في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*القدّيس ميخا النّبيّ *القدّيس مركلّس أسقف أفاميا *الشّهيد أورسيسيوس الرّومانيّ *الشّهيد لوقيوس الجنديّ *الجديد في الشّهداء سمعان الصّايغ الّذي من تريبيزوند *القدّيس البارّ أركاديوس نوفوتورسك *القدّيس البارّ ثيودوسيوس الكييفيّ *الشّهداء الجدد نازاريوس كوتاييسي الجيورجيّ ورفقته *شهداء جيورجيا الجدد *الشّهداء الرُّوس الجدد باسيليوس تشرنيكوف ومَن معه *القدّيسان الشّهيدان الرّوسيّان الجديدان المتقدّمان في الكهنة فلاديمير سْميرونوف ونيقولاوس تولغْسكي *القدّيس الشّهيد الرّوسيّ الجديد المتقدّم في الكهنة فلاديمير Tsedrinski *القدّيس الجديد في الشّهداء الرّوس ألفثاريوس Pechennikov *القدّيسة الجديدة في الشّهداء الرّوس إيفا بافلوفا *القدّيسة البارّة في الشّهيدات الجدد أفدوكيا Perevoznikova *القدّيس الجديد في الشّهداء الرّوس الجدد ثيودوروس زاخاروف.
* * *
✤ القدّيس ميخا النّبيّ ✤
ميخا هو أحد الأنبياء الإثني عشر الصغار ونبوءته هي السادسة ترتيباً. صدح نبوءته في أيام ملوك يهوذا يوثام (740 – 736 ق.م) وآحاز (736 – 716) وحزقيّا (716 – 687 ق.م). عاصر الأنبياء إشعياء، نبيّ الجنوب، وعاموص، ابن تقوع، وهوشع، نبيّ الشمال. أصله من مورِشت، على بُعد خمسة وثلاثين كيلومتراً إلى الجنوب الغربي من أورشليم، في هضاب يهوذا، القريبة من تقوع. جاء من الريف. تنبّأ، أول الأمر، في منطقته ثمّ مضى إلى أورشليم. كان من شعب الأرض. لكن الملاحَظ أنّه لم يكن من الفلاّحين الفقراء بدليل لغته وأسلوبه. ثمّة ما يشير إلى أنّه كان من شيوخ يهوذا. اسمه معناه: “مَن مثل الله”. وعى أنّه مرسَل من الله، لذا قال في 3: 8: “أنا ملآن قوّةَ روح الربّ وحقّاً وبأساً لأُخبر يعقوب بذنبه وإسرائيل بخطيئته”. الله غاضب على يعقوب بسبب عبادته الباطلة على غرار مملكة الشمال. لذلك النبيّ ينوح ويولول (1: 8). يمشي حافياً وعرياناً. يحثّ على الحزن والتوبة. في الشعب ظلم. المقتدرون يفتكرون بالباطل. “يشتهون الحقول ويغتصبونها والبيوت يأخذونها” (2: 2). يتنبّأون كذباً ويمنعون عن التنبؤ بالحقّ. الأنبياء يُضلّون الشعب. “تغيب الشمس عن الأنبياء ويُظلم عليهم النهار” (3: 6). للربّ دعوى على رؤساء بيت يعقوب وقضاة بيت إسرائيل أنّهم “يكرهون الحقّ ويعوِّجون كل مستقيم” (3: 9). فأما الرؤساء فيقضون بالرشوة وأما الكهنة فيعلّمون بالأجرة وأما الأنبياء فيعرفون بالفضّة. يظنّون أنّ شرّاً لا يأتي عليهم بحجّة أنّ الربّ في وسطهم. لذلك عاقبتهم وخيمة. “بسببكم تُفلَح صهيون كحقل وتصير أورشليم خِرَباً وجبل البيت شوامخ وعر” (3: 12). البليّة آتيةعلى بنت صهيون. “تخرجين من المدينة وتسكنين في البرّية وتأتين إلى بابل” (4: 10). لكن هذه لا تكون الخاتمة بل سبيل الخلاص. لذا أَتْبَع ميخا وعيده بوعد: “هناك [أي في بابل] تُنقَذين. هناك يفديكِ الربّ من يد أعدائك” (4: 10). النَفَس المسيحاني في النبوءة قوي. ليس أن بنت صهيون تقوى فقط على أعدائها بل “يكون، في آخر الأيام، أنّ جبل بيت الربّ يكون ثابتاً في رأس الجبال ويرتفع فوق التلال وتجري إليه شعوب” (4: 1). يصير جبلُ الربّ قِبلة العين تلتمسه أمم كثيرة لتتعلّم من طرقه وتسلك في سبله “لأنّه من صهيون تخرج الشريعة ومن أورشليم كلمة الربّ” (4: 2). يومذاك يُقضى بالعدل والإنصاف لأمم قويّة بعيدة ويسود السلام إذ “يطبعون سيوفهم سككاً ورماحهم مناجل. لا ترفع أمة سيفاً ولا يتعلّمون الحرب في ما بعد، بل يجلسون كل واحد تحت كرمته وتحت تينته ولا يكون مَن يُرعِب لأنّ فم الربّ تكلّم” (4: 3 – 4). الزمن المسيحاني آت. ميخا يحدِّث عن مسيح الربّ. “أما أنتِ يا بيت لحم أفراتة وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا فمنك يخرج لي الذي يكون متسلِّطاً على إسرائيل ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل” (5: 2). ذلك اليوم هو المرتجى. فيه يقطع الربّ الخيل ويُبيد المركبات ويهدم الحصون ويقطع السِحْر والتماثيل المنحوتة والأنصاب فلا تسجد صهيون، في ما بعد، لعمل يديها. أما الذين لا يشاؤون أن يسمعوا فيُدانون.
ولا تجعل أطايب الأيام الأخيرة ميخا يغضّ الطرف عمّا هو حاصل الآن وعمّا على الشعب أن يتوب عنه لتأتي عليه الخيرات. الله عاتب على شعبه. : “يا شعبي ماذا صنعتُ بك وبماذا أضجرتك. اشهدْ عليّ” (6: 3). يذكّرهم بإصعاده لهم من أرض مصر وكيف أرسل موسى وهرون ومريم أمامهم. لم يتركهم الربّ بغير هداية. وقد أخبركَ أيّها الإنسان ما هو صالح. وماذا يطلبه منك الربّ إلاّ أن تصنع الحقّ وتحبّ الرحمة وتسلك متواضعاً مع إلهك” (6: 8). لكن مأساة صهيون أنّه “قد باد التقي من الأرض وليس مستقيم بين الناس. جميعهم يكمنون للدماء. يصطادون بعضهم بعضاً بشبكة. اليدان إلى الشرّ مجتهدتان” (7: 2 – 3). ويتردّد ميخا بين الكلام عن الانحطاط الحاصل والوعد الآتي. “لا تأتمنوا صاحباً ولا تثقوا بصديق… الابن مستهين بالأب والبنت قائمة على أمّها والكنّة على حماتها وأعداء الإنسان أهل بيته… لكنّني أراقب الربّ. أصبر لإله خلاصي. يسمعني إلهي… إذا سقطت أقوم. إذا جلست في الظلمة فالربّ نور لي… سيخرجني إلى النور. سأنظر برّه” (7: 5 – 9). رجاؤنا بإزاء الواقع القاسي المرير وتشوّفنا إلى مواعيد الله عبّر عنه ميخا في آخر النبوءة: “مَن إلهٌ مثلك غافر الإثم وصافح عن الذنب لبقيّة ميراثه. لا يحفظ إلى الأبد غضبه فإنّه يُسَرُّ بالرأفة. يعود يرحمنا. يدوس آثامنا وتُطرَح في أعماق البحر جميع خطاياهم” (7: 18– 19). في الآخر رحمة الله تغلب وبرحمته نخلص.
لا نعرف إن كان ميخا النبيّ قد رقد بسلام أم وقع ضحيّة غضب اليهود عليه. غير أنّ الثابت أنّه ووري الثرى بقرب مسقط رأسه. وثمّة تقليد أن رفاته ورفات حبقوق النبيّ وُجدت، إثر رؤيا، زمن الأمبراطور ثيودوسيوس الكبير. وقد بُنيت، إكراماً له، كنيسة ذكرها أفسافيوس القيصري وسوزومينوس والقدّيس إيرونيموس. وقد جرى الكشف عن موقع الكنيسة في محلّة خِرْبة البصل.