في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
✵الشّهداء بطرس وأندراوس ورفقتهما ✵الشّهداء هيراكليوس وبولينوس وفنديموس الأثينائيّون ✵الشّهداء ثيودوتوس والعذارى السّبع ✵الشّهيدة أوفراسيا النّيقاويّة ✵أبونا الجليل في القدّيسين استفانوس بطريرك القسطنطينيّة ✵الشّهيد يوليانوس ✵الشّهيد ثيودوروس الأوّل، أسقف رومية ✵القدّيسة البارّة أنستاسو لفكاديون ✵القدّيس البارّ مرتينيانوس ✵الشّهيدان داود وتاتشان الجيورجيّان ✵الشّهيد فينانتيوس الإيطاليّ ✵الشّهيد بوتامون المصريّ ✵الشّهيد فيليكس سبولتّو الإيطاليّ.
* * *
✤ الشّهداء بطرس وأندراوس ورفقتهما ✤
في جوار لامبساكا، في آسيا الصّغرى، جرى القبض، خلال اضطهاد الأمبراطور الرّومانيّ داكيوس للمَسيحيّين، على شاب يُدعى بطرس، جميل ذكي، وبالأحرى مؤمن فاضل. استيق إلى أمام أوبتيمس، والي آسيا، الّذي قال له: “ها أنت تُعايِن مراسيم أمرائنا الّذين لا يُقهرون فضحِّ للإلهة فينوس، كما يأمرون”. فأجاب بطرس: “استغرب أنّك تسعى إلى إقناعي بالتّضحية لامرأة خليعة سيّئة السّمعة تمنعني الحشمة من ذكر أفعالها الّتي هي من النّوع الّذي يُعاقب عليها قانونكم”. فأمر أوبتيموس بمدِّه على الدّولاب وجعل قطعًا خشبيّة على جسده مثبّتة بسلاسل حديديّة، حتّى إذا ما أُطلق الدّولاب تكسّرت عظامه. فحوّل شهيد المسيح عينيه إلى السّماء وقال ببهجة قلب: “أُسبِّحك أيّها الرَّبّ، يسوع المسيح، وأشكرك لأنّك أهّلتني للصّبر قهرًا لهذا الطّاغي المُتوحِّش”. فلمّا أدرك أوبتيموس صلابة تصميم بطرس أمر بقطع رأسه.
بعد ذلك عزم الوالي على الذّهاب إلى ترواس، وهي مدينة في فيرجيا، بناها الإسكندر بقرب خرائب طروادة الشّهيرة. هناك قُدِّم إليه ثلاثة مسيحيِّين: أندراوس وبولس ونيكوماخوس. سألهم من أين أتوا وماذا كان دينهم، فأجابه نيكوماخوس بلهف وبصوت مرتفع: “أنا مسيحيّ”. أمّا الآخران فأجابا بحشمة: “نحن أيضًا مسيحيّان”. قال الوالي لنيكوماخوس: “ضحِّ للآلهة”، فأجاب: “لا يجوز للمسيحيّ أن يضحّي للشّياطين”. فأمر الوالي بتعليقه وتعذيبه. فلمّا كان على وشك أن يلفظ أنفاسه تحت التّعذيب أضاع، واأسفاه، إكليله، فإنّه هتف: “لم يسبق لي أن كنت مسيحيًّا وأنا مُستعدّ لأن أضحّي للآلهة”. للحال أمر الوالي بإنزاله. وما إن قدّم الأضحية للوثن حتّى قبض عليه روح خبيث، فسقط على الأرض وضرب رأسه بالأرض بعنفٍ شديد حتّى مات.
وكانت واقفة هناك فتاة في السّادسة عشرة من عمرها اسمها دينيز، عذراء مسيحيّة طريّة فهتفت إثر معاينتها لما حدث: “يا لك من شقيّ تعيس! لِمَ جلبت على نفسك عذابًا أبديًّا لقاء لحظة من الرّاحة؟!” فسمع أوبتيموس هذه الكلمات فسأل ما إذا كانت مسيحيّة فاعترفت بأنّها كذلك حقًّا. فطلب منها أن تضحّي وهدّدها بتعريضها للدّعارة وإحراقها حيّة إن لم تفعل، فلم تذعن له ولا خافت من تهديداته. فلمّا رآها مُصرّة على موقفها أمر بتسليمها إلى رجلَين فاسقَين ليفسداها. أخذها هذان إلى موضعهما، وحاولا اغتصابها فقاومتهما بضراوة حتّى كلّا. فلمّا كان نصف اللّيل فوجئا بشاب نوراني يظهر لهما وقد ملأ نوره البيت. إذ ذاك ارتعدا خوفًا من منظره وسقطا عند قدمي العذراء القدّيسة. فأقامت الصّبيّة الرّجلَين الماجنَين وطمأنتهما قائلة: “هذا هو حارسي والمحامي عني”.
في اليوم التّالي، أثار كهنة دايانا رعاع النّاس فقصدا منزل الوالي وسألوه بالهتاف والصّراخ أن يُسلم أندراوس وبولس لهم. ولكي يُسلي الوالي الشّعب أمر بإحضارهما وحرّضهما على التّضحية لدايانا، فامتنعا فأمر بضربهما بالسّياط بعنف، ثم سلّمهما إلى الجمع وأمر برجمهما. قُيِّدت أرجل الشّهيدَين وجُرِّرا إلى خارج البلدة ليصار إلى رجمهما. فلمّا أخذ الشّعب برجمهما، سمعت دينيز الجلبة وأخذت تبكي وتُعول بمرارة. وإذ تمكّنت من الإفلات من حرّاسها اندفعت إلى المكان الّذي كان يجري فيه إعدام القدّيسَين. فلمّا رأتهما هتفت: “لكي يتسنّى لي أن أحيا معكما إلى الأبد في السّماء، سوف أموت معكما على الأرض”. فأُعلم الوالي بكيفيّة إفلات العذراء ورغبتها في أن تموت مع الشّهيدَين، فأمر بإبعادها وأن يقطع رأسها بعيدًا عنهما وهكذا كان.
ملاحظة . يُعيَّد لهؤلاء القدّيسين الشّهداء في الغرب يوم الخامس عشر من أيّار وكذلك لدى السّريان وفق الخبر المنسوب إلى القدّيس إيرونيموس.