نشرة كنيستي
نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.
الأحد ١٤ تشرين الأوّل ۲٠١٨
العدد ٤١
الأحد (١٩) بعد العنصرة
اللّحن ٣- الإيوثينا ٩
أعياد الأسبوع: *14: آباء المجمع المسكوني السابع، الشّهداء نازاريوس ورفقته، قُزما المنشئ أسقف مايوما *15: الشّهيد في الكهنة لوكيانُس *16: الشّهيد لونجينوس قائد المِئَة ورفقته *17: النّبيّ هوشع، الشّهيد أندراوس *18: الرّسول لوقا الإنجيليّ. *19: النّبيّ يوئيل، الشّهيد أوّارس *20: الشّهيد أرتاميوس، جراسيموس النّاسك الجديد.
كلمة الرّاعي
المجمع المَسكونيّ السّابع
من شهر أيلول إلى تشرين الأوّل من العام 787م، التأم المجمع المَسكونيّ السّابع في مدينة نيقية، برعاية الإمبراطورة إيريني بصفتها الملكة الوَصيّة على ابنها القاصر قسطنطين السّادس البرفيريّ الّذي لم يكن قد تجاوز العاشرة من العمر.
رأس المجمع البطريرك طراسيوس، بطريرك القسطنطنيّة، وحضره ممثّلون عن البابا أدريانوس وبطاركة كلّ من الإسكندريّة وأنطاكية وأورشليم. وقد بلغ عدد المشتركين 376 شخصًا، إلى جانب عدد كبير من الرّهبان.
سبب انعقاد المجمع كان تحديد موقف الكنيسة في مسألة إكرام الإيقونات، استنادًا إلى المَجامع المسكونيّة السّابقة وتعليم الآباء، وإعادة استعمال الإيقونات في الحياة الكنسيّة بعد أن كانت الدّولة ومُناصِريها حظّروا إكرام الإيقونات وعملوا على مُصادرتها وإتلافها ومُلاحقة مكرّميها والمُدافعين عنها في حرب دامت مئة وعشرين سنة.
وجدير بالذّكر أن الإضطهاد كان قد بدأ بمرسوم ملكيّ أصدره الإمبراطور لاون الثّالث الإيصوريّ عام 725م وامتدّت فترة الإضطهاد الأوّل إلى عام 787م. حيث أحرقت الإيقونات وقتل المُدافِعون عنها ونكّل بهم من علمانيّين وإكليروس. وانتهت المرحلة الأولى في ظلّ حكم الإمبراطورة إيريني الّتي دعت إلى انعقاد المجمع المسكونيّ السّابع.
المرحلة الثّانية من الإضطهاد امتدّت من العام 813م. لغاية العام 842م. بعد موت الإمبراطور ثيوفيلوس المُحارِب للإيقونات، قامت الإمبراطورة ثيودورا بوقف هذا الاضطهاد الشّنيع.
* * *
ما يقوله محاربو الإيقونات أنّ الله حَرَّم في وصاياه رسمًا له لأنّه لم يُرَ ولا يُرى. ويعتبرون أنّ إكرام الإيقونات لا يجوز لأنّه حينئذٍ يعبد النّاس المادّة. طبعًا، حرّم الله على العبرانيّين الصّور والمنحوتات: "لاَ تَصْنَعُوا لَكُمْ أَوْثَانًا، وَلاَ تُقِيمُوا لَكُمْ تِمْثَالًا مَنْحُوتًا أَوْ نَصَبًا، وَلاَ تَجْعَلُوا فِي أَرْضِكُمْ حَجَرًا مُصَوَّرًا لِتَسْجُدُوا لَهُ. لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ..." (لاويين 26: 1) و "لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالًا مَنْحُوتًا صُورَةً مَّا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ أَسْفَلُ وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ..." (تثنية 5: 8). بالتّأكيد، الله لا يُرى ولا يوصف ولا يُدرك بألوهيّته، لذلك لا يُمكِن تَصويره. أمّا الرّبّ يسوع المسيح الإله -الإنسان فنصوّر شخصه في طبيعته البشريّة وذلك لأنّ "الْكَلِمَة صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا" (يوحنا 1: 14). هنا تكمن المسألة الأساسيّة في موضوع إكرام الإيقونات واستعمالها في العبادة. لو لم يظهر الله في الجسد لما استطعنا تصويره، "وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ..." (1تيموثاوس 3: 16). قبل التّجسُّد، أعلن الله عن تجسّده في العهد القديم في مواضع عديدة، وخاصة لمّا ظهر لإشعياء النّبيّ في الرّؤيا: "رَأَيْتُ السَّيِّدَ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيٍّ عَال وَمُرْتَفِعٍ، وَأَذْيَالُهُ تَمْلأُ الْهَيْكَلَ" (إشعياء 6: 1). عندما نرسم الرّبّ في طبيعته البشـريّة لا نكون قد خالفنا الوصيّة الإلهيّة لأنّنا لا نرسم الألوهة إذ هي غير منظورة وغير مدركة بل نُؤكِّد سرّ التّجسُّد بتصويرنا لجسد ابن الله المُتألّه، للإنسانيّة المُتألِّهَة في المسيح يسوع "ابن الإنسان"، كما يسّمي هو نفسه في الإنجيل. لمّا "صار الكلمة جسدًا" صار الجسد كلمة وكُتِب في الإيقونة. لذلك، في كنيستنا الأرثوذكسيّة لا نتكلّم على رسم الإيقونات بل على كتابة الإيقونات (εικονογραφία). ومن هنا، من يتقبّل سُكنى "الكلمة الإلهيّ" فيه بكلمة الكتب المقدّسة بروح الله يتحوّل هو نفسه إلى كلمة مكتوبة عن الرَّبّ، إلى إيقونة، وهذا هو حال القدّيسين ولذلك نصوّرهم.
* * *
غاية التّجسّد وسرّ التّدبير الخَلاصيّ كلّه هو أن نصير إيقونات أي أن نُشبه الله ونتشبّه به. لنحقّق هذا علينا أن نترك الله يكتبنا بإصبع رحمته حافرًا قلوبنا الحَجريّة الصوّانيّة بألم طاعة كلمته بسكب روحه فينا للتّوبة، أوَّلًا، طريقًا للتّنقية ليصير هو ظاهِرًا فينا بالوَصيّة المُعاشَة المَحفور هو فيها إيقونة في قلوبنا تحوّلنا إليها متى صارت هي حياتنا. "يَا رَبُّ، إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟ كَلاَمُ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ عِنْدَكَ" (يوحنا 6: 68). فقط كلمة يسوع تمنحنا حياة أبديّة وتجعلنا أبناء الدّهر الآتي، أي إيقونات لأبناء الملكوت الّذين هم كلّهم على صورة ومثال يسوع المسيح.
ومن له أذنان للسمع فليسمع.
+ أنطونيوس
مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما
طروباريّة القيامة (باللّحن الثّالث)
لِتفرحِ السّماويّات. ولتَبتَهِجِ الأرضيّات. لأنَّ الرَّبَّ صنعَ عِزًّا بساعِدهِ. ووطِئَ الموتَ بالموت. وصارَ بِكرَ الأموات. وأنقذَنا من جَوفِ الجحيم. ومَنَحَ العالمَ الرَّحمةَ العُظمى.
طروبارية الآباء (باللَّحن الثّامن)
أنتَ أيّها المَسيحُ إلهنا الفائق التّسبيح، يا مَن أسّستَ آباءَنا القدّيسين على الأرض كواكب لامعة، وبهم هَدَيتنا جميعًا إلى الإيمان الحقيقيّ، يا جزيل الرّحمة المجد لك.
القنداق (باللَّحن الثّاني)
يا شفيعَةَ المَسيحيّين غَيْرَ الخازية، الوَسيطةَ لدى الخالِق غيْرَ المرْدودةِ، لا تُعْرضي عَنْ أصواتِ طلباتِنا نَحْنُ الخَطأة، بَلْ تدارَكينا بالمعونةِ بما أنَّكِ صالِحَة، نَحنُ الصّارخينَ اليكِ بإيمان: بادِري إلى الشَّفاعَةِ وأسَرعي في الطّلْبَةِ يا والدَة الإلهِ، المُتشَفِّعَةَ دائمًا بمكرِّميك.
الرّسالة (تيطس 3: 8– 15)
مباركٌ أنت يا ربُّ إلهَ آبائنا، لأنَّك عدلٌ في كل ما صنعتَ بنا.
يا ولدي تيطُسُ، صادقةٌ هي الكَلِمةُ، وإيَّاها أُريدُ أن تقرِّرَ حتَّى يهتمَّ الّذين آمنوا باللهِ في القيام بالأعمال الحسنة. فهذه هي الأعمالُ الحسنةُ والنّافعة. أمّا المُباحَثات الهذَيانيَّةُ والأنسابُ والخُصوُمَاتُ والمُماحكاتُ النّاموسيَّة فاجتنِبْها. فإنَّها غَيرُ نافعةٍ وباطلةٌ. ورجُلِ البدعَةِ، بعدَ الإنذار مرَّةً وأُخرى، أعرِض عنهُ، عالِمًا أنَّ مَن هو كذلك قدِ اعتَسفَ، وهُوَ في الخطيئةِ يَقضي بنفسهِ على نَفسِه. ومتَى أرسلتُ إليكَ أرتمِاسَ أوتِيخيكوسَ فبادِرْ أن تأتيَني إلى نيكوبولِس لأنّي قد عزمتُ أن أُشتّيَ هناك. أمّا زيناسُ معلِّمُ النّاموس وأبُلُّوسُ فاجتَهد في تشييعهما متأهّبين لئلّا يُعوِزَهما شيءٌ. وليتعلَّم ذوونا أن يقوموا بالأعمال الصّالِحةِ للحاجاتِ الضَّروريَّة حتَّى لا يكونوا غيرَ مُثمرين. يسلّمُ عليكَ جميعُ الّذين معي. سَلِّمْ على الّذين يُحبُّوننا في الإيمان. النّعمةُ معكم أجمعين. آمين.
الإنجيل (لو 8: 5– 15 (لوقا 4))
قال الرَّبُّ هذا المَثَل. خرج الزّارِعُ ليزرعَ زرعَهُ. وفيما هو يزرع سَقَطَ بعضٌ على الطّريق، فوُطِئَ وأكلتهُ طيورُ السّماءِ. والبَعض سَقَطَ على الصّخر، فلمَّا نبت يَبِسَ لأنَّهُ لم تكنْ له رُطوبة. وبعضٌ سَقَطَ بين الشّوك، فَنَبَتَ الشّوكُ معهُ فَخَنَقَهُ. وبعضٌ سَقَطَ في الأرضِ الصّالحة، فلمَّا نبت أثمر مئَةَ ضِعفٍ. فسأله تلاميذهُ: ما عسى أنْ يكونَ هذا المَثَل؟ فقال: لكم قد أٌعطيَ أنْ تعرِفوا أسرارَ ملكوت الله. وأمّا البَاقون فبأمثالٍ لكي لا ينظروا وهم ناظِرونَ ولا يفهموا وهم سامِعون. وهذا هو المَثَل. الزّرعُ هو كلمةُ الله، والّذين على الطّريق هم الّذين يَسمَعون، ثمَّ يأتي إبليسُ وَيَنْزعُ الكلمةَ من قلوبهم لِئَلاَّ يُؤمِنوا فَيَخلُصوا. والّذين على الصّخر همُ الّذين يَسمَعون الكلمةَ ويقبلونها بفرحٍ، ولكن ليس لهم أصلٌ وإنَّما يُؤمِنون إلى حينٍ وفي وقت التّجربة يرتَدُّون. والّذي سَقَطَ في الشّوك هم الّذين يسمعون ثمَّ يذهبون فيختنِقون بِهُمومِ هذه الحياةِ وغِناها ومَلذَّاتِها، فلا يأتون بثمرٍ. وأمَّا الّذي سَقَطَ في الأرض الجيّدة فَهُم الّذين يَسمَعون الكلمةَ فيحفظونها في قلبٍ جيّدٍ صالحٍ ويُثمرون بالصّبر. ولمّا قال هذا نادى: مَن لهُ أُذنان للسَّمْع فَلْيَسمعْ.
حول الرّسالة والإنجيل
"صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ" وما أصدقها آية يستهلّ بها الرّسول صرخته الى طيطس ومنه الى كلّ واحدٍ منّا ليوجّهنا فردًا فردًا، مؤمنين ورعاة، نحو أهميّة التّمسّك بالحقّ فوق كلّ اعتبار، من دون إضاعة الوقت في ما قد يُبعدنا عن الكلمة في محاولتنا "الدّفاع" عنها. لقد كشف الرّبّ يسوع المسيح تدبير الآب لنا لننال الخلاص عبر الإيمان به والعمل على ترجمة هذا الإيمان بـ"الأعمال الحسنة". ولكنّنا غالبًا ما نصطدم بأشخاصٍ يرفضون هذه الحقيقة أو يحاججون ضدّها، سواء بوعي وموضوعيّة وهذا ممدوحٌ، أم بجهل وتعصّب، وهنا الخطر.
لقد عرفت الكنيسة في القرنين الثّاني والثّالث آباء دعوا بالمدافعين؛ هؤلاء، مشهودًا لهم بالإيمان والسّيرة والاستقامة وحسّ الدّفاع الحقوقيّ والخطابيّ، نجحوا في مبارزة كبار الفلاسفة والعلماء الّذين تحدّوا الدّين سواء بالحواسّ أم بالمنطق أم بالعلم أم بالأفكار الماورائيّة، فوضّحوا الإيمان ودافعوا عن صدق الكلمة واستطاعوا أن يقنعوا عددًا لا يُستهان به مّمن كانت قلوبهم قاسية فعرّفوهم على الـ"لوغوس" (الكلمة) الحقّ وسلّمونا الرّسالة... فطوبى لهم!
أمّا المُباحثات الأخرى الّتي يحذّر منها الرّسول، ونحن غالبًا ما نواجهها اليوم، فهي "الْمُبَاحَثَاتُ الْغَبِيَّةُ، وَالأَنْسَابُ، وَالْخُصُومَاتُ، وَالْمُنَازَعَاتُ النَّامُوسِيةُ" أي المُناقشات الّتي لا تقوم على أساس التّعرّف بالحقّ أو تذوّقه، بل لمجرد التّعصّب وإبراز القدرة على الكلام والإقناع. فتتفتّح أبواب كثيرة للمُناقشات والأحاديث البعيدة عن التّوبة والخالية من الرّغبة بالتّمتّع بالشّركة مع الله. أمّا الخصومات، فهي المُناقَشات مع الهراطقة والّتي يودّ الرّسول ألاّ نتعب فيها بغير جدوى، لأنّها تنتهي إلى لا شيء. يقول القدّيس يوحنّا الذّهبيّ الفم إنّه "إن صمّم إنسان جاحد على عدم تغيير رأيه مهما حدث، فلماذا تُتعب نفسك وتزرع على الصّخر، مع أنّه كان يليق بك أن توجّه عملك العظيم إلى شعبك متحدّثًا معهم عن الفضائل؟"
جميل كيف ترسو رسالة اليوم في الميناء الّذي ينطلق منه إنجيل اليوم، لنسمع عن وقع الكلمة في نفوس من يتلقّوها ونفقه بالعمق مَعنى أن نتكلّم مع "الّذين على الطّريق"، ومَن "يرتدّون وقت التّجربة" لأنّ قلوبهم كالصّخر يابسة، ومَن هم مجذّرون في الأرض الصّالحة... وتبقى الفئة الرّابعة، وهم كثرٌ في أيّامنا هذه، مَن هم بين الشّوك، يَسمعون الكلمة ويؤمنون بها، ولكنّ ضوضاء العالم يجعل تلك الكلمة تجفّ وتيبس وتموت فيهم فيضيّعون فرصتهم الخلاصيّة وهم يركضون وراء فرصٍ أرضيّة من مالٍ، وجمالٍ وسلطة... وبالتالي تشاء الكنيسة منّا اليوم ألّا نضيّع وقتنا في ما لا ينفعنا، ومع أشخاصٍ مصمّمين على رفض الحقّ، بل أكثر، تحذّرنا أن تتحوّل نفوسُنا نحن من أرضٍ صالحة، الى أرض يملأها الشّوك، فتختنق "الكلمة الصّادقة" فينا ونخسر تلك الجوهرة السّماويّة وسط كنوز الأرض الفانية!
غاية الحياة المَسيحيّة، التّألّه!
مَن هو الإنسان الّذي تذكر أَنّه صار إلهًا؟!.
الطّفل الرّبّ يسوع المسيح الإله والإنسان معًا... تجسَّد يسوع في "مذود" لأَنّه، لم يجد له مكانًا تلِدُهُ فيه أُمّه، إلَّا مذود البقر ليدفئه لهاث البقرة والحمار... وتحيط به الخراف والرّعاة، ولتدلّ عليه نجوم السّماء!!. الكون كلّه، إرتجّت أَحشاؤه عند مولد يسوع الطّفل!!...
البشريّة بأَكملها صرخت: مَن هو هذا الآتي؟!... لماذا خاف حكّام ورؤساءُ البيعة؟!... لماذا أُرسِلَ الشّيطان لقتل كلّ الأَطفالِ، ما دون السّنتين وذبحهم، حتّى يتخلَّص هو أَيضًا من يسوع؟!...
والنِّسوةُ صرخن مِن عُقْرِهِنَّ: أَين يبيت طفل المغارة الآتي ليخلِّص حياتنا مِن بلادتها، ورتابتها... من الحقد والكذبة أَن لا خلاص للإنسان إلَّا بذاته... بعقله... بقدرته... بعبادة أَناه؟!... بسلطته، بأَمواله ومركزيّته في سياسة المجتمع اللَّامسيحيّ!!.
اليوم الموت وقف بوجه الحياة!!... إلتغى الحبّ والحنان الإلهيَّان!!... قتلوا الإله! مزَّقوا ثيابه ليصيرَ كلُّ شحّاذٍ مسيحًا مَرْذولًا، وكلّ وديعٍ ومتواضعٍ، غبيّاً في عينيّ كلّ النّاس الّذين نجحوا في سرقة مجتمعاتهم وكلّ مَن يعملون عندهم ولهم!!... التّسابق في عصرنا اليوم، بل في عصر الموتِ الّذي يقترب لحصد الحياة من كلّ واحد منّا، صار عديلًا لكلّ محبّ للمسيح!
"التّألّه" وحكاية الحبّ الإلهيّ لكونِهِ، الّذي أَميرُهُ هو الشّيطان، بدأت ولن تنتهي!... "إلى مَن نذهب يا الله؟!... كلام الحياة الأَبديّة عندك" (يوحنّا 6: 68). الجواب هو: "وَجْهَكَ يا ربِّي أَنا أَلتمس"! (مز 26: 8). "وإن عشتُ فللرّبّ أَحيا... وإن متُّ فللرّبّ أَموت... إن عشتُ وإن متُّ، فأَنا للرّبّ"... (رومية 14: 8).
هذا هو واقع الإنسان المؤمِنْ بالرّبّ يسوع المسيح إلهًا وإنسانًا معًا! الّذي يركع صبحًا ومساءً، طالبًا من سيِّده أَن يصونه من أَوساخِ وأَدران نَفْسِهِ وما ورثه من تراث آبائه، ليصيرَ يسوع الإله هو الينبوع الوحيد الّذي يتقدَّم المؤمن ليشرب منه، فيصير تاليًا هو ينبوع الماءِ في توبته وسكبه الدّموع على خطاياه وجهالات كلّ الشّعب الّذين حوله... غاية الحياة المسيحيّة الجهاد في الصّلاة من إنفجار الصّبح وحتّى اللّيل... ولتصيرَ كلُّ نَفْسٍ مِذْوَدًا مهيَّأً لإستقبال كلّ ولادة روحيّة، يحيا حياته وعمره لأَجلها الإنسان الإلهيّ!!.
غاية الحياة الرّوحيّة هي تلمذة الرّوح لتُبعِدَ الجسدَ عن الغوص في جهنّميّة اللّذائذ الشّيطانيّة الّتي يبسطها الشّرّير، ليجعل كلّ مَن يولدون أَعداءً للإله!!.
فيا ربّي... يا ربّنا... أَهِّلنا بتوبتنا وغسلِ دموعنا، أَن نتألَّه بكَ، منكَ لنعودَ إليكَ...
فاستجب لنا، آمين!