في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*القدّيس فيليبّس الرَّسول، أحد الشّمامسة السّبعة *أبونا القدّيس البارّ ثايوفانيس المرنّم الموسوم *أبونا الجليل في القدّيسين نكتاريوس الطّرسوسيّ، بطريرك القسطنطينيّة *الشّهيدتان زيناييس وفيلونيللا الطّرسوسيّتان *أبونا الجليل في القدّيسين فيلوثاوس كوكينوس القسطنطينيّ *القدّيس البارّ يونان العجائبيّ القبرصيّ *القدّيس البارّ كانيس الإيرلنديّ *القدّيسة البارّة أثلبورغا الإنكليزيّة *القدّيسون مشايخ أوبتينو *الجديدان في الشّهداء الرُّوس فيلاريت فاليكانوف الكاهن وجوفينال ماسلوفسكي رئيس أساقفة ريازان.
* * *
✤ أبونا القدّيس البارّ ثايوفانيس المرنّم الموسوم ✤
ولد القدّيس ثايوفانيس وترعرع في العربية في أسرة امتازت بفضائل ثلاث: التقوى والضيافة ومحبّة العلم. وقد وفّر له والداه، هو وأخاه الأكبر ثيودوروس، فرص تلقّن ما كان معروفاً في أوساطهما من علوم دنيوية وعلم إلهي. ثمّ أرسلاهما إلى دير القدّيس سابا في فلسطين لاستكمال معرفتهما، لا سيما في أصول الحياة الرهبانية.
فأما ثيودوروس، الذي تعيّد له الكنيسة في اليوم السابع والعشرين من شهر كانون الأول، فقد جمع، إلى التواضع والطاعة الرهبانية، علماً لاهوتياً جزيلاً حتى كان أحد أبرز المعلّمين في زمانه. وأما ثايوفانيس فلم ينقص عن أخيه في شيء من فضائل الحياة الرهبانية الملائكية، وهو بَرَع، إلى ذلك، في نظم الأشعار الكنسيّة والترتيل. من هنا لقبه بالمرنّم أو المنشئ. وقد سيم كِلا الأخوَين كاهناً.
فلما أثار الأمبراطور البيزنطي لاون الأرمني (813 – 820) موجة من الاضطهاد على مكرّمي الإيقونات المقدّسة، شاء البطريرك توما الأورشليمي الذي كان على الأرثوذكسية وكان في مأمن من شرور الأمبراطور بعدما أضحت أورشليم في يد العرب ابتداء من العام 637 م، أقول شاء أن يقارع لاون بالحجة علّه يرتدّ إلى صوابه، فأرسل إليه سفارة قوامها الأخوان العالمان ثيودوروس وثايوفانيس وأبوهما الروحي ميخائيل النائب.
حاول الأمبراطور في بادئ الأمر أن يستميل السفارة إلى حزبه. فلما تعذّر عليه ذلك أسلم الأخوين إلى المعذّبين، ثمّ نفاهما إلى إحدى جزر البحر الأسود وحظّر على أي كان أن يقدّم لهما العون، حتى في ضرورات عيشهما. وقد أقام الأخوان على هذه الحال ردحاً من الزمان إلى أن ثار عبيد لاون عليه وقتلوه ليلة الميلاد من العام 821 م.
وملك، بعد لاون، ميخائيل الثاني المعروف بالألثغ (821 – 829 م) فعرف مكرمو الإيقونات في أيامه هدنة دون أن يحسم الأمر في النزاع القائم إلى هذا الجانب أو ذاك. وقد سمحت هذه الحالة للأخوين أن يعودا إلى القسطنطينية حيث أخذا ينشران بهمّة واندفاع ما علّمه المجمع النيقاوي الثاني (787 م) بشأن إكرام الإيقونات. لكن حسد بطريرك القسطنطينية الهرطوقي آنذاك، واسمه يوحنّا، أعادهما إلى المنفى من جديد.
وما أن ارتقى سدّة العرش ثيوفيلوس، ابن ميخائيل، حتى اشتدّت قبضة الاضطهاد من جديد، وعلى حدّة تفوق ما كانت عليه في السابق. فأرسل في طلب الأخوين ثيودوروس وثايوفانيس من المنفى وحاول أن يكسبهما إلى معسكره. فلما لم يُفلح عذّبهما بوحشية وأمر بوسمهما على الجبهة، فخطّت بوخز الإبر والنار أبيات من الشعر على جبهة كل منهما تبيّن أسباب العقوبة الموقعة به. بعد ذلك أعادهما إلى المنفى، ولكنّه أرسلهما، هذه المرّة، إلى أفاميا في بيثينيا. وفي أفاميا أسلم ثيودوروس الروح بعدما طعن في السنّ وقضى خمساً وعشرين سنة في الاضطهاد.
أما ثايوفانيس فكان ما يزال بعد قويّ البنية، فبقي في المنفى إلى أن مات ثيوفيلوس الأمبراطور سنة 842 م. وقد كان موت ثيوفيلوس إيذاناً بانتهاء سلسلة الحملات المتقطعة على مكرمي الإيقونات، منذ العام 726 م.
ثمّ أنّ ثايوفانيس اختير أسقفاً على مدينة نيقية فاقام راعياً لشعبها إلى أن رقد بسلام في الربّ عام 847 للميلاد.
هذا وقد كتب ثايوفانيس خلال فترة اضطهاده ما لا يقل عن مئة وخمسة وأربعين قانوناً ما يزال الكثير منها يُرتَّل إلى اليوم، لا سيما في الأعياد السيّدية والقدّيسين.