نشرة كنيستي
نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.
الأحد 7 آذار 2021
العدد 10
أحد مرفع اللّحم (الدّينونة)
اللّحن 6- الإيوثينا 6
أعياد الأسبوع: *7: الشّهداء أفرام ورفقته أساقفة شرصونة، البارّ بولس البسيط *8: القدّيس ثاوفيلكتُس أسقف نيقوميذيّة *9: القدّيسين الأربعين المستشهدين في سبسطية *10: الشّهيد كدراتُس ورفقته *11: صفرونيوس بطريرك أورشليم *12: ثيوفانّس المُعترف، القدّيس غريغوريوس الذّيالوغوس بابا رومية، القدّيس سمعان اللّاهوتيّ الحديث *13: تذكار جامع للآباء الأبرار، نقل عظام القدّيس نيكيفورس بطريرك القسطنطينيّة.
كلمة الرّاعي
رحمة الله ودينونة الإنسان
”كُونُوا رُحَمَاءَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمْ أَيْضًا رَحِيمٌ“ (لوقا 6: 36)
رتّبت الكنيسة المقدَّسة، في هذا الأحد المسمّى بأحد الدّينونة، أن يُتلى المقطع الإنجيليّ الَّذي يتحدَّث عن الدّينونة الأخيرة في يوم مجيء الرَّبّ في مجده، حيث يُفرَز البشـر ويُحاسَبون بناء على أعمال الرّحمة الّتي قاموا بها في حياتهم تجاه الضّعفاء والمنبوذين والمرفوضين من النّاس، لأنّ هؤلاء ليس لهم سوى الله معين ومن كانوا لله.
لم يسأل الدّيّان العادل في هذا الإنجيل الَّذين فرزهم عن يمينه وعن يساره عن السّاعات الّتي قضوها في صلواتهم وعن التزامهم الدَّقيق برسوم الشَّريعة ولا عن الذّبائح الَّتي قدَّموها ولا عن النُّذور الّتي وفوها ولا عن إكرامهم لوالديهم ولا عن تقيُّدهم بشريعة الطّاهر والنَّجس، إلخ. لقد حكم عليهم بناء على موقفهم من البشر النَّكِرَة واللَّاشيء والمُحتَقَرين بالنّسبة للمجتمع. من عرفهم وكرَّمهم وحنى عليهم مجَّدَه، ومن تغاضى عنهم واحتقرهم وجفا عليهم حرمه من فرحه الأبديّ.
الصَّلاة النّافعة تليِّن القلب، والطّاعة للشّـريعة هي إكرام وخدمة الفقير والمسكين والبائس، والذّبيحة المقبولة هي أن نشترك في حمل أثقال الإنسان المرميّ أمامنا على قارعة دربنا اليوميّ... إذا لم تودّي بنا الصّلاة وطاعة الشّريعة وتقديم الذّبائح لله إلى إيمان فاعل بالمحبّة الإلهيَّة (راجع غلاطية 5: 6)، فلا قيمة لها لا بل تصير دينونة لنا. لأنّ من لا يرحم فهو ديَّان ظالم، يضع نفسه مكان الله ويحاسب النّاس بحسب كبريائه وأهواء قلبه...
* * *
المتكبِّر هو من لا يرحم ولا يحنو ولا يشعر بغيره، لأنّه لا يهتمُّ إلّا بما له. هو ديَّان لأنّه يرى نفسه أرفع وأسمى من الكلّ. هو يحاسِب ولا يُحاسَب. يقول القدّيس يوحنّا السّلّميّ بأنّ ”الكبرياء جحود لله، صنع الشَّياطين، ازدراء للنّاس، أمّ للإدانة، (...) وليّ لقساوة القلب، جهل بالحنوّ، محاسب مُرّ، قاض ظالم…“ (عن الدّرجة الثّالثة والعشرين من السُّلَّم إلى الله).
الإنسان الدَّيَّان هو كائن حقير لأنّه مستكبر. صورة الله فيه مشوَّهة مطموسة. يعيش في خنزيريَّة أفكاره، لأنَّ المُستعلي ساقِطٌ حكمًا في أهواء الجسد ودناءة البَشَرَة الطّالبة للَّذَّة بأيَّة طريقة ممكنة. وأعمال الجسد هي: ” زِنىً، عَهَارَةٌ، نَجَاسَةٌ، دَعَارَةٌ، عِبَادَةُ الأَوْثَانِ، سِحْرٌ، عَدَاوَةٌ، خِصَامٌ، غَيْرَةٌ، سَخَطٌ، تَحَزُّبٌ، شِقَاقٌ، بِدْعَةٌ، حَسَدٌ، قَتْلٌ، سُكْرٌ، بَطَرٌ“ (غلاطية 5: 19—21).
للإنسان مقاييسه في الحكم ومنطقه في الفهم وخبرته في التَّقييم. لكن، كلّ هذه ناقصة ظالمة لأنّها بدون روح الله تفتقد إلى الحقّ. الحقُّ الإلهيّ يقود الإنسان إلى الرّحمة لأنّ من يعرف نفسه يدينها وبدينونته لنفسه يرحم ضعف النّاس...
يظنّ النّاس أنّ الرّحمة انعطاف من فوق على الآخَر. هذا يصحُّ فقط بما يختصُّ برحمة الله، أمّا حين يرحم الإنسان أخاه فهذا ارتقاء بروح الرَّبّ لصنع مشيئة الله انطلاقًا من إدراكنا لحقيقتنا السّاقطة، ولكوننا في الضَّعف كباقي النّاس الَّذين لم يتوبوا بعد توبة صادقة إذ ما زلنا في خطايانا لأنَّنا لا نحبُّ الإخوة!... فمن ينظر أخاه محتاجًا ويغلق أحشاءه دونه كيف يحبّ الله؟!... كيف يبذل نفسه لأجل أخيه الإنسان؟!... كيف له أن يعرف الرّحمة؟!... (راجع: 1 يوحنّا 3).
* * *
أيُّها الأحبَّاء، يميل الإنسان إلى التَّهرُّب من صنع عمل المحبَّة والرّحمة حين يكون مقيَّدًا بأهوائه، وينزلق إلى دينونة الآخَرين، لا سيَّما الَّذين يضعونـه أمـام مساءلة ضميره، حين يكون قادرًا أن يغيثهم في ضعفهم ويعزّيهم ولا يقوم بذلك، لأنّه يشكِّك بهم ويحكم على نواياهم بحسب الظّاهر، بسبب قساوة قلبه وكبريائه وأنانيّته، فيضع نفسه ديَّانًا مكان الله العارف خفايا الكلى والقلوب وحده.
الكنيسة المقدَّسة تحذّرنا في هذا الأحد من إهمال الرَّبّ في أحبّائه المهمَّشين والمرفوضين والّذين يرى النّاس فيهم عبئًا عليهم. من يخدمهم يخدم الله ومن يهملهم يهمل الله، ويكون إيمانه وأعماله، تاليًا، باطلة.
الله قاضٍ عادل. من يخلص إذا حاكمه الله؟!... لذلك، فلنتب عن أنفسنا ونخدم الرّبّ في أحبّائه، لأنّنا حين نَرحم نُرحم وحين نغلق أحشاءنا عن الموجوع وننساه أو نتناساه نصير غرباء عن الله وأعداء له. كلّ منّا هو جائع وعطشان وعريان وغريب ومريض ومسجون في خطاياه وذاته وأهوائه، ولا تعزية له ولا خلاص إلّا بالمسيح يسوع الَّذي كشف لنا سرّ الحبّ الإلهيّ. من كان للمسيح صار مسيحًا صغيرًا مبذولًا للمسيح الَّذي هو في إخوتنا الصِّغار...
ومن له أذنان للسّمع فليسمع...
+ أنطونيوس
مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما
طروباريّة القيامة (باللَّحن السّادس)
إِنَّ القوَّاتِ الملائِكِيَّة ظَهَرُوا على قبرِكَ الـمُوَقَّر، والحرَّاسَ صَارُوا كَالأَموات، ومريمَ وَقَفَتْ عندَ القَبْرِ طَالِبَةً جَسَدَكَ الطَّاهِر، فَسَبَيْتَ الجَحِيمَ ولَمْ تُجَرَّبْ مِنْهَا، وصَادَفْتَ البَتُولَ مَانِحًا الحَيَاة، فَيَا مَنْ قَامَ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ، يَا رَبُّ المَجْدُ لَك.
قنداق أحد مرفع اللّحم (باللّحن الأوّل)
إذا أتيتَ يا الله على الأرضِ بمجدٍ. فترتعدُ منكَ البرايا بأسرها. ونهرُ النّارِ يجري أمامَ المِنبر. والمَصاحفُ تُفتَّحُ. والخفايا تُشَهَّر. فنجِّني حينئذٍ من النّار الّتي لا تُطفأ. وأهّلني للوقوف عن يمينِك، أيُّها الدَّيانُ العادِل.
الرّسالة ( 1 كو 8: 8 – 13 ، 9: 1 – 2)
قُوَّتي وتَسْبِحَتي الرَّبُّ
أدباً ادَّبَني الرَّبُّ، وإلى المَوْتِ لَمْ يُسلمني
يا إخوة، إنّ الطّعامَ لا يقرِّبُنا إلى الله، فإنّنا إن أكلنا لا نزيدُ، وإن لم نأكل لا ننقُص ولكنْ أنظروا أن لا يكونَ سلطانُكم هذا مَعثرةً للضُّعفاء. لأنّه إن رآك أحدٌ يا من له العِلمُ مُتَّكِئًا في بيتِ الأوثان، أفلا يتقوّى ضميرُه، وهو ضعيفٌ، على أكلِ ذبائح الأوثان، فيَهلكُ بسببِ علمك الأخُ الضّعيفُ الّذي مات المَسيحُ لأجلِه. وهكذا، إذ تخطِئون إلى الإخوةِ وتجرحون ضمائرَهم، وهي ضعيفة، إنّما تُخطئِون إلى المَسيح. فلذلك، إن كان الطّعامُ يُشَكِّكُ أخي فلا آكلُ لحمًا إلى الأبد لئلّا أُشكِّكَ أخي. ألستُ أنا رسولًا؟ ألستُ أنا حُرًّا؟ أما رأيتُ يسوعَ المسيحَ ربَّنا؟ ألستم أنتم عملي في الرَّبّ؟ وإن لم أكن رسولًا إلى الآخرين فإنّي رسولٌ إليكم، لأنّ خاتَمَ رسالتي هو أنتم في الرَّبّ.
الإنجيل (مت 25 : 31 – 4)
قال الرَّبُّ: متى جاءَ ابنُ البشر في مجده وجميعُ الملائكةِ القدّيسين معه، فحينئذٍ يجلس على عرش مجدِه، وتُجمَعُ إليه كلُّ الأمم، فيميِّزُ بعضَهم من بعضٍ كما يميِّزُ الرّاعي الخرافَ من الجِداء. ويقيمُ الخرافَ عن يمينه والجِداءَ عن يسارِه. حينئذٍ يقول الملكُ للّذين عن يمينه: تعالوا يا مبارَكي أبي، رِثوا المُلكَ المُعَدَّ لكم منذ إنشاء العالم، لأنّي جُعتُ فأطعمتموني، وعطِشتُ فسقيتموني، وكنتُ غريبًا فآوَيتموني، وعريانا فكسَوتموني، ومريضًا فعُدتموني، ومحبوسًا فأتيتم إليّ. فيُجيبه الصّدّيقون قائلين: يا ربُّ، متى رأيناك جائعًا فأطعَمناك أو عطشانَ فسقيناك، ومتى رأيناكَ غريباً فآوَيناك أو عُريانا فكسَوناك، ومتى رأيناك مريضًا أو محبوسًا فأتينا إليك؟ فيُجيبُ الملكُ ويقولُ لهم: الحقَّ أقولُ لكم، بما أنَّكم فعلتم ذلك بأحدِ إخوتي هؤلاء الصِّغار فبي فعلتُموه. حينئذٍ يقولُ أيضًا للّذين عن يسارِه: اِذهبوا عنّي يا ملاعينُ إلى النّار الأبدَّية المُعدَّةِ لإبليسَ وملائكتِه، لأنّي جُعتُ فلم تطعِموني، وعطِشتُ فلم تسقُوني، وكنتُ غريبًا فلم تؤووني وعُريانًا فلم تكسوُني ومريضًا ومحبوسًا فلم تزوروني. حينئذٍ يُجيبونَه هم أيضًا قائلين: يا ربُّ متى رأيناكَ جائعًا أو غريبًا أو عُريانًا أو مَريضًا أو مَحبوسًا ولم نخدمْك؟ حينئذٍ يُجيبُهم قائلًا: الحقَّ أقولُ لكم، بما أنَّكم لم تفعلوا ذلك بأحدِ هؤلاء الصِّغار فبي لم تفعلوه. فيذهبُ هؤلاءُ إلى العَذابِ الأبديّ، والصِّدّيقونَ إلى الحياةِ الأبديّة.
حول الإنجيل
يتكلَّم هذا النّصّ الإنجيليّ، عن موضوعٍ أساسيّ لحياتِنا الرّوحيّة. وهو الدّينونة والمجيء الثّاني للرّبّ يسوع المسيح. الّذي سيأتي ويدين برحمةٍ وعدالةٍ، بحسب أفعال وإيمان كلّ إنسان.
عند مجيء الرّبّ يسوع المسيح الأوّل، أتى لكي ينتشلنا من الخطيئة، وعندها فتح لنا باب الملكوت. أمّا عند مجيئه الثّاني، فسوف يأتي بكلِّ مجده، لأنّه سيظهر من المشارق حتّى المغارب، وعندها سوف لن يصمت وسيوبّخ الخطأة، ويسلِّمهم إلى الهلاك الأبديّ.
فكيف يجب أن نسلك لكي نرث الملكوت؟ يجب أن نسلكَ في طاعة الكلمة الإلهيّة. لأنَّه في مجيئه الثّاني سيُقيم الخراف عن يمينه، إذ عمِلوا الصّالحات، وأطاعوا حتى الموت موت الصّليب. فإن صعدنا على الصّليب بملءِ إرادتنا وبفرحٍ غير متناهٍ، فعندها حتمًا نكون من ورثة الملكوت. أمّا الّذين عمِلوا السّيّئات، فسيقيمُهم عن يساره؛ لأنَّهم أطاعوا ذواتهم وشهواتهم وتمسَّكوا بأنانيّتهم. طبعًا، هناك أسياد كثيرون وملوك كثيرون، ولكنّ هؤلاء من أسياد هذا الدّهر الفاني. يوجد سيّدٌ حقيقيٌّ واحد، وملكٌ واحد، وهو الرّبّ يسوع المسيح.
وعندما نتكلَّم عن الصّالحات، يجب الوقوف عند محطّة أساسيّة وهي المحبّة. فالمحبّة تتطلّب منّا أن نُطعم الّذي لا طعام لديه، ونُعطي كأس ماء لمن هو عطشان، ونأوي كلّ من يضعه الله في طريقنا، ونكسو مَن لا ثياب له، ونطمئنّ على المريض، ونزور المسجون ونقف بجانبه. وعندما نقوم بهذه الأمور بفرح، عندئذٍ نسلكُ بحسب الوصيّة الإلهيّة، أي محبَّة القريب. وبذلك نعيش ما يقوله القدّيس سلوان الآثوسي: "أخي هو حياتي".
وعلى هذه الصّورة يُمدح عملُ الرّحمة والمحبّة لجميع البشر. لأنَّه ينبغي أن تكون هذه الفضائل نموذجًا وثمارًا لهذه المحبّة المطلقة. وهي الرّأس لكلّ الفضائل الأخرى كلّها عند من هو مزمع أن يرث الملكوت الأبديّ.
عيش الإيمان في هذا الزّمن الصّعب الّذي تمرُّ به البشريّة في كلِّ أنحاء العالم، يتطلَّب منا بذلًا وانكسارًا وتواضعًا كبيرًا. التّواضع الّذي يُشهد له هو فيضٌ من المحبّة في خدمة الآخَر المحتاج. هكذا، في هذا المثل الإنجيليّ، يُجيب الرّبّ الّذين عن يمينه بجرأة لكي يُظهر فضيلتهم ويرفعهم من التّواضع، فيجدوا النّعمة عن استحقاق، الّتي يمنحها السّيّد بغزارة للمتواضعين. أرأيتم هذا عمل الرّحمة المطلوب منّا في هذه الأيّام الصّعبة. أمّا المتكبر غير العطوف فعندما يُدان على عدم رأفته لا يتواضع بل يتذّمر ويبرّر نفسه، لذلك سوف يسمع الكلمات التّالية: "الحقَّ أقولُ لكم، بما أنَّكم لم تفعلوا ذلك بأحدِ هؤلاء الصِّغار فبي لم تفعلوه" (مت 25: 40) فيمضون إلى العذاب الأبديّ.
وأخيرًا، يا أحبّة، لنرحم أنفسنا برحمة الإخوة، لنكتسب الخلاص بتعطّفنا على الآخرين. لأنَّك أنت تعطي بقدر ما يستطيع الإنسان العطاء. بينما تأخذ من الكنوز الإلهيّة الّتي لا تفرغ مئة ضعف والحياة الأبديّة. ممّا لم تره عينٌ ولا سمعت به أذنٌ ولم يخطر على بال أيّ إنسان (1 كو 2: 9).
ومن استطاع أن يقبل فليقبل.
الكبرياء والافتخار
هل سألت نفسي إذا كنتُ متكبّرًا؟ هل قرأتُ عن الكبرياء وقارنتُ نفسي بما يقوله الكاتب عن هذه الرّذيلة؟ هل صارحتُ الأب الرّوحيّ وكشفتُ له أفكاري بصدقٍ؟ البعض يرى نفسه أنّه غير متكبّر، لا بل يعلن أنّه بلا خطايا!! يقول الإنجيليّ يوحنّا في رسالته الأولى (يو ١: ٨): "إن قلنا أنّه ليس لنا خطيئة نُضِلُّ أنفسنا وليس الحقّ فينا". ويقول الرّسول بولس في رسالته لأهل (رومية ٣: ٢٣): "إذ الجميع أخطأوا وأعوَزَهم مجد الله". الطّبيب يشخّص المرض ومن ثَمّ يبدأ العلاج.
يُسمّي القدّيس غريغوريوس الذّيالوغوس الكبرياء على أنّها ملكة كلّ الخطايا. تجرّ خلفها كلّ الخطايا، وإذا تملّكت بالإنسان سلّمته للشّياطين كي يقتلوه نفسيًّا وروحيًّا في هذه الدّنيا وفي الأبديّة. يقول القدّيس باييسيوس أنّ الكبرياء هي الرّئيسة العامّة للأهواء، من يضرب الكبرياء يضرب الأهواء كلّها، ويستوطن في داخله التّواضع والمحبّة .
من علامات الكبرياء وبناتها هي: الحسد، الحقد، الأنانيّة، الإدانة، الغضب، الغرور، المجد الباطل، الإفتخار، الفضول، غرابة الأطوار، الوقاحة، اليأس، الاحتقار ، الازدِراء، الاعتراف غير الصّحيح، الحجج، الكفر، إهمال الخطايا واحتقار وصايا الله.
ويصنّف الآباء عامّةً خمس مراتب أو حالات من الكبرياء لدى الإنسان : ١- عندما يملك موهبةً وينسبها لنفسه لا لله. ٢- عندما يعترف أنّ موهبته هي من الله عن استحقاق لا كرحمة. ٣- عندما يعتقد أنّه يملك مواهب كثيرة، وعمليًّا لا يملكها. ٤- عندما يحتقر الآخرين ويطلب أن يُكرَّم على أنّه أفضل من غيره. ٥- عندما يزدري قوانين الكنيسة والآباء واللّيتورجيا ولا يخضع لها، وهذه هي الخطيئة الأكبر.
نسعى عادةً كبشر وراء المجد والشّهرة والمديح والتّكريم، وبقدر ما نسعى دنيويًّا بهذه الاتّجاهات، نكون لا شيء أمام الرَّبّ الّذي قال مَن يرفع نفسه يتّضع، ومن يضع نفسه يرتفع (لوقا ١٤: ١١). لماذا أتكبّر وأتفاخر وأستضعف النّاس وأظنّ أنّهم أدنى منّي؟ فكلّ ما لي ليس سوى إحساناتٍ وهبات ووزنات من الله، سأقدّم عنها جوابًا يوم الدّينونة. فلو أردتُ التّفاخر، أُظهر جهلي وحماقتي. فلو كنتُ عاقلًا سأرى أنّني لا شيء بدون الله وبدون القريب، وغير مستحقّ لشيء بل مستحقّ للشّقاء وبذلك أنسحق متواضعًا. يقول الرّسول: "من افتخر فليفتخر بالرَّبّ" (١كورنثوس ١: ٣١).
لذلك، ونحن على مشارف الصّوم أعدّ نفسي كالعشّار لا كالفَرّيسيّ فأذلّ النّفس وأحتقر كبريائي الماضي وأسامح جميع النّاس، وأرى أنّني أنا المذنب والخاطىء في كلّ شيء لا عن مراءاة بل بصدقٍ فأرى نفسي في السّلام والمحبّة والوداعة والتّواضع.
أخبارنا
تصيير راهبتين وراهب في أبرشيّة زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس
ترأّس سيادة المتروبوليت أنطونيوس (الصّوري) راعي الأبرشيّة الجزيل الاحترام، صلاة الغروب يومَي الثّلاثاء والأربعاء الواقعين في الثّاني والثّالث من آذار 2021، وصلاة السّحر والقدّاس الإلهيّ يوم الخميس في الرّابع منه، حيث صيَّر سيادته يوم الثّلاثاء الأخت لودي محفوض راهبة باسم أولمبيا ويوم الأربعاء الأخت لورين الشّامي راهبة باسم تاتيانا، ويوم الخميس الأخ يوئيل كوسا راهبًا بإسم أرسانيوس.
ندعو للرّاهبتَين الجديدتين وللرّاهب الجديد بالثّبات في دعوتهم وخدمتهم للرَّبّ في الصّلاة والصّوم والخدمة الكنسيَّة البشاريّة والاجتماعيَّة لمجد الثّالوث القدّوس.