Menu Close
kanisati

نشرة كنيستي

نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.

الأحد 6 كانون الأوّل 2020              

العدد 49

الأحد (26) بعد العنصرة

اللّحن 1- الإيوثينا 4

أعياد الأسبوع: *6: نيقولاوس العجائبيّ أسقف ميراليكيّة *7: أمبروسيوس أسقف ميلان، عمّون أسقف نيطرّيا *8: البارّ بتابيوس المصريّ *9: تذكار التّجديدات، حبل القدّيسة حنّة، حنّة أمّ صموئيل *10:  مينا الرّخيم الصّوت وإرموجانس وإفغرافُس الشّهداء *11: لوقا العاموديّ، دانيال العاموديّ، الشّهيد برسابا *12: اسبيريدون أسقف تريميثوس.

كلمة الراعي

 القدِّيس نيقولاوس العجائبيّ وقداستنا

قدّيس له ”شعبيّة“ عند المؤمنين شرقًا وغربًا في كلّ أنحاء العالم. صيته في وجدان الكنيسة أنّه ”أبو الفقراء والمظلومين“. في سيرة حياته نقع على عدّة عجائب لرفع الظّلم ولمعونة الهالكين ولعضد المحرومين.  هو صورة نقيّة للرّاعي الصّالح الرَّبّ يسوع المسيح راعي الخراف العظيم الّذي بذل نفسه عن خرافه. لذلك، هو عضد وسند وشفيع حار للمؤمنين في كلِّ ظرف وحين. ولكثرة إكرامه في الكنيسة، يُخصَّص كلّ خميس له مع الرُّسُل القدّيسين.

مع شهرته الكبيرة إلَّا أنّنا لا نعرف عن أخباره، قبل القرن التّاسع للميلاد، إلّا القليل القليل. يرجّح أنّه  عاش وصار أسقفًا ورقد بين القرنين الثّالث والرّابع الميلاديَّين. أوّل من كتب سيرته، بتوسّع، كان القدّيس سمعان المترجم حوالي العام 913 م. وكان ميثوديوس بطريرك القسطنطينيّة قد دوَّن عنه قبل ذلك سيرة مختصرة حوالي العام 840 م.

الإمبراطور البيزنطيّ يوستنيانوس بنى على اسم القدّيس نيقولاوس في القسطنطينيّة سنة 530 م. كنيسة هي الكنيسة المعروفة باسم القدّيسَين بريسكوس ونيقولاوس، في حي بلاشيرن الشّهير بكنيسة السّيّدة الّتي فيه. وعلى مقربة من المكان كان أحد الأسوار يحمل اسمه. وعندنا للقدّيس نيقولاوس أيقونات ورسوم حائطيّة منذ ذلك القرن أيضًا، نشاهد بعضها في دير القدّيسة كاترينا في سيناء.

*          *          *

في هذا الزّمن، نجد بعض النّاس من ”المؤمنين المحدّثين“ يشكّكون بقوّة الله وعجائبه الفاعلة في قدّيسيه ورفاتهم، أو بفعاليّة الأسرار المقدَّسة لشفاء النّفس والجسد. من ينكر عمل النّعمة الإلهيّة ينكر التّجسُّد وهو، بالتّالي، يسقط في الهرطقة ويعرِّض خلاصه للخطر.

 سرّ الله في عجائبه يتعلّق به وحده وبالإنسان. لكنّ قوّة الله وعمل نعمته هو جوهر معنى التّجسّد الإلهيّ بالنّسبة لنا وكلّ عمل الرَّبّ الخَلاصيّ من ميلاده من البتول إلى بشارته إلى صلبه وقيامته وصعوده فإرساله الرّوح القدس المعزّي. الكنيسة ليست ضدّ العلم، بالعكس، فالعلم ثمرة عطيَّة حبّ الله، هو الّذي أعطانا الوجود والعقل والمنطق وروح الاكتشاف. ”أَعْطُوا إِذًا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا للهِ للهِ“ (متّى 22: 21). علينا أن لا نبقى في حدود العلم، لأنّ العلم لا يخلِّص الإنسان من الموت الرّوح والخطيئة بل التّوبة، كما أنّ العلم لا يمنح الإنسان حياة أبديّة. نحن نقبل الأمراض والآلام والموت، لأنّها جزء من هذا العالم. العلم واجبه أن يخفّف الألم ويمنح الدّواء لتخفيف وشفاء آلام النّفس والجسد. لكنّ، العلاج النّهائيّ للكَيان الإنسانيّ هو بنعمةِ الله الّتي هي استباق لسرّ الحياة الأبديّة والقيامة...

*          *          *

أيّها الأحبّاء، القدّيسون هم أحبّاء الله بمعنى أنّهم تركوا كلّ شيء لأجله وعرفوه حياتهم ومصدر كلّ نور وفرح وسلام ... لهم ... من لا يعرف أن يموت عن هذا العالم المائت لا يستطيع أن يتقبّل ما هو من خارج هذا العالم أي ما يأتيه من الآخِرة. سرّ القدّيسين والمسيحيّين الأُوَّل هو عيشهم بهذه الرّوح الأخرويّة (الإسخاتولوجيّة). الدّنيا لهم ممدودة إلى الآخرة، والآخرة هي منطلق هذه الدّنيا لهم. هم لا يأتون من هذا الدّهر، بعد أن عرفوا الرَّبّ ولبسوه في المعموديّة المقدَّسة. هكذا نحن، أيضًا، الّذين وصَلَنَا ”الإِيمَانِ الْمُسَلَّمِ مَرَّةً لِلْقِدِّيسِينَ“ (يهوذا 1: 3)، لا نكون حاملين هذا الإيمان الواحد الّذي حمله الرُّسُل والشّهداء والقدّيسون والأبرار والّذي دفعوا دماءهم ليسلّمونا إيّاه، ما لم نسلك على خُطاهم وبروحهم. يُخطئ من يظنّ أنّ المسيحيّة تعتمد على العجائب لتنمو، المسيحيّة إيمان حيّ وخبرة العيش مع الله. لو كان المسيحيّون الأوائل ينتظرون أن يخلّصهم الرَّبّ من موت الجسد والاستشهاد لما كانت مسيحيّة اليوم. المسيحيّة هي الشّهادة النّابعة من الإيمان الثّابت بالرَّبّ الّذي أحبّنا وبذل نفسه لأجلنا ولأجل حياة العالم...

*          *          *

أيّها الأحبّاء، القدّيس نيقولاوس هو نموذج ومثال للرّاعي الّذي أعطى كلّ كيانه للرّبّ في خدمة الخراف النّاطقة الّتي ائتُمن عليها. عجائبه كثيرة ومستمرّة لأنّ الله حيّ وفاعل في تاريخ البشر عبر الّذين هم له، أي عبر الكنيسة والمؤمنين به وقدّيسيه الّذين هم أحياء أمامه. العجيبة الكبرى الّتي علينا أن نطلبها على الدَّوام هي أن يهبنا الرَّبّ أن نتوب. ”من يتوب هو أعظم ممّن يقيم الموتى“، كما يقول القدّيس اسحق السّريانيّ. ومَن يتوب هو من يموت عن كلّ تعلّق بنفسه وبما لنفسه ليتعلّق بصنع مشيئة الله أي أن يحبّ... هذه هي قداستنا... المسألة لا تحتاج إنجازات وعجائب باهرة بمقاييس النّاس، لأنّ العجيبة الكبرى هي الّتي تتمّ في الخفية، في القلب ... توبتنا ... هنا تبدأ حياتنا المسيحيّة المَرْضِيّة لله وهنا يبدأ شفاؤنا الحقيقيّ للحياة الأبديّة....

ومن له أذنان للسَّمع فليسمع...

+ أنطونيوس

مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما

 طروباريّة القيامة (باللَّحن الأوّل)

إنَّ الحجرَ لما خُتِمَ مِنَ اليَهود. وجَسَدَكَ الطّاهِرَ حُفِظَ مِنَ الجُند. قُمتَ في اليومِ الثّالثِ أَيُّها المُخلِّص. مانِحًا العالمَ الحياة. لذلكَ قوّاتُ السّماوات. هتفوا إليكَ يا واهبَ الحياة. المجدُ لقيامتِكَ أَيُّها المسيح. المجدُ لِمُلكِكَ. المجدُ لتدبيرِكَ يا مُحبَّ البشرِ وحدك.

طروباريّة القدّيس نيقولاوس العجائبيّ (اللّحن الرّابع)

لقد أظهرَتْكَ أفعالُ الحقِّ لرعيّتك، قانونًا للإيمان وصورةً للوداعة ومُعلّمًا للإمساك، أيّها الأب ورئيسُ الكهنةِ نيقولاوس، لأجل ذلك أحرزتَ بالتّواضع الرِّفعة، وبالمَسكَنَةِ الغِنى، فتشفَّع إلى المسيحِ الإله في خلاصِ نفوسنا.

قنداق تقدمة الميلاد (باللّحن الثّالث)

 اليومَ العذراءُ تأتي إلى المَغارة لِتَلِدَ الكلمةَ الّذي قبل الدّهور ولادةً لا تُفسَّر ولا يُنطق بها. فافرحي أيّتها المَسكونة إذا سمعتِ، ومجِّدي مع الملائكة والرُّعاة الّذي سيظهر بمشيئته طفلًا جديدًا، وهو إلهُنا الّذي قبل الدّهور.

الرّسالة (عب 13: 17– 21)

كريمٌ بين يدَي الرَّبِّ موتُ أبرارِه

بماذا نكافئُ الرَّبَّ عن كلِّ ما أعطانا

يا إخوةُ أطيعوا مدبِرّيكم واخضَعوا لهم، فإنَّهم يَسهرون على نفوسِكم سهرَ مَن سيُعطي حِسابًا حتَّى يفعَلوا ذلك بسرورٍ لا آنِّين. لأنَّ هذا غيرُ نافعٍ لكم. صلُّوا من أجلِنا، فإنَّا نثِقُ بأنَّ لنا ضميرًا صالِحًا فنرغَبُ في أن نُحسِنَ التَّصرُّفَ في كلِّ شيءٍ. وأطلُبُ بأشدِّ إلحاحٍ حتَّى أُرَدَّ اليكم في أسرعِ وقتٍ، وإلهُ السَّلامِ الّذي أعادَ من بينِ الأمواتِ راعيَ الخرافِ العظيمَ بدم العهدِ الأبديّ ربَّنا يسوعَ يكمِّلُكم في كلِّ عملٍ صالِحٍ، حتَّى تعمَلوا بِمشيئَتِه عامِلًا فيكم ما هو مَرضِيٌّ لديهِ بيسوعَ المسيحِ الّذي لهُ المجدُ إلى أبدِ الآبدين. آمين

الإنجيل (لو 13: 10– 17) (لو قا 10)

في ذلك الزَّمان، كان يسوع يعلّم في أحد المجامع يومَ السّبت، وإذا بإمرأةٍ بها روحُ مرضٍ منذ ثماني عَشْرَةَ سنةً، وكانت منحنيةً لا تستطيع ان تنتصبَ البتَّة. فلمَّا رآها يسوع دعاها وقال لها: إنَّك مُطْلَقةٌ من مرضِك. ووضع يدَيه عليها، وفي الحال استقامَتْ ومجَّدتِ الله. فأجابَ رئيسُ المجمعِ وهو مُغْتاظٌ لإبراءِ يسوعَ في السّبتِ، وقال للجمع: هي ستَّةُ أيَّامٍ ينبغي العملُ فيها، ففيها تأتون وتَسْتشْفون لا في يوم السبتِ. فأجاب الربُّ وقال: أيّها المُرائي، أليس كلُّ واحدٍ منكم يَحُلُّ ثورَهُ أو حمارَهُ في السّبتِ مِنَ المِذْوَدِ وينطلِق بهِ فيسقيه؟ وهذه، وهيَ ابنةُ ابراهيمَ الّتي رَبَطها الشّيطانُ منذ ثماني عَشْرَةَ سنةً، أمَا كان ينبغي أنْ تُطلَقَ مِن هذا الرّباط يومَ السّبت؟ ولمّا قال هذا، خَزِيَ كُلُّ مَن كان يُقاومهُ، وفرح الجمْعُ بجميعُ الأمور المجيدةِ الّتي كانت تَصدُرُ منهُ.

حول الإنجيل

الحديث عن هذه المرأة يعني الكلام  عن زمن يسوع. قبل يسوع، كان الشَّقاء الأكبر والتّعاسة العظيمة، والتقى يسوع يوم السّبت بهذه التّعاسة. نظر إليها نظرة الحنان والرَّحمة. دعاها إليه، كلّمها، وضع يده عليها. هذه رسمة سريعة عما يفعله يسوع دائمًا. واستولى الخلاص على هذه المرأة، انحلّت مِنْ رباط الشّيطان ومِنْ مرضها. فصارت حرّة  الآن لكي تمجّد الله.

ما رأيناه في برنامج يسوع في بدء حياته العمليّة حين ظهر للمرّة الأولى في المجمع، ها هو قد تمّ الآن. لقد جاء يبشّـر الأسرى بتحريرهم والعميان بالنّور. ولكنّ المسؤول عن المجمع لا يعرف "زمان الخلاص". إنّه أحد المرائين الّذين يعرفون أن يفسّروا علامات الأرض والسّماء، ولكنّه ينغلق على بداية زمن الخلاص، وبالتّالي على آيات تتحقّق. فتفسيره للشّريعة وتعلّقه بالتّقاليد البشريّة أبعداه عن المحبّة والرّحمة من أجل المعذَّبين فلم يفهم زمانه حقًّا.

أعطى يسوع للسّبت معنى جديدًا. ألقى نوره على زمن الخلاص الّذي يعلنه الرَّبّ ويحمله. فشريعة راحة السّبت هي في خدمة الإنسان. والله يتمجّد في هذه الرّاحة حين يُظهِر رحمته تجاه الـبــــشــــر. في السّبت يتقبّل الإنسان كرامة جديدة. أجل، ها هو يسوع يدعو النّاس إلى راحةٍ أخرى: "تجدون الرّاحة لنفوسكم. نيري طيّب وحملي خفيف" (مت 11: 28). مع يسوع صار السّبت يوم الفرح للشّعب كلّه. إنّه اليوم الّذي تمّ فيه الخلق. لذلك، كان الرَّبّ يسوع يقصد أن يقوم بمعجزات الشِّفاء في السّبت لأنّه يريد أن يعطي راحةً للمتألّمين والمرضى في السّبت. فالسّبت هو إشارة للرّاحة الأبديّة حيث الشِّفاء النّهائيّ لكلّ أمراض النّفس والجسد والرّوح. وأيضًا لتصحيح مفاهيم اليهود الخاطئة.

إنّ إصدار رئيس المجمع هذا أمرًا للشّعب أن لا يأتوا للاستشفاء يوم السّبت، هو  توبيخ ليسوع بطريقة غير مباشرة. وكان التَّلمود اليهوديّ يسمح للرّجل أن يستقي الماء من البئر للحيوان العطشان يوم السّبت على أن لا يحمل الماء للحيوان بل يجرّ الحيوان للماء. فإنْ كانت الوصيّة أن يُريحوا البهائم يوم السّبت فالأولى أن يريح الرَّبّ يسوع شعبه المتألّم. لذا، الهدف أن تستقيم البشريّة كلّها مع هذه المنحنية وتمجد الله، آمين.

تدابير الحبّ الإلهيّ.!!.

وقف عصفوران على غصنِ شجرة عالية ونظرا إلى أَسفل، إلى تحرُّكات البشر..!!.. كلّهم كانوا مســرعين في الرّكض... وتمتدُّ الأَيدي لتوقف سيّارات الأُجرة (التّاكسي) لتحملهم إلى مأربهم...

- أَخي لماذا كلّ النّاس يتراكضون..؟!.. إِلى أَين هم ذاهبون؟!...

أُنظر... حَدِّق بهم... إنّهم لا يبتسمون... ليسوا فرحين.!.

- لا يا صديقي... نحن هربنا من صيد عدوِّنا لنا... والآن طرنا إلى أَعلى علو الأَشجار، ولا صَيّاد يطالنا.!!.

صار بإمكاننا أَن نعاين ما لا يراه أَيّ مخلوق.!!... أَصرنا في اللّاهوى يا صديقي ورفيقي.؟!...

- أَخي وصديقي، لماذا كلّ النّاس مُكْفَهِرَّةُ الوجوه...؟!...

- لأَن ليسَ عندهم مثلنا "أَبًا سماويًّا" يعتني بهم..!!..

- كيف؟!. أَلأَنّهم لا يلجأون إليه.؟. أمّا نحن فنعرف يقينًا أنّ خـــــــلاصـــنا الوحيد هو بالرّبّ يسوع.!!.

ودَمَّعَ... بل بكى العصفوران.!!. والتصقا ببعضهما البعض.!!.

- إلى أَين يا أَخي وصديقي؟!...

- إلى إنتظار ربِّنا وإِلهنا... لنعرف ما يريده منّا.!!.

وصار صمتٌ.!!... وطار العصفور الأَوَّلُ فلحقه الثّاني... وصرخ العصفور برفيقه:

"لماذا تركتني أَطير وحدي؟!"...

- سامحني... أَردتُ أَن أَنزل إلى عالم البشر.!!.

- أَخي... صديقي وحبيبي.!!. أَنا عصفور صغير.!!. وليس لوجودي أَيّة فائدة ولا منفعة.!!. ولا معنى.!!. فلا تتركني.!!.

- أَلستَ تحبُّ الرّبَّ إِلهَكَ من كلّ قلبك وفِكْرِكَ ونفسِكَ.!!. وتُحبُّني أَنا كنفسِكَ.؟!... أَيضًا.؟!.

- كيف لا.؟!. وأَنتَ أَخي وصديقي...؟!...

- دعنا إذًا نطيرُ سويّة، إلى العالم أَسفل، لنعلِّمهم كيف عليهم أَن يُحِبّوا.!!. أَن يبذلوا حياتهم لأَجلِ الآخر... أَن يصيروا واحدًا والآخر.!!.

- يا أَخي... ويا حياتي.!!.

- أَخي أَنتَ هو.!. يا رفيق دربي، معيني والمادَّ لي يَدَكَ، لنُصْبِحَ واحدًا في الحبّ، في العطاء، وفي المشاركة.!.

من أخبار القدّيس سابا المتقدّس المتوشِّح بالله

أُوْكِل إلى أحد الرُّهبان إدارة المضافة، وكان عليه أن يُعِدَّ الطّعام لزوّار الدّير. وإذ كان مرّةً قد طهى كميّة كبيرة من الفول زادت على الحاجة، عمد إلى إلقاء ما فضل من النّافذة. فلاحظه القدّيس سابا، فنزل من قلّايته بهدوء وجمع بعنايةٍ ما تبعثر من حبّات الفول ونثرها على صخرةٍ حتّى يَبِسَتْ، ثمّ جمعها وحفظها لديه إلى وقتٍ مناسب.

وبعد مدّة دعا القدّيس سابا الرّاهِب الّذي رمى الفول من النّافذة، وصنع له صحنًا من الفول. وفيما جلس الاثنان إلى الطّعام قال القدّيس سابا للرّاهب: ”اغفر لي يا أخي لأنّي لا أعرف جيّدًا أن أُتبّل الفول، ولعلّك لم تستسغه”. فأجاب الرّاهب: ”لا بل هذا الطّعام لذيذٌ جدًّا، فإنّي لم أذق طبيًخا طيّبًا كهذا منذ زمانٍ بعيد، فأجابه القدّيس قائلًا: ”صدّقني يا ولدي، هذا هو الفول الّذي ألقيتَ به من النّافذة. اعلم أنّ من لا يعرف كيف يُصلح وعاءً من الطّبيخ سدًّا لحاجات الّذين في عهدته دون أن يضيع منه شيئًا لا يصلح لأن يكون مسؤولًا. فقد قال الرّسول بولس: ”إنْ كان أحد لا يعرف أن يدبّر بيته، فكيف يعتني بكنيسة الله؟” (1 تيموثاوس 3: 5).

انقر هنا لتحميل الملف