في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*الشّهيدان الصّانِعا العَجائِب والماقِتا الفِضَّة قُزما ودميان وأمّهما *القدّيسة البارّة ثيودوتي *الشّهيدتان كيرينيا وإليانا الكيليكيّتان *الشّهداء الدّمشقيّون قيصر وداكيوس وسابينيانوس وأغريبا وسابا وأدريانوس وتوما اليافع *الشّهيدان الفارسيّان يوحنّا الأسقف ويعقوب الكاهن المكنّى بالغيور *الشّهيد يَعقوب القدّيس البار وتلميذاه يعقوب الشّمّاس وديونيسيوس *القدّيس البار داود الإيبي *القدّيس الأسقف أوستريموان كليرمون *الجديدة في الشّهيدات هيلانة سينوبي *الشّهيد بنيغنوس *الشّهداء الرّوس الجدد ثيودور ريميزوف وآخرون.
* * *
✤تَذْكار القِدّيسَيْن الصّانعَي العَجائِبوالماقِتَـي الفِضّة قزما ودميان وأمّهما البارّة ثيودوتـي✤
“لقد جعل القدّيسان رجاءهما كلّه في السّماوات، فكنزا لهما كنزًا لا يُسلَب، فإنّهما أخذا مجّانًا فيمنحان الأشفية للمرضى مجّانًا، واتّبعا قول الإنجيل فلم يقتنيا فضّة ولا ذهبًا، بل كانا يمنحان إحساناتهما للنّاس والبَهائِم حتّى يكونا خاضعَين للمسيح في كلّ الأحوال، وهما الآن يتشفّعان بِدَالّة في نفوسنا“.
هذا ما تُنشِدُه الكنيسة يوم عيد القدّيسَين قُزما ودميان، في صلاة المساء، موجِزة سيرتَهما في المسيح ومبيّنة الرّكائز الّتي على أساسها نسألهما الشّفاعة لدى الرَّبّ الإله.
لا نعرف الكثير عن هذين القِدّيسَين رغم الإكرام الواسع الّذي لقياه في الشّرق والغرب معًا ورغم كثرة الكنائس الّتي شُيّدت على إسميهما على مدى العصور.
كان موطنهما ناحية من نواحي أفسس في آسيا الصّغرى. وثمّة مَن يقول إنّهما ولدا في بلاد العرب. كان أبوهما وثنيًّا وأمّهما مسيحيّة اسمها ثيودوتي. وقد توفّي الأب وولداه بعدُ صغيران فربّتهما والدتهما على المَسيحيّة وأحسنت حتّى التصق اسمها بإسمَي ولديها كأمّ بارّة في الكنيسة.
تلقّن قُزما ودميان جملة من معارف ذلك الزّمان وعلومه فبرعا فيها. لكنّ تنشئة أمّهما لهما على حياة الفضيلة ما لبثت أن جعلتهما يفطنان إلى بطلان الفلسفة وحكمة هذا الدّهر إزاء حكمة المسيح فاستصغرا المعارف العالميّة النّظريّة ورغبا في التّملّؤ من محبّة المسيح ولسان حالهما ما قاله الرّسول بولس إلى أهل فيليبّي: “…كلّ ما كان لي من ربح اعتبرته خسارة من أجل المسيح، بل أنّي أعتبر كلّ شيء خسارة من أجل فضل معرفة المسيح يسوع ربّي، فمن أجله تحمّلت خسارة كلّ شيء وأعتبر كلّ شيء نفاية لكي أربح المسيح ويكون لي فيه مقام” (3: 8 – 9). وقد أفضى بهما هذا اليَقين إلى الإقبال على الطّبّ بنيّة تسخير العلم للمسيح وخدمة الكلمة والعناية بالمريض. فانكبّا على الدّرس والتّحصيل حتّى برعا، بنعمة الله، أي براعة.
وبالإيمان ومحبّة المَسيح والطّبّ انفتح لهذين المجاهدَين باب عريض على الخدمة وتمجيد الله. فكان دأبهما رعاية المرضى بالمجّان عملًا بالقول الإلهيّ: “مجّانًا أخذتم مجّانًا أعطوا” (متّى 10: 8). وقد سلكا في ذلك في حرص شديد حتّى إنّ قزما خاصم أخاه دميان مرّة خصامًا شديدًا لأنّه تلقّى ثلاث بيضات من امرأة كانت مريضة فأبرأها.
إلى ذلك سلك الأخوان في العفّة والفقر خاضعَين للمسيح في كلّ حال. وقد امتدت عنايتُهما بالمرضى إلى البهائم لأنّها هي أيضًا من إبداع الله وتحت الألم.
واستمرّ قزما ودميان على هذا المنوال زمانًا سخّرا خلاله الأعشاب والأدوية وكلَّ فكر وجهد محبّة بالقريب فَرَضِيَ الله عنهما ومَنَّ عليهما بنعمة الشّفاء بكلمة الإيمان واللّمس على مِنوال الرُّسُل.
من ذلك الوقت أضحت الصّلاة واسم الرَّبّ يسوع وحده الدَّواء الشّافي لكلّ مَرَض أو عاهة تُعْرِض لِهَذين القدّيسَين. فتَقاطَر عَلَيهما النّاس مِنْ كلّ صَوْبٍ يَسألون السّلامة. وكان كلّ قاصد لهما يحظى بالتّعزية والبَرَكَة والشّهادة لاسم الرَّبّ يسوع.
ثابر هذان الخادِمان على عمل الله، دونما كَلَلْ، طويلًا، وكانا يتجدّدان أبدًا في الصّلاة والصّبر والاتّضاع والتماس رِضى العَليّ إلى أن رقدا في الرَّبّ ودُفنا في موضع يُعرَف بالفَرَمان. وقد شُيّدت فوق ضريحهما كنيسة لم ينقطع سيل المُتدفّقين عَليها جيلًا بعد جيل، السّائلين شفاعة القدّيسَين، النّائلين بِرُفاتهما برَكَة الشّفاء من عاهات النّفس والجسد. أمّا كيف رقدا فغير معروف تمامًا. فَفيما يُؤكّد بعض المَصادِر أنّهما استُشهدا في زمن الأمبراطورَين الرّومانيَّين ذيوكليسيانوس ومكسيميانوس عام 303 للميلاد، تَميلُ مصادر أخرى إلى القول بأنّهما رقدا بسلام دون أن تعطي لذلك تاريخًا محدّدًا.
طروباريّة القدّيسَيْن قُزما وداميانوس (باللّحن الثّالث)
أيّها القدّيسانِ الماقِتا الفِضَّة، والصّانِعا العَجائب، افتقدا أمراضنا، مجّانًا أخذتُما، مجّانًا أعطيانا.
قنداق (باللّحن الثّاني)
أيّها الطّبيبانِ المَجيدانِ، الصّانِعا العَجائِب، يا مَن نِلتُما نِعمةَ الأشفية، امنحا القوّةَ للّذِينَ في الشّدائد، وبافتقادكما أحطما بأسَ المُحارِبين. شافيَيْنِ العالمَ بالعَجائِب.