Menu Close
kanisati

نشرة كنيستي

نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.

الأحد 1 كانون الأوّل 2019

العدد 48

الأحد (24) بعد العنصرة

اللّحن 7- الإيوثينا 2

أعياد الأسبوع: *1: النّبيّ ناحوم، القدّيس فيلاريت الرّحوم *2: النّبيّ حبقوق، القدّيس بورفيريوس الرّائي *3: النّبيّ صوفونيا 4: الشّهيدة بربارة، البارّ يوحنّا الدّمشقيّ *5: سابا المُتقدِّس المتوشّح بالله، الشّهيد أنستاسيوس *6:  نيقولاوس العجائبيّ أسقف ميراليكيّة *7: أمبروسيوس أسقف ميلان، عمّون أسقف نيطرّيا.

كلمة الرّاعي

شَرِكَةُ الوَحدة فِي المَسِيحِيَّة

"لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي..." (يوحنَّا 17: 21).

شركة الثّالوث القدُّوس، الّتي هي أساس الإيمان المسيحيّ، سرٌّ (Mυστήριον) يكشف حقيقة معنى الوجود. ليست العقائد في المسيحيّة مسائل نظريّة بل هي، بالأحرى، طريق الخلاص للإنسان عبر عيشها بفعل النّعمة الإلهيّة غير المخلوقة ...

الرَّبّ تَجَسَّدَ ووُلِدَ من العذراء مريم والدة الإله ليحقِّق سرّ الله فينا، أي ليصير الكلُّ إلى واحد ... الإله المتجسِّد، الرَّبّ يسوع المسيح، أتى ليُخضِع كلّ خليقة بالحبّ المبذول للحبّ الإلهيّ، لنَدخل جميعًا في سرِّ الوحدة بالشَّرِكة مع الله. هذا ما أوضحه بولس الرّسول حين قال: "وَمَتَى أُخْضِعَ لَهُ الْكُلُّ (أي للابن)، فَحِينَئِذٍ الابْنُ نَفْسُهُ أَيْضًا سَيَخْضَعُ لِلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ الْكُلَّ، كَيْ يَكُونَ اللهُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ" (1 كورنثوس 15: 28). الخضوع، هنا، هو الطّاعة حبًّا على صورة طاعة الابن للآب ...

*          *          *

الله الآب هو مصدر الكلّ وهو الغاية. هدف حياتنا أن نعرفه أي أن نتَّحد به. وحدتنا مع الآب تصير في الابن بنعمة الرّوح القدس. وحدتنا مع الآب هي دخولنا في سرّ شركة حياة الثّالوث القدّوس. كيف يتمّ تحقيق هذا السّرّ في الكنيسة؟! ...

يقول القدّيس أغناطيوس الأنطاكيّ التّالي: "اِفعلوا كلّ شيء تحت رئاسة أسقفكم كرمز لله والقسوس كرمز لمجمع الرّسل والشّمامسة كمُؤتَمَنين على خدمة يسوع المسيح، الّذي إذ هو مولود من الآب قبل الدّهور، فهو الله الكلمة، الابن وحيد الجنس، ويظلّ كما هو إلى الأبد، لأنّه ليس لملكه نهاية. لا تَدَعوا شيئًا يَنْسَلُّ إلى داخلكم ليفرِّقكم، بل اتَّحدوا مع أسقفكم ورؤسائكم وليكن اتّحادكم "رمز وأمثولة للخلود" (مغنيسية 6). مشيئة الله هي الوَحدة، وهذه العطيّة تتحقَّق في سرّ الشُّكر ويجب أن نمدَّها في حياتنا اليوميّة من خلال طاعة الأسقف. مشيئة الله بالكلمة الإلهيّة من خلال الأسقف تأتي وهي، أي كلمة الله، تَسود في القسوس-الكهنة المُجتمعين حول الأسقف كأنّهم حول المسيح، كاجتماع الرّسل، لإتمام عمل البشارة بالرّوح القدس يعاونهم الشّمامسة كخدّام للرَّبّ يسوع في المحتاج والفقير والمريض ... غاية كلّ عمل هو الوَحدة على مثال الثَّالوث القدّوس وفيه، ولا وَحدة خارج طاعة الله الّتي من خلال الأسقف بالكهنة في الشّمامسة ... ما معنى هذا الكلام؟!

الأسقف يجب أن يكون مُتَأَلِّهًا، مُنَزَّهًا عن كلِّ تَعَلُّقٍ، بواسطة إخلاء نفسه من كلّ مشيئة ذاتيّة، ببذل حياته على صليب الحبّ الإلهيّ في صنع إرادة الله الآب، على صورة الابن، ليصير هو كلمة العليّ المَنطوقة منه والسّاكنة فيه ليرعى بها "كَنِيسَةَ اللهِ الّتي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ" (أعمال 20: 28). الكهنة ينقلون مشيئته الّتي بالمسيح عمل كرازة وصلاة  ويجسّدونها مع الشّمامسة فعل محبَّة. كما يعطينا الآب ذاته بالابن في الرّوح القدس كذلك يسكب الأسقف ذاته بالكهنة في الشّمامسة ليدخل الجميع في وحدانيّة الحبّ الَّذي من لله وبه وفيه إلى اتّحاد شركويّ في كلّ شيء من خلال الافخارستيَّا ...

*          *          *

"الّتي لك وهي ممّا لك فيما نحن نقدّمها لك على كلّ شيء ومن أجل كلّ شيء" (من خدمة القدّاس الإلهيّ). لا يصنع الكهنة والشّمامسة شيئًا دون بركة الأسقف ومشورته ومشيئته، لئلَّا يَعْصَوا الله الآب، ولا يغلق الأسقف قلبه عن سماع صوت الرّوح النّاطق في جسد المسيح، كما يأمر الرَّبّ: "مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ" (رؤيا 2: 7، 11، 17، 29 و3: 6، 13 و22). الكلّ يصير واحدًا بالطّاعة الواحدة الّتي للواحد ... وهكذا يكون "الله الكلّ في الكلّ" لأنّ الكلَّ منه وله وإليه ... فلا يعود أحد يقول هذا لي وهذا لك، ولا جماعة تحتكر خيرات الله لها الرّوحيّة والمادّيّة، ولا يوجد فرد يقول هذا تعبي فهو لي وحدي، ولا رعيّة تتمسَّك بما تجتهد لأجله إذ لا فضل لأحد على أحد في أي شيء بل كلّ عمل وثمر مهما كان هو من نعمة الله على الإنسان إذ خلقه على صورته ليكون على مثاله، فهل من علّمنا بمثاله في غسل أرجل التّلاميذ تُرفض كلمته القائلة: "مهما فعلتم فقولوا إنّنا عبيد بطّالون فعلنا ما قد أُمِرنا به" (لوقا 17: 10) ...

ومن استطاع أن يقبل فليقبل ...

+ أنطونيوس

مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما

طروباريّة القيامة (باللَّحن السّابع)

حطمْتَ بِصَليبِكَ المَوت. وفتحتَ للِّصِّ الفِرْدَوس. وحوَّلتَ نَوْحَ حامِلاتِ الطّيب. وأمَرْتَ رُسلَكَ أن يَكرزِوا. بأنَّكَ قد قُمتَ أَيُّها المسيحُ الإله. مانِحًا العالمَ الرَّحمةَ العُظمى.

قنداق تقدمة الميلاد (باللّحن الثّالث)

اليومَ العذراءُ تأتي إلى المَغارة لِتَلِدَ الكلمةَ الّذي قبل الدّهور ولادةً لا تُفسَّر ولا يُنطق بها. فافرحي أيّتها المَسكونة إذا سمعتِ، ومجِّدي مع الملائكة والرُّعاة الّذي سيظهر بمشيئته طفلًا جديدًا، الإلهَ الّذي قبل الدّهور.

الرّسالة (أف 2: 14– 22)

الرّبُّ يُعطي قوَّةً لشعبه  

قدّموا للرَّبِّ يا أبناءَ الله

يا إخوةُ، إنَّ المسيحَ هو سلامُنا، هو جعلَ الإثنينِ واحدًا، ونقَضَ في جَسدِه حائطَ السّيَاجِ الحاجزَ أَيِ العَداوَة، وأبطلَ ناموسَ الوصايا في فرائضِهِ، ليخلُقَ الإثنَينِ في نفسِهِ إنسانًا واحِدًا جَديدًا بإجرائه السّلام، ويُصالِحَ كِلَيْهِما في جَسدٍ واحدٍ معَ الله في الصَّليب، بقَتلهِ العداوةَ في نفسِه. فجاءَ وبشَّركم بالسَّلامِ، البَعيدينَ منكُم والقريبين، لأنَّ بهِ لنا كِلَيْنا التّوصُّلَ إلى الآبِ في روحٍ واحد. فلستُم غرباءَ بعدُ ونُزلاءَ، بل مُواطِنو القدِّيسِينَ وأهلُ بيتِ الله. وقد بُنِيتُم على أساسِ الرُّسُلِ والأنبياءِ، وحجرُ الزّاويةِ هو يسوعُ المسيح نفسُهُ، الّذي بهِ يُنسّقُ البُنيانُ كُلُّهُ، فينمو هيكلًا مقدَّسًا في الرَّبّ. وفيهِ أنتم أيضًا تُبنَونَ معًا مَسِكنًا للهِ في الرُّوح.

الإنجيل (لو 18: 35– 43) (لوقا 14)

في ذلك الزّمان، فيما يسوع بالقربِ مِن أريحا، كان أعمى جالسًا على الطّريق يستعطي، فلمَّا سمع الجمعَ مُجْتازًا سأل: ما هذا؟ فأُخبرَ بأنَّ يسوعَ النّاصريَّ عابرٌ، فصرخ قائلًا: يا يسوعُ ابنَ داودَ ارحمني. فزجره المتقدّمون لِيِسكتَ فازداد صُراخًا: يا ابنَ داودَ ارحمني. فوقف يسوعُ وأمر أنْ يُقدَّمَ إليهِ، فلمَّا قرُب سألهُ: ماذا تريد أنْ أصنعَ لك؟ فقال يا ربُّ أن أبصِر، فقال لهُ يسوع: أبْصِر. إيمانك قد خلَّصك. وفي الحال أبصرَ، وتبِعَهُ وهو يمجّد الله. وجميع الشّعب إذ رأوا سبَّحوا الله.

حول الإنجيل

إنّ هذا الأعمى المُسَمَّر في عُزلة العَمى يَبحث عن معنى حياته لم يقبل بوضعه ويستسلم. بعفويّة مُدهِشة ينادي المعَلّم المارّ. صُراخُه هو تعبيرٌ عن الانهيار المعنويّ الّذي كان يكبِّله في وَحدَتِه، وفي الوقتِ نفسِه وبالأكثر هو تعبير عن ثقةٍ عظيمة. والغريب أو المُفاجئ هو أنّ هذا الأعمى "رأى" أو "أبصر" بالتّمام من هو يسوع النّاصريّ. عندما عَلِمَ أنّ يسوع مارٌّ بقُربِه، أخَذَ يَصيح "رُحمَاكَ، يا ابنَ داود، يا يسوع!". ناداه: "يا ابنَ داود"، في التّقليد الكتابيّ، هذه التّسمية هي للمسيح المُنتَظَر من الشّعبِ المُختار (2 صم 7/ 12 - 16).

إنّ صُراخَ هذا الأعمى لفيه الكثير من المُعاناة الّتي تتحَرّك أحشاء الله لها. لا يستطيع يسوع أن يتجاوز مُعاناةِ إنسانٍ من دون أن يتفاعَلَ معها ويَفعَلَ شيئًا، وهو أتى لأجلِ هؤلاء وليس لأجلِ الأصحّاء: "ليس الأصِحّاءُ بحاجةٍ إلى طَبيب، بل المَرضى" (متى 9: 12). وَقف يسوع. ويستحقُّ صُراخُ هذا الأعمى لأن يتوقّف لأجله كلُّ شيء، وأن يوقِفَ يسوع مسيرتَه لأجلِ إيمان هذا الأعمى. أليسَ هذا ما يبحثُ عنه يسوع؟

ولكن أو يُعقلُ أيضًا أن يُصبِحَ يسوع خادِما له، فيسألُه يسوع: "ماذا تُريد أن أفعل بكَ؟". عادَةً، الخادِم يقولُ لِمُعَلِّمِه ماذا تريدُني أن أفعَلَ لَكَ؟ وهذا ما قاله يسوع للأعمى! أليسَ هو من قالَ أنا ما جئتُ لأُخدَمَ بل لأخدُمَ: "هكذا ابنُ الإنسانِ لم يأتِ لِيُخدَم، بَل لِيَخدم ويَفدي بِنفسِه جَماعةَ النّاس" (متى 20/ 28). وسؤالُ يسوع مُمكِن أن يُعجِّبَنا، لِمَ يَسأله ماذا تريد أن أصنَعَ لك، وحاجةُ الأعمى معروفةٌ؟ ولكن يسوع يحترِم دائمًـا حريّةَ الإنسان الّذي يقترب منه ويدعوه. ومِن ثمّ طلب الأعمى " أن أُبصِر" هي أقلّ ما يُمكن في مجالٍ مفتوحٍ كهذا. ولكن هذا الرّجل يعرف إلى من يتوَجَّه، إنّه المخلّص الّذي يعطي مع البَصَر كلّ شيء! أن يتبعَ هذا الأعمى يسوع، فهذا يعني أنّ هذا الأعمى لم يَعُد أبدًا في الظّلام، بل أصبَحَ له نور الحياة: "من يَتبَعني فلن يَمشي في الظّلام بل يَكونُ له نورُ الحياة" (يو 8: 12).

 إنّ هذا الأعمى تَبِعَ يسوع في طريقه نحو أورشليم، أي تَبِعَه حتّى الموت. فأعطِنا يا ربّ أن نُبصِر حقًـا كما أبصَرَ هذا الأعمى وتَبِعَك في الطّريق. أعطِنا أن نراك في داخلنا فنتبَعَك حتّى الموت، لا تَفصِلُنا عنك شدّة. فلا نكون كالّذين أعمَت الخطيئة بصيرتهم وأصبحوا عميانًـا وهم لا يدرون، بل أعطنا أن نَطلُبَك فيكون لنا نور الحياة، يا مَن أنت هو النّورُ الحقيقيُّ، لك المجدُ إلى الأبد. آمين.

الإحباط السّائد في المجتمع

الإحباط مرض يشلّ قدرة الإنسان على المُضِيّ في تحقيق ما يصبو إليه، إنّه الإحساس بالفشل مرورًا بالحَسْرَة وخَيْبَة الأمل ليصل إلى حدِّ اليأس المَرِير.

كلُّ إنسانٍ في المجتمع  له أحلام وتطلُّعات ورؤى يسعى قدر الإمكان أن تصبح واقعًا، منها ما يكون كبيرًا ومنها الصّغير، منها ما هو سهل المنال ومنها ما هو عسير، منها ما يتطلّب منه الجهد والسَّهر بشكلٍ شخصيّ ومنها ما يتطلّب جهودًا وقدرات مُشْتَرَكة لتحقيق الحلم إلى واقع.

في مجتمعنا الحالي، مثلًا، الكثير من النّاس وصلوا إلى مستوى الإحباط النّاتج عن عدم قدرتهم على تحطيم القيود الّتي فرضها الواقع السّياسيّ طوال سنوات طوال، ممّا جعل الحياة في هكذا وَطَن تكون بشقِّ النّفس، وبأحلامٍ متكسّرة. الواقع اللّبنانيّ، خلق أجيالًا تنطق بكلمات موّحدة، إنّ لا تغيير يمكن أن يحصل، وليس من دواء سوى الهجرة لأبناء هكذا وطن. الإحباط صار سيّد الموقف.

أيضًا، الإحباط  مُبَرَّرٌ بالعوائق الّتي تقف حاجزًا أمام الرّغبة البشريّة فيما تصبو إليه. أكانت هذه الرّغبة إيجابيّة أَمْ سلبيّة. أكانت هذه العوائق من الدّاخل أو من الخارج، من الذّات أو من الآخر، فمن أراد أن يُصْبِحَ طبيبًا وهو لا يملك القدرة على الدّراسة يصطدم بمستوى الطّاقة والقدرة الّتي يتمتّع بها المرء.

الإنسان المؤمن هو أيضًا ابن هذا المجتمع، مُقَيَّد بقيوده، ويُرَدِّدُ مقولاته ويَرْزَحُ تحت كلّ الضّغوطات الّتي تهدّ المضاجع، وربّما أكثر، لِكَوْن الصِّراع الّذي يدخل غماره يكمن بمواجهة مضاعفة:

 أوّلًا، مع الذّات والشّرّ، فالصِّراع من هذه الجهة ليس مع لحمٍ ودمٍ وإنّما مع رئاسات وسلاطين، وبالتّالي المعركة الدّاخليّة بمواجهة الخطايا والأهواء، الّتي يمكن أن تدمّره إن يكن مرافَقًا من أبوّة روحيّة قادرة على التّمييز.

وثانيًا، مع صعوبات الحياة نفسها الّتي تحمل الماضي والحاضر والمستقبل المرتقب، من حيث الوضع الإجتماعيّ برمّته، أكان يحيا ضمن عائلة أو مستقلًّا، عازبًا، أم متزوجًا. كلُّ لحظة من حياة الإنسان تحمل الأحلام وتحمل الفشل إن في إشباع الرّغبات أو في تخطّي العقبات.

الإحباط، اليأس، حتّى الموت نفسه، ليس له موقع في حياة المسيحيّ الحقّ، الإيمان الّذي يحيا كفيل أن يُبدِّدَ كلّ هذه المشاعر والضّيقات، الإيمان يَسْكُب الرّجاء في قلوب المؤمنين والرّجاء لا يخزى، فنهج حياته "ألقِ على الرَّبِّ همَّك وهو يعولك"، و"الرَّبُّ يرعاني فلا شيء يعوزني، حتّى لو سلكت في وادي ظلِّ الموت فلست أخشى شرًّا لأنك أنت معي..."، المسيحيّ، يتكلّ على الرَّبِّ ويُدرك أنّه يُنجّيه، يعرف أنّه متى أراد يستطيع الاتّكاء في أحضان السّيّد الّذي قال: "تعالوا إليَّ أيّها المُتْعَبين فأنا أريحكم..."، ويكون شعاره كلام القدّيس سلوان الآثوسيّ "احفظ نفسك في الجحيم ولا تيأس".

ويتردّد بذهني كلامًا لافتًا لأحد الآباء القدّيسين بشأن الإحباط واليأس: "إن كان الوضع الّذي تعيشه ميؤسًا منه ولا حلَّ ممكن، فلا داع لليأس والإحباط لأنّك لن تستطيع التّغيير، وإنّما ابحث عن خطّة الله وإرادته فيه، وإن كان الوضع قابلًا للحلّ فلا تيأس ولا تضطرب لأنّه الموضوع له حلًّا عليك التقاطه واكتشافه".

لكن ليس كلّ مؤمن، عنده نفس القدرة على عيشِ هذا الإيمان، ولو كان مَدْعُوًّا أن يحياه، ولكن هنالك عنصر، لا بُدَّ من تواجده، يكون ناقلًا لهذا الرّجاء ومُحَقِقًا له، وهو الجماعة الحيّة الّتي تحتضن الآخر، إنّها الكنيسة بكلٍّ أعضائها ومؤسساتها.

الجهاد الرّوحيّ، صعوبات الحياة، ضيقات المجتمع وانحرافه، يعجز الفرد عن مواجهتها بمفرده، وإن كان تصحيح الخلل يبدأ من الذّات، ويتطلّب جهادًا خاصًّا لاستقامة الفكر والحياة، إلّا أنَّ الضّعف البشريّ يفرض دائمًا معونةً يحتاجها الفرد لتخطّي العقبات أو تذليلها. الثّورة على الشّرّ والفساد يبدأ من قرارٍ شخصيّ ولكنّه يُصبح فاعلًا بمؤآزرة الآخر، الثّورة على الذّات يلزمها أيضًا رؤية مَن يشاركك الهمّ سالِكًا معك على نفس الدّرب، معيّة الآخر تُعزّي وتعضد، في كلّ أمور الحياة، كما الصّلاة، كما في الدّراسة والعمل، وكما كلّ أمرٍ نحياه في حياتنا ومجتمعنا.

الجماعة الحيّة الّتي تعتبر أنّ كلّ أحدٍ هو سبب وجودها لتحقيق مقصد الله فيها، وما تقدّمه وإنّما ليس ممّا تملك وإنّما ممّا هي مؤتمنة عليه من المُعطي، وتحقيق معنى وجودها هو بقدر ما تعطي وتخدُم وليس بما تأخذ وتُخدَم، وأن يحتمل الأقوياء فيها وَهْنَ الضُّعفاء، على كلّ الأصعدة كما كانت الجماعة المسيحيّة الأولى.

الفكر المُحبِط، يوضح عجز القدرة البشريّة، ويدعو إلى التّواضع أمام القدرة الإلهيّة  لكنَّ القول الإلهيّ المُنادي فينا يذكِّرُنا أن "غير المُستطاع عند النّاس مُستطاع عند الله" يجعلنا نرتمي أمام السّيّد، خاشعين وطالبين منه المَعونة بالطّريقة الّتي يراها هو، وهو الرَّحيم والمُحِبّ البشر، الّذي إنّما تَجَسَّدَ لتكون لنا الحياة، والحياة الفُضلى؛ آمين.

أخبارنا

برنامج صلوات عيد القدّيس نيقولاوس العجائبيّ في كاتدرائيّة مار نقولا- حيّ الميدان.

+ الإثنين 2 كانون الأوّل السّاعة 6 مساءً: صلاة باراكليسي القدّيس نيقولاوس يليها حديث روحيّ لكاهن الرّعية قدس المُتقدِّم في الكهنة الأب مارون جبّور.

+ الثّلاثاء 3 كانون الأوّل السّاعة 6 مساءً: صلاة غروب عيد القدّيسين يوحنّا الدّمشقيّ وبربارة الشّهيدة.

+ الأربعاء 4 كانون الأوّل السّاعة 6 مساءً: صلاة باراكليسي القدّيس نيقولاوس، يليها حديث روحيّ لقدس الأب يوحنّا شاهين رئيس دير رئيس الملائكة ميخائيل- بقعاتا.

+ الخميس 5 كانون الأوّل ليلة العيد  السّاعة 6 مساءً: صلاة غروب العيد وتبريك القراببن برئاسة ملاك الأبرشيّة المتروبوليت أنطونيوس (الصّوري) الجزيل الاحترام. (الكاتدرائيّة تفتح أبوابها من السّاعة 12 ظهرًا لغاية السّاعة 10 ليلًا).

+ الجمعة صباح العيد 6 كانون الأوّل: القدّاس الإلهيّ الأوّل السّاعة 7 صباحًا. صلاة السّحريّة السّاعة 8:30 يليها القدّاس الإحتفاليّ الثّاني السّاعة 10  صباحًا برئاسة ملاك الأبرشيّة المتروبوليت أنطونيوس (الصّوري) الجزيل الاحترام- القدّاس الإلهيّ الثّالث السّاعة 6 مساءً.

+ السّبت 14 كانون الأوّل: أمسية تراتيل روحيّة تُحييها جوقة الأبرشيّة السّاعة 7 مساءً في الكاتدرائيّة.

كلّ عام وأنتم بخير.

انقر هنا لتحميل الملف