نشرة كنيستي
نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.
الأحد ۲ أيلول ۲٠١٨
العدد ٣٥
الأحد (١٤) بعد العنصرة
اللّحن ٥- الإيوثينا ٣
أعياد الأسبوع: * 2: الشهيد ماما، يوحنا الصائم بطريرك القسطنطينية. * 3: الشهيد في الكهنة أنثيمس، البار ثاوكتيستوس، القديسة فيفي، نقل عظام القديس نكتاريوس. * 4: الشهيد بابيلا أسقف إنطاكية وتلاميذه الثلاثة، النبي موسى معاين الله. * 5: النبي زخريا والد السابق. * 6: تذكار أعجوبة رئيس الملائكة ميخائيل في كولوسي. * 7: تقدمة ميلاد السيّدة، الشهيد صوزن، البارة كاسياني. * 8: ميلاد سيدتنا والدة الإله الفائقة القداسة.
كلمة الرّاعي
الكاهن والسياسة
لا يتعاطى الكاهن السياسة ولا يَقْرَبُهَا. السياسة في أيامنا وظيفة مبادئها وغاياتها لا تنسجم، بالإجمال، مع قداسة الإنسان وخـــــــــــــــــــــــلاصـــــــــه لأنها مرتبطة بتحزّبات وانقسامات وأهواء كثيرة إذ لسنا في مدينة أفلاطون الفاضلة* ولا العالم صار كلّه ملكوت الله.
الكاهن خادم الرب ولا يحقّ له لا من قريب ولا من بعيد أن يكون له ميول أو ارتباطات سياسيّة أو حزبيّة. عليه أن يختار إمّا السياسة أم الكهنوت. لا حلول بين بين. "أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، أَنَّكَ لَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًّا. لَيْتَكَ كُنْتَ بَارِدًا أَوْ حَارًّا! هكَذَا لأَنَّكَ فَاتِرٌ، وَلَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًّا، أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَتَقَيَّأَكَ مِنْ فَمِي" (سفر رؤيا يوحنّا 3: 15 – 16). ليس الموضوع موضوع نشاط رعائي وهمّة وإنجازات في الحجر، الموضوع بالنسبة للكاهن هو محبّته لله فوق كلّ إنسان وكلّ شيء. من يعرج بين الله والعالم، بين كلمة الله ومصالحه وأفكاره يُطرَد من قلب الله، لا يحتمله الله ولا يقبله لأنّه كاذب. هذا يصير مثل آدم الأوّل خائنًا لمحبّة الله.
* * *
الكاهن رجل الله. يتعاطى الوجود بعينَي الله وفكره. لا يخلط بين القمح والزؤان. يميِّز الحقّ من الباطل والصالح من الطالح ويحبّ الكلّ. هو مرجع الكلّ، لا يتحيَّز ولا يتحزَّب لأحد. هو للمسيح فقط. إذا مال إلى جهة غير المسيح، سقط من خدمته ورسالته وشهادته. هو الحكيم الَّذي يعلّم الناس الحقّ والرحمة ويُصلِح بين المتخاصـــــــــمــــــــين والمتعادين. لا يكون طرفًا في أيّ حال من الأحوال. إنّه رسول الحياة الجديدة والخليقة الجديدة التي بالمسيح يسوع. هو إيقونة معلّمه، والمعلّم قال: "اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ" (متى 11: 29).
الكاهن يخدم كلّ إنسان في الرعية الّتي ائتمنه الله عليها، بواسطة مطرانه. لا وجود له خارج أسقفه. هو مندوب عنه إلى الرعيّة، لأنّ المتروبوليت هو الراعي المسؤول الأول والأخير، ومسؤوليّة الكاهن في خدمته ورعايته للأغنام الناطقة هي تجاه الله عبر أسقفه، لأنّ الأسقف هو الَّذي سلّمه "الجوهرة" (أي جسد الرب رمز الكنيسة) وقال له عند رسامته: "احفظ هذه الوديعة إلى يوم مجيء الرب لأنك مزمِعٌ أن تُسأَلَ عنها".
الكاهن مسؤوليته الأولى رعيّته، وكلّ إنسان يضعه الله في طريقه ويحتاج إلى معونة ليعضده مع المؤمنين قدر إمكانهم حاملًا إيّاه في صلاته. عليه الحفاظ على الخراف التي ائتُمِنَ عليها لكي لا يهلك منها أحد إلَّا "ابن الهلاك" (يوحنا 17: 12).
* * *
يا كاهني أنت شهيد وشاهد على صورة المعلّم الإلهي ولا ينبغي لك أن تكون بشـيء على صورة زعامات هذا الدَّهر. أهرب من كلّ سياسة وكلّ تحزّب هربك من جهنّم والتصق بالمسكين والفقير والبائس والأرملة ليعرفوا أن الله حقّ وأنّه محبّ لـلـبـــــــــــــشــــــــــــــــر. لا تنزلق ولا تنخدع بمديح أو محبّين غوغائيين لأنّ الشيطان يحرّكهم. من يحبّ الله يتخلّى عن كلّ شيء في سبيل الكنيسة والحفاظ عليها ولا يطلب لنفسه كرامة من بشر لأنّ حبّه لله من كلّ القلب والفكر والعقل والقدرة هو إكليل مجده، وألمه على صليب خطاياه "وجهالات الشعب" هو فخره...
"لَمْ تُصِبْكُمْ تَجْرِبَةٌ إِلاَّ بَشَرِيَّةٌ. وَلكِنَّ اللهَ أَمِينٌ، الَّذِي لاَ يَدَعُكُمْ تُجَرَّبُونَ فَوْقَ مَا تَسْتَطِيعُونَ، بَلْ سَيَجْعَلُ مَعَ التَّجْرِبَةِ أَيْضًا الْمَنْفَذَ، لِتَسْتَطِيعُوا أَنْ تَحْتَمِلُوا..." (1 كورنثوس 10: 13).
عملك يا كاهني هو أن تكون كلمة المسيح إلى العالم للخلاص وألاّ يكون بينك وبين إبليس خلطة لأنّه يجب أن تكون نقيّ القلب والسيرة...
انتبه إلى نفسك فحسابك عسير ومجدك كبير، فاختر الطريق القويم...
ماران أتا
+ أنطونيوس
مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما
* المدينة الفاضلة كما تم التعارف عليها هي أحد أحلام الفيلسوف المشهور "أفلاطون" وهي مدينة تمنّى أن يحكمها الفلاسفة، وذلك ظناً منه أنهم لحكمتهم سوف يجعلون كلّ شيء في هذه المدينة معياريًّا، وبناءً عليه ستكون فاضلة.
طروباريّة القيامة (باللّحن الخامس)
لنسبِّحْ نحن المؤمنينَ ونسجدْ للكلمة المساوي للآبِ والرّوح في الأزليّة وعدمِ الاِبتداء، المولودِ من العذراءِ لخلاصنا. لأنّه سُرَّ بالجسد أن يعلوَ على الصليبِ ويحتملَ الموت، ويُنهِضَ الموتى بقيامَتِه المجيدة.
طروباريَّة القدّيس الشّهيد ماما (باللَّحن الرّابع)
شهيدكَ يا ربّ بجهاده، نال منك الأكليل غير البالي يا إلهنا. لأنّه أحرز قوّتك فحطم المغتصبين، وسحق بأسَ الشّياطينِ الّتي لا قوّة لها. فبتوسّلاته أيّها المسيح الإله خلّص نفوسَنا.
قنداق لميلاد السّيّدة (باللَّحن الرّابع)
إنّ يواكيم وحنَّة قد أُطلقا من عار العُقر، وآدم وحوّاءَ قد أُعتقا من فساد الموت، بمولدكِ المقدّس أيّتها الطّاهرة، فله أيضًا يُعيّد شعبُكِ، إذ قد تَخَلّص من وَصْمَةِ الزّلّات، صارخًا نحوكِ، العاقرُ تلدُ والدةَ الإله المُغذّيةَ حياتَنا.
الرّسالة (2 كو 1: 21 – 24، 2: 1– 4)
أنت يا ربُّ تحفَظُنا وتستُرنا مِن هذا الجيل
خلّصني يا ربُّ. فإنَّ البارَّ قد فَني
يا إخوةُ إنَّ الذي يُثبِّتُنا مَعَكم في المسيح وقد مسحَنَا هوَ الله الذي خَتَمنا أيضاً وأعطى عُربونَ الروحِ في قلوبِنا. وإنّي أستَشهِدُ اللهَ على نَفسي أنّي لإشفاقي عليكم لم آتِ أيضاً إلى كورنثُوس. لا لأنَّا نسودُ على إيمانِكم بل نحنُ أعوانُ سُرورِكم لأنّكم ثابِتون على الإيمان وقد جَزمتُ بهذا في نفسي أن لا آتيَكم أيضاً في غمٍّ لأنّي، إن كنتُ أُغِمُّكُم فمن الذي يَسُرُّني غَيرُ مَن أُسبِّبُ لهُ الغمَّ؟ وإنَّما كتَبتُ إليكم هذا بِعَينهِ لئلّا يَنَالَني عندَ قدومي غَمٌّ ممَّن كان يَنبَغي أن أفرَحَ بِهم. وإنّي لواثِقٌ بِجَمِيعكم أنَّ فرَحي هو فَرَحُ جميعِكم. فإنّي من شدَّةِ كآبةٍ وكَرْبِ قَلبٍ كتبتُ إليكم بِدُموعٍ كثيرةٍ لا لتَغتَمُّوا بل لتعرِفوا ما عِندي من المحبَّةِ بالأكثَرِ لكم.
الإنجيل (متّى 22: 2– 14 (متَّى 14))
قالَ الرَّبُّ هذا الْمَثَل: يُشْبِهُ ملكوتُ السَّمَاوَاتِ إنسانًا مَلِكًا صنعَ عُرْسًا لابنِهِ، فأَرْسَلَ عبيدَهُ لِيَدْعُوا الْمَدْعُوِّينَ إلى العُرْسِ، فلم يُريدُوا أنْ يأتُوا. فأرسَلَ أيضًا عبيدًا آخَرِينَ وقالَ: قولُوا لِلْمَدْعُوِّينَ هُوَذَا غَدائي قد أَعْدَدْتُهُ. ثِيرَانِي ومُسَمَّنَاتِي قد ذُبِحَتْ وكلُّ شيءٍ مُهَيَّأٌ، فهَلُمُّوا إلى العُرْس، ولكنَّهُم تَهَاوَنُوا فذهبَ بعضُهُم إلى حَقْلِهِ وبعضُهُم إلى تِجَارَتِهِ والبَاقُون قَبَضُوا على عبيدِهِ وشَتَمُوهُم وقتلُوهُم. فلمَّا سمعِ الملكُ غَضِبَ وأَرْسَلَ جُنُودَهُ فَأَهْلَكَ أُولَئِكَ القَتَلةَ وأَحْرَقَ مَدِينَتَهُم. حينئذٍ قالَ لِعَبِيدِهِ: أَمَّا العُرْسُ فَمُعَدٌّ وأَمَّا الْمَدْعُوُّونَ فلم يَكُونُوا مُسْتَحِقِّينَ، فاذْهَبُوا إلى مَفَارِقِ الطُّرُقِ وكُلُّ مَنْ وَجَدْتُمُوهُ فادْعُوهُ إلى العُرْسِ. فَخَرَجَ أُولَئِكَ العبيدُ إلى الطُّرُقِ فَجَمَعُوا كلَّ مَنْ وَجَدُوا مِنْ أشرارٍ وصالِحِينَ، فَحَفَلَ العُرْسُ بالْمُتَّكِئِينَ. فلَمَّا دخلَ الملِكُ لِيَنْظُرَ الْمُتَّكِئِينَ رأَى هناكَ إنسانًا لم يَكُنْ لابِسًا لِبَاسَ العُرْسِ، فقالَ لهُ: يا صَاحِ كيفَ دَخَلْتَ إلى هَهُنَا وليسَ عليكَ لِبَاسُ العُرْس. فَصَمَتَ. حينئذٍ قالَ الملكُ للخُدَّامِ أَوْثِقُوا يَدَيْهِ ورِجْلَيْهِ وَخُذُوهُ واطْرَحُوهُ في الظُّلْمَةِ البَرَّانِيَّةِ، هناكَ يكونُ البُكَاءُ وصَرِيفُ الأسنانِ، لأنَّ الْمَدْعُوِّينَ كَثيرُونُ والْمُخْتَارِينَ قَلِيلُون.
حول الإنجيل
"فلمّا دخل الملك لِيَرى المَدعوّين، وجد رجلًا لا يلبس ثياب العُرس".
ما هي ثياب العُرس هذه الّتي علينا أن نرتديها؟ توبة، أم محبّة، أم صلاة، أم تواضع، أم مُسامَحَة أم ماذا؟...
لقد بذل الرّبّ يسوع نفسه عنّا جميعًا؛ وُلد في مَغارَة، تَجَسَّد وصَارَ إنسانًا، ضُربَ، صُلِبَ لكي يخلّص الصّالبين، تألّم، ماتَ وقامَ مِن أجلنا لِتَكون لنا حياة أبديّة.
ماذا يطلب منّا؟
لقد ابتدأ القدّيس يوحنّا المَعمدان البشارة قائلًا: "توبوا لقد اقترب ملكوت السّماوات"، كذلك الرّبّ يسوع بعد صيامه أربعين يومًا بدأ كارزًا "توبوا لقد اقترب ملكوت السّماوات".
إنّ التّوبة يجب أن ترافقنا حتّى آخر رمق من حياتنا، ولكن كيف نحصل على هذه التّوبة؟
يقول الأرشمندريت صفروني في كتابه "مُعاينة الله كما هو": إنّ "التّوبة عطيّة بلا ثمن، مقدّمة للإنسانيّة. التّوبة هي العجيبة السّماويّة الّتي صالحتنا مع الله، بعد أن سقطنا. التّوبة هي دفق الإلهام وانسكابه علينا، والّذي بواسطته نرتفع إلى الله أبينا، حتّى نحيا إلى الأبد في نور حُبّه. بالتّوبة يتمّ تأليهنا، وهذه النّعمة بات من المُمكن الحصول عليها، بِصَلاة يسوع في الجثسمانيّة، بموته على الجلجلة وبقيامته".
إنّ الله يعلم أنّنا نخطئ جميعنا، يقول القدّيس يوحنّا الحَبيب "إذا قُلت إنّي بلا خطيئة جعلت الله كاذبًا… أمّا إذا اعترفنا بخطايانا فهو أمينٌ وعادلٌ يغفر لنا خطايانا ويطهّرنا من كلّ شرّ"، ولأجل خطايانا تجسّد، لأجل كثرة محبّته لنا، حين كنّا أمواتًا في الزّلّات أحيانا مع المسيح، بالمقابل يطلب توبة صادقة، إنّها تأتي عندما نقترب أكثر من السّيّد المسيح، عندما نُداوِم على الاعتراف، عندما نُداوِم على الصّلاة من القلب وتناول جسد ودم السّيّد، عندما نحبّ بصدق، عندما نسامح من كلّ نيّاتنا، عندما نتواضع، عندما لا ندين، عندما نغسل ثوب العُرس بالدّموع، عندما نهتف صلاة التّوبة مع القدّيس أفرام السّريانيّ ونقول: "أيّها الرّبّ وسيّد حياتي، أعتقني من روح البطالة والفضول وحبّ الرّئاسة والكلام البّطّال؛ وأنعِم عليّ أنا عبدك الخاطئ بِرُوح العفّة واتّضاع الفكر، والصّبر، والمحبّة؛ نَعَم يا مَلِكي وإلهي، هَبْ لي أن أعرف ذُنوبي وعُيوبي وألّا أدين إخوتي فإنّك مباركٌ إلى دهر الدّاهرين آمين". حبّذا لو نردّدها ونعمل بها كلّ أيّام حياتنا، وليس فقط في فترة الصّوم، عندها نتّحد بالكنيسة الّتي هي جسد السّيّد المَسيح.
يا أحبّة، لا نهاية للتّوبة. الفضائل كلُّها قد يكمّلها الإنسان بنعمة الله، لكن ما من أحد يمكنه أن يكمّل التّوبة، فنحن بحاجة إليها حتّى نَفَسِنا الأخير، لأنّنا نُخطئ في طَرْفَةِ عَيْن. لذلك التّوبة لا مُتناهية! (نصائح من الجبل المُقدّس).
المخاطر الإجتماعيّة الّتي يتعرّض لها شبابنا
لكلّ عصرٍ من العصور تحدّياته وصعوباته الّتي يفرضها على المؤمنين، وطبعًا هذه التّحديات مُتَفاوِتة ومُختلفة من عصرٍ لآخر. ولكن الزّمان الّذي وصلنا إليه لا شكّ أنّه يحمل أصعب التّجارب وأخطرها على إيماننا المسيحيّ، ويستهدف بِشَكلٍ خاص الأطفال والشّباب. في العصور الماضية كانت التّحدّيات مباشرة وواضحة، ولكن الشّرير الآن يستخدم أسلوبًا أدهى وأخطر وغير مباشر، هو أسلوبٌ مبطّنٌ بشكل يصعب إدراكه ومواجهته. يحاربهم على كلّ الأصعدة المُتاحة، لكي يصل في نهاية المَطاف ليقطف ثمار مخطّطاته بسهولة تامّة من دون أيّة مُقاومة، فيكون تدمير الإيمان.
نعيش في عصرٍ مُتَسارع ومُتبدّل ومُتغيّر بشكلٍ كبير، عصر الثّقافة والتّكنولوجيا والعلم والاكتشافات والحرّيّات. العالم أصبح مفتوحًا على بعضه البعض، يتمّ التّسويق فيه لثقافة جديدة تلغي كلّ الثّقافات والحضارات الّتي وُجدت سابقًا والموجودة الآن. وأهمّ الأدوات المُستخدَمة لهذه الغاية هي الإنترنت والتّكنولوجيا، الّتي عبرها يتمّ تسويق كلّ ما يريدونه ويخطّطون له. يتمّ غسل وبرمجة عقول الشّباب حتّى يصبحوا مسلوبي الإرادة والتّفكير. يبثّون فيهم الأفكار الفلسفيّة والإلحاديّة والعلميّة فينسون الله ويرفضونه، ويؤلّهون الإنسان وفكره وقدراته ويعتبرونه محور الكون.
يسوّقون لأنواعٍ جديدةٍ من الحرّيّات، مخالفة لروح الإنجيل ولضمير الإنسان وحتّى للطّبيعة. كالحرّيّة الجنسيّة والتفلّت الجنسيّ، الشّذوذ الجنسيّ المخالف لنواميس الطّبيعة، والّتي الحيوانات العجم لا يقدمون على ارتكابه. انكسر كلّ قيدٍ وضابطٍ وأصبح كلّ شيء مُباح، لأنّه منذ الصّغر تمّ بثّ هذه الأفكار في عقول الأطفال والشّباب، فأصبح قبولها أمرًا عاديًّا، لا يدركون أنّه مُهلك لهم ولحياتهم ولعائلاتهم. حتّى مفهوم العائلة تمّ ضربه وتشويهه بالكلّيّة.
سوّقوا لهم مفهومًا جديدًا للحرّيّة يعصون به على خالقهم لكي يقطعوهم عنه بالكلّيّة، وفي الوقت عينه سلبوهم كلّ الوقت لكي لا يكون لهم مُتنفّسًا يرجعون به إلى أنفسهم وإلى ذواتهم وإلى الله الّذي أوجدهم. معظم أوقاتهم مهدورة في العمل الطّويل لتأمين وإشباع رغباتهم من الأمور الكماليّة والاستهلاكيّة المسوّقة دائمًا كفخٍ لا يمكنهم الإفلات منه أبدًا. وما تبقّى من وقت ضئيل يضيع في التّكنولوجيا والإنترنت والتّلفاز وغيرها.
هذا الفراغ والضّغط المُستمرّ وتسارع الحياة بشكلٍ مطرد، وكلّ تحدّيات الحياة الحديثة يدفع بشريحة من الشّباب إلى المخدرات والإدمان على الكحول والتّدخين، والإدمان على الجنس والعمل وعلى الإنترنت والتّواصل الاجتماعيّ، والإدمان على التّسوّق والامتلاك.
يدفعون شبابنا لكي ينكروا وجود الله، ويغيّرون لهم كلّ المفاهيم الإيمانيّة والخلاصيّة، ويخنقونهم لكي لا يتبقّى لهم وقت يلجأون به إلى الله ويتفكّرون فيه بكلّ ما يمرّون به في حياتهم. هل هذه هي الحقيقة الّتي دُعوا لكي يعيشوها وخُلقوا من أجلها، أم ثمّة أمورٌ أخرى مخفيّة خلف كلّ ما يجري؟