلَّ عند رَجُلٍ خاطئ. فوقف زكّا وقال ليسوع: هاءنذا يا ربُّ أُعطي المساكينَ نصفَ أموالي، وإن كنتُ قد غَبَنْتُ أحدًا في شيءٍ أردُّ أربعةَ أضعاف. فقال له يسوع: اليوم قد حصل الخلاصُ لهذا البيت، لأنّه هو أيضًا ابنُ إبراهيم، لأنّ ابنَ البشرِ إنّما أتى لِيَطلُبَ وَيُخَلِّصَ ما قد هَلَك.

حول الإنجيل

طلبَ زكا أن يرى يسوع من هو، بعد أن سمِع عنه وعن عجائبِه الباهرة. فلمَّا بلغَ يسوعُ أريحا وكان الجمعُ غفيرًا جدًّا حتّى صار مانعًا أعاقَه عن رؤيتِه، سارع بهمّةٍ إلى جميزةٍ عالية لينظر مخلّص العالم. هكذا لا بدّ لنا ونحن خطأة، أن نطلب المخلّص، وإن انتصبت أهواؤنا مانعًا عن بلوغِنا إليه، فلنعبر عنها أي فلنتُب ولنرتدّ عن سلوكِنا ولنرتقِ إلى جبل الفضائل حتّى ننظر وجه يسوع. فالله المُتحنِّن، الَّذي أتى إلى العالم ليخلّص الخطأة، يقف قارعًا على أبوابِ قلوبِنا، وهو عالمٌ أنها تلطّخت بأوحالِ الخطايا، ينتظر توبتنا ليدخلَ فيطهّرها ويُقيمَ فيها. هكذا يسوعُ العالِمُ ما في القلوب لمَّا عرف تقوى زكا وتوبتَه دعاه وأقامَ في بيتِه، فحوّله، وصنع فيه خلاصًا. صار زكا إنسانًا جديدًا، تحوَّل العشار إلى غيور، والملحد إلى مؤمن، والذّئب صار خروفًا مُعَدًّا للذَّبح.

إنّ قوّة التَّوبة لَعظيمة، لا يقوى عليها ثِقَلُ الخطايا ولا كثرتها، ولا الاستمرار عليها زمانًا طويلًا. التَّوبةُ تشفي كلّ الخطايا وتمحي آثار المآثم. على أنَّها لا تتوقّف فقط على الإقرار بالخطايا، بل تستدعي أعمالًا تعكسُ عزمًا ثابتًا على الابتعاد عن مسلكٍ طال المُكوثُ فيه. التَّوبةُ الصَّادقةُ والمُفيدةُ تعني ابتعادًا تامًّا عن الخطايا التَّي سبقت ونُفورًا منها، ومُثابرةً على الصَّوْمِ والصَّلاة والجهادات وكلّ ما يبعد عن الخطيئة ويقرّب من الفضيلة. التَّوبة تحوّل جذريّ.

لا يزالُ السَّابق يدعونا قائلًا للتَّائبين: "اِصنعوا أثمارًا تليق بالتَّوبة" (مت 3: 8)، فلتكن توبتنا حقيقيّة كتوبةِ زكا، بتقوى وعزمٍ ثابتٍ وبثمارٍ لائقة، حتَّى تكونَ مقبولةً عند الله، فننال الصَّفحَ عن خطايانا ونظفرَ بالخلاصِ الأبديّ، آمين.

روحانيّة عيد دخول السَّيّد إلى الهيكل

يُسمى هذا العيد أيضًا عيد اللِّقاء، لقاء العهد القديم بشخص النّبي سمعان بالعهد الجديد بشخص الله الابن المخلِّص يسوع المسيح مؤسِّس العهد الجديد.

يأتي عيد الدُّخول بعد الختان، وهما جزءٌ من إتمام النَّاموس اليهوديّ الَّذي أتمّه يسوع وهو طفل يقوده والدَيه مريم أمّه ويوسف خطيبها.

عيد الميلاد هو سرُّ تجسِّد يسوع وسرُّ تدبيره بدخوله إلى العالم ليخلِّص الخليقة من آثامها، بإرادةٍ إلهيَّة. أمَّا دخوله إلى الهيكل وصية قبِلها الرّبّ يسوع، "قَدِّسْ لِي كُلَّ بِكْرٍ، كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، مِنَ النَّاسِ وَمِنَ الْبَهَائِمِ. إِنَّهُ لِي" (خر 13: 2) وأراد المحافظة عليها لأنَّها تؤسِّس لعهدٍ جديد، مع خليقةٍ جديدة تُقَدَّم لله عبر الكنيسة على مَرِّ الأجيال.

فيما نحن نقرأ من إنجيل العيد عند لوقا (٢: ٢٢ – ٤٠)، نرى عدا عن تقدمة يسوع للهيكل، تطهير مريم لوضعها مولودًا ذكرًا، ونرى لقاء سمعان وحنَّة النَّبيَّيْن بيسوع.

لم تكن مريم والدة الإله بحاجة إلى تتميم الشَّريعة لتصبح طاهرة، فكم بالحَرِيّ يسوع، ذلك أنَّ مريم نالت حظوة عند الله وحلّ عليها الرُّوح القدس وظلَّلها كي تحبل بيسوع، والمَوْلود منها أي يسوع هو قدُّوسٌ وابن الله يُدعى كما جاء عند لوقا البشير (١: ٣٥).

الشَّريعة اليَهوديَّة تتكلَّم عن استمرار نجاسة المرأة أربعين يومًا إذا وَلَدَتْ ذَكرًا، وثمانين يومًا إذا وَلَدَتْ أنثى، لأنَّ حوَّاء التَّي بدأت المعصية وتبعها آدم.

بعد إتمام هذه المُدَّة من النَّجاسة تأتي إلى الهيكل للتَّطهير، وتُقدِّم حَمَلًا للمحرقة بلا عيب لا يتجاوز عمره السَّنة، من أجل التَّقرُّب من الله. كما تقدِّم فرخَيْ حمام أو يمام لذبيحة الخطيئة للتَّكفير عن نجاستها. وإذا كانت المرأة فقيرة تُعفى من ذبيحة الحمل.

نجاسة المرأة تعود بحسب الشَّريعة اليهوديَّة إلى سَيَلان دمها، ذلك أنَّ النَّفس عندهم في الدَّم، وسَيَلان الدَّم هو خروج للحياة أو للنَّفْس من الجسد كما جاء في سِفْر اللّاويّين (١٧: ١١). من هنا الإشارة إلى دم الذَّبائح الحيوانيَّة كبَدِيل عمّا يُصيب النّاس لأنّ سَكْبَ دم الحيوان برأيهم يكفِّر عن النَّفس.

كان الغرض من هذه الشَّريعة أن تأتي بالنّاس إلى الله، مع أنَّ يسوع خضع لها لكنَّه ألغاها وأبطلها وأعلن عهد النِّعْمة والحَقّ بالإيمان بابن الله المخلِّص. وقد جاء عند الرَّسول بولس في هذا المَضمون: "قد كان النَّاموس مؤدِّبَنا إلى المسيح لكي نتبرَّر بالإيمان. ولكن بعدما جاء الإيمان لسنا بعد تحت مؤدِّب" (غلاطية ٣: ٢٤- ٢٥). كانت المحرقات تقرِّبنا إلى الله، أمّا الآن فالمسيح الَّذي "أسْلَمَ نفسه لأجلنا قربانًا وذبيحةً لله رائحةً طيّبة" (أفسس ٥: ٢). "ليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل مرَّةً واحدةً إلى قدس الأقداس فوجد فداءً أبديًّا" (عبرانيّين ٩: ١٢).

لذلك لم يعد للذَّبائح الحيوانيَّة ما يبرِّرها لأنَّ المسيح أضحى الذَّبيحة الأبديّة. وكما يقول الرَّسول بولس: "أطلب إليكم أيُّها الإخوة برأفة الله أن تقدِّموا أجسادكم ذبيحةً حيّةً مُقَدَّسة مَرْضيَّةً للرَّبّ" (رومية ١٢: ١). فالذَّبيحةُ لله روح منسحق (مزمور ٥٠).

وما جاء في سفر الخروج "قدِّس لي كلَّ بِكْرٍ"( ١٣: ٢)، لم يَعُد مُسوَّغًا إذْ أنّ مسألة التَّقديس لم تعد حِكرًا على الأبكار بل لكلِّ المؤمنين وبذلك تصبح الكنيسة كنيسة أبكار (عبرانيّين ١٢: ٢٣). وما يدعم هذا التَّفسير هو ما جاء في قدّاس الذّهبيّ الفم "القدسات للقدِّيسين".

مع تقديم الرَّبّ يسوع طفلًا إلى الهيكل أصبح عندنا عهدٌ جديد وكهنوتٌ جديد وشريعةٌ جديدة كما عبَّر رسول الأمم (عبرانيّين ٧: ١١- ١٢). ولكنّ الرَّبّ يسوع سبق أنْ قال بحسب إنجيل يوحنّا أنّ الله روح والَّذين يسجدون له فبالرُّوح والحقّ ينبغي أن يسجدوا لا تبعًا للمكان أو الزَّمان..