في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*القدّيسون الأبرار المستشهدون في دير القدّيس سابا *الشّهيدات ألكسندرا واللّواتي معها *القدّيس البارّ نيقيطا، أسقف أبولونياس *الشّهداء روديان وأخيلا الوالي ولوليون وعمّانوئيل *الجديد في الشّهداء ميرون الكريتيّ *الشّهيد أفروسينوس الرّوسيّ البارّ *أبونا الجليل في القدّيسين كوتبار، أسقف لينديسفارن *الشّهيدة فوتيني السّامريّة *الشّهيدان يوسف ولوقا الأنطاكيّان *الشّهداء السّوريّون السّبعة.
* * *
✤ الشّهيد أفروسينوس الرّوسيّ البارّ ✤
أحب السكنى في جوار الأديرة منذ شبابه فلما بلغ النضج ترهب في دير الرقاد في تكفين الروسية. أبدى في سيرة الفضيلة غيرة فائقة. اعتزل في الغابات التي يتعذر اختراقها ببركة رئيسه. أقام في مغارة في نسك شديد. كان لا يقتات سوى من نباتات الغابة والفطر والثمار البرية ويمضي أكثر لياليه في الصلاة. اهتدى الناس إليه فصاروا يلتمسون لديه بنيان النفوس. بعضهم طلب الانضمام إليه. بنى كنيسة على اسم البشارة وأسس ديراً ساسه حسناً بفضل ما أتاه الله من بصيرة حسنة.
وحدث بين العامين 1605 و1612م أن روسيا كانت من دون قيصر واستحالت ساحة لصراعات داخلية عرضة لتهديد البولونيين الذين استأثروا بسمولنسك والسويديين الذين احتلوا نوفغورود. إثر ذلك لجأ إلى دبر أفروسينوس قسم كبير من سكان أوستيوغ. يوم التاسع عشر من آذار 1612 أعلن قديس الله للناس أن البولونيين قادمون لضرب الدير ودعا من يلتمسون النجاة إلى مغادرة المكان. لم يصدقه كثيرون. أجابوه: “لماذا لا ترحل أنت من ههنا؟” فأجاب: “لأني أتيت لأموت من أجل المسيح!” وبالفعل لم يمض على قولة القديس وقت طويل حتى جاء البولونيون وبطشوا بكل الذين لازموا الموضع. تجدر الإشارة، بعدما تفوه القديس بنبوءته، إلى أن راهباً يدعى يونان هم بالهرب فأوقفه رجل الله وقال له: “أيها الأخ يونان، ما بالك تترك الخوف والجبن يتسللان إلى نفسك؟ إن كان الله معنا فمن علينا؟ من سيفصلنا عن محبة المسيح؟ أشدة أم ضيق أم اضطهاد أم جوع أم عري أم خطر أم سيف…؟ (رو35:8)” ثم أردف أن تنبيهه بالهرب هو لعامة المؤمنين الذين عليهم واجب حماية أولادهم ولسوا مربوطين، كالرهبان، بوعد البقاء حتى الموت في المكان الذي نذروا فيه نذورهم. قال القديس ذلك وذهب فجعل على نفسه إسكيمه الكبير وصلى إلى الله وأمه الكلية النقاوة أن يؤهلانه لنصيب الصالحين. وقد أقام ذلك النهار والليل بطوله يصلي بدموع إلى أن جاء البولونيون وحاصروا الدير وفتكوا بكل الذين وجدوهم. وإذ كان هناك صليب، أثبته القديس أول ما أخذ في إنشاء الدير، وقف بقربه منتظراً. سأله الجنود أن يسلمهم خيرات الدير. أجاب أنه لا ذهب لديه ولا مال ولا حتى ما يؤمن للمقيمين في الدير غذاءهم اليومي. قال أن الكنز الوحيد الذي لا سبيل إلى استلابه وهو مخبوء في الله، هو في كنيسة والدة الإله الكلية القداسة. فظن البولونيون أن الأمر يتعلق بكنز مادي خبأه القديس في الكنيسة فطرحوه أرضاً وهرعوا إلى الداخل. قلبوا ما فيها وألقوه أرضاً. فلما لم يجدوا شيئاً خرجوا ساخطين كما لو أن رجل الله سخر منهم فحطموا رأسه بضربات فأس متتالية وقضوا على يونان الراهب أيضاً ثم غادروا. في غضون أيام جاء مؤمنون ودفنوا القديس وبقية الضحايا. وبعد أربعة وأربعين عاماً نُقل جسد القديس إلى الكنيسة حيث اعتاد المؤمنون إكرامه والتبرك به قرون طويلة إلى أن جرى إعلان قداسته رسمياً عام 1911م.