في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*العظيم في الشّهداء بروكوبيوس والّذين معه *الشّهيد عبدا *القدّيس البارّ ثيوفيلوس المقدوني المفيض الطّيب *الجديد في الشّهداء الكهنة أنستاسيوس يوانينا *القدّيس البارّ بروكوبيوس أوستيوغ المتباله *الشّهيد كيليان الإيرلنديّ *القدّيسون الرُّهبان الإبراهميّون *القدّيسة البارّة لاندرادا لوكسمبورغ.
* * *
✤ القدّيس البارّ بروكوبيوس أوستيوغ المتباله ✤
كان بروكوبيوس ابن عائلة من التجّار في ألمانيا. نشأ على الإيمان الكاثوليكي. لمّا قدم إلى نوفغورود لأشغاله، تأثّر بالأرثوذكسية وروعتها فاقتبل المعمودية المقدّسة. وإذ رغب، مذ ذاك، في بلوغ الكمال في الحياة المسيحية وزّع كل ما له على الفقراء وانضمّ إلى دير شوتين بقرب نوفغورود. بعدما ترسّخ في الطاعة وبقيّة الفضائل الرهبانية غادر إلى أستيوغ ليسلك، نظير القدّيس أندراوس المتباله، في نمط التباله الذي لم يكن بعد معروفاً في الروسيا.
كان كل يوم يجوب المدينة ويتصرّف بطريقة غريبة تعرّضه للهزء وسخرية العابرين. كذلك كان يقضي لياليه في الصلاة من أجل الذين أساؤوا إليه. “اغفر لهم يا أبتاه لأنّهم لا يدرون ماذا يفعلون”. كان يلبس أسمالاً لا تردّ عنه برد الشتاء ولا يقبل طعاماً إلاّ من الفقراء والأتقياء.
ذات ليلة من ليالي الشتاء المتجمّدة، إذ لم يعد بإمكانه أن يحتمل البرد دقّ باب أحد الفقراء فتركه بالباب. حاول أن يستدفئ بين الكلاب الشاردة فانصرفت عنه. بقي وحيداً. تحوّل إلى الله، رجاؤه الأوحد، فجاءه ملاكه وأدفأه. أقام في الأتعاب النسكية والتسليم الكامل للعناية الإلهية ردحاً من الزمن أخذ من الله، بعدها، موهبة التبصّر. ذات أحد وقف بباب الكاتدرائية ودعا السكّان في نوفغورود إلى التوبة هرباً من بَرَد النار الذي سوف يضرب المدينة كما ضرب، قديماً، سادوم وعمورة. وإذ ردّ عليه المسيحيون بالسخرية، استمرّ في نبوءته، مدّة ثلاثة أيام عبر الشوارع دون أي نجاح يُذكر. فلمّا انقضى الأسبوع حلّت غيمة هائلة، سوداء مرعبة وخيّمت على تلك الناحية ظلمات رافقها البرق والرعد الذي هزّ المباني هزّاً. خاف الشعب وأدرك خطيئته وأسرعت الجموع إلى الكاتدرائية حيث كان بروكوبيوس واقفاً أمام إيقونة البشارة يطلب من والدة الإله أن تتوسّط لخلاص المدينة. انضمّ الجميع إليه في الصلاة. إذ ذاك شوهد ينساب من الإيقونة زيت ذو عبير سماوي يبدّد المناخ الخانق. ابتعدت العاصفة نحو الغابة المجاورة ومزّقتها بَرَداً ذا عنف لم يُسمع به من قبل، كان يرافقه سقوط حجارة مشتعلة. وإنّ الزيت العجيب جرى جمعه بكمّيات كبيرة وبه شُفي العديد من المرضى.
بعد ذلك عاد بروكوبيوس إلى تبالهه مخفياً بذلك النعمة التي أخذها من الله. اعتاد أن يحمل بيده ثلاثة ملاقط للمدفئة. فإذا أمسكها متّجهة إلى أعلى كان هذا معناه أنّ الحصاد سوف يكون وافراً. أمّا إذا وجّهها إلى أسفل فكان هذا معناه أنّ الناحية، تلك السنة، سوف يصيبها العوز.كذلك كان يتوجّه إلى شواطئ نهر سوشونا ويجلس على صخرة ويصلّي للبحّارة والمسافرين.
بعد أن قضى سنين طويلة، في تلك الأنحاء، نبيّاً حقيقياً لله، في حضن مدينة أوستيوغ، رقد بالربّ في 8 تموز سنة 1303م بقرب دير رؤساء الملائكة. وكما اشتهى دُفن بقرب الكاتدرائية. وكان الحجر الذي طالما جلس عليه وصلّى لوحة لقبره. سنة 1458 أخذت العجائب تجري بقرب ضريحه. ثبت ذكره في الكنيسة الروسية سنة 1547م.