إعلاننا أن مريم هي “والدة الإله” (Theotokos) هو أساس إيماننا
صلاة المديح الثاني في كنيسة القديس أنطونيوس الكبير-المعلقة، ١٠ آذار ٢٠٢٣.
ترأس صاحب السّيادة المتروبوليت أنطونيوس (الصوري) الجزيل الاحترام صلاة المديح في كنيسة القديس أنطونيوس الكبير-المعلقة، وعاونه في الخدمة قدس الآباء يوحنّا(سكاف) وبورفيريوس(إبراهيم) والشماس ديونيسيوس(الأشقر).
تمنى صاحب السّيادة في بداية عظته صوماً مباركاَ لابناء الرعية طالباً من الرب أن يهب الجميع اتمام هذا الصوم بتوبة وبنعمة من الله “حتى نتغيَّر ونتجدد ونصير أكثر فأكثر على صورة المسيح”.
وشكر الله، أيضا، على بركة إقامة خدمة المديح في هذا اليوم وعلى روح التقوى التي “حملتنا جميعاً في الترتيل لوالدة الاله التي هي أمنّا جميعا”.
وتابع سيادته الحديث حول دور مريم في حياتنا، فقال عنها انها هي “الحاضنة لنا جميعا كما حضنت الطفل يسوع”، فنحن ايضا “نأتي إليها أطفالا لنرضع الإيمان والثقة الكاملة بالله والتسليم المطلق للرب”.
وأردف، “نحن نتعلم ذلك من خلال ما قامت به عندما أتى رئيس الملائكة جبرائيل وبشّرها بشارة تفوق كل منطق، ولا يمكن للعقل البشري ان يقبلها!!!”.
فقد أنبئها أن الله سوف يأتي “ويسكن في داخلها وهي فتاة بتول!!!”.
فلأن مريم لديها هذه الخبرة في العيش مع الله وهذه العلاقة العميقة معه، إذ كانت تحيا في حضرة الله دائما وعشرة الملائكة، فقد قبلت هذا الكلام بكل تسليم!! وجعلها الرب لذلك أماً له.
من هنا شدد صاحب السّيادة على اهمية التعبير “والدة الإله” (Theotokos) الذي نستعمله لوصف مريم، وذلك لأنه اساس إيماننا؛ فهي ان لم لم تكن “والدة الإله” فهذا يعني أن ابن الله لم يتجسد، اي ان الكلمة الإلهي لم يضم إلى اقنومه الإلهي طبيعتنا البشرية، اي اننا لم نحصل على الخلاص.
هذه عقيدة مهمة في الكنيسة ومجمع افسس (٤٣٢ م.) أقرّ هذه العقيدة لدحض تعليم نسطوريس الذي كان يعلم ان مريم هي والدة المسيح وانها ولدت إنساناً، وبعد الولادة جاء الLogos )الكلم) ابن الله واستحوذ على هذا الإنسان.
هذا ليس إيماننا، نحن نؤمن ان ابن الله غير المحدود وغير المحصور الازلي والابدي والذي هو في حضن الآب وواحد معه هو نفسه أتى وسكن فيها وأخذ من جسدها جسداً، مما يعني ان الله كان في احشائها.
هذا امر غير مدرك بالعقل….
نحن أمام أمر غير مفهوم (سرّ – mystery) وسيبقى هذا الكلام خارج العقل والمنطق في حال لم يؤمن الإنسان بهذا السر ومفاعيله في حياته ولخلاصه.
وأوضح صاحب السّيادة ان الله لا يُحصر بالمنطق والعقل، ف “حيث يشاء الإله يغلب نظام الطبيعة…” لذلك أصبحت مريم فردوساً متنفسا!! سماء!! هيكلاً!! منارة!!…
كل هذه الصور التي وردت في العهد القديم، رأتها الكنيسة رموزاً لوالدة الاله. ومن هذه الرموز “المنّ” الذي نزل من السماء، والذي يشير
إلى المسيح نفسه، فهو قال عن نفسه “انا الخبز السماوي، المن الذي نزل من السماء”
اذاً،نحن لم نخترع الإيمان، الله هو كشف سره لنا في إبنه ولو لم يكشف الله سره لما عرفناه. وقد اعطى الرب الكنيسة بالروح القدس أن تحدد العقائد في المجامع المسكونيّة من خلال صياغة خبرتها في العيش مع الله وفي عيش سر الله في المؤمنين بالروح القدس.
وشدد صاحب السّيادة أن إيماننا هو “أن الله صار إنسانًا حتى يصير الإنسان إلها”.
فابن الله اخذ طبيعتنا، قَبِل أن يموت حتى تموت الخطيئة والضعف وقام إنسانا جديدا لكي يعطينا أن نموت عن العتاقة ونُخلق بشرا جددا على صورة يسوع.
هذا يعطى لنا في المعمودية، في الميرون، في المناولة، في الأسرار، وهذه مسيرة حياتنا كمسيحيين، موت وقيامة.
الذي لا يقبل أن يموت لا يقدر أن يقوم. حتى نصير أبناء القيامة علينا أن نموت عن العالم ونعرف أن حياتنا من الله وأن الله هو حياتنا.
كل النبوءات والرموز حول الرب يسوع فهمناها بعد تجسده وبعد العنصرة.
كل ما حققه الرب يسوع في سر تدبيره الخلاصي نجده في العهد القديم: الحبل!! الولادة!! البشارة!! الموت!! الدفن!! القيامة!! العنصرة!! المجي الثاني!! هذا هو إيماننا وهذا ما نتكلم عنه في المديح بالصور التي تُعطى لوالدة الاله،
فمن خلالها تمّ مقصد الله للبشر إذ أتى منها الإله-الإنسان ليحقق ما فشلنا نحن البشر أن نقوم به مع آدم الأول وحواء لان الإنسان أراد أن يصير الها دون الله. لكنّ الإله صار عبدا (أنظر فيليبي ٢: ٥ – ١٢) ليحقق للبشرية من خلال إنسانيّته التأله والقداسة التي خلقنا الله من أجلها.
ختم صاحب السّيادة عظته بالتشديد على التمسك بهذا الإيمان، وعلى ضرورة سلوك طريق التوبة مع الصلاة والصوم لعيش المسامحة والغفران والمشاركة والعطاء
ختى نصل إلى القيامة ونختبر اننا أصبحنا بشرا جددا وأن عتاقة فينا قد ماتت وولدت فينا فضيلة فنصير على صورة يسوع أكثر فاكثر.
ثم انتقل الجميع إلى قاعة الكنيسة.