في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*الشّهيد باتريكيوس البثينيّ *الشّهيد أكولوثوس المصريّ *الشّهيدة كيرياكي ومَن معها *الشّهيدة ثيوتيمي *الشّهداء الأبرار الثّلاثة عشر القبارصة *القدّيس البارّ كورنيليوس كوميل الرّوسيّ *القدّيس البارّ كورنيليوس كوميل الرّوسيّ *القدّيس ديمتري دونسكول الرّوسيّ *القدّيس البارّ أغناطيوس فولودغا العجائبيّ *القدّيس البارّ سرجيوس شوختوف *القدّيسان البارّان كورنيليوس وإبراهيم بالي *القدّيسان البارّان بلاّتانوس وسافينوس الإيطاليّان *الشّهيدان كالوكيروس وبرثانيوس الرّوميّان *الشّهيدان كالوكيروس وبرثانيوس الرّوميّان *الشّهداء الأساقفة *الكهنة المستشهدون في زمن الحكم الشّيوعيّ.
* * *
✤ القدّيس ديمتري دونسكول الرّوسيّ ✤
هو ابن يوحنا، الأمير الأكبر لفلاديمير وموسكو. ولد سنة 1350م ونشأ على التقى، فكان يمضي أوقاتاً طويلة في الصلاة وزيارة الأماكن المقدسة. وقد تعلم من القديس ألكسيوس، متروبوليت موسكو، كيف يتمم واجباته كأمير وفق الإنجيل وكيف يلتمس مجد الله في كل أمر. وكان القديس ألكسيوس قد تعين وصياً عليه إثر وفاة والد ديمتري في العام 1359 إلى أن حان ميعاد استلامه سدة المسؤولية.
النير التتاري، في ذلك الزمان، كان قد أضنى الروسيا وجعلها في حال يرثى لها. كل شيء فيها كان يرسم إعادة الإعمار، لاسيما في المستوى الخلقي والروحي. هذه المهمة الشاقة بالذات شاءتها العناية الإلهية أن تكون من نصيب الأمير ديمتري، أن يجدد المملكة والكنيسة، فيما تولى القديس سرجيوس رادونيج وتلاميذه التجديد الروحي مقدمين الحياة الرهبانية نموذجاً للكمال المسيحي.
أول ما شرع ديمتري في السعي إلى إنجازه كان توحيد مختلف الإمارات الروسية وضمان استقلال الكنيسة. فبعدما قوي على أمير سوزدال وخلفائه (1360م)، كان عليه، بالإضافة إلى صعوبات البيت، أن يواجه أعداء الخارج، من التتار والليتوانيين، وكذا خصومات أمراء ريازان وتفير. وقد أخضعهم في العام 1375م لكنه لم يستفد من هذا الانتصار لينهب أو يحتل مدنهم. فإن هدف سياسته كان تكوين دولة متحدة، تخضع فيها الإمارات من ذاتها للأمير الأكبر في موسكو.
كان ديمتري يزور بانتظام دير القديس سرجيوس، كما أسس العديد من الأديرة وجعل عليها تلاميذ القديس سرجيوس رؤساء.
في ذلك الزمان، أخذ النير التتاري في الروسيا يتراخى بفعل الصعوبات الداخلية التي اندلعت في عاصمة التتار (Horde dOr ) هذه الحال بعثت الآمال في نفوس الشعوب المقهورة. ولكن كان ينقصهم روح التماسك والتنظيم. هذه المهمة بالذات هي التي أخذها ديمتري على عاتقه ابتداء من العام 1370م.
ثم إنه في العام 1378، اجتاح جيش تتاري كبير إمارة ريازان. وجهة الحملة كانت موسكو. فقام ديمتري وجيشه وصدوا الهجوم وحققوا انتصاراً أولاً. وفي العام 1380م دخل الخان الروسيا بعدما جمع جيشاً من كل توابعه قوامه ما يدنو من الأربعمائة ألف رجل. أدرك ديمتري أن الساعة قد دنت، تلك التي أعدته لها العناية الإلهية منذ الصبى، فحصد ثمار سياسة التوحيد الصابرة التي انتهجها في علاقته بالإمارات الروسية. وقد تمكن من جمع جيش قوي في نواحي موسكو. كلمة السر كانت: “الله ملجأنا وقوتنا!”.
بعد عيد رقاد السيدة العذراء توجه ديمتري إلى دير الثالوث القدوس فأعطاه القديس سرجيوس بركته ليخوض المعركة وتنبأ له بالنصرة.
تحرك الجيش الروسي فبلغ ليلة ميلاد والدة الإله سهل كوليكوفو. كانت ساعة المعركة قد آنت. توجه ديمتري إلى رجاله بهذا القول: “إخواني الأعزاء، لنحارب من أجل الله، من أجل الكنائس المقدسة، من أجل الإيمان المسيحي. إذا كان لنا أن نموت فلن يكون موتنا موتاً بل حياة أبدية. لا تفكروا في أي شيء أرضي، يا إخوتي، لا نغادرن المعركة فيتوجنا بالنصرة المسيح الإله مخلص نفوسنا”.
أول من اندفع إلى الأمام في أرض المعركة كان راهباً مبتدئاً من دير القديس سرجيوس. وهو كان أول من سقط قتيلاً. كانت المعركة رهيبة، أعظم المعارك التي عرفتها الأرض الروسية في التاريخ. لم يمت الرجال نتيجة التحام الفريقين وحسب، ولكن مسحوقين أيضاً بحشود الجنود الذين اندفعوا إلى السهل الضيق. في تلك الأثناء كان القديس سرجيوس يعاين بالروح سير المعركة ويعطي أسماء الضحايا لتقام الخدمة الجنائزية على نيتهم. أخيراً تمكن الجيش الروسي من تحقيق انتصار كاسح شكل المرحلة المصيرية في التحرر من النير التتاري وإبلاد الدولة الروسية. وقد أضحت معركة كوليكوفو رمز اليقظة الروحية والوطنية للشعب الروسي وانتصار نور المسيح على ظلمة الوثنية.
على أن ديمتري، إثر عودته إلى موسكو، بعدما شفي من جراحه، لم يعرف السلام. فإن جيشاً تتارياً، سنة 1382م، خرب موسكو وأجبر ديمتري على الهرب إلى كوستروما. ولكن رغم الأضرار التي أصابت المدينة لم يتمكن التتار من الاحتفاظ بمواقعهم، فاستمرت حركة التحرير دون أن يتسنى للأمير أن يتمتع بنتائجها. فإنه، بعدما أضنته الأمراَض، نقل سلطاته إلى ابنه البكر باسيليوس. وبعدما اقتبل القدسات من يد القديس سرجيوس، أسلم الروح، في التاسع عشر من شهر أيار من العام 1389م. عمره يومذاك كان أربعين سنة. وقد أعلنت الكنيسة الروسية قداسته خلال العام 1988م.