نشرة كنيستي
نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.
الأحد 16 نيسان 2023
العدد 16
أحد الفصح العظيم المقدّس
أعياد الأسبوع: *16: أحد الفصح العظيم المقدّس، الشّهيدات أغابي وإيريني وخيونيّة الأخوات العذارى، القدّيسة غاليني *17: إثنين الباعوت، الشَّهيد في الكهنة سمعان الفارسيّ ورفقته *18: ثلاثاء الباعوث، البارّ يوحنّا تلميذ غريغوريوس البانياسيّ *19: أربعاء الباعوث، الشَّهيد في الكهنة بفنوتيوس *20: البارّ ثيوذورس الشّعريّ، القدّيس أنستاسيوس بطريرك أنطاكية المعترف، زكّا العشّار *21: تذكار تجديد هيكل الكلّيّة القداسة سيّدتنا أمّ الإله الينبوع الحَيّ، الشَّهيد في الكهنة يَنواريوس ورفقته، القدّيس أنستاسيوس السّينائيّ *22: القدّيس ثيودوروس السّيقيّ، الرَّسول نثنائيل.
كلمة الرّاعي
أكون أو لا أكون
برهان القيامة وحقيقة الحياة الأبديَّة
هل من قيامة للأموات بالجسد؟ هل من حياة أبديَّة وخلود للإنسان؟ هل من غلبة نهائيَّة على الموت والمرض والضُّعف والظّلم والشّرّ؟ هل من انتصار لا رجعة فيه للحياة والخير على الموت والشّرّ؟ ما هو المصير الأخيريّ للبشريّة؟
هذه أسئلة يطرحها الإنسان بشكلٍ واعٍ أو غير واعٍ، وإجاباتها الَّتي يعيش بموجبها الشّخص تحدِّد منحى حياته ومبادئه وإيمانه.
”إِنْ كَانَ الأَمْوَاتُ لَا يَقُومُونَ، فَلْنَأْكُلْ وَنَشْرَبْ لأَنَّنَا غَدًا نَمُوتُ!“ (1 كو 15: 32). هذه نتيجة عدم الإيمان بقيامة المسيح، ”لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمَوْتى لَا يَقُومُونَ، فَلَا يَكُونُ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ“ (1 كو 15: 16).
برهان قيامة المسيح هو أنّه حَيّ وظهر لتلاميذه ليس فقط الإثْنَي عــشــر ولكن لكثيرين غيرهم، بحسب الرَّسُول بولس الَّذي يشهد أنّ المسيح القائم من بين الأموات ظهر ”دَفْعَةً وَاحِدَةً لأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِمِئَةِ أَخٍ، أَكْثَرُهُمْ بَاق إِلَى الآنَ. وَلكِنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ رَقَدُوا. وَبَعْدَ ذلِكَ ظَهَرَ لِيَعْقُوبَ، ثُمَّ لِلرُّسُلِ أَجْمَعِينَ. وَآخِرَ الْكُلِّ كَأَنَّهُ لِلسِّقْطِ ظَهَرَ لِي أَنَا.“ (1 كو 15: 6 - 8).
* * *
حقيقة القيامة هي أمرٌ مُثَبَّت بشهادة الشُّهود الَّذين عاشوا مع يسوع وعايَنوا ميتًا ومدفونًا وقائمًا من القبر المغلق بحجر.
إذا لم يكن من قيامة للبشريّة بالجسد من بين الأموات فما قيمة قيامة المسيح من بين الأموات إذًا؟ إذا لم تكن نتيجة قيامة يسوع قيامة كلّ بشر مؤمن به إلى الحياة الأبديّة، وإنْ لم يكن الموت قد غُلِبَ نهائيًّا في يسوع أي أنّ إبليس والشّـرّ قد أُبيدا أخرويًّا وإلى الأبد، فلا ثمرة آنيَّة وفعّالة للقيامة في حياتنا اليوم...
إذا لم يكن من قيامة، فلا رجاء في الحياة فيما بعد، لأنّ الأشرار هم المتحكّمون في العالم، والأقوياء يسودون الضُّعفاء، والباطل يحكم... إذًا، الله غير موجود...
إذا لم يكن من قيامة، فلا معنى للحياة سوى أنّنا بقدر ما نستهلك نوجد، وبقدر ما نتسلَّط نكون، وبقدر ما نتمحور حول أنفسنا نحقِّق سعادتنا ”الأبديَّة“، إذ تنحصر الأبديَّة حينها فقط في الآن واللَّحظة ولا امتداد حقيقيّ لها بعد انقضاء أوانها وأسبابها. وهنا تكمن تعاسة الوجود، لأنّه مُتغيِّر ومتحرِّك نحو الفَناء وليس نحو ترسيخ الحياة وامتدادها في الزّمان والمكان. إذا يصير الزَّمان والمكان مقبرة الحياة والإنسانيَّة إذ لا مبرِّر حينها لتفوِّق مبدأ الخير على الشّـرّ لأنّهما نسبيّان وليسا مُطْلَقَيْن.
* * *
أيُّها الأحبَّاء، قام المسيح ووهَبَنا حياة جديدة فيه، وأدخلنا معه في سرّ الغلبة الأبديَّة على الموت بالانتصار بواسطة الحبّ الإلهيّ على أنفسنا أوَّلًا وعلى كلّ شرٍّ فينا وخارجنا من خلاله وفيه إذا ما أخلينا ذاتنا له لكي يسكن فينا بكلمته ونعمته.
المؤمن قياميّ يكون أو لا يكون. المسيحيّة ليست شعارات حول القيامة والخليقة الجديدة، هي تجسيد لها في كلّ مؤمن وفي الكنيسة جسد المسيح. من هنا، إنّ ”كَثِيرِينَ يُدْعَوْنَ وَقَلِيلِينَ يُنْتَخَبُونَ“ (مت 22: 14)، لأنّ القيامة تلي الموت، والفرح بعد الحزن، والغلبة بعد الانكسار، أي أنّنا إن لم نُمِتِ الإنسان العتيق فينا فلن نصير ”خليقة جديدة“، أي إن لم نغلب خوف الموت عن العالم فلن نقتني قوَّة الغلبة على الموت بقبول ألم الولادة الجديدة في المسيح النّاهض من الرَّمس.
المسيح حرَّرنا، فلا نخف الخروج من قبور حياتنا الّتي اعتدناها دنيانا، فالظُّلمة ليست نورًا، ولكن ”إِنْ كَانَ النُّورُ الَّذِي فِيكَ ظَلاَمًا فَالظَّلاَمُ كَمْ يَكُونُ!“ (مت 6: 23). يسوع وهبنا نور الحياة، ”فَسِيرُوا مَا دَامَ لَكُمُ النُّورُ لِئَلَّا يُدْرِكَكُمُ الظَّلاَمُ. وَالَّذِي يَسِيرُ فِي الظَّلَامِ لَا يَعْلَمُ إِلَى أَيْنَ يَذْهَبُ“ (يو 12: 35). نحن نعرف أين نسير لأنّنا نتبع النّور، ونعرف إلى أين نذهب لأنّ النّور هو مبتغانا. ومن اقتنى النّور لا تسكن فيه ظلمة ولا يقبل أن يشهد إلَّا للنّور.
هذه هي قيامتنا أن نكون نورًا من النُّور ونشهد للنُّور في ظلمة هذا العالم "وَهذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ، وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ، لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً" (يو 3: 19).
فلنحمل نور قيامة المسيح في حياتنا شهادة لا تهاب وجه إنسان، وكلمة حقٍّ تفضح زور العالم، وطاقة حبٍّ تُغيِّر وجه المسكونة...
أن أقوم في المسيح وأصير مخلوقًا جديدًا على صورته ومثاله هي بذرة التّغيير الكونيّ في كلّ إنسان...
ومن له أذنان للسَّمع فليسمع...
المسيح قام! حقًّا قام!
+ أنطونيوس
مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما
طروباريّة القيامة (باللَّحن الخامس)
المسيحُ قامَ من بينِ الأموات، ووَطِئَ الموتَ بالموتِ، ووَهَبَ الحياةَ للَّذينَ في القُبُور. الإيباكويي(الطّاعة)(باللّحن الرّابع)
سَبَقتِ الصُّبحَ اللَّواتي كُنَّ مع مريم، فَوَجَدْنَ الحجَرَ مُدحْرَجًا عَن القَبْرِ، وَسَمِعْنَ الملاكَ قائِلًا لهُنَّ: لِمَ تَطلُبْنَ مع الموتى كإنسانٍ الّذي هُوَ في النُّورِ الأزليّ، أُنْظُرْنَ لَفَائِفَ الأكْفَانِ وأسْرِعْنَ وَاكْرِزْنَ في العالَم بأنَّ الرَّبَّ قَدْ قامَ وأمَاتَ الموتَ، لأنَّه ابنُ اللهِ المُخَلِّصُ جِنْسَ البَشَرِ.
قنداق الفصح (باللَّحن الثّامن)
وَلَئِنْ كُنْتَ نَزَلْتَ إلى قبرٍ يا مَن لا يموت، إِلَّا أَنَّكَ دَرَسْتَ قُوَّةَ الجحيم، وقُمْتَ غالِبًا أَيُّها المسيحُ الإله، وللنِّسوَةِ حامِلاتِ الطِّيبِ قُلْتَ افْرَحْنَ، ولِرُسُلِكَ وَهَبْتَ السَّلام، يا مانِحَ الواقِعِينَ القِيَام.
الرّسالة (أع 1: 1-8)
هذا هُوَ اليَوْمُ الَّذي صَنَعَهُ الرَّبّ. فَلْنتهلَّلْ ونَفْرَحْ بِهِ
اعْتَرِفُوا للرَبِ فإنَّهُ صالحٌ وإنَّ إلى الأبدِ رَحْمَتَهُ
قد أنشأتُ الكلامَ الأوّلَ يا ثاوفيلَسُ في جميع الأمورِ الَّتي ابتدأ يسوع يعملّها ويُعلِّمُ بها، إلى اليومِ الَّذي صَعِدَ فيهِ من بعدِ أن أوصى بالرُّوح القدُسِ الرُّسلَ الَّذينَ اصطفاهم، الَّذين أراهُمْ أيضًا نفسَهُ حيًّا بَعْدَ تألُّمهِ ببراهينَ كثيرةٍ، وهو يتراءَى لهم مدَّة أربعينَ يومًا ويُكلِّمُهُم بما يختصُّ بملكوتِ الله. وفيما هو مجتمعٌ معهم أوصاهم أن لا تبرحوا من أورشليمَ بل انتظروا موعِدَ الآب الَّذي سمعتموهُ مني، فإنَّ يوحنا عمَّدَ بالماء وأمَّا أنتم فستعمَّدون بالرُّوح القدس، لا بعدَ هذه الأيّام بكثيرٍ. فسألهُ المجتمعونَ قائلينَ: يا ربُّ، أفي هذا الزّمان تردُّ الملكَ إلى إسرائيلَ. فقالَ لهم ليس لكم أن تَعْرِفوا الأزمنةَ أو الأوقاتَ الَّتي جعلَها الآبُ في سلطانِه، لكنَّكم ستنالونَ قوَّة بحلولِ الرُّوح القدس عليكُمْ، وتكونونَ لي شهودًا في أورشليمَ وفي جميع اليهوديَّةِ والسّامرة، وإلى أقصى الأرض.
الإنجيل(يو 1: 1-17)
في البدءِ كانَ الكَلِمةُ والكَلِمةُ كانَ عندَ الله وإلهًا كانَ الكَلِمَة. هذا كانَ في البدءِ عندَ الله. كُلٌّ بهِ كانَ وبغيرِهِ لم يكُنْ شَيءٌ ممَّا كُوِّن. بهِ كانتِ الحياةُ والحياةُ كانَتْ نُورَ النّاس والنُّورُ في الظّلمَةِ يُضيءُ والظّلمَةُ لم تُدْرِكْهُ. كانَ إنسانٌ مُرسَلٌ مِنَ اللهِ اسمُهُ يُوحَنَّا. هذا جاءَ لِلشَّهادَةِ ليشهد للنُّور. لكي يؤمنَ الكلُّ بِواسطتِهِ. لم يكنْ هوَ النُّورَ بل كان ليشهَدَ للنُّورِ. الكلمةُ هو النُّور الحق، الآتي إلى العالم والمُنيرُ كُلَّ إنسانٍ. في العالم كانَ والعالمُ بِهِ كُوِّنَ والعالمُ لَمْ يعرفهُ. إلى خاصَّتِهِ أتى وخاصَّتهُ لم تقبَلهُ. فأمَّا كلُّ الَّذينَ قَبِلوهُ فقد أعطاهُم سُلطانًا أن يكونوا أولادًا للهِ، وهم الَّذينَ يؤمنون باسمِهِ، الَّذينَ لا مِن دَمٍ ولا مِنْ مشيئةِ لحمٍ ولا مِنْ مَشيئةِ رَجُلٍ لكنْ مِنَ الله وُلِدوا. والكلمَةُ صارَ جسدًا وحلَّ فينا (وقد أبْصرْنا مجدَهُ مجدَ وحيدٍ من الآب) مملوءًا نِعمة وحقًّا. ويُوحَنَّا شَهِدَ لهُ وصرَخَ قائلًا: هذا هُوَ الَّذي قلتُ عَنهُ إنَّ الَّذي يَأتي بَعدي صارَ قبلي لأنَّهُ مُتَقدِّمي. ومن مِلئِهِ نحنُ كلُّنا أخَذْنا ونعمةً عوضَ نعمةٍ. لأنَّ النّاموسَ بموسى أُعطِي. وأمَّا النِّعمَةُ والحقُّ فبِيسُوعَ المسيحِ حَصلا.
حول الإنجيل
نقرأ في عيد الفصح هذا النّصّ الإنجيليّ الَّذي يخلو من أيّ ذكر للفصح أو حتّى لقيامة الرَّبّ، ولكنْ إذا تأمَّلنا بالتَّراتيل الَّتي تُرَتَّل في هذه الفترة نَعي أنّها تشدّد على الفرح بشيءٍ جديد قد حدث. والفصح بالذّات يتبعه أسبوعٌ كاملٌ يسمّى أسبوع التَّجديدات لأنّ هناك جديد يجدر بالمسيحيّين أنْ يَعيشوه، ويبشّروا به. فما هو هذا الجديد؟ النَّصّ الإنجيليّ يكشف هذا السِّرّ "النُّورُ جاء ليُضيء في الظُّلمة، والظُّلمة لم تدركه". هذه عظمة النُّور في إنجيل يوحنّا. وهذا النُّور بلغة يوحنّا الحبيب ما هو إلًّا الحياة و"الحياة كانت نور النّاس". فالنَّصّ هنا، في النِّهاية، يكلّمنا عن غلبة الحياة على الموت، إنّه يكلّمنا عن إبادة الموت أمام فيض الحياة، عن إماتة الموت بقيامة المسيح.
تقول التّرنيمة: "لنبتكرّن مُدّلِجينَ دلجةً عميقة ولنُقَرِبَنَّ للسّيّد التّسبيح النَّقيّ عِوَضَ الطِّيبِ الزَّكيّ، ولنُعاين المسيح الَّذي هو شمس العدل مُشْرِقًا الحياة للكلّ" هذا هو إذن إنجيل انتصار الحـيــــاة، أي إنجيل القيامة. والمسيحيّة هي دفق الحياة. "إلهنا إله أحياء، وليس إله أموات".
الحياة كما يعرّف عنها الإنجيل هي النُّور الَّذي أتى إلى العالم. إنّها الكلمة الَّذي صار جسدًا وهذه الكلمة هي الله. الحياة بكلمة واضحة هي تقبّل هذا النُّور. والنَّصّ واضح، إنَّ النُّور يغلب الظُّلمة، لكنَّ النُّور رُفض مِنْ خاصّته. النُّور أقوى من الظُّلمة لكنَّ النُّور لا يُفرض على الخيار البشريّ. الحياة أقوى من الموت، الحياة أن نشتعل من النُّور الَّذي ورد إلى العالم ليُنير كلّ إنسان آتٍ إليه. الحياة هي خبرة العلاقة الشّخصيّة مع يسوع. كما يقول بولس الرَّسول: "لست أنا أحيا بل المسيح يحيا فيَّ، والرًّبّ حياتي ونوري ومخلِّصي".
ها القيامة...!!
هلمّ ننقل أنفسَنا إلى دار الولاية حيثُ يصلّي رئيسُ الكهنة والمحفلُ اليهوديّ ويتأمّلون بالمزامير الَّتي تشكّلُ أساسَ صلواتِهم وإيمانِهم...
هلمّ نعاود معهم "حياتَنا الطّبيعيّة" بعد أن انتهوا من صلب المسيح الَّذي نال جزاءه "العادل" بعد أن جدّف وقال أنّه ابن الله...
هلمّ نحسب معهم أنّ "شيئًا لم يكن" وأنّ الخطر قد زال وقد قضَينا على مَن زعزع أسسَ الهيكل وقال إنّه يهدمُه ويبنيه في ثلاثةِ أيّام...
هلمّ نتنفّس الصُّعَداء بعد أن تخلّصنا مع اليهود من الَّذي هدّد أسس الكهنوت النّاموسيّ وعُمُد الشَّريعة الموسويّة وتقليد التَّميُّز السّاميّ، متكلّمًا تارّةً مع نساء خاطئات أو سامريّات أو نازفات، وشافيًا تارّةً أخرى عميانًا وبُرصًا ويابسي أعضاء يوم السَّبت، ومُقيمًا طَوْرًا أمواتًا بعد أنْ ماتوا وحتّى أنتنوا... غافرًا خطايا هذه وقابلًا توبة ذاك وداعيًا الكلّ إلى العودة...
وأخيرًا مات يسوع! وها نحن مع اليهود نتابع احتفالاتِنا... فيقرأ رئيسُ الكهنة المزمورَ الثّالثَ ويصل إلى آية: "أنا رقدتُ ونمتُ..." ويتوقّف ويشهق! لماذا توقّف؟ لماذا ساد الصَّمت؟ لماذا انخطفتْ أنفاسُه لوهلةٍ؟ أما انتهينا بعدُ من مهزلةِ ذلك الَّذي دعا نفسه "ملكَ اليهود"؟
توقّف رئيس الكهنة بغتةً إذ قرأ: "أنا رقدتُ ونمتُ ثمّ... قمتُ!" وتذكّر كلَّ ما قاله "ذلك المـُضِلّ" وفهم ما أنبأ به الله على لسان أنبياء العهد القديم من موسى إلى داوود وصولًا ليوحنّا المعمدان، وعَلِمَ عِلْمَ اليَقينِ أنّ العالمَ لم ينتهِ بعدُ من يسوعَ النّاصريَّ هذا، أو بالأحرى أنّ يسوعَ النّاصريَّ لم ينتهِ بعدُ من العالم هذا... ويهرعون كلُّهم مهرولين... ها هو...
ها هو يقبع خلف الحجر المدحرج... أو هكذا تعتقدون! لأنّه في الحقيقة أمام الجحيم يحطّم أبوابها ويزعزع أمخالها...
ها هو يثوي في القبر فاقد النَّسَمة... أو هكذا تحسبون! لأنّه في الحقيقة يهرع نحو آدم الرَّاقد وحوّاء الأولى ليمسكهما بيديه وينتشلهما وذريّتهما من أسنان العدوّ الماكر محطّمًا فكّه...
ها هو ينطفئ عن عيون قاتليه... أو هكذا تتمنَّون! لأنّه في الحقيقة يوقد نوره منارةً ساطعة للمؤمنين به، خاصّته الَّتي أحبّها حتّى الموت، موت الصَّليب، نورًا ونارًا للمسكونة جمعاء، الَّتي عرفته والَّتي لم تعرفه، الَّتي قبلته والَّتي لم تقبله، الَّتي آمنت به والَّتي لم تؤمن...
ويرتعد الكلّ من الحدث الخلاصيّ، من هذا اليوم المدعوّ المقدّس، الَّذي هو "أوَّل السُّبوت وملكها وسيّدها"، ينحلّ فصحُهم وتنحلّ معه عنجهيّتهم وجهلهم ووحشيّتهم، ويحلّ في نفوسِهم الخوفُ والرَّهبةُ والرّعدة... فيطوي العهدُ القديم آخرَ صفحاته، ويخطّ المسيح بدمه أوَّل سُطور العهد الجديد المشعّ بنور القيامة المنبعث من القبر، والباعث الرُّعب في سيّد هذا العالم وخادميه...
ها القيامة تتحقّق في المسيح ومنه لجميع المؤمنين به أنّه "ابن الله الوحيد، المولود من الآب قبل كلِّ الدُّهور، نورٍ من نور، إلهٍ حَقّ من إله حَقّ"...
ها القيامة تتثبّت في ابن الله ومنه لجميع الَّذين يثبتون فيه إذ يتناولون جسده الطَّاهر ويشربون دمه الكريم المحيي "المهراق من أجل حياة العالم"...
ها القيامة تتمّ في ابن الانسان ومنه لكلّ إنسانٍ يرغب في أنْ يُصبح ابن الله بعد أن تخلّص من بشـريّته السّاقطة وطرح عنه "كلّ اهتمام دنيويّ"...
ها القيامة تأتي والمخلّص ينتصـر والملائكة تهتف والمسكونة تتهلّل والبشريّة تتألَّق وتتألَّه وتنادي صارخةً وقائلة:
"يا فرحي... المسيح قام! حقًّا قام!".
أخبارنا
برنامج صلوات واستقبالات صاحب السّيادة في الفصح
* الهجمة وسحريّة وقدّاس أحد الفصح المقدَّس العظيم
كنيسة القدّيس جاورجيوس—القرعون: يترأّس راعي الأبرشيّة سيادة المتروبوليت أنطونيوس (الصّوري) يوم السّبت الواقع فيه 15 نيسان 2023 رتبة الهجمة وقدّاس الفصح عند السّاعة 10:30 مساءً في كنيسة القدّيس جاورجيوس، القرعون.
كاتدرائيّة القدّيس نيقولاوس—زحلة: يترأّس صاحب السّيادة رتبة الهجمة وسحريّة وقدّاس عيد الفصح العظيم، في كاتدرائيّة القدّيس نيقولاوس- حيّ الميدان، يوم الأحد الواقع فيه 16 نيسان 2023. تبدأ الخدمة عند السّاعة الخامسة فجرًا.
* استقبال المهنّئين بعيد الفصح
يستقبل راعي الأبرشيّة المهنّئين بعيد الفصح المجيد، في دار المطرانيَّة، بحسب البرنامج التّالي:
الأحد في 16 نيسان 2023
من السّاعة العاشرة والنّصف (10.30) صباحًا، لغاية السّاعة الواحدة (1.00) بعد الظهر.
ومن السّاعة الرّابعة (4.00) بعد الظّهر، لغاية السّاعة السّابعة (7.00) مساءً.
الإثنين في 17 نيسان 2023
من السّاعة الرّابعة بعد الظّهر (4.00)، وحتّى السّابعة (7.00) مساءً.
المسيح قام! حقًّا قام!
كلّ عام أنتم بألف خير