في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
* القدّيسون الأبرار المستشهدون في دير القدّيس سابا* الشّهيدات ألكسندرا واللّواتي معها* القدّيس البارّ نيقيطا، أسقف أبولونياس * الشّهداء روديان وأخيلا الوالي ولوليون وعمّانوئيل * الجديد في الشّهداء ميرون الكريتيّ* الشّهيد أفروسينوس الرّوسيّ البارّ* أبونا الجليل في القدّيسين كوتبار، أسقف لينديسفارن * الشّهيدة فوتيني السّامريّة * الشّهيدان يوسف ولوقا الأنطاكيّان * الشّهداء السّوريّون السّبعة.
* * *
✤القدّيسون الأبرار المستشهدون في دير القدّيس سابا✤
سنة 796 م سعى العرب إلى ضرب القبائل البدويّة في فلسطين. في هذا الإطار تعرّض العديد من المدن والقرى المسيحيّة إلى الغزو وأُفرغ بعضها من سكّانه. وإذ اضطرّ عدد وافر من الأهالي إلى هجرة قراهم واللّجوء إلى أورشليم صِير إلى تقوية التّحصينات سريعًا ورُدَّت هجمات المهاجمين. وإذ امتلأ هؤلاء سخطًا صبّوا جام غضبهم على أديرة تلك النّاحية. فانقضّوا كالجراد على لافرا القدّيس خاريطون ونهبوا القرى المجاورة لها، ثم انتقلوا إلى لافرا القدّيس سابا الّتي قاومتهم.
مضت أشهر على تهديد ثعالب الصّحراء للرّهبان فيما نشط هؤلاء يتوسّلون إلى الرّبّ الإله، ليلًا ونهارًا، أن يرأف بهم، وكان يشدّد أحدهم الآخر لمواجهة الصّعاب، حتّى الموت، دون أن يغادر أيّ منهم المكان، مكان عزلته، إنسجامًا مع العهود الّتي قطعوها على أنفسهم ساعة اقتبلوا النّذور الرّهبانيّة. دونك ما كانوا يردّدونه:”كيف يمكن للّذين غادروا الأرضيّات غير نادمين وتبعوا المسيح القائل: لا تخافوا من الّذين يقتلون الجسد (متى 10: 28)، أن يعودوا أدراجهم إلى العالم مستسلمين للخوف كبشر؟ تحصيننا الأوحد هو المسيح ودرعنا الرّوح القدس ومجنّنا الإيمان والملائكة القائمون حولنا غير منظورين ليحفظونا. ليس محبّةً بالحياة الدّنيا أتينا نقيم في هذه الصّحراء الحارقة. الحياة لنا هي المسيح والموت ربح” (في 1: 21).
وقد جمع الشّيطان حوالي السّتين من أولئك المهاجمين، من الّذين بعثرهم في الصّحراء الخوف من قرب وصول حملة بيزنطيّة إليهم. جمعهم ودفعهم إلى مهاجمة اللّافرا. بعض الرّهبان تقدّم باتجاه المسلّحين عارضًاالسّلام ومذكّرًا بالضّيافة والمساعدة اللّتين اعتاد الدّير أن يقدّمهما إلى المسيحيّين وغير المسيحيّين على حد سواء. إزاء هذه البادرة أبى المهاجمون أن يجيبوا إلّا بطلب تسليم الذّهب في الدّير. ولمّا أجاب الآباء إنّهم لا يملكون ولا حتّى ما هو ضروريّ لغذائهم وكسوتهم، وتّر البرابرة أقواسهم وسدّدوا سهامهم فتسبّبوا بجرح حوالي ثلاثين من الآباء. وبعد أن نهبوا كلّ ما وجدوه في الجوار أضرموا النّار في القلالي. وإذ رأوا فرقة تتقدّم باتّجاههم من بعيد انسحبوا. وبعد ستّة أيّام، خلال سهرانة الأحد، انتشر الخبر أنّ شتات عصابات اجتمع وهم يتقدّمون بأعداد كبيرة باتجاه اللّافرا. هؤلاء انقضّوا، في سخط شديد، على الرّهبان يقطّعون بعضهم كبهائم القصّابين ويسحقون رؤوس البعض الآخر بالحجارة ويلاحقون منهم من لاذ بالفرار حتّى إلى نُقر الصّخور. وإذ اقتربوا من إحدى هذه المغاور خرج إليهم واحد من الرّهبان الخمسة المعتصمين فيها وبذل نفسه عن إخوته طعمًا لشراسة المهاجمين.
بعد ذلك جمع البرابرة بقيّة الرّهبان في فناء الكنيسة وألحّوا في طلب تسليم الكنوز وأن يدلّوهم على رؤسائهم. وإذ لزم الآباء الصّمت أغلقوا عليهم في التّحتية الّتي اعتاد القدّيس سابا استعمالها للتّنقل بين القلّاية والكنيسة وأضرموا فيها النّار. ثمانية عشر راهبًا قضوا اختناقًا فيما أُخرج الآخرون خارجًا وديسوا وأُشبعوا ضربًا وركلًا قبل أن ينهب المهاجمون الكنيسة والقلالي وينسحبوا مخلّفين وراءهم عشرين ضحيّة وعددًا عديدًا من المصابين بجروح خطرة.
وقد ورد أنّه لم يطل الوقت بالمهاجمين حتّى حلّ عليهم غضب الله فنـزل بهم الطّاعون وأبادهم.
ملاحظة: يذكر السّنكسار اللّاتينيّ هؤلاء الأبرار الشّهداء في31 تموز. يُذكر أنّ ناقل خبرهم كان القدّيس استفانوس السّاباوي، ابن أخ القدّيس يوحنا الدّمشقيّ بصفة شاهد عيان.