في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*الشّهيدان فلوروس ولافروس *الشّهداء هرميس وسيرابيون وبولَيين الرّومانيّون *الشّهيدة يوليانا *الشّهيد لاون *القدّيسون النُّسّاك الأربعة *القدّيس البارّ مكاريوس القسطنطينيّ *أبوانا الجليلان في القدّيسين جاورجيوس الأوّل ويوحنّا الخامس بطريركا القسطنطينية *القدّيسان البارّان برنابا وصوفرونيوس سوميلا *القدّيس البارّ خريستوفوروس *القدّيس البارّ صوفرونيوس الجبل المقدّس *القدّيس البارّ أرسانيوس الجديد باروس *القدّيس البارّ يوحنّا ريلا البلغاريّ *الجديد في الشّهداء الرُّوس أفجانيوس ديمتروف *القدّيسة الإمبراطورة هيلانة *الشّهيد أغابيتوس بْرِينَسْت.
* * *
✤ القدّيس البارّ أرسانيوس الجديد باروس ✤
من والدين تقيين في يوانينا. تيتم في سن التاسعة. أخذه إليه راهب كاهن اسمه غريغوريوس، مدير مدرسة كيدونيا في آسيا الصغرى. بعد خمس سنوات من الدراسة التصق بأحد أبرز الآباء الروحيين في زمانه، دانيال زاغورا.
قرر دانيال الاعتزال في جبل آثوس. رجاه تلميذه الشاب الصغير أن يأخذه معه. نما بسرعة في فضيلة قطع المشيئة والتواضع والطاعة. ترهب واتخذ اسم أرسانيوس. بعد ست سنوات غادر الرجلان الجبل المقدس بسبب الاضطرابات والخلافات التي تزامنت والجدل المستعر في شأن الكوليفا والمناولة المتواترة. هذا الاضطهاد الذي لحق بالمدافعين عن التقاليد الرسولية تحول خيراً لهم، فإنهم إذ نُفوا إلى مناطق مختلفة من اليونان، لاسيما إلى الجزر، كانوا سبباً لصحوة روحية بين الناس لا زال أثرها محسوساً إلى اليوم.
أقام قديسنا، أولاً، في دير بندلي في أتيكا. وإذ كانت الثورة على وشك أن تندلع وتوقع دانيال أن يُخرب العثمانيون الدير، لجأا إلى أرخبيل السيكلاديس. في باروس استقبلهما فيلوثاوس، رئيس دير لونغوفاردا، استقبالاً أخوياً وأرسلهما إلى داعية مشهور هو كيرلس بابادوبولوس المقيم في دير القديس أنطونيوس مع رهبان آثوسيين من فريق الكوليفاديس. بناء لطلب سكان جزيرة فوليغاندروس الذين رغبوا في أن يكون لهم تعليم أساسي، جرت سيامة أرسانيوس شماساً وعين مدرساً. لم تكن مهمته محدودة بتعليم اليونانية بل سعى، بخاصة، لأن يبعث في نفوس تلامذته احترام وصايا الله ومحبة الفضيلة. كان دانيال يعرف الكبار وأرسانيوس يعلم الأولاد. بنتيجة ذلك تغيرت أخلاق الشعب بسرعة وبلغوا مستوى مرموقاً من السمو الأخلاقي. لم يمض على ذلك وقت طويل حتى شعر دانيال بدنو أجله فأوصى تلميذه بأن ينقل جسده إلى الجبل المقدس وأن يقضي بقية أيامه في الهدوئية ليتهيأ للقائه في أورشليم السماوية.
تيتم أرسانيوس من جديد لكنه أبحر إلى آثوس. في طرقه عرج على باروس لتحية الأب فيلوثاوس والتبرك من ضريح الأب كيرلس الذي رقد حديثاً في الدير الصغير للقديس جاورجيوس. هناك، نزولاً عند رغبة تلاميذ الأب الراقد، قرر أن يبقى في الدير. سلك على نحو يليق بأرسانيوس الكبير: لا يأكل إلا قليلاً ليستمر في العيش. لا ينام سوى ثلاث ساعات ليلاً. يصلي بقية وقته. تقدمه في فن النسك أثار الإعجاب. سيم كاهناً وعين معرفاً من قبل متروبوليت السيكلاديس. دعته العناية الإلهية إلى تعليم الشعب. كان يؤثر أن تسبق أعماله أقواله بحيث يكون مثالاً إنجيلياً طيباً. حين كان يقف أمام المذبح كان يشبه ملاكاً متلألئاً وتُحدث دموعه نخس قلب في نفوس جميع الحاضرين. مثل هذه الفضائل كان يجتذب إليه، ليعترفوا لديه، لا فقط مسيحي باروس بل مسيحي جزر أخرى وغير مدن يونانية وكذلك رهبان جبل آثوس وغير أديرة. كان يستقبلهم بمحبة ويعين لهم، بتمييز، الأدوية المناسبة لأدوائهم الروحية. إثر وفاة رئيس الدير اختاره الرهبان، بالإجماع، خلفاً له. لكن رأى القديس أن هذه المهمة تعيق عمله الرعائي فاستقال وانصرف للصلاة وقبول الاعترافات. كان أباً روحياً لأديرة لونغوفاردا والقديس جاورجيوس والتجلي. وحين كان ينتقل من دير إلى دير، على بغلة، كان يغطي وجهه بالكوكوليون أي بغطاء الرأس الذي يرمز إلى التكريس لله. الغرض من ذلك أنه لم يشأ أن يسهو عن صلاته المتواصلة.
بالإضافة إلى المشاق النسكية الإرادية التي تكبدها، واجه أرسانيوس صعوبات مع بعض أعيان الجزيرة ومع المتروبوليت نفسه الذي أوقفه مؤقتاً عن مهامه الكهنوتية. لكنه سُر بأتعابه كالرسول بولس (2كو4:7) وجعل يصلي من أجل أعدائه. كذلك عانى الضيقات والانقسامات بين راهبات دير التجلي. ولما لم تلق تحذيراته آذاناً صاغية فيهن قرر أن يغادرهن. في الطريق التقى العظيم في الشهداء جاورجيوس الذي حثه على حمل خطايا وأهواء أبنائه الروحيين كما يحمل المسيح خطايا العالمين. عاد أرسانيوس إلى الدير. كان لجزيرة باروس حضوراً حقيقياً لله، يضع حداً للجفاف بصلاته ويحمي السكان من هجمات الشياطين. بعد عجائب عدة جرت بيديه أبرزها هداية أعداد من الخطأة، رقد بسلام في الرب في 31 كانون الثاني سنة 1877م. أكرمه السكان قديساً بصورة عفوية بعد رقاده. جرى إعلان قداسته رسمياً، من قبل بطريرك القسطنطينية، خلال العام 1967، بفضل جهود الأب فيلوثاوس زرفاغوس (+1979م) رئيس دير لونغوفاردا.