Menu Close

في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:

أبينا الجليل في القدّيسين يوحنّا الذّهبيّ الفم. *الجديد في الشّهداء داماسكينوس القسطنطينيّ.

 

تذكار أبينا في القدّيسين يوحنّا الذهبـي الفم رئيس أساقفة القسطنطنية(+407م)

أبصر قدّيسنا النور في مدينة انطاكية العظمى في تاريخ يتراوح بين العامين 344 و354 للميلاد ولعله 347. والده سكوندوس كان قائداً للجيش الشرقي في الإمبراطورية وكان وثنياً، وقد رقد بعد ولادة يوحنا بقليل. والدته أنثوسا هي التي حضنته وربّته للمسيح , ترمّلت وهي في سن العشرين، تتلمذ يوحنا في أنطاكية، وهو في الرابعة عشرة من عمره، للفيلسوف الأفلاطوني الجديد ليبانيوس، إلى سن الثامنة عشرة. أخذ عنه فنون الخطابة والآداب الإغريقية.

اقتبل يوحنا المعمودية في سن متقدمة قد تكون الثامنة عشرة أو الثالثة والعشرين معمّده كان ملاتيوس الأنطاكي القدّيس، أسقف أنطاكية العظمى فاتحذه قندلفتاً ثم قارئاً بضع سنوات. أما يوحنا فكانت رغبة قلبه أن يترهّب، فأقام راهباً في بيته إلى أن توفّيت والدته.  حيث انصرف إلى الجبال، جنوبي أنطاكية، حيث أمضى ست سنوات، راهباً ثم ناسكاً، في عهدة شيخ اسمه هزيخيوس. وقد كان مفرطاً في نسكه لدرجة أنه مرضى واضطر إلى مغادرة مغارته والنزول إلى أنطاكية للعلاج، على أمل العودة إلى نسكه بعد حين. لكنه بتدبير الله بقي في المدينة، لأن العطب في صحته كان دائماً.

سامه البطريرك ملاتيوس شماساً في العام 380 أو 381 للميلاد.  ثم كاهنا في العام 386م حيث القى اولى مواعظه.

أنطاكية هي المدينة التي ألقى فيها الذهبي الفم أهم عظاته مُصلِحاً ومؤدباً، مشدداً ومعزياً. بقي الذهبي الفم في أنطاكية عشر سنوات مبشِّراً إلى أن انتقل أو نقلوه سراً إلى القسطنطينية. حيث اصبح رئيس أساقفة على القسطنطينية خلفاً للقدّيس نكتاريوس. فحالما تسلّم عصا الرعاية انطلق في مواعظه النارية فاستقطب جموعاً غفيرة أخذت تتقاطر عليه لتسمعه بغيرة وحماس. كان كريماً جوّاداً حيال الفقراء والمحتاجين، يهتم بالمرضى والمساجين ويعزّي قلوب المضنوكين والمسحوقين. ولكي يحوّل أنظار الشعب عن الألعاب والمباريات والمسارح وما إليها من تسليات مُفسِدة للنفس، إعتاد أن ينظّم من وقت إلى آخر مسيرات صلوات وترتيل تجوب المدينة من الصباح إلى المساء، ويقيم السهرانات ويدعو الناس إلى حلاوات الصلاة في هدأة الليل. إلى ذلك بدأ حملة لإصلاح ما اعوّج من أوضاع الكهنة.

ولكن بسبب حسد الأعداء حصل الكثير من المشاكل ادت الى نفي القديس حيث لاقى الكثير من الصعاب وبلغ حدّ القبر ثم عاد. مرات ومرات استبدّت به آلام الرأس وكابد الحمى. وهذا كله حمله في جسد ضعيف معطوب. مع ذلك، ومن وسط المعاناة، إزداد قدّيسنا ثباتاً وتسليماً ورِقّة وإحساساً. أكثر الرسائل المئتين والإثنتين والأربعين المنسوبة إليه كتبها في تلك الفترة من حياته. وهذه وجهها إلى أساقفة في الشرق والغرب وإلى كهنة وشمامسة وشماسات ورهبان ومرسلين. وقد ضمّنها وصفاً لأتعابه، ونصحاً لأصحابها في موضوعات شتى، كما شدّد وعزّى خراف الحظيرة. رسالتان  وجّههما إلى أسقف رومية، وسبع عشرة إلى أولمبيا الشماسة التي كان يكنّ لها محبة وتقديراً كبيرين.

وقد بدا لبعض الوقت أنه كان للذهبي الفم في المنفى دور وتأثير في أمور الكنيسة أكبر مما كان له وهو في كرسيّه في القسطنطينية. فتنبّه المسؤلون في العاصمة المتملّكة إلى خطورة الأمر، والحال هذه، فبعثوا بتوجيهاتهم إلى الجنود المرافقين  ليوحنا أن يمنعوا عنه الرسائل ويزيدوا تضييقهم عليه. تلك كانت المرحلة الأخيرة من رحلة استشهاده. فقد أرهقه معذّبوه إلى درجة لم يعد بإمكانه تحملها. وفي موضع قريب من كومانا في بلاد البنطس ظهر له في الحلم قدّيس شهيد اسمه باسيليكوس كان موارى هناك وقال له: “تشدّد يا أخي يوحنا فغداً نلتقي!”. في صباح اليوم التالي طلب ثياباً بيضاء واشترك في سر الشكر ثم أسلم الروح. كلماته الأخيرة كانت: “المجد لله على كل شيء!”. كان ذلك في الرابع عشر من شهر أيلول من العام 407 للميلاد، وكان قد أتمَّ الستين من عمره والعاشرة من أسقفيته.

إكرام المؤمنين للذهبي الفم كقدّيس بدأ حتى في حياته. وقد جرى نقل رفاته إلى القسطنطينية بعد إحدى وثلاثين سنة من رقاده، في السابع والعشرين من شهر كانون الثَّاني من العام 438 للميلاد.

يذكر أن الكنيسة المارونية تعيّد له في مثل هذا اليوم فيما الكنيسة اللاتينية في السابع والعشرين من كانون الثَّاني وآخرون في الثالث عشر من أيلول.

شرح القديس يوحنا الذهبي الفم كيفيّة بلوغ كمال المحبّة التي دعانا الرّبّ إليها بدرجات تسع، حتّى إذا بلغ المرء الدرجة التاسعة ينتقل مِن العهد القديم إلى العهد الجديد، أي يعبر مِن عبوديّة الأهواء إلى كمال النعم.

 – الدرجة الأولى: ألا يبدأ الإنسان بظلم أخيه.

– الدرجة الثَّانية: إذا أصيب الإنسان بظلم فلا يثأر لنفسه بظلم أشد، وإنما يكتفي بمقابلة العين بالعين والسن بالسن (المستوى الناموسي القديم).

– الدرجة الثالثة: ألا يقابل الإنسان من يسيء إليه بشر يماثله، إنّما يقابله بروح هادئ.

– الدرجة الرابعة: يتخلّى الإنسان عن ذاته، فيكون مستعدًا لاحتمال الألم الذي أصابه ظلمًا وعدوانًا.

– الدرجة الخامسة: في هذه المرحلة ليس فقط يحتمل الألم، وإنما يكون مستعدًا في الداخل أن يقبل الآلام أكثر مما يودّ الظالم أن يفعل به، فإن اغتصب ثوبه يترك له الرداء، وإن سخّره ميلًا يسير معه ميلين.

– الدرجة السادسة: أنه يحتمل الظلم الأكثر ممّا يودّه الظالم دون أن يحمل في داخله كراهيّة نحو العالم.

– الدرجة السابعة: لا يقف الأمر عند عدم الكراهيّة وإنما يمتد إلى الحب… “أحبّوا أعداءكم”.

– الدرجة الثامنة: يتحوّل الحب للأعداء إلى عمل، وذلك بصنع الخير “أحسنوا إلى مبغضيكم”، فنقابل الشرّ بعمل خير.

– الدرجة التاسعة والأخيرة: يصلّي المؤمن من أجل المسيئين إليه.

 المسيحيّ الحقيقيّ يصلّي عن الجميع طالبًا الصفح عن أعدائه والمسيئين إليه. بهذا يكون متشبِّهًا بالرّبّ يسوع المسيح نفسه.

مواضيع ذات صلة