في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*الشّهداء أفستراتيوس وأفكسنديوس وأفجانيوس ومرداريوس وأوريستوس *الشّهيدة لوسيا الصّقليّة *القدّيس البار أرسانيوس لاتروس *القدّيس البار أريس المصريّ*القدّيس البار مرداريوس الفقير *الشّهيد في الكهنة غفرائيل الصّربيّ*القدّيس البار جرمانوس مبشّر ألاسكا والقدّيسان الشّهيدان جوفانال وبطرس.
* * *
✤القدّيس البار جرمانوس مبشّر ألاسكا والقدّيسان الشّهيدان جوفانال وبطرس ✤
سنة 1741 جرى اكتشاف جزر الأليوت في ألاسكا. أضحت الأرض الجديدة مستعمرة روسيّة. أخذ التّجار والصّيّادون والمُغامِرون من كلّ وزن وَلون يتهافتون على الأرض الجديدة. بناء لطلب الأمبراطورة كاترين الثّانية اختير جرمانوس الرّاهب مع اثنين من المُبتدئين المُلتصقين به بين ثمانية رهبان ليتوجّهوا مرسلين إلى الأرض الجديدة. وُلد جرمانوس في موسكو سنة 1756 م. ترهّب في لافرا الثّالوث القدّوس/ القدّيس سرجيوس رادونيج وهو في سنّ السّادسة عشرة. لبس الإسكيم الرّهبانيّ باسم جرمانوس وهو في سنّ السّابعة والعشرين. انتقل إلى دير بلعام عند بحيرة لادوغا. تتلمذ لأب معروف هو نازاريوس الّذي كان أبًا روحيًّا للقدّيس سيرافيم ساروفسكي. تنسّك بعد حين وصار له تلاميذ. سنة 1793 سافر في عداد الإرساليّة. بلغ جزيرة كودياك في آلاسكا بعد سنة. باشر المرسلون عملهم. لاقوا تجاوبًا طيّبًا من شعب الأليوت. في غضون سنة عمّدوا سبعة آلاف شخص وأقاموا ألفًا وخمسمائة إكليل زواج. تنقّل المرسلون بين الجزر الجليديّة في ظروف قاسية للغاية. كانوا يدعون السّكّان المحليّين إلى نبذ أوثانهم والتّخلّي عن تعدد الزّوجات والعادات الوثنيّة، واقتبال الإنجيل. واجهوا بعض المقاومة واستشهد أحدهم جوفانال سنة 1796 م. سنة 1796 أيضًا اختير الأرشمندريت يواصاف أسقفًا على آلاسكا، لكنّه غرق في البحر بعد حين. القدّيس جرمانوس وحده بقي على رأس الإرساليّة. بالإضافة إلى الصّعوبات البيئيّة وأخطار السَّحَرة الوثنيّين المَحليّين، كان على جرمانوس أن يواجه المُمارسات اللّاأخلاقيّة الّتي أجازها المُستعمرون الرّوس لأنفسهم في استغلال البلاد. جرمانوس ورفقته باتوا حماة لشعب الأليوت في مواجهة جشع التّجّار والمستغلّين. الشّركة التّجاريّة الرّوسيّة الأميركيّة كانت هي الّتي تولّت استثمار المُستعمرة الجديدة. القيّمون عليها ضغطوا فاضطرّ ثلاثة من المرسلين إلى التّخلّي عن عملهم البشاريّ ولم يبق غير جرمانوس وحيدًا. أقام في جزيرة قاحلة صغيرة بالقرب من كودياك سمّاها “بلعام الجديد”. أضحى مرسلًا يحدّث عن ملكوت الله بمثاله. اتّخذ لنفسه قلاّية خشبيّة صغيرة فقيرة عرضة لقسوة الطّبيعة. أسلم نفسه لناموس الرّوح. ثيابه كانت هي إيّاها على مدار السّنة. مارس الأصوام الطّويلة. اقتصر طعامه على ما كان متوفّرًا حوله من نباتات. اعتاد أن يحمل على بدنه سلسلة حديديّة وزنها ثمانية كيلوغرامات. عمل بقسوة. لم يكفّ عن الصّلاة ليل نهار. بالصّلاة المُستمرّة واجه الأفكار السّمجة وتجارب الشّيطان. كانت في حوزته نسخة من كتاب الفيلوكاليا. لمّا كان يُسأل ما إذا كانت عزلته ثقيلة عليه أم لا كان يجيب: “لست وحيدًا. الله هنا كما في كلّ مكان آخر، وكذلك الملائكة. ولا شيء يداني رفقة من هذا النّوع”. كما كان يقول: “إنّي خاطئ مسكين وأنا أبذل جهدي، منذ أربعين عامًا، لأحبّ الله ولست متأكّداً أنّي أحبّه كما يليق. أن نحبّ الله معناه أن نفكّر فيه كلّ حين، وأن نخدمه ليل نهار ونصنع في كلّ أمرٍ مشيئته”.
مَنَّ عليه الرَّبّ الإله بمحبّة فائقة لكلّ النّاس، لا سيّما للأليوت المضنوكين الّذين كان لهم بمثابة أب. أقام بالقليل الّذي كان معه ميتمًا. بنى بيديه كنيسة صغيرة. كان يجمع المؤمنين الجدد فيرتّل لهم ويعظهم بكلمة الله. في الصّيف كان يعلّم الصِّبْيَة بعض مبادئ الزّراعة. بذل نفسه بالكليّة على صورة مسيحه. إثر وباء تفشّى في كودياك كان يطوف بيوت النّاس رغم الخطر ليعتني بالمرضى ويعزّي المكروبين ويُصلّي للرّاقدين. حتّى بعض المستعمرين ربحهم للمسيح. لمّا شاخ فقد بصره، لكنّ الرَّبّ الإله عوّض عليه بمُعاينة الملائكة. تعاطى الأشفية مرّات.
رقد جرمانوس بسلام في الرَّبّ في 15 تشرين الثّاني سنة 1836 م عن عمر ناهز الحادية والثّمانين.
القدّيس جرمانوس هو شفيع المَسيحيّين في آلاسكا والكنيسة الأرثوذكسيّة في أميركا. أعلنت قداسته في 9 آب سنة 1970 م. أمّا بطرس الأليوتيّ فهو أوّل شهيد مَحلّي قضى على يد الإسبان والمرسلين الكاثوليك الّذين حاولوا إجباره وإجبار آخرين معه على قبول الإيمان الكاثوليكيّ.