نشرة كنيستي
نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.
الأحد 6 آذار 2022
العدد 10
أحد مرفع الجبن (الغفران)
اللّحن 4- الإيوثينا 4
أعياد الأسبوع: *6: الإثنين والأربعين شهيدًا الذَّين في عموريّة، البارّ أركاديوس *7: بَدء الصَّوم الكبير، الشهداء أفرام ورفقته أساقفة شرصونة، البارّ بولس البسيط *8: ثاوفيلكتس أسقف نيقوميذيّة *9: القدّيسين الأربعين المستشهدين في سبسطية *10: الشَّهيد كدراتُس ورفقته *11: المَديح الأوّل، القدّيس صفرونيوس بطريرك أورشليم *12: تذكار القدّيس العظيم في الشُّهداء ثاوذورس التّيروني (عجيبة القمح المسلوق)، القدّيس ثيوفانِّس المُعترف، القدّيس غريغوريوس الذّيالوغوس بابا رومية، القدّيس سمعان اللّاهوتيّ الحديث.
كلمة الراعي
رسالة غبطة البطريرك يوحنّا العاشر
صوم 2022
برحمة الله تعالى
يوحنّا العاشر
بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للرُّوم الأرثوذكس
إلى إخوتي رعاة الكنيسة الأنطاكيّة المُقَدَّسة وأبنائي وبناتي حيثما حلُّوا في أرجاء هذا الكرسيّ الرَّسوليّ
أيُّها الإخوة والأبناء الرُّوحيّون الأعزّاء،
على عتباتِ الصَّوْم الأربعينيّ المُقَدَّس تُناجي الكنيسة ربَّها جَوْقًا واحدًا صارخًا من عمق النَّفس "لا نُصَلِّيَنَّ يا إخوة فَرّيسيًّا". هذا ما تفتتح به الكنيسة المُقَدَّسة تسابيحها اللّيتورجيّة للصَّوم المُقَدَّس. وهذا ما تُناجي به ربَّ القيامة.
حلَّة النَّفس في هذا الموسم المبارك هي التَّواضُع. تواضع الصَّلاة هو مفتاحها لتَلِجَ قلب الرَّبّ. تقولها الكنيسة في أولى تسابيحها لهذه الفترة، لتهمس في إذن كلٍّ منّا: إنّ المسيح عروسَ النَّفس وختنها يريدها مزدانةً بحلية التّواضع. يريدها موشاةً بثوب نكران الذّات. يريدها جبّارةً في الصَّلاة الخَفِرَة المُبتعدة عن كلّ ظهورٍ وتظاهرٍ وعن زيفِ روحانيّةٍ قشريّة، وما أكثرها في أيّامنا. تواضعها هو الَّذي يحنّن قلب الرَّبّ عليها إذ تصرخ: ارحمني. إنّ المسيح يريد من نفسنا أن تكون من العذارى العاقلات اللّواتي هيَّأنَ له سراج الرَّحمة والتَّواضع والصَّدَقَة فجعلن كيانهنَّ خدرًا لسُكناه بالرُّوح.
في الصّوم ربيعُ النُّفوس التّائقة إلى إشراق المسيح. في الصَّوم إزهار النَّفس مع إزهار الطَّبيعة. في الصَّوم ربيعُ نفسٍ تنفض عن كيانها زَمهرير خطيئة لتتَّشِحَ برَوْنَقِ قيامة. في الصَّوم ربيع نفوسٍ تنفض عنها فَرّيسيَّةَ كبرياء لتلتحف بقيامة تواضع.
ندخل هذا الموسم الصِّياميّ وجرح المسيحيّة المشرقيّة ما زال مفتوحًا ونازفًا. وهذا الجرح يختصر ما عاناه إنسان هذا الشّرق من كلّ الأطياف وهو خطف مطرانَيْ حلب يوحنّا إبراهيم وبولس يازجي منذ نيسان 2013 وسط تعتيمٍ شاملٍ على هذا الملفّ ووسط سكوتٍ دُوَليّ مستنكر. نرفع صلاتنا من أجلهما ومن أجل كلّ مخطوف.
ندخل حلبة الصَّوم في هذه المرحلة المِفْصَليّة من تاريخ وُجودِنا كمسيحيّين في هذا الشَّرْق. ندخل الصَّوم متأمّلين تاريخ كنيسة أنطاكية الّتي لم تحْتَمِ يومًا إلّا بصليب المسيح ولم تقتَتْ إلّا برجائه. قرونًا وقرونًا حفظت أمانتها وإيمانها له. وهي الّتي صبغت الدُّنيا باسمه وصبغت رسلَه باسمه القدُّوس. وكلّ ذلك لنقول إنّنا باقون في أرضنا الّتي منها نستمدُّ الهويّة والكيان.
أعادها الله عليكم أيُّها الأحبّة أيّامًا مبارَكَة مستظلّين برحمته الإلهيّة لكي نعبر جميعًا إلى فجر قيامة المسيح له المجد إلى الأبد، آمين.
صدر عن مَقامِنا البطريركيّ بدمشق، بتاريخ السّابع والعشرين من شباط للعام ألفين واثنين وعشرين.
† يوحنّا العاشر
بطريرك أنطاكية وسائر المشرق
طروباريّة القيامة (باللَّحن الرّابع)
إنَّ تلميذاتِ الرَّبّ تعلَّمنَ مِنَ المَلاكِ الكَرْزَ بالقيامةِ البَهج. وطَرَحنَ القَضاءَ الجَدِّيَّ. وخاطبنَ الرُّسلَ مُفتَخِراتٍ وقائِلات. سُبيَ المَوتُ وقامَ المَسيحُ الإله. ومنحَ العالمَ الرَّحمةَ العُظمى.
قنداق أحد مرفع الجبن (باللَّحن السّادس)
أيُّها الهادي إلى الحكمةِ والرّازقُ الفَهْمَ والفِطنة، والمؤَدِّبُ الجهّالَ والعاضِدُ المساكين، شدَّدْ قلبي وَامنحْني فَهْمًا أيّها السيَّد، وأعطِني كلمةً يا كلمةَ الآب، فها إنّي لا أمنعُ شَفتيَّ من الهُتافِ إليك: يا رحيمُ ارحَمْني أنا الواقِع.
الرّسالة(رو 13: 11-14، 14: 1-4)
رتّلوا لإلِهِنا رتِّلوا
يا جميعَ الأُممِ صَفِّقّوا بالأيادي
يا إخوة، إنّ خَلاصَنا الآنَ أقربُ مِمّا كان حينَ آمَنّا. قد تَناهى اللَّيلُ واقتربَ النَّهار، فَلْنَدَعْ عَنّا أعمالَ الظُّلمةِ ونَلْبَسْ أسلِحَةَ النُّور. لِنَسْلُكَنَّ سُلوكًا لائقًا كما في النَّهار لا بالقصُوفِ والسُّكْرٍ، ولا بالمَضاجِع والعَهَرِ، ولا بالخِصامِ والحَسَدِ. بَل البَسُوا الرَّبّ يسوعَ المسيحَ، ولا تهتمّوا لأجسادِكُم لِقَضاءِ شَهَواتِها. مَنْ كان ضعيفًا في الإيمان فاتَّخِذوهُ بغير مباحَثةٍ في الآراء. مِنَ النّاس مَن يعتقْدُ أنَّ لهُ أن يأكلَ كلَّ شيءٍ، أمّا الضَّعيف فيأكُلُ بُقولًا. فلا يَزْدَرِيَنَّ الَّذي يأكل من لا يأكل، ولا يَدِينَنَّ الَّذي لا يأكل من يأكل فإنّ الله قدِ اتخّذّهُ. مَنْ أنت يا من تَدينُ عبْدًا أجنبيًّا؟ إنّه لمَولاهُ يَثبتُ أو يَسقُط. لكنَّه سيُثبَّتُ، لأنّ الله قادِرٌ على أن يُثبَّتهُ.
الإنجيل(متّى 6: 14-21)
قال الرَّبُّ: إنْ غَفَرْتُم للنَّاسِ زَلّاتِهمْ يَغْفُر لكم أبوكُمُ السَّماويُّ أيضًا. وإنْ لم تَغْفِروا للنَّاسِ زلّاتِهم فأبوكُمْ لا يغفرُ لكم زلّاتِكُمْ. ومتى صُمتُمْ فلا تكونوا مُعبسِّين كالمُرائين، فإنّهم يُنكِّرون وُجوهَهْم ليَظهَروا للنّاسِ صائمين. الحَقَّ أقولُ لكم أنّهم قد أخذوا أجْرَهم. أمّا أنتَ فإذا صُمتَ فادهَنْ رَأسَكَ واغْسِلْ وَجْهَكَ لئلّا تَظْهرَ للَّناس صائمًا، بل لأبيكَ الَّذي في الخِفيةَ، وأبوكَ الَّذي يرى في الخِفيةِ يُجازيكَ عَلانيّة. لا تَكنِزوا لكم كنوزًا على الأرض، حيث يُفسِدُ السُّوسُ والآكِلةُ ويَنقُبُ السّارقون ويَسرِقون، لكنْ اكنِزوا لَكمْ كُنوزًا في السّماء حيث لا يُفسِد سوسٌ ولا آكِلَةٌ ولا يَنْقُب السّارقون ولا يسرِقون. لأنّه حيث تكونُ كنوزُكم هناكَ تكونُ قلوبُكم.
حول الإنجيل
الصَّفحُ شرطُ الفِصح
بعد فترةٍ استمرَّتْ أربعة أسابيع، هيَّأتنا خلالها الكنيسةُ للدُّخول في مسيرةِ الصَّوم المُقدَّس، نقفُ اليوم أمامَ مفترقٍ صعب، قد يكون للبعض منّا حاجزًا وعقبةً تمنعانه من الدُّخول إلى الصَّوم بروح الصَّوم، ونَيْلِ بركاته؛ وللبعض الآخر، مدخلًا يقودُه إلى التَّمتّع بمسيرةِ العُبور من الإنسان- العبد، نحو الإنسان- الابن؛ والمفترقُ هذا، هو الغفران.
يبدأ إنجيل هذا الأحد “أحد الغفران“، بآيةٍ قاطعة: "إنْ غفرتم للنَّاس زلاَّتِهم، يغفرْ لكم أبوكم السَّماويّ أيضًا. وإنْ لم تغفروا للنَّاس زلاَّتِهم، فأبوكم أيضًا لا يغفرُ لكم زلاَّتِكم" (مت 6: 14-15)، إذ أمامها يطرح كلُّ إنسانٍ السُّؤالَ عينه:
كيف يَرْتَضي اللهُ أن يَربط ويُشرط غفرانَه للإنسان، بغفرانِ الإنسان للإنسان؟
قد تبدو هذه المعادلةً قاسية، أو غريبة أو غير عادلة. ولكن، لن يفهم هذه المُعادَلَة إلّا مَن نظر إلى الله كأبٍ، أكثرُ ما يهمّه، أن يبقى رابطُ المحبّة الَّذي يجمع أبناءَه قائمًا ومتينًا.
ما الَّذي يقوله لي الرَّبُّ في هذا الإنجيل؟
يقول لي: "إنْ كنتَ تدعوني أبًا لكَ، لا يمكنكَ أن تخاصمَ أبنائي الآخرين- إخوتك؛ لكوني لستُ أباكَ وحدك، بل أنا أبٌ للجميع، لذا علّمتُكَ أن تدعونَي "أبانا"... لا يمكنكَ أن تحبَّني من دون أن تحبَّ إخوتك... لا يمكنكَ أن تنالَ مغفرتي، وأنتَ لا تغفرُ لأخْوَتِكَ. فـ "أهل بيتِ الله"، يتصرّفون "كسيِّدِ هذا البيت".
المغفرةُ شفاءٌ لنا قبل الآخر. إحياءٌ لنا قبل الآخر. تحريرٌ لنا قبل الآخر. المغفرةُ دواؤنا، لأنَّها تحطِّم حاجز البُغض والعَداوَة الَّذي يضعه الشِّرير على قلوبنا، فيخنقها، ويحوِّلها حجارًا لا تشعر.
متى أغفر؟ كلَّ حين. حين يُطلبُ مني، أو لا يُطلَب...
إلى أيِّ حدٍّ أغفر؟ "سبعين مرّةً سبعَ مرَّات" (مت18: 22). ليس للغفران حدود، لكون الغفران ليس إنسانيًّا، بل إلهيّ. وكلُّ ما لله ومنه، لا يُحدّ؛ لأنّ نعمة الله لا تُحدّ.
لمَن أغفر؟ فثمة، برأيي، مَن لا يستحقُّ الغفران! لكلِّ إنسانٍ مخطئٍ، وخصوصًا لمَن لا يستأهلُ الغفران. لأنَّ الرّحمة الحقيقيَّة هي الَّتي تُعطى لمَن لا يستحقُّها. فإنْ أُعطيتها إلى مستحقِّها، لا تعود تُسمَّى رحمةً.
اليوم، وأمام تهديدِ الموت المستمرِّ لنا ولمَن حولنا، علينا أن نراجع مواقفنا وخياراتنا وقراراتنا، بكلِّ ما يتعلّق بعلاقاتنا مع النَّاس ومع أنفسنا ومع الله. بكلِّ ما يتعلّق بأحقادٍ دفنَّاها منذ زمانٍ طويل في قبر قلوبنا.
فلنغفرْ ولنطلبِ الغفران، قبل أن تستحيلَ هذه كلّها قبرَنا في هذه الحياة، والبابَ المغلق أمامنا في الملكوت.
مَن يبتغي اختبارًا حقيقيًّا للفصح الآتي، عليه أن يختبر اختبارًا حقيقيًّا للغفران أوّلًا، لأنّ الصَّفحَ شرطُ الفصح.
الخروج من الذّات إلى الصّوم
جاء في سفر التّكوين: "وأخذَ الرَّبُّ الإلهُ آدمَ ووضعهُ في جنّة عدن ليعملَّها ويحفظَها. وأوصى الرَّبُّ الإلهُ آدمَ قائلًا من جميع شجر الجنّة تأكل أكلًا. وأمّا شجرةُ معرفة الخير والشَّرّ فلا تأكل منها. لأنّك يومَ تأكل منها موتًا تموت (15:2-16).
وضع الله أوّلًا الإنسان المخلوق على صورته ومثاله في الفردوس لتكون له حياة أبديّة وشركة حقيقيّة معه وتقدّم مستمرّ نحو الكمال. وأعطاه اللهُ الوصيّة "لا تأكل" ليُحافظَ عن طريق الصّوم على القبول الحرّ للمشيئة الإلهيّة وعلى الشّركة والوصال الرّوحيّ. لكن هذه الوصيّة عُصيت بسبب غواية وحسد الشّيطان من جهة ومُشكلة الإنسان في كبريائه وحبّه لذاته وأنانيّته المجنونة من جهةٍ أخرى. بسبب هذه الخطيئة ابتعدَ الإنسانُ عن الحياة الأبديّة وفقَدَ النّعمةَ الإلهيّةَ ومات موتًا روحيًّا. أي ماتت الذّات أوّلًا ثمّ الجسد الفاني. أصبحَ كلّ كيان الإنسان خاطئًا ومظلمًا فهو لا يستطيع أن يُعاين الله، أن يشعر بحضوره. أصبحَ في هذا العالم مثل إنسانٍ فقدَ أعينَ قلبه وعقله وفكره ففتُرت فيه محبّة الله وقريبه. فاختبر المرضَ والوجعَ والألمَ والخطيئةَ والموت.
بدلَ أن يُحبَّ الإنسانُ اللهَ من كلّ قلبه ومن كلّ نفسه ومن كلّ قدرته ومن كلّ فكره أحبَّ نفسَه وألهّها وانحرفَ بشهوته وعبدَ ذاتَه ناسيًا ومُتناسيًا محبّة الله المُضحّية وحنانه ورحمته. وبدلَ أن يعاقبَ اللهُ الإنسانَ لأنّه خالف النّاموس الّذي سنّه لحمايته، تحمّلَ الرَّبُّ يسوع المسيح العقابَ كلَّه على الصّليب ليتألّم بالجسد وليلغي بجسده القائم من بين الأموات كلّ حاجز بين الله والإنسان. أي بمعنى آخر ليُصالحه مع الله "في جسدٍ واحدٍ" الّذي هو جسد الكنيسة.
إذًا لنستعيد الشّركة مع الله بالرَّبِّ يسوع المسيح في الكنيسة عن طريق التّوبة الحقيقيّة ΜΕΤΑΝΟΙΑ أي تحوّل الذّهن، تغيير الفكر والسًّلوك، وأيضًا عن طريق الاعتراف والصَّلاة والصّوم وعمل الرَّحمة حتّى نصبح تربة قابلة لعمل النّعمة الإلهيّة حتّى نقاوم "ناموس الخطيئة" (رو 23:7) الّذي فينا.
إذا أراد الإنسان أن يتبع الله فعليه أن يكفُر بنفسه أي يُنكر ذاتَه ويبتعد عن نفوذه وسلطته وسيطرته وحبّ التّملُّك والمجد الباطل، أي أن يصلبَ الأنا الّذي فيه، النّتانة حتّى يعتنق نقاوة القلب، البساطة، التّواضع، خدمة الفقراء والمحتاجين. هكذا نخرجُ من الذّات إلى الصّوم الّذي يهدفُ إلى المحبّة الحقيقيّة والشّركة مع الله. فهو امتحانٌ كبيرٌ لصبرنا وجهادنا من أجل الالتقاء بالرَّبّ وبالآخر. بالتّوبة الدّائمة، بالعودة إليه، إلى ذاتنا، إلى طبيعتنا، نستطيع أن نُعاينَ وجهَ الرَّبّ الّذي قرّبَ نفسَه عنّا وتجلّى في مصلوبيّته ابنًا لله. اللهُ وحدَه بمحبّته يملأ قلوبَنا ويعطينا الحرّيّة والفرحَ به ويُؤهّلنا لملكوته.
بيان صادر عن المجمع الأنطاكيّ المُقدَّس
البلمند، 2 آذار 2022
انعقد المجمع الأنطاكيّ المُقدَّس برئاسة غبطة البطريرك يوحنّا العاشر (يازجي) في دورته الاستثنائيّة الثّالثة عشرة في البلمند في الثّاني من آذار 2022 وذلك بحضور كلّ من أصحاب السّيادة المطارنة:
الياس (أبرشيّة بيروت وتوابعها)، الياس (أبرشيّة صيدا وصور وتوابعهما)، سابا (أبرشيّة حوران وجبل العرب)، جورج (أبرشيّة حمص وتوابعها)، سلوان (أبرشيّة جبيل والبترون وما يليهما)، باسيليوس (أبرشيّة عكّار وتوابعها)، أفرام (أبرشيّة طرابلس والكورة وتوابعهما)، إغناطيوس (أبرشيّة فرنسا وأوروبا الغربيّة والجنوبية)، إسحق (أبرشيّة ألمانيا وأوروبا الوسطى)، أنطونيوس (أبرشيّة زحلة وبعلبك وتوابعهما)، نقولا (أبرشيّة حماه وتوابعها)، أثناسيوس (أبرشيّة اللّاذقيّة وتوابعها)، أفرام (أبرشيّة حلب والإسكندرون وتوابعهما). وحضر الأسقف غريغوريوس خوري أمين سرّ المجمع المُقدَّس.
واعتذر عن الحضور المطارنة سرجيوس (أبرشيّة سانتياغو وتشيلي)، دمسكينوس (أبرشيّة ساو باولو وسائر البرازيل)، جوزيف (أبرشيّة نيويورك وسائر أميركا الشّماليّة)، غطّاس (أبرشيّة بغداد والكويت وتوابعهما)، سلوان (أبرشيّة الجزر البريطانيّة وإيرلندا)، باسيليوس (أبرشيّة أستراليا ونيوزيلاندا والفيلبين)، إغناطيوس (أبرشيّة المكسيك وفنزويلا وأمريكا الوسطى وجزر الكاريبي)، يعقوب (أبرشيّة بوينس آيرس وسائر الأرجنتين) ونيفن صيقلي متروبوليت شهبا وممثل بطريرك أنطاكية لدى بطريرك موسكو. وقد حضر المطران بولس يازجي المغيّب بفعل الأسر، في صلوات آباء المجمع وأدعيتهم.
وبعد الصَّلاة واستدعاء الرُّوح القدس واستمطار الرَّحمة الإلهيّة تناول الآباء أوّلًا قضيّة مطرانَيْ حلب المخطوفَيْن بولس يازجي ويوحنّا إبراهيم واستنكروا الصَّمت الدُّوليّ المطبق تجاه القضيّة الّتي تدخل عامها التَّاسع. ودعوا إلى إطلاقهما ووضع نهاية لهذا الملف الّذي يختصر شيئًا ممّا يُعانيه إنسان هذا الشّرق من وَيْلات.
تدارس الآباء التَّطوّرات الّتي شهدتها الكنيسة الأرثوذكسيّة في الآونة الأخيرة، وحالة التّأزُّم الّتي صارت تنذر بتداعيات خطيرة على الوحدة الأرثوذكسيّة.
وأكدّوا مجددًّا أنّ الكنيسة الأنطاكيّة تشدّد على ضرورة الاحتكام لمبدأ توافق وإجماع جميع الكنائس الأرثوذكسيّة المعترف بها من قبل عائلة الكنائس المَحلّيّة، فيما يختصّ بالعمل الأرثوذكسيّ المشترك والمسائل الخلافيّة في العالم الأرثوذكسيّ وذلك كضمانة فعليّة لوحدة الكنيسة الأرثوذكسيّة.
على الصَّعيد الرّعائيّ، شدّد الآباء على أنّ الخدمة الكهنوتيّة على مختلف درجاتها، هي مرآة خدمة الكنيسة لأبنائها، وأنّ خادم كنيسة المسيح مدعو لأنّ يكون أيقونة للرَّبّ نفسه وشاهدًا حيًّا له في كلّ ما يقوم به من أعمال. وأكّدوا على حرصهم الكبير على أن تبقى الخدمة الكهنوتيّة خدمةً نقيّة لا عَيْب فيها ولا غضن وذلك في أبعادها الرُّوحيّة والرّعائيّة والإداريّة والمادّية. وشدّدوا أنّه، لا بُدَّ للكنيسة، ومن باب هذا الحرص على صفاء الخدمة والشَّهادة، أن تكون حازمةً ومحاسبةً حيث تدعو الحاجة.
وتوقَّف الآباء عند الواقع الاقتصاديّ والمَعيشيّ الّذي يرزح تحت وطأته الشَّعب اللّبنانيّ، الّذي بات يفتقر إلى أبسط مقوّمات الحياة الكريمة، ودعوا الحكومة اللّبنانيّة، إلى العمل من أجل توفير الخدمات العامَّة ومتطلّبات العيش الأساسيّة للمواطنين. وفي هذه المرحلة الّتي يستعدّ فيها لبنان للانتخابات النّيابيّة، يذكِّر الآباء بأهميّة اليقظة السّياسيّة، ويدعون أبناءهم إلى مقاربة الانتخابات القادمة بروح المسؤوليّة لاختيار المرشَّحين المخلصين للوطن القادرين على إنهاضه من الدّرك الّذي وصل إليه، ومن المعاصي الّتي تراكمت في الحياة السّياسيّة اللّبنانيّة.
وفي الشّأن السّوريّ، كرَّر الآباء دعوتهم، من أجل إيجاد حلّ سياسيّ يراعي تطلُّعات الشّعب السّوريّ، ويحقّق المصالحة الوطنيّة، ويحافظ على وحدة الدَّولة السّوريّة. كما ناشدوا المجتمع الدُّوليّ رفع العقوبات الاقتصاديّة الّتي يتحمّل المواطنون تداعياتها في لقمة عيشهم، وصحّتهم ومستقبل أولادهم.
تابع آباء المجمع بألمٍ عميق وحزن شديد الأحداث المؤلمة في أوكرانيا، ورفعوا صلواتهم الحارَّة من أجل السَّلام في أوكرانيا وفي العالم أجمع، ومن أجل أن يلهم الرَّبّ القدير أصحاب القرار تغليب منطق السَّلام واعتماد لغة الحوار من أجل تجنيب الجميع المزيد من الدَّمار والخسائر البشريّة والماديّة.
وفي هذا الوقت العصيب الّذي يمرّ فيه الشَّعب الأوكرانيّ، يعبّر الآباء عن تعاطفهم مع السَّادة الرُّعاة في كنيسة أوكرانيا الأرثوذكسيّة برئاسة صاحب الغبطة المتروبوليت أونوفريوس. ويرجو الآباء أن تساهم الرَّوابط الرُّوحيّة والتّاريخيّة بين الشّعبَيْن الرُّوسيّ والأوكرانيّ اللَّذين خرجا من جرن المعموديّة الواحد، في حلّ النّزاع وتحقيق المصالحة وتوطيد السَّلام.
وعلى عتبة الصوم المبارك، يدعو الآباء إلى الالتصاق بكلمة الله، وتكثيف الصلوات من أجل السلام الّذي من العلى، ويذكرون أبناءهم في الوطن والانتشار، بأهمية أن يترافق جهاد الصوم مع الاهتمام بالفقراء أخوة يسوع الصغار، لأننا في الكنيسة لا نصوم من الأجل الإمساك عن الطعام فحسب، بل لكي نعطي المساكين ثمن الطعام الّذي نمسك عنه.