في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
* أبينا الجليل في القدّيسين تيخون أماثوس القبرصيّ. * الشّهيد في الكهنة مرقص أسقف أبولونياس. * شهداء نيقوميذيا الخمسة. * شهداء رومية الأربعون. * القدّيس البارّ تيخون كالوغا الرّوسيّ. * القدّيس البارّ تيخون لوكوف اللّيتوانيّ. * الشّهيدان تيغريوس الكاهن وأتروبيوس القارئ. * الشّهيدان فرّولوس الكاهن وفرّوتيوس الشّمّاس. * أبينا الجليل في القدّيسين أوريليانوس أسقف. * Arlesالشّهيدتان العذراوان أكتينا وغراسينا. * الشّهداء أوروس الأسقف وأخته يوستينا ورفاقهما. * أبينا الجليل في القدّيسين سيميليانوس أسقف نانت الفرنسيّة. * أبينا الجليل في القدّيسين سمبليسيوس بورج الفرنسيّ. * القدّيس البارّ موسى أوبتينا الرّوسيّ. * الشّهداء الرّوس الجدد هرموجانيس، أسقف توبولسك ورفاقه.
* * *
✤ القدّيسون الشّهداء الروس الجدد هرموجانيس أسقف توبولسك ورفاقه (1918م)✤
أُعلنت قداستهم سنة 1990 وهم بالإضافة إلى هرموجانيس:
الشهيد أفرام دولغانِف المتقدّم في الكهنة
الشهيد بطرس كاريلين الكاهن
الشهيد ميخائيل ماكاروف الكاهن
الشهيد قسطنطين مينياتوف المحامي
هرموجانيس، واسمه في العالم جورج، هو خرّيج جامعة Novorossiysk وأكاديمية بطرسبرج اللاهوتيّة. تسقّف على ساراتوف بعد فولسك. بنى العديد من الكنائس والإسقيطات وبيوت الصَّلاة. اجتذب الرّهبان حتى من جبل آثوس. اهتمّ بالنشر والتعليم والإرساليات. كان واعظاً قويّ الكلّمة. أحد المعجبين به كان القدّيس يوحنّا كرونشتادت الذَّي كان يقول إنّه مطمئن على الأرثوذكسية بعد موته لأنّ الأسقف هرموجانيس سوف يتابع عمله وجهاده من أجلها. وقد كتب يقول له: “الرَّبّ يفتح لك السموات كما فعل لرئيس الشمامسة استفانوس وهو يباركك”. كان صوتاً صارخاً في المجمع المقدّس في أيّامه. عُلِّقت عضويته في المجمع وأسقفيته على ساراتوف سنة 1911 ونُفي إلى دير الرقاد في زيروفيتسكي. وقد كتب في شأن أسباب ما جرى له يقول: “إنّي أحسب أنّ السبب، في الأساس، أنّ خلافات في الرأي ظهرت بيني وبين غالبية أعضاء المجمع خلال درس المسائل الأساسية الَّتي طُرحت في الجلسة. وكثيراً ما كنت أشرت على أعضاء المجمع أنّه من الضروري بحث الأمور المطروحة بجدّية لا التسليم بآراء وتمنّيات السلطات المدنية. فالكنيسة الآن هي في حال من الإنحلال الكامل وصوت المجمع يجب أن يكون حازماً، واضحاً، محدّداً طبقاً لقوانين الكنيسة وتعاليمها. . . ” فيما بعد، عندما كان القيصر الذَّي وافق على ما صدر في حقّ هرموجانيس، في توبولسك السيبيرية، بعث إلى الأسقف القدّيس يسأله المغفرة على ما فعله مرغَماً.
عاش هرموجانيس في الدَّير لبعض الوقت سالكاً في الحياة النسكيّة الَّتي كان هو، أصلاً، معتاداً عليها. هناك أخذت تظهر فيه موهبة التبصّر فكان يقول: “إنّها آتية، الموجة العظمى. سوف تحطّم وتجرف معها كلّ النتن وكلّ الخِرَق. أمر رهيب سوف يحدث، رهيب بما فيه الكفاية حتى يجعل الدم يجري بارداً. سوف يحطّمون القيصر. . . “.
في 8 آذار سنة 1917 عُيِّن على كرسي توبولسك في سيبيريا. لم تكن الحكومة المؤقتة مرتاحة للأسقف الجسور. أخيراً وصل إلى كرسيّه بعد محاولات عرقلة بذلها وزير الأديان. في توبولسك دعا القدّيس قطيعه إلى الثبات في الأمانة لإيمان الآباء القدّيسين وأن لا يحني ركبة لأصنام الثورة. اهتمّ بالجنود العائدين من الجبهة. هؤلاء كانت نفوسهم مُرّة وكان هناك مَن يحاول استغلال حالهم. في كانون الثاني سنة 1918 أصدر البولشفيون مرسوماً قضى بفصل الكنيسة عن الدولة واعتبار ممتلكات الكنيسة ملكاً للشعب وجعل المؤمنين خارجين على القانون. دعا البطريرك تيخون إلى المسيرات بالصليب في كلّ الرّوسيّا. الأسقف هرموجانيس بارك إحداها في توبولسك حيث تقرّر أن تكون في عيد الشعانين في 15 نيسان 1918. وردّاً على المرسوم المتّخذ كتب قدّيسنا بكلّ جرأة ما وُزّع بكثافة فهاجم ما ورد فيه ودعا المؤمنين إلى الإحتجاج عليه. مما جاء في الردّ: إذا كان المرسوم لينفَّذ فإن الأرض الرّوسيّة سوف توجد محرومة في وقت قريب من كنائسها وسوف يحوّل الملحدون الكنائس إلى أمكنة للهو أو تُسلَّم للفقر الشديد والإهمال. هذه هي رجاسة الخراب أن يتحوّل بيت الله إلى مغارة لصوص وعوض الخدم الإلهيّة أن ينظّموا الاحتفالات والألعاب. هذه أفظع الجرائم. أيّها الإخوة المسيحيّون ارفعوا الصوت دفاعاً عن إيمان الكنيسة الرسولي ومقدّسات الكنيسة وميراثها. دافعوا عن حقّكم في الإيمان واعترفوا بإيمانكم كما تعلّمتموه منذ القديم. . . اهتمّوا بقداسة نفوسكم وحرّية ضمائركم. . . قولوا بالفم الملآن إنّ قدسات الكنيسة أعزّ عليكم من الحياة نفسها. . . كونوا مستعدّين للتضحية وتذكّروا أنّ الأسلحة المادية لا قوّة لها بإزاء مَن يتسلّحون بالإيمان بالمسيح. . . “.
وقْع مقال الأسقف القدّيس على السلطة البولشفية كان قوّياً ساخطاً. أخذت تحاك عليه مؤامرة للتخلّص منه. في ليلة سبت لعازر، في سهرانة العيد، قال: “مهما قالوا أو فعلوا بي فلهم الله. لقد صفحت عنهم وأصفح عنهم الآن. مرّة أخرى أعلن أنّ نشاطي غريب عن كلّ ما له علاقة بالسياسة. سياستي هي الإيمان بخلاص نفوس المؤمنين. منصّتي هي الصَّلاة”. وتلك الليلة قال أيضاً: “لست أتوقّع منهم الرأفة بي. سوف يقتلونني. أكثر من ذلك سوف يعذّبونني. أنا مستعد. حتى الآن أنا مستعد. لست أخشى ولا آسف على نفسي. فقط أنا حزين على المدينة. أخاف على سكّانها. ماذا سيفعلون بهم؟!” في اليوم التّالي، بعد القدّاس الإلهيّ، في صلاة الغروب قال: “إنّ أياّم آلام المسيح المخلّص على الصليب قد دنت. نفس المتألم الإلهيّ، وهو في انتظار العذابات الرهيبة الآتية، كانت في أسى عميق، وقد التمس لنفسه القوّة لا فقط بالصَّلاة إلى الله الآب، بل سأل تلاميذه أيضاً أن يسهروا ويصلّوا معه ليخفّفوا من عِظم الضيق الذَّي ألقى بكلّ ثقله على كتفيه. أنا، أيضاً، أشعر بأنّ أيام آلامي وشهادتي قد دنت، ولهذا السبب نفسي، في انتظار الآلام المقبلة، مقيمة في أسى عظيم. لذا أسألكم بحرارة أن تؤازروني، أنا أيضاً، في هذه الأيّام بصلواتكم. . . “.
هذه كانت آخر مواعظه. بعد صلاة الغروب خرج وكهنته في مسيرة الصليب. كلّ كان يعرف أنّ المسيرة محظّرة. لكن الأجراس قرعت وحشوداً ضخمة اشتركت وهي ترتّل: “خلّص يا الله شعبك وبارك ميراثك”.
بعد المسيرة أُوقف الأسقف القدّيس واستيق إلى مقرّ الجيش الأحمر وجاب الجيشُ في المدينة وفرّق السكّان. أُخذ هرموجانيس إلى Tyumen ثمّ إلى Ekaterinburg. استهزأوا به طول الطريق. سجنوه. أرسل المؤتمر الأبرشي لتوبولسك وفداً إلى Ekaterinburg طالب بإطلاق سراحه. طالبت السلطات بفدية قيمتها عشرة آلاف روبل. تمّ الدفع ولم يُطلق سراحه. فلمّا ألحّوا قُبض عليهم وقُتلوا رمياً بالرصاص. في عداد الوفد وُجد الكاهن أفرام دولغانِف، شقيق القدّيس هرموجانيس والكاهن ميخائيل ماكاروف والمحامي قسطنطين مينياتوف. بعد ذلك نُقل القدّيس إلى Tyumen بالقطار وكان معه الأب بطرس كاريلين وآخرون. هناك جُعلوا في سفينة بخارية. المرافقون ما عدا الكاهن كلّهم قتلوا رمياً بالرصاص. أما بطرس فرُبط إلى حجرين كبيرين من الغرانيت وأُلقي في الماء فقضى شهيداً للمسيح. بعد ذلك أُصعد الأسقف القدّيس إلى ظهر المركب بعد منتصف ليل 15 حزيران 1918. صلّى من أجل معذّبيه وباركهم. أمطروه شتائم وضرباً ثمّ مزّقوا جبّته وغمبازه وربطوه إلى حجر ثقيل وضربوه على فمه ليتوقّف عن الصَّلاة ثمّ ألقوه في النهر فقضى شهيداً للمسيح. في 3 تموز اكتُشفت رفاته على ضفاف النهر وجرى دفنه بلياقة، ثمّ نقلت الرفات إلى توبولسك في 2 آب 1918. وإنّ شاباً اسمه سرجيوس كونيف كان قد آواه القدّيس في بيته قضى شهيداً بعد ذلك بقليل لأنّه قال في المدرسة إنّ جدّه أُوقف لمجرّد أنّه كان مؤمناً بالله. يومها صاح الأولاد: “إنّه يتكلّم عن الله!” للحال جرى القبض عليه وعُذِّب وقطّع بالسيف، حتى بعدما لفظ نَفَسه الأخير. وقد ووري الثرى بجانب الكاتدرائية الَّتي دُفن فيها الأسقف القدّيس.