في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
أبونا الجليل في القدّيسين ملاتيوس، رئيس أساقفة أنطاكية *الشّهيدان بلوتينوس وساتورنينوس *القدّيسة البارّة مارينا *القدّيس أنطونيوس كولياس القسطنطينيّ *الجديد في الشّهداء خريستوس البستانيّ *أبونا الجليل في القدّيسين ألكسي، متروبوليت موسكو *القدّيس البارّ بونوا الأنياني.
* * *
✤ القدّيسة البارّة مارينا ✤
نشأت على التّقوى. توفيت والدتها وهي صغيرة السّن. زهُد والدها ورغب في السّيرة الرّهبانيّة. أبت عليه ان يتركها في العالم. توسّلت إليه ان يأخذها معه. تزيّت بزي الرّجال ورافقت والدها. ترهّبا معًا. اتخذت اسم مارينوس. سلكت في الفضيلة بغيرة وهمّة. توفي والدها بعد حين. أوفدها رئيس الدّير إلى إحدى القرى لقضاء حاجة. باتت في النّـزل هناك. صدف ان عرّج عسكرٌ على المكان في ذلك الزّمان. أحد الجنود غرّر بابنة صاحب النّـزل. فلما بان حبلها وانفضح أمرها أخبرت والدها بأن مارينوس الرّاهب هو الّذي اغتصبها. فما إن عادت مارينا إلى الدّير حتّى كان صاحب النّـزل قد سبقها وأطلع رئيس الدّير على ما ادّعى انه فعلتها. واجه رئيس الدّير مارينا بالتّهمة فلم تُنكر. على الأثر طردها. وزاد على ذلك ان صاحب الفندق دفع إليها بالمولود الجديد لتربّيه وكان ذكرًا. هامت على وجهها تستعطي، وقيل أقامت في مغارة بقرب الدّير. انقضت سنوات قبل ان يُصفَح عنها. فلما عادت إلى الدّير مرضت وماتت. جاء الرّهبان ليعدّوها للدفن فاكتشفوا انها امرأة فندموا على ما فعلوه بها وطوّبوا صبرها العجيب. هذه باقتضاب هي سيرة القدّيسة مارينا. وثمة زوائد يلقاها القارئ، هنا وثمة، حيثما انتشر إكرامها. من ذلك ان الرّبّ الإله منّ عليها بالحليب إدرارًا لتُرضع طفلها المزعوم. ومن ذلك ان روحًا غريبًا قبض على ابنة صاحب الفندق ولم يغادرها إلا بعدما اعترفت، عند قبر القدّيسة، بأنها اتهمتها زورًا. ومن ذلك أيضًا ان الطّفل الّذي ربّته القدّيسة صار راهبًا مجدًّا وتقدّس. كذلك ورد اسم القدّيسة بأشكال مختلفة: ماريا، ماريني، مارينوس… كما تسمّى أبوها باسم ابراهيم أو أفجانيوس أو غير ذلك وأمها بدّورة أو ثيودورة. وثمة من يعطي القرية الّتي ذهبت إليها اسمًا وهو طورزه، على بعد 29 كلمًا من بلدة بشرّي اللّبنانيّة. الزّمن الّذي عاشت فيه غير محدّد. بعض الإفادات يجعلها في القرن الخامس أو السّادس أو حتّىالثّامن الميلادي. كذلك المكان الّذي نشأت فيه أو ترهّبت وقضت غير محدّد. هناك ادعاءات ولا ما يؤكّد أيًا منها. البعض يعيدها إلى بيثينيا أو الإسكندرية، أو الاسقيط أو تراقيا أو البنطس أو وادي قاديشا في لبنان أو غير ذلك. سيرتها موجودة في اللّاتينيّة واليونانيّة والسّريانيّة والقبطية والأرمنيّة والعربية والأثيوبية وسواها. إكرامها شائع في كلّ المعمورة، شرقًا وغربًا. وهي شفيعة ذوات الأحشاء العقيمة وذوات الأثداء الجافة. قيل ان رفاتها بقيت في القسطنطينيّة إلى القرن الثّالث عشر. ثم في السّنة 1230 م استولى عليها الصّليبيون ونقلوها إلى البندقية. كذلك ثمة رواية ان رفاتها عُرفت في القدس. الإخوة الموارنة يقولون ان ذراعها (ربما اليسرى!) بقيت في دير قنّوبين إلى زمن البطريرك الدّويهي (1670 – 1704) ثم اختفت. شهادات أخرى تفيد بأن الصّليبيّين نقلوا ذراعها في تراجعهم إلى القلمون، على السّاحل اللّبنانيّ، في أواخر القرن الثّالث عشر، ثم وُجدت في باريس. للقدّيسة مارينا إكرامها المميّز في لبنان لا سيما في الكورة الأرثوذكسية وبين الموارنة. في أوساط هؤلاء قيل إنها ترهّبت في دير قنّوبين وفي أوساط أولئك في دير مار يعقوب. كذلك، محليًا، يُشار إلى مغارة القدّيسة مارينا القريبة من دير قنّوبين حيث بقي البطاركة الموارنة يُدفنون بين القرن الخامس عشر والتّاسع عشر. أيضًا يُشار إلى مغارة رسمت قديمًا بالفريسكات على بعد كلم ونصف شمالي بلدة القلمون القريبة من طرابلس. هذه كانت محجة للمؤمنين لا سيما لذوات الأثداء الجافة اللّواتي اعتدن الشّرب من الماء الّذي يسحّ من حيطان المغارة. يذكر أيضًا ان مارينا هي واحدة من عشرة نساء ورد ذكرهن في التّراث انهن نسكن في زيّ الرّجال. عيدها عندنا وعند اللّاتين وعند الشّرقيّين القدامى هو اليوم، الثّاني عشر من شباط، وعند الموارنة في 17 تموز. يذكر ان 17 تموز عندنا وعند السّريان هو عيد قدّيسة أخرى تحمل اسم مارينا، هي مارينا أنطاكية بيسيدية، وهي شهيدة. كذلك يعيّد اللّاتين في 17 تموز لنقل رفات القدّيسة مارينا إلى البندقية. هذا ويُذكر ان ثمة خلطًا حدث، هنا وثمة، بين القدّيسة مارينا الرّاهبة والقدّيسة مارينا، شهيدة أنطاكية بيسيدية هو وراء بعض اللّغط الحاصل بشأن قدّيسة هذا النّهار.