الأحد 6 كانون الثّاني 2019

العدد 1

أحد عيد الظّهور الإلهيّ

اللّحن  7- الإيوثينا 10

أعياد الأسبوع: *6: الظّهور الإلهيّ المُقَدَّس *7: تذكار جامع للنّبي السّابق يوحنّا المعمدان *8: البارّة دومنيكة، البار جرجس الخوزيبي *9: الشّهيد بوليفكتوس، البار افستراتيوس *10: غريغوريوس أسقف نيصص، دومتيانوس أسقف مليطة *11: البار ثاودوسيوس رئيس الأديرة، البار ﭬيتاليوس *12: الشّهيدتان تتياني و آفستاسيا، فيلوثاوس الأنطاكيّ.

كلمة الراعي

عيد النّور

"لقد ظهرت في العالم يا مُبدع العالم، لكي تنير الجالسين في الظّلام، فيا أيّها المحبّ البشر المجد لك"

(طروباريّة باللّحن الخامس من غروب عيد الظّهور)

"الحياة كانت نور النّاس" (يوحنّا 1: 4). لا شرِكة بين الحياة والظّلمة. الحياة نور من النّور الَّذي لا يغرب، الرَّبّ الإله هو نور السّماوات والأرض، "الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِنًا فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ ..." (1 تيموثاوس 6: 16). لا نتكلّم هنا عن النّور الطّبيعيّ المخلوق أي الشّمس والنّجوم إلخ. بل عن جوهر الألوهة المُشعّ بنور غير مخلوق ويتقبّله الإنسان من الآب بالابن في الرّوح القدس كون الآب هو يلد الابن ويبثق الرّوح سرمديًّا بدون بدء ولا نهاية.

قبل المسيح كان العالم قابعًا في الظّلمة ومع مجيء المسيح أشرق النّور في العالم. هذا ما أنبأ عنه إشعياء النّبيّ حين قال: "اَلشَّعْبُ السَّالِكُ فِي الظُّلْمَةِ أَبْصَرَ نُورًا عَظِيمًا. الْجَالِسُونَ فِي أَرْضِ ظِلاَلِ الْمَوْتِ أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُورٌ ..." (9: 2).

ليست الظّلمة خارجيّة بل هي في القلب، إنّها الخطيئة المُعشّشة في قلوب البشر وأذهانهم وأبدانهم. الخطيئة شرّ ومن يصنع الشّرّ فهو شرّير. لا وجود للشّرّ بحدّ ذاته بل هو فعل كائن. والشّرّ غايته تدمير الإنسان ومحاربة الله. من هنا، صانع الشّرّ مُحاربٌ لله وعبد الخطيئة خادم للشّرّير. الخطيئة تجعل العقل مكبَّلًا. من ألحَّت عليه خطيئته قيَّدت حركته وشلّتها فلا يعود له سوى أن يُصارع ذاته ليَنطق كلمة الصّلاة واسم الرَّبّ يسوع الَّذي يأتي في الحال ويحرِّره. غلبتنا على الخطيئة بالمسيح تكون لأنّه هو الغالب الشّرّير، أمّا دورنا فأن نستدعيه بصدق وهو يأتي دون إبطاء متى صرخنا إليه من أعماق القلب. هو يأتي لينقذنا من الحزن وليجعلنا بنين لله بدلا من عبيد. أن نستدعيه يعني أن نفتح له أبواب قلبنا ليدخله وليس لأنّه بعيد ونطلب منه أن يأتي، هو حاضر معنا في كلّ حين ولكن نحن من لا نعير وجوده معنا اهتمامًا أو نتغاضى عن وجودنا في حضرته.

*          *          *

نور حقيقة الله كُشِف للبشر في الأردن لأنّ المَعمدان شهد أنّ الَّذي في المياه هو "حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ" (يوحنا 1: 29) إذ أوحى إليه الآب بأنّ الّذي يستقرّ عليه روح الرَّبّ بهيئة حمامة هو ابن الله (راجع: يوحنا 1: 29 – 36). لقد أُعلن للبشر في المعمدان سرّ تثليث الأقانيم في وحدانيّة الجوهر الإلهيّ أي أنّ الله واحد في الجوهر ومثلّث في الأقانيم لأنّ التّمايز بين الّذي تكلّم مع يوحنّا والّذي استقرّ على من في الماء يعبِّر عن الفرق بين الّذي تكلّم مع يوحنّا والّذي ظهر بهيئة حمامة على مَن كان واقفًا في المياه طالبًا من يوحنّا تغطيسه. في نفس الوقت ظهرت الصّفات الأقنوميّة إذ قال الله للمعمدان بأنّ من في المياه هو ابنه أي أنّ الله هو أبوه والّذي استقرّ على الابن هو الرّوح القدس روح الله الحيّ والمُحيي. في حادثة المعموديّة عرفنا الآب إلهًا آبًا والمتجّسّد إلهًا ابنًا والمستقرّ بهيئة حمامة إلهًا روحًا قدّوسًا.

ابن الله وروح الله كما يدلّ اسماهما يأتيان من مصدرهما الَّذي هو الله أي الآب. هذا هو سرّ الله-المحبّة لأنّ المحبّة دائمًا تُعطي ذاتها ولا تكون محدودة، لذلك الله مثلث الأقانيم.

لا نقدر في هذه العجالة أن نوفي تفسير سرّ الثّالوث القدّوس حقّه، فنكتفي بما أوردناه وندعوكم أيّها الأحبّاء إلى طلب المعرفة والسّعي لفهم وتعلّم أساس إيماننا.

لذا، ندعوكم في بداية هذه السّنة إلى التّواصل مع مركز القديس مكسيموس المعترف للتّعليم المسيحي الذي أنشأناه في الأبرشيّة لتثقيف المؤمنين في أمور الإيمان والعقيدة واللّيتورجيا والكتاب المُقدّس ... الجهل خطيئة والمعرفة نور يأتينا بالنّعمة والجهاد ...

"اَلرَّبُّ مِنَ السَّمَاءِ أَشْرَفَ عَلَى بَنِي الْبَشَرِ، لِيَنْظُرَ: هَلْ مِنْ فَاهِمٍ طَالِبِ اللهِ؟ ..."(مزمور 14: 2).

+ أنطونيوس

مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما

طروباريّة عيد الظّهور الإلهيّ (باللَّحن الأوّل)

باعتمادكَ يا ربُّ في نهرِ الأردنّ، ظهرَت السّجدةُ للثّالوث، لأنّ صوتَ الآب تقدَّمَ لكَ بالشّهادة، مُسميًّا إيّاكَ ابنًا محبوبًا، والرّوح بهيئة حمامة، يؤيِّدُ حقيقةَ الكلمة. فيا مَن ظهرتَ وأنرتَ العالم، أيّها المسيح الإله المجد لك.

قنداق عيد الظّهور الإلهيّ  (باللَّحن   الرّابع)

اليوم ظهرتَ للمسكونة يا ربّ، ونورُكَ قد ارتسمَ علينا، نحنُ الّذينَ نسبِّحكَ بمعرفةٍ قائلين: لقد أتيتَ وظهرتَ، أيُّها النّور الّذي لا يُدنى منه.

الرّسالة   ( تي 2: 11– 14، 3: 4– 7)

مباركٌ الآتي باسم الرَّبّ 

إِعترفوا للرَّبِّ فإنَّهُ صالحٌ

يا ولدي تيطُس، لقد ظهَرت نعمةُ اللهِ المخلِّصَةُ لجميعِ النّاس، وهي تُؤَدِّبنا لِنُنكِرَ النّفاقَ والشّهواتِ العالميَّةَ فنَحيا في الدّهرِ الحاضِر على مقتَضى التّعقُّلِ والعدلِ والتّقوى مُنتَظِرينَ الرّجاءَ السّعيدَ وظهورَ مجدِ إلهِنا العظيمِ ومخلِّصِنا يسوعَ المسيحِ الّذي بذلَ نفسهُ لأجلِنا ليفتَديَنا من كلِّ إثمٍ ويُطهِّرَ لنفسِه شعبًا خاصًا غيورًا على الأعمالِ الصّالحة. فلمَّا ظهَرَ لُطفُ اللهِ مخلِّصَنا ومحبَّتهُ للنّاس خلَّصَنا هوَ لا لأعمالٍ في البرِّ عَملناها نحنُ بل على مقتضى رحمَتهِ بغَسلِ الميلادِ الثّاني وتجديد الرّوحِ القدُس الّذي أفاضَهُ علينا بِسخاءٍ بيسوعَ المسيحِ مخلِّصِنا حتَّى إذا تَبرَّرنا بِنِعَمتِه نَصيرُ وَرَثة على حسَبِ رجاءِ الحياةِ الأبديَّة.

الإنجيل  )مت  3: 13– 17)

في ذلك الزّمان أقبل يسوع من الجليل إلى الأردنّ إلى يوحنا ليعتَمِد منهُ، فكان يوحنّا يمانعهُ قائلًا أنا محتاجٌ أن أعتمد منك أَوَ أنت تأتي إليَّ. فأجابهُ يسوع قائلًا: دَعِ الآن فهكذا ينبغي لنا أن نُتِمَّ كلَّ برٍّ. حينئذٍ تركهُ. فلمَّا اعتمد يسوعُ صعِد للوقت من الماءِ وإذا السّماواتُ قد انفتحت لهُ فرأى روح الله نازلًا مثلَ حمامةٍ وحالًّا عليهِ وإذا صوتٌ من السّماءِ قائلًا هذا هو ابني الحبيب الّذي بهِ سُررت.

حول الرّسالة

تيطس 11:2: تجسّد الرَّبّ يسوع وصيرورته إنسانًا كان أعظم نعمة للبشريّة، هذه النّعمة تهب المؤمن أن يحيا لا بإمكاناته البشريّة الضّعيفة المَحدودة بل بطاقات قويّة تفوق الطّبيعة على حدّ قَوْل الرّسول بولس: "أستطيع كلّ شيء في المسيح الّذي يقوّيني" (فيلبي 13:4). "من يؤمن بي فالأعمال الّتي أنا أعملها يعملها هو أيضًا ويعمل أعظم منها" (يوحنّا 12:14).

الآية 12: هذه النّعمة تُساعدنا لكي نخلع الإنسان القديم المُستسلم لكافّة الخَطايا والآثام والشّرور، الّتي هي أعمال ظُلمة جاء المَسيح النّور الحقيقي فبدّدها، ووَهَبَنا بالتّالي أن نحيا في قداسة السّيرة (تعقّل، برّ، تقوى...)، الّتي هي ميزة أولاد الله.

الآية 13: الإنسان الّذي عرف كيف يستفيد من المجيء الأوّل للمسيح، من خلال نيل النّعمة والتّجاوب معها والسّير في حياة التّوبة، يَغدو مستعدًّا ومتشوّقًا للقاء العريس في مجيئه الثّاني فيقول له مع العذارى العاقلات: "آمين تعال أيّها الرَّبّ يسوع" (رؤيا 20:22).

الآية 14: المَسيح بتجسّده أخذ ما لنا ليُعطينا ما له، وبآلامه حمل آلامنا صائرًا ذبيحة عنّا. وبقيامته حقّق لنا الفداء والانتصار على الخطيئة  والشّيطان عدوّنا كلّنا.

تيطس 3: 7-4: كلّ ما فينا من خير وصلاح وبرّ هو ليس منّا بل بفضل النّعمة الإلهيّة. وبسبب هذه النّعمة صرنا بلا عذر وغير قادرين أن نتحجّج بضعفنا. المهمّ أن نُحافظ على هذه النّعمة ونتمسّك بها كما قالت عروس النّشيد: "أمسكته ولم أرخه" (نش 4:3). فبالمعموديّة نلنا الولادة الجديدة وبالمَيرون مواهب الرّوح القدس وبالمُناولة الاتّحاد بالرَّبّ يسوع، وهكذا تصير نفوسنا بيضاء جميلة تحيا مُتّكلة ومستندة طيلة حياتها على عريسها المَسيح لتنال الحياة الأبديّة: "من هذه الطّالعة من البريّة مستندة على حبيبها" (نش 5:8).

الظّهور الإلهي

نعيّد اليوم لمعموديّة يسوع المسيح في نهر الأردن على يد النّبيّ السّابق الكريم يوحنّا المعمدان، أو ما يُعرَف بِعِيد الظّهور الإلهيّ، يوم شرع الرَّبّ يسوع برسالته الخلاصيّة بعد أن صار الإله إنسانًا مثلنا، ليقدّس الخليقة كلّها ويُعيدنا إلى فردوس نعيمه. هناك، وبعد تردّده، خضع المعمدان لمشيئة السّيّد ونزل يسوع في المياه وتقاطرت حبيبات الأردن على جبهته وكان الظّهور الإلهيّ...

لنتأمّل أوّلًا بقرار الرَّبّ أن يعتمد على يد يوحنّا، والمعروف آنذاك أنّ الخطأة كانوا يأتون إلى السّابق، يَعترفون بخطاياهم ويعتمدون ليجدّدوا ذواتهم، فكيف يأتي مَن هو منزّه عن كلّ معصية، وبريء من كلّ عيبٍ، الّذي شابهنا بكلّ شيء في ما عدا الخطيئة؟ ما فعله يسوع إنّما هو تتمّة لتواضعه الأقصى الّذي بدأ بتجسّده وولادته في مغارة متواضعة رافضًا عنجهيّة الملوك وترفهم، ومُقدّمًا لنا مثالًا نقتدي به في حياتنا، هو القائل: "تعلّموا منّي، فإنّي وديع ومُتواضِع القَلب" (متى 11: 29). واليوم يأتي بتواضع ويُحني هامته للصّابغ، ولكن لا ليتجدّد هو، بل ليجدّد طبيعة المياه بأسرها، ويُقدّس هو مجاري الأردن، ويخلّص طبيعتنا الفاسدة من جرّاء الخطيئة، فاتحًا لنا باب الملكوت من جديد...

وما ان يقتبل السّيّدُ المعموديّةَ حتّى يظهر الرّوحُ القدس بهيئة حمامة وصوتُ الآب من السّماء يقول: "هذا هو ابني الحبيب الّذي به سُررت" (متى 3: 17)، وبالتّالي لم يظهر الابن، الأقنوم الثّاني، فحسب، بل ظهرت الأقانيم الثّلاثة معًا، وهنا لا ريب إن عُدنا إلى التّسميات الأولى لهذا العيد، ووجدنا أنّه كان يُسمّى بعيد "الظّهورات الإلهيّة" حيث أنّ الآب والابن والرّوح القدس ظهروا معًا للمرّة الأولى في العهد الجديد، لتجديد الخليقة جمعاء!

أمّا البُعد الثّالث للعيد فهو امتداده لكلّ واحدٍ منّا، ليجدّد العهد الّذي قطعناه _ أو قطعه عنّا عرّابونا_ في معموديّتنا الخاصّة، يوم رفضنا الشّيطان وكلّ أعماله وكلّ تعاليمه، وقبلنا المسيح ولبسناه، جاعلين أجسادنا هياكل للرّوح القدس، لمجد الله الآب، شاهدين كلّ حينٍ للثّالوث القدّوس ومُظهرين إيّاه في أقوالنا وأفعالنا وتصرّفاتنا، ليتجلّى نوره فينا وينعكس على كلّ مَن نلقاهم، فيستحيل كلّ واحدٍ منّا إناءً ينضح بالفضائل المسيحيّة، وسراجًا يضيءُ، بنعمة الآب والابن والرّوح القدس، ظلمةَ هذا العالم القاتمة! فالمجد لتواضعك أيّها النّور الّذي لا يُدنى منه، وكلّ عام وأنتم معقلٌ للظّهور الإلهيّ، آمين!

 X  مركز القدّيس مكسيموس المُعترف

يُعلن مركز القدّيس مكسيموس للتّعليم المَسيحيّ في أبرشيّة زحلة وبعلبك وتوابعهما، عن فتح باب التّسجيل للفصل الجديد في المادّتين التّاليَتَيْن:

المادّة الأولى: بِدَع وشيع، جولة على أبرز البِدَع القديمة والجديدة في الكنيسة.

المادّة الثّانية: ليتورجيا ٢، تقديس الزّمن: الدّور اليوميّ، الأسبوعيّ، الشّهريّ والأسرار.

إضافةً إلى مادّة اللّغة اليونانيّة الحديثة وبرنامج كتابة الإيقونات الّذي يتابع دوراته، بنعمة الله وبركة صاحب السّيادة.

يبدأ الفصل في ١٤ كانون الثّاني ٢٠١٩ ويستمرّ لمدّة عشرة أسابيع.

للتّسجيل أو الاستفسار الرّجاء الاتّصال بمدير المركز الأب سيرافيم مخّول على الرّقم 03/672273.

X أقوال للقدّيس سيرافيم ساروفسكي

* علينا أن نتقبّل كلّ أنواع الإزعاجات من الإخوة دون اضطراب أو ثرثرة، فالرّاهب الحقيقيّ هو ذاك الّذي يُصبح كحذاءٍ يستعمله الجميع بقسوة.

* لا توجد خطيئة مُميتة أكثر من الثّرثرة والإدانة وعدم الطّاعة.

* تتقدّم الطّاعة على الصّوم والصّلاة.

* أسرع إلى المُطالَعَة الرّوحيّة حالما تُلازم قلّايتك، واقرأ  كلّ مقطع مرّات عديدة لكي يحفظه عقلك، ولكن إن دُعيت إلى أداء خدمة ما، فاذهب حالًا.

* تُنير قراءة الكتاب المُقدّس العقل، وتغيّره بقوّة إلهيّة.

* يسكب الرَّبّ رحمته علينا بِفَيضٍ متى وجدنا نغوص في قراءة الكتاب المُقدّس.

* علينا بالصّبر الجزيل على نقائصنا، وعدم كمال الآخرين شرط أن لا نكون مُتراخين، بل نحثّ أنفسنا نحو الأفضل دومًا.

 

انقر هنا لتحميل الملف