في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*الشّهداء في الكهنة، أساقفة شرصونة، أفرام وباسيليوس وأفجانيوس وأغاثودوروس وكابيتن وأثيريوس وألبيذيوس. *أبوانا الجليلان في القدّيسين أركاديوس ونسطر القبرصيّان. *القدّيس البارّ بولس البسيط. *أبينا الجليل في القدّيسين أفرام الآمدي، بطريرك أنطاكية العظمى. *القدّيس البارّ لافرانديوس سلامين. *القدّيس البارّ أمليانوس.
✤ القدّيس البارّ بولس البسيط ✤
لما أقام القدّيس أنطونيوس الكبير بالبرّيّة الدّاخليّة فوق مدينة تدعى أطفيح، بديار مصر، حدث ان رجلًا شيخًا كبيرًا يقال له بولس كان مقيمًا في تلك المدينة. وإذ اتفق ان ماتت زوجته تزوّج امرأة صبيّة جميلة. وكانت له أموال كثيرة ورثها. ويبدو ان الثّراء لم يفسده لأنه كان نقيًا لا يعرف الخبث. دخل يومًا من الأيام بيته خارج الأوقات المعتادة فوجد أحد خدّامه، وقيل رجلًا غريبًا، على السّرير مع زوجته، فقال لها: مبارك لك فيه أيتها المرأة ومبارك له فيك إذ اخترتيه دوني. ثم أخذ عباءته ومضى هائمًا على وجهه في البرّيّة الدّاخليّة. بقي محتارًا تائهًا زمانًا طويلًا إلى ان اتفق انه وقف عند قلاّية القدّيس أنطونيوس. قرع على بابه وطلب الانضمام إليه. فلما رآه أنطونيوس عجب منه غاية العجب لأنه لم يكن بعد قد رأى إنسانًا بهذه الصّفة. قال له: انك في السّتين من العمر ولا تستطيع مواجهة تجارب البرّيّة. اذهب بالحري إلى القرية واعمل وسبّح الله. فأصرّ عليه بولس مؤكّدًا استعداده لإتمام كلّ ما يطلبه منه ، فلم يشأ ان يقبله أول الأمر بل أقفل الباب في وجهه. بعد ثلاثة أيام فتح الباب فرآه واقفًا مكانه لا يتحرّك . لا أكل ولا شرب. فقط قال: لا يمكنني ان أموت إلا هنا! فرضي به أنطونيوس تحت التّجربة. أعطاه ورق نخيل مبلولًا وطلب منه ان يعمل حبلًا على مثاله. عند السّاعة التّاسعة (أي الثّالثة بعد الظّهر)، بعدما تعب بولس في العمل تعبًا شديدًا، تظاهر أنطونيوس انه غير راض عن جدله للحبل وأمره ان يبدأ من جديد. كان أنطونيوس يثقل عليه ليرحل إلى بيته. فأطاع بولس دون تذمّر ولا يأس. فلما حلّ المساء قال له أنطونيوس: أتريد أن نأكل قطعة خبز؟ فأجابه: كما تشاء يا أبي! لم تبدُ على بولس أدنى علامات الشّراهة رغم انه لم يذق طعامًا منذ أربعة أيام.
أخرج أنطونيوس بضع خبزات بلّلها بالماء. ولكي يطيل امتحان تلميذه الجديد أعاد المزمور الّذي تلاه ببطء اثنتي عشرة مرّة وكذا الصّلاة قبل المائدة. ثم أخذا في الأكل فلما أنهى أنطونيوس قرصًا اقترح على الشّيخ ان يأكل آخر فأجاب الشّيخ: إذا أخذت أنت قرصًا آخر أخذت أنا أيضًا وإلا لا آخذ شيئًا. فأجابه أنطونيوس: قرص واحد يكفيني لأني أنا راهب. فأردف بولس: واحد يكفيني أنا أيضًا لأني أنا أيضًا أريد ان أصير راهبًا! فقام أنطونيوس وتلا اثنتي عشرة صلاة واثني عشر مزمورًا. ثم بعد قليل نوم، قام في اللّيل ليصلّي إلى طلوع الفجر. ولما لاحظ ان بولس يفعل ما يفعله هو بالتّمام والكمال قال له : إذا كان بإمكانك ان تسلك على هذا المنوال كلّ يوم أمكنك ان تبقى معي. فأجابه بولس : في الحقيقة إذا لم يأتِ عليّ شيء أقسى مما رأيت فأنا قادر على متابعته بسهولة. في اليوم التّالي أعلن له أنطونيوس بفرح: ها قد صرت يا بولس راهبًا !
مضى على بولس بضعة أشهر بمعيّة أنطونيوس خلُص الأخير بعدها إلى ان العود الرّهباني لتلميذه قد صلب بالقدر الكافي فأشار عليه ببناء قلاّية على مسافة من قلاّيته هو قائلًا: أنت راهب الآن وعليك ان تكون لوحدك لتقاوم الشّياطين ! أبدى بولس شجاعة فائقة في الجهاد خلال اعتزاله طيلة سنة كاملة حظي بعدها بموهبة طرد الأرواح الخبيثة وشفاء المرضى. فلما أُتي إلى أنطونيوس يومًا برجل فيه روح عنيف قال له القدّيس : هذه الوظيفة ليست لي لأني لم آخذ نعمة من الله لطرد الأرواح الخبيثة. اذهب إلى بولس! فأُتي بالممسوس إلى بولس الّذي كان واثقًا من صلاة أبيه الرّوحي فضرب الرّجل على ظهره بعباءته قائلًا: هذا ما يقوله الأنبا أنطونيوس، اخرج من هذا الرّجل. لكن الشّيطان أبى الخروج وأخذ يشتم بولس وأنطونيوس. فقام بولس، وكان الوقت ظهرًا والحرّ شديدًا كأتون بابل، وخرج من قلاّيته ووقف مصلّيًا على صخرة لا يظللها شيء. وأخذ حجرًا آخر على رأسه وقال: باسم الرّبّ يسوع المسيح، وباسم صلوات معلمي أنطونيوس سأظل هكذا إلى ان أموت ولا بد ان أعمل طاعة معلّمي وتخرج أيها الشّيطان كما أمر معلّمي. وبقي هكذا واقفًا والعرق يتصبّب منه كأنه المطر ونزف الدّم من فمه وأنفه. فلما رأى الشّيطان ذلك صرخ بأعلى صوته وقال: العفو العفو! والهروب الهروب من شيخ يُقسم على الله ببساطة قلبه. حقًا لقد أحرقتني بساطتك! ثم خرج من ذلك الإنسان. وصرخ الشّيطان أيضًا قائلًا: يا بولس لا تحسب اني خرجت من أجل دمك ولكن أحرقتني صلاة أنطونيوس وهو غائب !
ملاحظة ورد ذكره أيضًا في 4 تشرين الأول.