Menu Close
kanisati

نشرة كنيستي

نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.

الأحد 1 أيّار 2022    

العدد 18

أحد توما الرّسول

أعياد الأسبوع: *1: إرمياء النّبيّ، البارّة إيسيذورة *2: نقل جسد القدّيس أثناسيوس الكبير *3: الشّهيدان تيموثاوس ومفرة *4: الشّهيدة بيلاجيا، البارّ إيلاريوس العجائبيّ *5: الشّهيدة إيريني، الشّهيد أفرام الجديد *6: الصّدِّيق أيّوب الكثير الجهاد، القدّيس الشّهيد جاورجيوس اللّابس الظّفر *7: علامة الصّليب الّتي ظهرت في أورشليم.

كلمة الرّاعي

توما التّوأم

حين أبصر توما الرَّبّ القائم من بين الأموات وسمع صوته المُعاتِب بحنان انخضّ كيانه وتزعزت صخرة الأنا وتدحرج الحجر عن قبر قلبه ليجد في داخله يسوع كائنًا فيه توأمًا له فصرخ بنحيبٍ من كلّ خلايا كيانه: "ربّي وإلهي"، مُعترفًا بالمسيح يسوع سيِّدًا للحياة وغالِبًا للمَوْت. تُعيِّد الكنيسة المُقَدَّسة في هذا الأحد للقدّيس توما الرّسول المُكنّى بالتَّوأم ولحادثة اعترافه بالرَّبّ القائم من بين الأموات. هذا الحدث يضحد كلَّ من يشكّك بقيامة الرَّبّ يسوع المسيح مِن بين الأموات بعد صلبه ودفنه. في كلّ الأحوال عالج الرَّبّ يسوع المسيح مسألة التّشكيك بقيامته من خلال شكّ توما ويقينه ليَخلُص إلى أنّ الإيمان يُبنى على التَّسليم وليس على الرُّؤية والمُعاينة بالضّرورة إذ قال لتوما: "طوبى للّذين آمَنوا ولم يَرَوْا". إيماننا بالمسيح بعد قيامته يُبنى على شهادة الشّهود من رسل وتلاميذ عاينوا الرَّبّ القائم من بين الأموات (راجع ١ كو ١٥).

***

نسمع عن توما قبل القيامة في صعود الرَّبّ يسوع المسيح إلى أورشليم ليُقيم لعازر من بين الأموات ونسمع توما في حينها يقول للتّلاميذ: "فلنذهب لنموت معه" (يو ١١: ١٦). في الحادثتَي قد يظهر توما مُتناقضًا مع نفسه لأنّه حين كان مُندفعًا للموت مع المسيح كان يرى في الرَّبّ يسوع حياةً إذ كان يعتقده مَسيحًا للرَّبّ مُنتصرًا. في الحادثة الثّانية ينقل اخوته الرُّسل له بشرى القيامة، فيشكّك في حقيقة أنّ المسيح الّذي كان هو تابعًا له يمكنه أن ينتصر على المَوت. لماذا هذا التّناقض الظّاهر ؟!....

توما كان يعتبر ذاته توأمًا للمسيح، وهذه كانت قناعته الكيانيّة. كيف نستنتج هذا؟ من رغبته بالالتصاق بالمسيح في كلّ شيء حتّى بموته، فهو حين قال فلنذهب لنموت معه لم يكن يتصوّر حياته بدون الرَّبّ يسوع، لم يكن يعتبر الحياة لها قيمة بعيدًا عن الرَّبّ يسوع، ولذلك كان عنده هذا الاندفاع العفويّ في التّعبير البسيط عن كوامِنِ قلبه حين نطق بفرحٍ مقولته الشّهيرة هذه. من هنا كان يعتبر أنّ ما يَمرُّ به الرَّبّ مِن خبرات لا بدّ له أن يُشارِكه فيها. ولكنّه حين دقّت ساعة الحقيقة وقُبض على الرَّبّ يسوع هرب مع باقي التّلاميذ وجَبُنَ. الخوف فيه على حياته هو فصله عن محبّته الكيانيّة للرَّبّ يسوع المسيح الّتي كانت تجعل منه توأمًا له. ودخل توما في الضّياع الوجوديّ حين صَلْب الرَّبّ وموته ودفنه لم يعد له من مكانٍ يسند إليه رأسه ليطمئنّ قلبه. كلّ ارتباطه الكيانيّ مع الرَّبّ يسوع انحلّ حين شكّ بالمُعلِّم المُتألّم. خسر توما صخرة حياته حين أحبّ ذاته أكثر من معلمّه، لأنّ الرَّبّ كان قد قال له وللتّلاميذ: "من أحبّ أبًا أو أولادًا أو زوجةّ أو بيوتًا أو حقولًا أكثر ِمنّي فلا يستحقُّني" أي مَن أحبَّ حياته المُتأتّية مِن مقتنياته المَعنويّة أو المادّيّة لا يستحقّ الرَّبّ. مِن هنا مَخافة أن يخسر هذه الحياة فَكَّ رِباطه الكيانيّ بالمسيح ودخل في حالة الشَّكّ الشّامل. لذلك، حين أخبره التّلاميذ بأنّهم عاينوا الرَّبّ القائِم مِن بين الأموات لم يصدّقهم لأنّه كان يشكُّ في ذاته فكيف يثق بإخوته.

***

حينَ أبصَر توما الرَّبّ القائم مِن بين الأموات وسَمِع صوته المُعاتِب بحنان انخضّ كيانه وتزعزعت صخرة الأنا داخله وتدحرج الحجر عن قبر قلبه ليجد في داخله يسوع كائنًا فيه توأمًا له، فصرخ بنحيبٍ مِن كلِّ خلايا كيانه: "ربّي وإلهي"، مُعترفًا بالمسيح يسوع سيّدًا للحياة وغالِبًا للمَوت وإلهًا خالقًا له من جديد في الحبّ الإلهيّ الّذي كشفه له عن حقيقة التصاق الرَّبّ به حتّى عندما هو نفسه يُظلِم لأنّ المَسيح متى اتَّخَذ نَفْسًا له يلتصق بها ويبقى مُنتظرًا في ظلمة قلبها لحظة عودتها إليه ليَنْبَجِس نوره فيها إلى الأبد .

ألا أعطانا الله أن نطلبه كما طلبه توما في هذه التّوأمة الكيانيّة معه، وأن نتحرّر من خوف المَوْت عن هذا العالم لنستحقّ برحمته أن ندخل في سرِّ الاعتراف الكلّيّ بالمسيح يسوع ربًّا وإلهًا لحياتنا ...

ومن استطاع أن يقبل فليقبل.

+ أنطونيوس

مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما

طروباريّة القيامة (باللَّحن الخامس)

المسيحُ قامَ من بينِ الأموات، ووَطِئَ الموتَ بالموتِ، ووَهَبَ الحياةَ للَّذينَ في القُبُور.

طروباريّة الأحد الجديد (باللّحن السّابع)

إذ كان القبرُ مختومًا أشرقتَ منه أيّها الحياة. ولمَّا كانتِ الأبوابُ مُغلَقَة، وافيتَ التّلاميذَ أيّها المسيحُ الإلهُ قيامةُ الكلّ. وجدّدتَ لنا بهم روحًا مُستقيمًا، بحسب عظيم رحمتك.

القنداق (باللّحن الثّامن)

ولئن كنتَ نزلتَ إلى قبر يا مَن لا يموت، إلّا أنَّك درستَ قوَة الجحيم، وقمتَ غالبًا أيُّها المسيحُ الإله، وللنِّسوَةِ حاملاتِ الطِّيب قلتَ افرحنَ، ولِرسلِكَ وَهبتَ السَّلام، يا مانحَ الواقعينَ القيام.

الرّسالة (أع 5: 12-20)

عظيم هو ربُّنا وعظيمة هي قوَّته

سبِحوا الرَّبَّ فإنَّه صالِحٌ

في تلكَ الأيّام جَرَتْ على أيدي الرُّسُل آياتٌ وعَجائبُ كثيرةٌ في الشَّعب. (وكانوا كلُّهُم بِنَفْسٍ واحِدَةٍ في رِواقِ سُليمان، ولم يكُنْ أحَدٌ من الآخَرينَ يَجترِئُ أنْ يُخالِطَهُمْ. لكنْ كانَ الشَّعبُ يُعظِّمُهمُ. وكانَ جماعاتٌ مِنْ رجال ونِساء ينضَمُّونَ بِكَثَرَة مُؤمِنينَ بالرَّبِّ) حتّى إنَّ النّاسَ كانوا يَخرُجونَ بالمَرضى إلى الشَّوارِع ويضعونهُم على فرُشٍ وأَسِرَّةٍ ليَقَعَ ولَوْ ظِلُّ بطرسَ عنِدَ اجتيازِهِ على بعْضٍ منهم. وكانِ يجْتمِعُ أيضًا إلى أورَشَليمَ جُمهورُ المدُنِ الّتي حَوْلَها يَحمِلون مرضى ومعذّْبينَ مِنْ أرواح نَجِسة. فكانوا يُشفونَ جَميعُهُم. فقامَ رئيسُ الكهَنةِ وكلُّ الّذينَ معهُ وهُمْ مِن شيعَةِ الصّدُّوقِيّينَ، وامتلأوا غَيرةً، فألقوا أيدِيَهُم على الرُّسُلِ وجَعَلوهُم في الحبسِ العامّ، ففَتَحَ ملاكُ الرَّبِّ أبوابَ السِّجنِ ليلًا وأخرَجَهُم وقالَ امْضُوا وَقفِوا في الهيكلِ وكَلِّموا الشَّعبَ بِجميع كلِماتِ هذه الحياة.

الإنجيل(يو 20: 19-31)

لمّا كانت عَشيَّة ذلِكَ اليومِ، وَهُوَ أوَّلُ الأُسبوع، والأَبوابُ مُغلَقةٌ حيثُ كانَ التّلاميذُ مجتمِعينَ خوفًا مِنَ اليهودِ، جاءَ يسوعُ ووقفَ في الوَسْط وقالَ لَهم: السَّلامُ لكم. فلمَّا قالَ هذا أراهم يَدَيهِ وجَنبَهُ. ففرِحَ التّلاميذُ حينَ أبصَروا الرَّبَّ. وقال لهم ثانيةً: السَّلامُ لكم. كما أرسَلني الآبُ كذلكَ أنَا أرسِلُكم. ولمّا قالَ هذا نَفَخَ فيهم وقالَ لهم خذوا الرُّوحَ القُدُسِ، مَن غفرتُم خطاياهم تُغْفَرُ لهم، ومَن أمسكتم خطاياهم أُمسِكَتْ. أمَّا توما أحَدُ الاثنيَ عشرَ الَّذي يقالُ لهُ التَّوْأَمُ فلم يكنْ معَهم حينَ جاءَ يسوع. فقالَ لهُ التّلاميذُ الآخرونَ إنَّنا قد رأيْنا الرَّبَّ. فقالَ لهُم إنْ لم أُعايِنْ أثرَ المساميرِ في يدَيْهِ وأضَعْ إصبَعي في أثرِ المساميرِ وأضَعْ يدي في جَنبِهِ لا أُومنِ، وبعدَ ثمانيةِ أيّامٍ كانَ تلاميذهُ أيضًا داخِلًا وتوما معَهم، فأتى يسوُعُ والأبوابُ مُغلقَة، ووقفَ في الوَسْطِ وقالَ: السَّلامُ لكم. ثمَّ قالَ لتوما: هاتِ إصبَعَكَ إلى ههنا وعَاينْ يَدَيَّ. وهاتِ يَدَكَ وضَعها في جَنبي، ولا تَكُنْ غيرَ مُؤمنٍ بَل مؤمنًا.

أجابَ توما وقالَ لهُ رَبِّي وإلهيِ. قالَ لهُ يسوعُ لأنَّكَ رأيتني آمنت. طوبىَ  للَّذينَ لَمْ يَرَوا وآمنَوا. وآياتٍ أُخرَ كثيرةً صَنَعَ يسوعُ أمامَ تلاميذِهِ لم تُكتَبْ في هذا الكتاب، وأمَّا هذهِ فقد كتبَتْ لتُؤمِنوا بأنَّ يسوعَ هو المسيحُ ابنُ الله، ولكي تكونَ لكم إذا آمنتم حياةٌ باسمِهِ.

حول الإنجيل

دخل الرَّبّ يسوع "عَشِيَّةُ ذلِكَ الْيَوْمِ، وَهُوَ أَوَّلُ الأُسْبُوعِ، وَكَانَتِ الأَبْوَابُ مُغَلَّقَةً"، وهذا تأكيد على أنّ جسدنا في القيامة العامّة سيصير جسدًا ممجَّدًا لا يخضع للمادّة على شاكلة جسد الرَّبّ يسوع، طبعًا، إن كنّا ملتصقين به في هذا الدَّهر. وقف الرَّبّ في وسطهم وقال: "سلامٌ لكم". ما معنى هذه الكلمة؟ من أين يأتي السَّلام؟  عندما يحضر الرَّبُّ يسوع، يرتاح الإنسان، ويشعر بأمان يفوق الوصف، بمعنى آخر، إن كان هناك مشاكل اقتصاديّة، اجتماعيّة، نفسيّة...كلّها تتلاشى بحضور الرَّبّ. كيف أحصل على هذا السَّلام؟ إذ هناك معنى أعمق في عبارات الكتاب المدونّة كما يقول القدّيس مرقس النّاسك: فالعلّيّة، في الكتاب المقدَّس، حيث كان التّلاميذ مجتمعون، تعني القلب، الخالي من الشَّرّ؛ والأبواب مغلقة، تعني الجهاد كَيْلا يدخل الشّرّ إلى القلب، بل يُقفلها أمام الخطيئة ويبقيها خارجًا. عندما نصل إلى هذه الحالة يأتي المسيح ويقف في الوسط، أي يملك على كيان الإنسان كلّه، ويقول لنا "سلامٌ لكم"، حينها نستطيع أن نقول كما قال بولس الرَّسول: "مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضَيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟" (رو 8: 35)، لماذا لا يستطيع أحد أن يفصلنا عن المسيح؟ لأنّه قائم في وسطنا فلن نتزعزع.

إذا علينا أن نكون مثل التَّلاميذ، ونجاهد في حياتنا ضدّ الخطيئة، وخاصة الحقد، لأنّ الإنجيليّ لم يذكر أنّه كان تلميذٌ واحد والأبواب مغلقة، إنّما التَّلاميذ كلّهم ما عدا "ابن الهلاك" مجتمعين والأبواب مُغلَقَة، يعني إذالم تتصالح مع أخيك، حتّى لو كنتَ مجاهدًا روحيًّا عظيمًا، فلن تعرف المسيح أبدًّا.

تفسير القدّاس الإلهيّ (الجزء 7)

الأنافورا: اشتقاق الكلمة: الأنافورا كلمة يونانيّة (αναφορά) دخلت اللّغة العربيّة، وهي تعني "يرفع" أو "يقدّم"، وعندما تٌرجم العهد القديم إلى اليونانيّة، استُخدِمَ الفعل يرفع أو يقدّم للإشارة إلى ذبائح العهد القديم. كما استُخدم في صلوات الكنيسة كلّها منذ عصر الرُّسُل للإشارة الى تقدمة المسيح على الصَّليب (عب 7 : 27). ولهذا السَّبب دخلت في الصَّلوات الخاصّة بالإفخارستيّا، الّتي هي صلوات خاصّة بتقدمة المسيح.

يستخدم الطّقس البيزنطيّ ثلاث صلوات أنافورا تشكّل صلب اللّيتورجيّات الإلهيّة وهي: أنافورا القدّيس يوحنّا الذّهبيّ الفمّ، أنافورا القدّيس باسيليوس الكبير، وأنافورا القدّيس يعقوب. لهذه الصّلوات بنية متشابهة جدًّا، وفيها شكرٌ لله على عمليّات الخلق والخلاص والتّقديس والتّجسد وصولًا إلى الكلام التَّأسيسيّ في العشاء السّريّ أو العشاء الأخير، وهذا الكلام يقوله الكاهن بصوتٍ عالٍ والشّعب يجيب "آمين".

تشكّلت البنية الأنافورا في أوائل القرن الخامس وهي تتكوّن من 11 عنصرًا هي في أنافورا القدّيس يوحنّا الذَّهبيّ الفمّ على النّحو التّالي: الحوار الإفتتاحيّ، المقدّمة أو الاستعداد للذَّبيحة، مرحلة ما قبل التّقديس، التّقديس وبه نعني نشيد "قدّوس قدّوس قدّوس" (أش 6: 1 - 5)، ما بعد التّقديس حيث تعاد آيات الشّكر الموجودة في المقدّمة مع تسليط الضّوء على التّجسّد، سرد حدث التّأسيس في العشاء الأخير وينتهي بالكلام التّأسيسيّ "هذا هو جسدي... وهذا هو دمي..."، التّذكُّر "وإِذ نحن ذاكرون هذه الوصيّة الخلاصيّة، الصّليب، والقبر والقيامة والصّعود..."، تقديم الذّبيحة لله "الَّتي لك ممّا لك..."، استدعاء الرّوح القدس، الشّفاعة، وختام التّقدمة.

لنقف حسنًا، لنقف بخوفٍ، لنصغ، لنقدّم بسلام القربان المُقدَّس": تبعًا للقدّيس يوحنّا الذَّهبيّ الفم، فالشمّاس يقول هذه الطّلبة "لكي نكون حاضرين أمام الله بنَفْسٍ مستقيمة، بعد أن تخلّصنا من الشَّلل الرّوحيّ الَّذي تحمله معها الاهتمامات المعيشيّة". هذا ويشير الأب شميمن إلى أنّ هذه العبارة تعلن بداية قانون الشُّكر أي القسم الرَّئيس من القدّاس الإلهيّ، الَّذي فيه تتحوّل المواد الإفخارستيّة، أي الخبز والخمر، إلى جسد المسيح ودمّه. مع تشديده على عدم فصل هذا القسم عن باقي أقسام القدّاس، بل إنّ القدّاس الإلهيّ هو وحدة متكاملة وسرّ واحد، إذ في هذا الرَّبط العضويّ بين أقسام القدّاس يكمن التّقليد الحَيّ والخبرة الحيّة للكنيسة .هذه هي الذَّبيحة الّتي يرغب فيها الرَّبّ، أكثر من ألوف ذبائح الحيوانات. فالرَّبّ يستحسن ذبيحة تمجيده، لأنّ هذه الذّبيحة هي الطَّريق المؤدّية بالإنسان إلى الخلاص. ويقول لنا الله، بالنّبي هوشع، إنّه من الأفضل أنّ نقدّم محبّتنا نحوه ونحو إخوتنا بدل تقديم ذبيحةً خُلُوًّا من محبّة: "أريد رحمةً لا ذبيحة". هذا هو السّلام الَّذي يجب أنّ نقدّم به ذبائحنا.

"نعمة ربّنا يسوع المسيح ومحبّة الله الآب وشركة الرّوح القدس لتكن معكم جميعًا": هذه الصّلاة، كما يكتب القدّيس نيقولاوس كاباسيلاس، وردت في رسائل بولس الرَّسول، ومن شأنها أن تمنحنا خيرات الثّالوث القدّوس: "من الابن نعمةً، من الآب محبّةً، ومن الرُّوح القدس شركة..." ويتابع أنّ الكاهن يقول "لتكن مع جميعكم" أي أنّه سبق ومنحنا هذه النِّعَم بمجيئه ويجب أن نحافظ عليها. فقد أعطينا الخلاص بالمسيح، الَّذي صار ابن البشر، والَّذي به "لنا سلام مع الله... والَّذي به صار لنا الدُّخول بالإيمان إلى هذه النِّعمة" (رو5: 1-2). (يتبع)

أنقر هنا لتحميل الملفّ