في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
* الآباء الأجلّاء في القدّيسين ألكسندروس ويوحنّا وبولس الصّغير، بطاركة القسطنطينيّة. * شهداء ميليتين السّتّة. * شهداء ثيبا السّتّة العشر. * القدّيس البار سارمتا. * القدّيس البار خريستوفوروس الفلسطينيّ. * القدّيس البار فانتين الصّانع العجائب. * الشّهيدة بريانا النّصيبيّة. * أبونا الجليل في القدّيسين أفلاليوس القبرصيّ. * القدّيس البار ألكسندر سْفِير. * نَقل رُفات القدّيس ألكسندر نفسكي. * عيد جامع للأساقفة المُنيرين في الكنيسة الصّربيّة. * الشّهيدان الرّوسيّان الجديدَان بطرس وأغناطيوس. * القدّيس المثعترف بطرس الرّوسيّ. * الشّهيدان فيليكس وأدوكتوس الرّومانيّان. * القدّيس باماخيوس الرّوميّ.
* * *
القدّيس البار ألكسندر “سْفِير“
وُلد القدّيس “ألكسندر” في “أولونيتز” في “نوفغورود” من أبوَين تَقِيَّين إثر رؤيا. فتحت والدة الإله ذهنه بعدما استبان غليظًا. تعلّم الكتب المُقدَّسَة. كان يتردّد على الكنيسة كلّ يوم ويَعيش في إمساك شديد رغم حداثته. هرب من زواج دبّره له والداه لأنّه لم يشأ أن يكون لغير الله.
قاده ملاك الرّبّ إلى دير بلعام. ترهّب في السّادسة والعشرين. كان مُجِدًّا في خدمة الله والإخوة. يَعمَل في النّهار ويصلّي ويرنّم في اللّيل. صاحِيًا، متّضِعًا، مُطيعًا حتّى حسِبوه مَلاكًا في الجسد. بحث عنه أبوه فوجده. رغب إليه أن يعود معه إلى البيت العائليّ. أقنع أباه أن يصير راهبًا في دير والدة الإله في قريته. أمّه أيضًا ترهّبت. عمل في المخبز، في نقل المياه وفي نقل الحطب، جاعلًا نفسه في خدمة الجميع بفرح. في اللّيل كان يعتزل وحيدًا في الغابة ليصلّي ولا يخشى البعوض على كثافته. في الصّباح كان يوجد في الكنيسة قبل الجميع ولا يخرج إلاّ في الأخير. ممتدًّا دائمًا إلى الإلهيّات. سلوكه كان مَثار إعجاب الرّهبان. هذا أضناه. رغب في الفِرار من كرامات النّاس. أخيرًا جاءه صوت دعاه إلى مغادرة الدّير ليقيم بقرب البحيرة. اعترف لرئيس الدّير بما عايَنَ فَنَالَ بركته وانصرف إلى حياة النّسك.
انتقل ألكسندر إلى مكان عند بحيرة قريبة من “نهر سْفِير” سبق له أن درى بالرّوح أنّ الله يريده أن ينسك فيها. أُشير إليه، بنور إلهيّ، أن يقيم في موضع محدّد. هناك بنى كوخًا صغيرًا وأقام في الصّلاة ليل نهار حُرًّا من كلّ همّ دنيويّ. بعد سبع سنوات فاحت رائحة قداسته وانتشر خبره. قدم إليه مَن رغب في سيرة كَسِيرته. أذن لهم أن يقيموا، في الجوار، في قلالي منفصلة في الصّمت والصّلاة المُتواصلة، وكان يعتني بأمرهم ويشجّعهم على الصّبر على الحرمان وعلى الضّيقات.
في السّنة الثّالثة والعشرين من إقامته في هذه البرّية (1508 م) ظهر له نور عظيم خلال صلاته اللّيليّة. رأى ثلاثة أشخاص يتلألأون. قالوا له: “لا تخف، يا رجل الرّغبات، فإنّ الرّوح القدس قد أقام فيك منزله لنقاوة قلبك”. قالوا له إنّه سيبني كنيسة من حجر وسيؤسّس ديرًاكبيرًا. قالوا: “الكنيسة سمِّها على اسم الثّالوث القدّوس”. وفيما هم يغادرونه قالوا له بصوتٍ واحدٍ: “سلامي أُعطيكم” (يو 14: 27). أبان ملاكٌ للقدّيس موضع الكنيسة. اقتبل الكهنوت بعد لأي.
ضاعف أتعابه النّسكيّة. واستبان نموذجًا في التّواضع. كان يعمل في كلّ ما يعمل فيه الإخوة. لم يكن ليتمدّد في نومه ولا لبس ثوبًا إلّا واحدًا خشنًاكان كَلِباس إخوته. اهتمّ بتعليمهم الصّحو والانتباه لخلاص نفوسهم، وأن ينقطعوا عن كلّ لهو واهتمام بطّال ويبكوا على خطاياهم لأنّ التّوبة مفتاح ملكوت السّموات. وإذ سلك الإخوة في وصاياه أثمروا في الفضيلة ثمارًا يانعة. عاشوا كالملائكة متّخذين أباهم قدوة. وإنّ عددًا متزايدًا من المؤمنين كانوا يأتون إلى الدّير ليعترفوا بخطاياهم للقدّيس ويصغوا إلى مشورته في ضيقاتهم. نمت الشّركة وصارت هناك حاجة لطاحونة ماء. كلّ شيء، بنعمة الله، تيسّر. ثمّ بُنيت الكنيسة الحجريّة بِعَطايا القيصر باسيليوس إيفانوفيتش. كذلك صير إلى بناء كنيسة أخرى على اسم والدة الإله.
بلغ القدّيس سنًّا متقدّمة. جمع رهبانه قبل سنة من رحيله ووَعَدهم بالبقاء معهم في الرّوح. عيّن أربعة رهبان كهنة ليُختار أحدُهم خلفًا له. رقد في سنّ الخامسة والثّمانين بعدما صلّى من أجل سلام العالم وكلّ الكنائس المُقَدَّسَة. كان ذلك في 30 آب سنة 1533 م. انتشر إكرامه قدّيسًا بسرعة وجرت العجائب بقرب ضريحه.
تعرّض الدّير للخراب على يد الألمان واللّيتوانيّين سنة 1628. أُصلح واكتُشف جسد القدّيس غير منحلّ. سعة تأثيره استبانت في القرن التّاسع عشر من خلال تلاميذ القدّيس “باييسي فليتشكوفسكي”.
سنة 1918، في اليوم الثّالث من الفصح دخلت فرقة من الجيش الأحمر الدّير بالشّتائم واللّعنات. ألقوَا القبض على رئيس الدّير “إفجاني”، وخمسة من الرّهبان. أمروهم بحفر قبورهم، ثمّ سدّدوا بنادقهم نحوهم. طلب الآباء أن يُسمح لهم بترتيل “المسيح قام”، لكنّه لم يؤذن لهم بإكمال التّرتيل على الأرض..!!.. لم يقف الجنود عند هذا الحدّ. دخلوا الكنيسة، وألقوا برفات القدّيس “ألكسندر” في محرقة، فكان أن استُشهد القدّيس حتّى بعد موته!. راهب مبتدىء كان مختبأً رأى وخبّر. ثمّ تحوّل الدّير ككلّ الأديرة الأخرى في الزّمن الشّيوعيّ، أولًا إلى مركز اختبارات، ثمّ إلى معتقل للكهنة. لكنّ رفات القدّيس لم تتأذّى وقد أُعيدت سالمة إلى الدّير سنة 1998، حيث لم تزل نبعًا للعجائب والبركات والتّعزية.
المرجع:
سنكسار الكنيسة الأرثوذكسيّة. الجزء6. الأرشمندريت توما بيطار.
http://full-of-grace-and-truth.blogspot.com/2009/05/st-alexander-of-svir-righteous-and-his.html.