في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
* الشّهيد في الكهنة هيباتيوس العجائبيّ، أسقف غنغرة * أبونا الجليل في القدّيسين أكاكيوس الأنطاكيّ المعترف * القدّيس البارّ بلاسيوس الفيرجي * الشّهيد ميناندروس * الشّهداء الثّمانية والثّلاثون * القدّيس البارّ استفانوس العجائبيّ* القدّيس البارّ هيباتيوس الطّبيب الكييفيّ* أبونا الجليل في القدّيسين يونان متروبوليت كييف وكلّ الرّوسيّا * أبونا الجليل في القدّيسين إينوكنديوس متروبوليت موسكو ومنير آلاسكا وسيبيريا.
* * *
✤الشّهيد في الكهنة هيباتيوس العجائبيّ، أسقف غنغرة✤
تقع غنغرة في مقاطعة بافلاغونيا، في الجزء الشّماليّ من آسيا الصّغرى. هذه كانت في القرن الرّابع ميلاديّ أبرشيّة مهمّة. عليها تسقّف القدّيس هيباتيوس زمن القدّيس قسطنطين الكبير. وقد ورد أنّه اشترك أيضًا في المجمع المسكونيّ الأوّل في نيقية (325م) وربّما في مجمع غنغرة (340م). كذلك ورد أنّ عددًا من الهراطقة ارتدّ إلى الإيمان القويم بفضل تعليمه وكتاباته الملهمة. عمله الرّعائيّ كان شاملًاحتّى أنّه شيّد كنائس في كافة أرجاء أبرشيّته وجعل عليها كهنة أعدّهم بنفسه. كما بنـى، في مدينته، مضافات ومؤسّسات إنسانيّة ترى إلى حاجات الفقراء. في تنقلّاته وجولاته الرّعائيّة كان يركب حمارًا، أسوة بمعلّمه، وكان يرافقه راهبان. شبّهوه، لنمط حياته، بالقدّيس يوحنّا المعمدان. ورغم مسؤوليّاته المشحونة كراعٍ كان يسلك في الهدوئيّة كراهبٍ ويهوى أن يعتزل في مغارة ليصلّي أو يتأمّل في الكتب المقدّسة. من هذه الخلوات بصورة أخصّ، استمدد هيباتيوس مادّة كتاباته، خصوصًا شرحه لسفر الأمثال المرسل إلى احدى تلميذاته النّبيلات المدعوّة غيّانا. هذه نفذ كلامه إلى قلبها عميقًاحتّى مالت إلى البذل والعطاء ميلًا شديدًا فوهبت ثروتها الطّائلة للكنيسة مساهمةً في الأعمال الإنسانيّة الّتي باشرتها.
كراعٍ لم يقتصر همّ هيباتيوس على بناء النّفوس وحسب بل احتضن أيضًا، بما أُوتي من نِعَم ومواهب إلهيّة، أمراض النّاس وأتعابهم وقسوة العناصر الطّبيعيّة واختلالها عليهم. مثل ذلك إراحتُه الأرض والمحاصيل من حيوانات وحشرات استبدّت بها وأفسدتها وضيّعت على النّاس عيشهم.
شهرته كصانع عجائب ذاعت فبلغت أذني الأمبراطور البيزنطيّ قسطنديوس (352-360) فدعاه إليه، في القسطنطسينيّة، وطلب منه أن يخلّصه، كما ورد، من تنّين مروّع ربض أمام مدخل الخزينة الملكيّة وحال دون دخول أحد إلى الدّاخل. فجاء القدّيس وصلّى ووقف بإزاء الوحش وأنفذ في فيه عصاه الّتي كان يعلوها صليب. وإذ دعا باسم الرّبّ يسوع المسيح جرّ التّنين إلى الميدان وألقاه في محرقة سبق إعدادها. وقد ذُكر أن قسطنديوس، شعورًا منه بالامتنان، حفر رسم القدّيس على باب مبنى الخزينة وأعفى غنغرة من الضّرائب السّنويّة الّتيكانت ترهق الفقراء وتسحقهم. غير أنّ ما جرى لم يحمل القيصر على نبذ الآريوسيّةالّتي احتضنها.
إثر ذلك، وفي طريق العودة إلى غنغرة، نصب بعض الهراطقة المنشقّين للقدّيس كمينًا عند طريق لوزيانا، وهي معبر بين جبلين. هؤلاء حقدوا عليه حقدًا شديدًا. فلمّا دنا منهم وقعوا عليه بالحجارة والعصي والسّيوف. وإن امرأة زأرت عليه وعاجلته بضربة حجر على رأسه أودت به. لم يتفوّه قدّيس الله إلّا بكلمات قليلة قبل مفارقته: “يا رب لا تُقم لهم هذه الخطيئة” (أع60:7). وإذ خشي المهاجمون أن يُفتَضح أمرهم واروا الجسد في كومة تبن وفرّوا. إلى هناك جاء بعد حين مالك الحقل ليتزوّد بالتّبن لبهائمه فسمع جوقًا ملائكيًا وعاين نورًا إلهيًا فوق الموضع حيث كان الجسد. وإذ سرى الخبر حضر أهل غنغرة ونقلوا أباهم بحزن وإكرام عظيمَين ودفنوه. وقد أضحى ضريحه منبعًا للعجائب لسنين طويلة. أمّا المرأة الّتي تسبّبت في موت القدّيس فقد استبدّ بها شيطان، لكنّها ما لبثت أن استردّت العافية إتمامًا لطلبة القدّيس ساعة موته: “يا رب لا تقم لهم هذه الخطيئة!”.