نشرة كنيستي
نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.
الأحد ٧ تشرين الأوّل ۲٠١٨
العدد ٤٠
الأحد (١٩) بعد العنصرة
اللّحن ۲- الإيوثينا ٨
أعياد الأسبوع: *7: الشّهيدان سرجيوس وباخوس، الشّهيد بوليخرونيوس. *8: البارّة بيلاجيا، تائيس التّائبة، سرجيوس رادونج (25 أيلول ش).*9: الرّسول يعقوب بن حلفا، البار أندرونيكس وزوجته أثناسيا، إبراهيم الصّدّيق ولوط *10: الشّهيدان افلمبيوس وأخته افلمبية. * 11: الرّسول فيلبّس أحد الشّمامسة السّبعة، البار اسحق السّريانيّ (28 أيلول شرقي)، ثاوفانس الموسوم *12: الشّهداء بروفوس وأندرونيكس وطراخس، سمعان اللاهوتي الحديث. * 13: الشهداء كربس وبابيلس ورفقتهما.
كلمة الرّاعي
من هو الرّاهب
الرّبّ يسوع المسيح هو "الرّاهب" بالمُطلَق. هو أعطانا النّموذج الحيّ والحقيقيّ للرّاهب الحقّ. من هنا، فالرّهبنة هي سَعي لعيش الإنجيل بكماله على صورة يسوع الَّذي هو الإنجيل الحيّ. فيسوع هو معلّم "الطّاعة والفقر والعفّة" بالصّبر في الرّجاء والاتّكال على الله الَّذي لا يَخزى. يسوع هو المِثال للرّاهب لأنّه حمل البشـريّة في ذاته متحمِّلًا خطاياها على الصّليب وحاملًا إيَّاها في قيامته إلى حياة جديدة. من هنا، "الرّاهب إنسان مُصلٍّ يبكي لأجل العالم بأسره، وهذا هو انشغاله الرّئيسيّ".
عمل الرّاهب الأساس هو الصّلاة لأجل العالم. دور الرّهبان ألّا تتوقّف الصّلاة وأن تبقى مُستمرَّة و"بلا انقطاع" (1 تسالونيكي 5: 17). عمل الرّاهب معرفة الله من خلال حربه مع أرواح الشّرّ وأهوائه لأجل تنقية القلب. الرّهبان هم معلّمو الصّلاة النّقيّة والجهاد الرّوحيّ ومعرفة الذّات ومعرفة الله والاتّحاد به. إنّهم أصحاب "الشّهادة البَيْضاء"، الّتي يبذلون فيها دَمًا ليأخذوا رُوحًا قُدّوسًا...
حياة الرّاهب لها سبعة أوجه أساسيّة:
أ. الحياة الرّهبانيّة حياة فصحيّة: لأنّها موت عن الإنسان العتيق وقيامة في جدّة الحياة، بفرح الموت عن العالم وملذّاته ومذاقة ملكوت السّماوات وبركاته؛
ب. الحياة الرّهبانيّة حياة نَبَويّة: لأنّ حياته توبيخ لمُحبِّي "العالم" الَّذي هو "شَهْوَة الْجَسَدِ، وَشَهْوَة الْعُيُونِ، وَتَعَظُّم الْمَعِيشَةِ" (1 يوحنا 2: 16).
ت. الحياة الرّهبانيّة إعلان: أنّ "مَحَبَّةَ الْعَالَمِ عَدَاوَةٌ للهِ" (يعقوب 4: 4). إنّها إعلان صريح عن الحياة في ملكوت الله والتّبشير به بالقدوة ...؛
ث. الحياة الرّهبانيّة حياة رسوليّة: لأنّها تكريس كلّي للرّبّ على مثال الرُّسُل الَّذين تركوا كلّ شيء وتبعوا المسيح (أنظر مثلًا: متى 4: 22 و19: 27)؛
ج. الحياة الرّهبانيّة حياة تأمُليّة: لأنّ جوهرها التّأمّل في الكلمة الإلهيّة في القلب بالصّلاة لِمُعاينة الله في الأعماق. إنّها الحياة الدّاخليّة في رحاب كون صورة الله في الإنسان من خلال فحص الكيان بنور الكلمة الإلهيّة في نعمة الرّوح القدس حتّى الدّخول في المُعاينة...؛
ح. الحياة الرّهبانيّة حياة توبة: "أنسـى ما ورائي وأمتدّ بكلّ نفسي إلى ما أمامي" (فيلبي 13:3). هذه هي التّوبة، إنّها امتداد إلى الأمام بتغيير الفكر والسّيرة والمسار بما يوافق الكلمة الإلهيّة. التّوبة هي نعمة معرفة الخطيئة والتّوجّع منها وكرهها والنّدم عليها والرّغبة بالتّحرُّر منها بقوّة الله. هذا كلّه لا يتحقَّق إذا لم يُقِرَّ الإنسان في نفسه أوَّلاً بأنّه يُخالِف وصيّة الله ويطلب العتق من عبوديّته لها، ويتواضع بالاعتراف ليمنحه الرّبّ التّحرّر.
د. الحياة الرّهبانيّة حياة تمجيد كالملائكة: الرّهبنة هي حياة التّشبّه بالملائكة في البتوليّة لأنّ الرّهبان هم طالبو ملكوت الله والّذين يَسعَون لعيشه منذ الآن وهناك "لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يَتَزَوَّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةِ اللهِ" (متى 22: 30)، بل يسبّحون الله في كلّ حين. من هنا الصّلاة اللّيتورجيّة والخاصّة المُستمرَّة هي جوهر الحياة الرّهبانيّة. ومن هنا المَقولَة المَشهورة لإفاغريوس البنطيّ: إن كنت تصلّي فقط حين تُصلّي فأنت لا تصلّي.
ذ. الحياة الرّهبانيّة تُجَدِّد الذّهن وتُعطي مَعرفة: "لاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ" (رومية 12: 2). الرّاهب هو من خرج من العالم ليس كموقع جغرافيّ بل تغيَّر عن هيئة هذا العالم بتجديد فكره وذهنه أي من ترك فكر العالم واقتنى "فكر المسيح"، وبالتّالي من لا يفكّر ويصنع إلّا ما هو مَرضيّ أمام الله بحسب مشيئته الكاملة الصّلاح.
ومن استطاع أن يَقبَل فليَقبَل.
+ أنطونيوس
مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما
طروباريّة القيامة (باللّحن الثّاني)
عندما انحدرتَ إلى المَوت، أيُّها الحياةُ الّذي لا يموت، حينئذٍ أمتَّ الجحيمَ ببرقِ لاهوتك. وعندما أقمتَ الأموات من تحتِ الثَّرى، صرخَ نحوكَ جميعُ القوَّاتِ السَّماويِّين: أيُّها المسيحُ الإله مُعطي الحياةِ، المجدُ لك.
طروبارية الشّهيدين سيرجيوس وباخوس (باللَّحن الرّابع)
شهيداكَ يا ربّ بجهادهما، نالا منك الأكاليل غير البالية يا إلهنا، لأنّهما أحرزا قوّتك، فحطما المغتصبين وسحقا بأس الشّياطين الّتي لا قوّة لها، فبتوسّلاتهما أيّها المسيح الإله، خلّص نفوسنا.
القنداق (باللَّحن الثّاني)
يا شفيعَةَ المَسيحيّين غَيْرَ الخازية، الوَسيطةَ لدى الخالِق غيْرَ المرْدودةِ، لا تُعْرضي عَنْ أصواتِ طلباتِنا نَحْنُ الخَطأة، بَلْ تدارَكينا بالمعونةِ بما أنَّكِ صالِحَة، نَحنُ الصّارخينَ اليكِ بإيمان: بادِري إلى الشَّفاعَةِ وأسَرعي في الطّلْبَةِ يا والدَة الإلهِ، المُتشَفِّعَةَ دائمًا بمكرِّميك.
الرّسالة (عبر 11: 22– 39، 12: 1– 9)
عجيبٌ هو الله في قدّيسه
في المَجامع بارِكوا الله
يا إخوة، إنَّ القدِّيسينَ أجْمَعين بالإيمانِ قَهَروا المَمالِكَ وعَمِلوا البِرَّ ونالوا المَواعِد وسَدّوا أفواه الأسود. وأَطفَأُوا حِدَّةَ النّارِ ونَجَوا مِن حَدِّ السَّيف وتَقَوَّوا من ضُعفٍ وصاروا أَشِدَّاءَ في الحَرْب وكَسَروا مُعَسكَراتِ الأجانب. وأَخَذَتْ نساءٌ أمواتَهُنَّ بالقِيامة، وعُذِّبَ آخرُونَ بتَوتيرِ الأعضاءِ والضَّرْبِ ولم يقبَلوا بالنّجاةِ لَيَحصُلُوا على قِيامةٍ أَفضَل. وآخرُونَ ذاقوا الهُزُءَ والجَلْدَ والقُيودَ أيضًا والسِّجن. ورُجِموا ونُشِروا وامتُحِنوا وماتوا بِحَدِّ السَّيف. وسَاحوا في جُلودِ غنَمٍ ومَعَزٍ وهُمْ مُعْوَزون مُضَايَقون مَجهودون. ولم يكنِ العالَمُ مُستَحِقًّا لهم فكانوا تائِهينَ في البَراري والجبالِ والمَغاوِرِ وكُهوفِ الأرَض. فهؤُلاء كلُّهم مَشهودًا لهم بالإيمانِ لم يَنالوا الموعِد. لأنَّ اللهَ سَبَقَ فنَظَرَ لنا شيئًا أَفَضَلَ أَنْ لا يُكْمَلُوا بِدونِنا. فنحن أَيضًا إذ يُحدِقُ بنا مثلُ هذه السَّحابَةِ من الشُّهودِ فَنُلْقِ عنَّا كلَّ ثِقَلٍ والخَطيئَةَ بسُهولَةٍ بنا. ولْنُسابِقْ بالصَّبرِ في الجهاد الّذي أمامنا. ناظِرين إلى رئيسِ الإيمانِ ومُكمّلهِ يسوع.
الإنجيل (لو 7: 11– 16 (لوقا 3))
في ذلك الزَّمان، كان يسوعُ مُنطلقًا إلى مدينة اسمُها نايين، وكان كثيرون من تلاميذه وجمعٌ غَفير مُنطَلِقين معه، فلمّا قرب من باب المدينة، إذا ميت مَحمول، وهو ابنٌ وحيد لأمّه، وكانت أرملة، وكان معها جماعةٌ كثيرة من المدينة. فلمّا رآها الرَّبُّ تحنَّن عليها، وقال لها: لا تبكي. ودنا ولَمَسَ النَّعش فوقف الحامِلون. فقال: أيّها الشّابّ، لك أَقول قُم. فاستوى الميْتُ وبدأَ يتكلَّم. فسلّمه إلى أمِّه. فأخذَ الجميعَ خوفٌ، ومجَّدوا الله قائلين: لقد قام فينا نبيٌّ عظيمٌ، وافتقدَ اللهُ شعبَه.
حول الرّسالة
انعجاب الإنسان وافتخاره لا يكون بنفسه وشخصه، لأنّهما يَقودان لا بَل يَدلّان على الأنانيّة والتّكبّر اللّذين هما طريق الشّيطان والخَطيئة، لذلك يَقطع بولس الطّريق على الخطيئة، ويقول : "من افتخر فليفتخر بالرّبّ". أُعجِبَ الكورنثيّون بالمُتفاخرين والمُتبجّحين بأنفسهم، وتماهى بولس معهم كي لا يَصدَّهُم فَورًا، أخذ بنفس الطّريقة في التّمدّح بنفسه، ولكنّه أظهر لهم مِقدارَ الغباء والخجل والحماقة والخطيئة الّذي هو مُنغَمِس فِيه إذا ما استمرّ على هذا المِنوال من التّفاخر البَشَريّ.
نقل بولس الكورنثيّين معه من التّفاخر بالعلم والمعرفة والقوّة والحضارة والعرق وغير ذلك إلى التّفاخر بحالات ضعفه، ليأخذهم إلى طريق التّواضع والانسحاق والمحبّة. إذ سرد لهم جِهاداته والأخطار والمَشقّات الّتي كابدها من أجل البشارة، لا ليفتخر أمامهم بما تعرّض له من اضطهاد فيحسبوه شيئاً، بل لينقلهم من الانغماس بالأرضيّات إلى التّطلّع نحو السّماويّات. فاضطرّ أن يكشف لهم نتائج البشارة والجهادات الّتي هي رؤى الرّبّ ومكاشفاته لأصفيائه. ولم يكن يتكلّم بولس في هذه الرّسالة على ما حدث له على طريق دمشق من رؤيته للنّور واهتدائه عن طريق يسوع المصلوب والقائِم من بين الأموات. بل كان يَقصد الرّؤى الأخرى ومُكاشفات الرّبّ له وهي ما ذكرها في سفر أعمال الرّسل ١٦ : ٩ ، ٢٢ : ١٨ ، ٢٣ : ١١ .
بالمُناسبة، إنّ بولس الرّسول لم يكن من تلاميذ يسوع الإثني عشر، ولم يتعرّف إليه، لكنّ يسوع هَداه وجاء به إلى البشارة وأصبح هامة كبيرة، وبالرّغم من ذلك كان مُتواضِعًا ولم يميّز نفسه عن باقي الرّسل بالاعتداد بذاته بسبب ما خصّه وميّزه به يسوع. ففي رسالة اليوم يتحدّث عن نفسه بالشّخص الثّالث كي يمحو ذاته، إذ لم يُرِد أن ينسب لِنَفْسِهِ سموّه الرّوحيّ كقوله: "أعرف رجلًا مُؤمِنًا بالمَسيح اختُطِف إلى السّماء الثّالثة. "والانخطاف عبارة تقليديّة نبويّة تحصل في انخطافات الأنبياء (حزقيال ٣ : ١٢) . أمّا عدد السّماوات فهي بين ٥ و١٠ في النّظريّات اليهوديّة ، وعدد ٧ هو الأكثر شُيوعًا. وغالبًا ما كان الفردوس يقع في السّماء الثّالثة بحسب ما أشار إليه بولس في رسالة اليوم : "اختُطِف إلى الفردوس".
أمّا الخبرة الّتي كوّنها بولس عن هذا الاختطاف كما ورد في (٢ كور ١٢ : ٢ – ٤) فشَبيهٌ بـ (١ كور ٢ – ٩) "ما لم تره عَين ولم تَسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر ما أعدّه الله للّذين يُحبّونَه". هذه الخبرة الّتي قال عنها يسوع في الإنجيل "إنّ ملكوت الله في داخلكم" ( لوقا ١٧: ٢٠ - ٢٥). وذاقها موسى في العلّيقة غير المُحترقة، وعاشَها بُطرس ويُوحَنَّا ويَعقوب على جبل ثابور، وتكلّم عليها القدّيس غريغوريوس بالاماس حين شرح النّور الإلهيّ غير المخلوق ومُشاركة الإنسان به بالقوى الإلهيّة غير المخلوقة .
ومَخافة أن يَقَع بولس في الكبرياء الّذي وصفه سفر يشوع بن سيراخ أنّه الإبتعاد عن الله، إبتعاد القلب عن الخالِق، مصدره الخَطيئَة والمُتَمسّك بها يفيض رِجسًا. لذلك نرى بولس يَطلُب من الله ثلاث مرّاتٍ أن يخلّصه من الشّوكة في جسده، عِلمًا أنّ هذه الشّوكة كانت لِخَير بولس كي لا يتكبّر فَيَقَع في الخَطيئة. فَقال الله له: "حسبُك نِعمتي، فإنّ القدرة تبلغ الكمال في الضّعف". ممّا يعني أنّ بولس اقتنع بأنّه خير للإنسان الرّوحيّ أن يحمل علامة الضّعف لأنّها السّبب في قوّته، وبذلك يكون قويًّا وليس ضعيفًا كما يتبادر لذهن من لم يتذوّقوا مَلكوت الله على الأرض.
العبرة من هذه الرّسالة تكمن في قول القدّيس إسحق السّريانّي: "الّذي يعرف خطاياه، خيرٌ له من نفعه الخليقة كلّها بمنظره. والّذي يتنهّد كلّ يوم على نفسه بِسبَب خطاياه خيرٌ من أن يُقيم الموتى... والّذي استحق أن يُبصر خطاياه، خيرٌ له من أن يُبصِر ملائكة".
الصّلاة في تربية الأطفال
لا شكّ في أنّ للكاهن دورًا هامًّا في تنشئة الأولاد روحيًّا وثقافيًّا وإجتماعيًّا. الأولاد مأخوذون اليوم بمُغريات الأمور الدّنيويّة، بالمُجتمع الاستهلاكيّ وباستخدام الوسائل التّكنولوجيّة الحديثة والجذّابة. على الكاهن أن يعرف بحكمته كيف يُرشد الولد مع عائلته لكي لا يغرقوا في هذا الدّوار الاستهلاكيّ الاجتماعيّ. عليه أن يكتسب ثقة الأهل ممّا يجعله أبًا روحيًّا لكلّ أفراد العائلة. عندها يستشيرونه في كلّ ما يختصّ بأمور الأولاد ومشاكلهم في البيت، في الكنيسة وفي المدرسة. فالتّربية هي قيادة الأولاد. يقول القدّيس بورفيريوس: "إنّ نشأة الأطفال تبدأ من لحظة الحَبَلِ بهم. الجَنين يسمع ويشعر وهو في أحشاء أمّه". ينبغي على الأمّ أن تصلّي كثيرًا خلال فترة الحمل. إنّ ما يقدّس الأولاد ويجعلهم صالحين هو حياة الوالدين في المنزل. سلوك الأولاد له علاقة مباشرة بحالة الأهل.
الصّلاة في العائلة، في البيت وفي الكنيسة تجعل الولد يشعر بالأمان، لأنّ الصّلاة تذهب إلى القلب. من المُفيد جدًّا أن تجتمع العائلة مع الأولاد لكي يصلّوا معًا. لا بدّ من تدرّب الولد على مُشاركة والديه في الصّلاة ولو بمقطع صغير أو بِتَرتيلة ما يَحفظها غَيبًا. مِنَ المُفيد جدًّا أن يرى الولدُ أباه وأمّه يصلّيان أمامه. الصّورة هذه في الصّغر لن تفارقه مدى الحياة.
يحتاج الأولاد اليوم أناسًا يقدّمون لهم قدوةً وصلاة. كلّ شيء يتمّ بواسطة الصّلاة والصّمت والمَحَبّة: صلاة كثيرة وكلام قليل للأولاد. إذا أعطيناهم النّصائح باستمرار سنصبح ثقيلي الظّلّ عليهم. ينبغي ألّا يضغط الأهل على الأولاد ليَجعلوهم صالحين بالقوّة. علينا أن نترك الله يتكلّم في نفوسهم. يقول سليمان في سفر الحكمة (6: 15) "من ابتكر في طلب الحكمة (أي المسيح) لا يتعب، لأنّه يجدها جالسة عند أبوابه"، أي موجودةً بالقُرب منه. وحِكمته ضروريّة لكلّ جوانب التّربية، وبالأخصّ في الجوانب الرّوحيّة. تقول رسالة أفسس (2: 8-9) إنّ الخَلاص يتمّ بالنّعمة من خلال هبة الإيمان، لهذا فإنّ صلواتنا من أجل خلاص أبنائنا يجب أن تتركّز على طلب هبة الإيمان لهم. يجب أن نصلّي أن يجذب الرّوح القُدُس أولادَنا إلى الله مُنذ سنواتهم الأولى، وأن يحفظهم في حياة الإيمان وخدمة الله حتّى يُصلّوا إلى السّماء بأمان للأبديّة (أفسس 1: 13-14). يجب أن نُصلّي أن يجذبنا الله إلى شخصه وأن يكون حقيقة في حياتنا حتّى نصبح قدوة جيّدة لأولادنا.
إنّ القدوة الّتي نقدّمها كأولاد الله هي أفضل مثال مرئيّ للعلاقة مع المسيح الّتي نتمنّى أن تُصبح من نصيب أولادنا. عندما يرانا أبناؤنا نصلّي كلّ يوم، فإنّهم يدركون أنّ الصّلاة هي جزء من الحياة اليوميّة. عندما يشاهدوننا نواظِب على قراءة كلمة الله ودراستها كلّ يوم فإنهم يُدرِكون أهميّة الكتاب المُقدّس من دون أن نشرح ذلك لهم بالكلام. عندما يفهمون أنّنا لا نكتفي بمعرفة كلمة الله، بل نسعى لتطبيقها بطرق عمليّة كلّ يوم فإنّهم يدركون قوّة كلمة الله في الحياة الّتي نعيشها في ضوء هذه الكلمة. فالتّنشئة الصّالحة في الرّبّ منذ الصّغر، تَجعلُ الولدَ لا يتأثّر بأيّة مؤثِّراتٍ سيّئة ناجمة عن المُحيط.
إطلاق العام الدراسي الجديد في مركز القديس مكسيموس المعترف للتعليم المسيحي
ببركة وحضور صاحب السّيادة المتروبوليت أنطونيوس الصّوري الجزيل الإحترام، نتشرّف بدعوتكم للمُشاركة بصلاة الغروب نهار الأحد الواقع فيه السّابع من شهر تشرين الأوّل السّاعة السّادسة مساءً، في كاتدرائيّة القدّيس نيقولاوس العجائبيّ، في حيّ الميدان وذلك لإطلاق العام الدّراسيّ الجديد في مركز القدّيس مكسيموس المُعترف للتّعليم المَسيحيّ في أبرشيّة زحلة وبعلبك وتوابعهما للرّوم الأرثوذكس، يلي الصّلاة لقاء في قاعة المتروبوليت اسبيريدون خوري، وقطع قالب حلوى بالمناسبة. نرجو حضوركم وكلّ عام وأنتم بخير.