في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*الشّهيد في الكهنة أفسافيوس السّميساطيّ *الشّهيدان زينون وزيناس *الشّهيدان بومبيانوس وغالاكتيون *الشّهيدان يولياني وساتورنينوس *القدّيس البارّ باسيليوس الباتلاريا *الشّهيد ألبان الإنكليزيّ *أبونا الجليل في القدّيسين بولينوس أسقف نولا *القدّيس المعادل الرُّسُل نيقيطا ريميسيانا *القدّيس البارّ هارون بريتاني النّاسك *الشّهيد فلافيوس كليمانس *القدّيسون شهداء السّامرة.
* * *
✤ الشّهيد في الكهنة أفسافيوس السّميساطيّ ✤
خلال حكم الإمبراطور البيزنطيّ قسطنديوس (337– 360) الّذي ناصر الآريوسيّة، أبدى القدّيس أفسافيوس السّميساطيّ غيرة مُتنامية للدِّفاع عن الإيمان القويم كما حدّده آباء المجمع النّيقاويّ. اختير أسقفًا على سميساط وهي مدينة تقع على بعد مائتيّ كيلومتر شرقي أنطاكية، على الضّفّة الشّماليّة مِن نَهر الفُرات. مَعارِكُه من أجل توطيد الأرثوذكسيّة جعلت تأثيره يمتدّ إلى كلّ البلاد السّوريَّة حتّى أنّه لمّا شغر كرسيّ أنطاكية كان أفسافيوس مَن حبّذ انتخاب القدّيس ملاتيوس. ولكن لمّا اكتشف قسطنديوس أنّ ملاتيوس كان أبعد ما يكون عن الحزب الآريوسيّ، وهو بالعكس أحد خصومه اللَّدودين، طالب بوثيقة أعمال الانتخاب الّتي كانت في عهدة القدّيس أفسافيوس. جواب رجل الله لمرسلي الإمبراطور كان أنّه لا يمكنه تسليم الوثيقة إلّا بعد موافقة الّذين وقّعوا عليها. ولمّا هدّدوه بقطع يمينه مدّ يديه بشهامة قائلًا: لست أسلّمكم هذا المرسوم!”.
أثناء حكم الإمبراطور يوليانوس الجاحد (360– 363)، الّذي حاول استعادة الوثنيّة، تزيّى الأسقف القدّيس بزيّ عسكريّ وجاب سوريا وفينيقية وفلسطين يشدّد المسيحيّين ويحضّهم على الثّبات في وجه الاضطهاد ويسيم الأساقفة والكهنة سرًّا. وإثر موت يوليانوس، اشترك أفسافيوس في مجمع ضمّ سبعة وعشرين أسقفًا اجتمعوا حول القدّيس ملاتيوس ليعُلِنوا عقيدة نيقية عقيدة إيمان الكنيسة. كذلك إليه يعود فضل انتخاب القدّيس باسيليوس الكبير على قيصريّة الكبّادوك (370) وقد اشترك في سيامته. مذ ذاك ارتبط الأسقفان القدّيسان برباط الصّداقة المتينة وناضلا معًا من أجل وحدة الكنيسة. القدّيس غريغوريوس اللّاهوتيّ، من جهّته، أثنى على القدّيس أفسافيوس مُعتبرًا إيّاه “عمود الكنيسة وقاعدته ومنير العالم وقاعدة الإيمان وسفير الحقيقة”.
لمّا تسلّم والنس العرش استبان مدافعًا متعصِّبًا عن الآريوسيّة لذلك جدّد الاضطهاد للفريق الأرثوذكسيّ فنفى القدّيس ملاتيوس إلى أرمينيا، وبعد أن عزل أفسافيوس نفاه إلى تراقيا سنة 374 م. هناك وُجد أفسافيوس عرضة لمخاطر الحرب ضدّ الغوط. لمّا استلم أفسافيوس من مرسَلي الإمبراطور إشعارًا بنفيه سألهم أن ينتظروا حلول اللّيل ليخرجوه في الخفاء لأنّه أراد أن يجتنّب ثورة الشّعب لحمايته والتّعرّض للمرسَلين. وما إن درى مسيحيّو سميساط بأنّ أسقفهم قد تمّ إيقافه، ركبوا المراكب على الفرات وأخذوا يبحثون عنه. ولمّا وجدوه طلب إليهم ألّا يحاولوا إنقاذه ورفض الهدايا الّتي قدّموها له ليخفّفوا من شقائه. أفنوميوس، وهو آريوسيّ، سُمِّي محل القدّيس أفسافيوس على سميساط، لكنّ الشّعب احتقره لدرجة أنّه، ذات يوم، فيما كان يستحمّ وحده في الحمّامات العامّة دعا المسيحيّين الواقفين هناك للإنضمام إليه فرفضوا. فلمّا خرج من الحمّام طلبوا أن يُجدَّد الماء لأنّهم لم يشاؤوا أن يكون لهم ما يلطّخهم بهرطقة آريوس. أمام هذا العداء المستحكم انسحب أفنوميوس فخلفه آريوسيّ متعصِّب اسمه لوقيوس قام باضطهاد ذوي الإيمان القويم في المدينة.
ولمّا سقط والنس صريعًا في حملته ضدّ الغوط سنة 378 أعاد الإمبراطور غراسيانوس الحرّيّة إلى الكنيسة واستدعى من المنفى المُعترفين المَجيدين بالإيمان. هذا مكّن القدّيس أفسافيوس من الانضمام مجدّدًا إلى قطيعه الرّوحيّ الّذي استقبله بفرح كبير. وقد انكبّ للحال على العمل ليجعل رعاة جددًا على الكراسي الشّاغرة.
في 22 حزيران سنة 349 م. دخل أفسافيوس مدينة دوليتشا مصحوبًا بالأسقف الأرثوذكسيّ الجديد للمدينة فإذا بامرأة آريوسيّة النّزعة تلقي عليه من علو قرميدة ثقيلة أصابته في رأسه. وقبل أن يفارق الحياة طلب عدم ملاحقة المرأة. كلماته الأخيرة كانت نظير صلاة الرَّبّ يسوع والقدّيس استفانوس من أجل أعدائه.