في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*القدّيس البارّ كسينوفون ورفقته *القدّيس البارّ سمعان القديم *الشّهداء حنانيّا الكاهن وبطرس الجلّاد ورفاقهما الجنود السّبعة *القدّيسة البارّة باولا الرّوميّة *القدّيس البارّ أمون *القدّيس البارّ غفرائيل الكبّادوكيّ *القدّيسان شهيدا فيرجية *القدّيس البارّ كليمنضوس العموديّ *نقل رفات القدّيسين ثيودوروس السّتوديتيّ ويوسف التّسالونيكي.
* * *
✤ القدّيس البارّ سمعان القديم (القرن 4 م.)✤
كتب سيرته ثيودوريتوس، أسقف قورش، الذي سمع خبره من والدته التي حظيت ببركته ومن سواها. قضى في النسك زماناً طويلاً. أقام في كهف صغير ولم يشعر بحاجة إلى معونة الناس له. طعامه كان من البقول البرّية الصالحة للأكل. أخبر يهود غير مؤمنين عنه أنهم فيما كانوا مسافرين، مرة، نزلت بهم عاصفة مصحوبة بمطر شديد فلم يعد بإمكانهم أن يبصروا شيئاً وضلّوا السبيل. وإذ تاهوا في البرّية وصلوا، بتدبير الله، إلى كهف سمعان الإلهي. فلما رآهم بادرهم بالسلام إذ كان أنيساً جداً وسألهم عما بهم فرووا له ما نزل بهم وطلبوا منه أن يدلّهم على الطريق المؤدّية إلى المكان الذي كانوا ذاهبين إليه. فأجابهم إلى طلبهم ولكن بطريقة غريبة عجيبة. استدعى بالروح أسدين مروضين وأمرهما أن يهديا الغرباء الطريق ففعلا كما لو كانا عبدين خادمين.
أيضاً يحكى عنه أن العرب كانوا يأتون إليه جماعات جماعات لأنهم كانوا يسكنون الصحراء التي نسك هو فيها. ولما كانت نفسه تشتاق إلى السكينة غادر كهفه إلى جبل الأمانوس حيث زرع التقوى بعدما كانت ناحية ذلك الجبل ملوّثة بأنواع الخرافات الوثنيّة.
وقيل عنه أن رجلاً من الذين عرفوه سرق، في زمن الحصاد، بعضاً من أغمار جاره لأنه كان طمّاعاً. على الأثر نزل بالسارق غضب الله وشبّت النار في بيدره. فأسرع إلى رجل الله مستجيراً دون أن يعترف بما اقترفته يداه. أما سمعان فأدرك بالروح إن وراء ما حدث خطيئة فسأله أن يعترف بها فاعترف، فألزمه أن يعيد المسروق إلى صاحبه. فلما فعل خمدت النار من ذاتها.
إلى ذلك اعتاد أن يقصد سمعان كثيرون بهم أمراض وأرواح مضلّة وكانوا يُشفون بنعمة الله التي فاضت منه.
ورغب قدّيسنا في العزلة من جديد فتوجّه إلى جبل سيناء ورافقت جماعة مالت إلى الحياة النسكية نظيره. فبعدما ساروا أياماً وصلوا إلى برّية سادوم. فجأة رأوا من بعيد يدين بشريّتين تخرجان من إحدى الحفر وترتفع إلى السماء. وإذ ظنّوا أن المنظر من الشيطان صلّوا بحرارة فلم يتغيّر. فلما دنوا من المكان لم يجدوا أحداً لأن من في الداخل كان قد اختبأ لما شعر بدنوهم منه. حينئذ انحنى سمعان وأخذ يتوسّل لمن كان مختبئاً أن يظهر ذاته إذا كان بشرياً. فإذا برجل يخرج من الموضع وعليه ملامح القفر وكان كلّه جافاً كالهيكل العظمي وعليه خرق بالية محيطة بورق النخيل. فحيّاهم وسأل عنهم فعلم أنهم راغبون في الحياة النسكية فقال لهم: “أنا أيضاً كنت أشعر برغبة كرغبتكم، واصطحبت معي رجلاً فكره كفكري ويصبو إلى ما أصبو إليه. وقد تعاهدنا على عدم الافتراق أحدنا عن الآخر حتى الموت. فلما بلغنا هذا الموضع مات صاحبي فحفرت حفرة وواريت جسده فيها، وحفرت أنا لنفسي حفرة أخرى وأقمت فيها وفي نيّتي أن أقضي فيها بقيّة أيّام حياتي. أما طعامي فمن البلح يأتيني به أخ من لدن المعتني بي”. من كان هذا الأخ؟ لم يكن إنساناً بل حيواناً. فبعد قليل ظهر أسد من بعيد فخاف الحاضرون، فطمأنهم الرجل وأمر الأسد بأن يأتي إليه من الجهة الأخرى ففعل. وكان يحمل عنقوداً من البلح وضعه بقرب الشيخ وارتدّ لينام على مسافة من القوم. أما الناسك فوزّع البلح على الضيوف واشترك معهم في تلاوة المزامير والصلوات ثم صرفهم.
وتابع سمعان وصحبه المسير إلى جبل سيناء فلما وصل إلى هناك ركع أسبوعاً كاملاً لم يتناول خلاله شيئاً من المأكول، ولم يقم من محلّه إلاّ بعدما سمع صوتاً يأمره بأن يأخذ ما يُقدَّم له ويأكله، فمدّ يده فتلقّى ثلاث تفاحات أكلها واستردّ نشاطه على الأثر ثم قام وغادر المكان.
هذا وقد أسّس سمعان ديرين في جبل الأمانوس، واحداً في أعلى الجبل والآخر في أسفله، جمع فيهما عدداً من الرهبان المجاهدين المباركين.