في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*الشّهيد في الكهنة أكليمنضوس الرّوميّ *الشّهيد في الكهنة بطرس الإسكندريّ *القدّيس ثيودوروس المعترف الأنطاكيّ *أبونا القدّيس البارّ ملخس القنسرينيّ *الشّهيدان فيلومانوس وخريستوفوروس *الشّهيد أفجانيوس *الشّهيدان بروكوبيوس وخريستوفوروس الآخر *الشّهيد الإسكندر الكورنثي *الشّهيد خريسوغونوس *القدّيسان كاريون وهرموجانيس أسقف أغريغنتية *القدّيس البارّ غريغوريوس الّذي من آسيا *القدّيس البارّ مرقص رئيس دير تريكليا *أمّنا القدّيسة البارّة مستريديا *الشّهيد خريسوغونوس *الشّهيد مركوريوس سمولنسك *القدّيس البارّ سمعان *القدّيس البارّ لوقا الكييفيّ *القدّيس البارّ نيقوديموس الجديد.
* * *
✤تذكار أبينا البار ملخس القنسريني (القرن الرابع)✤
وُلد في مستوطنة سورية قريبة من مدينة الموصل العراقية الحالية. وما أن بلغ سن الشباب حتى رغب ذووه في زواجه فأبى لأنّ مُنية قلبه كانت أن يصير راهباً. وفي ليلة من الليالي قام وفرّ من البيت وجاء إلى ناحية قنسرين (خالكيس) في سوريا الشمالية حيث انضمّ إلى رهبان أحد الديورة.
ثمّ بعد بضع سنوات مات أبوه في الجسد وانتهى إليه خبره. فتحرّك شوقه إلى أهله وألحّ عليه فكر بأن يعود، ولو مؤقتاً، إلى موطنه ليرتّب بعض الأمور العالقة فيه ويكون بجانب أمّه. ولما أطلع أباه الروحي في الدير على ما في خاطره عرف أبوه أنّ هذه تجربة من الشيطان فنبّهه فلم يسمع فتركه يذهب.
وفي الطريق أغار قطّاع طرق من البدو على القافلة فأخذوا مَن كانوا مسافرين فيها عبيداً. وإذا بإعرابي جاء فاشترى لنفسه عبداً وأمة لخدمة بيته، فكان العبد ملخس.
وشاء سيّد ملخس الجديد لعبده أن تكون له الأمة زوجة فاعترض فخيّره غاضباً بين الزواج منها والموت بيده. ولما لم يكن في نية ملخس أن يخرق نذر العفة، أنى يكن الظرف، فقد فكّر في الانتحار. وفيما هو غارق في أفكاره دنت منه الأمة، وقد عرفته راهباً، واقترحت أن يكون زواجهما صورياً، فقط إقناعاً لمالكهما، فيما يحفظ كل منهما نفسه في العفة، منفصلاً عن الآخر بالجسد، ولكن متّحداً به برباط المحبّة المقدّسة.
ثمّ انّ ملخس والعذراء سلكا في العفة وخدما مولاهما طويلاً.
وذات يوم كان ملخس يتمشّى وحيداً في الصحراء يستعيد ذكرياته الديرية بحنان فلفتته واحدة من قرى النمل فأخذ يتأمّلها متعجباً من نشاطها الذي لا يعرف الكلال ومن وحدة حالها والانسجام التام فيما بينها. ومن النمل انتقل فكره إلى الدير من جديد فتنهّد واسترسل في الذكريات. كل شيء في الدير هو للجميع ولا أحد يملك شيئاً خاصاً به. كل واحد يعمل للخير المشترك. ليت تلك الأيام تعود!
وخطر له أن يهرب فأسرّ إلى الفتاة بما في نفسه فوافقته. وتحيّن الاثنان الفرصة. وإذ وجداها سانحة فرّا. ولكن درى بهما القوم فقام إليهما رجلان بسلاح على جملَين وأخذا يبحثان عنهما.
ثمّ أنّ ملخس وعذراءه أعييا فلجأا إلى كهف بلغاه وتواريا فيه. وبعد قليل وصل الرجلان وقد اقتفيا آثار أقدام الفارين، فترجّل أحدهما عن جمله ودخل إلى الكهف والسلاح في يده وأخذ يصرخ: “اخرجا يا أيّها الحقيران لتلقيا الموت!” فكان ملخس والعذراء في زاوية في الداخل يرتجفان وقواهما تكاد أن تنهار. في تلك اللحظة بالذات خرجت لبؤة من عمق الكهف فانقضّت على الإعرابي فمزّقته. أما رفيقه في الخارج فقفل هارباً وجِلاً إلى عمق الصحراء. هكذا نجا ملخس وعذراؤه بصورة عجيبة.
ثم أنّ قدّيسنا عاد إلى ديره بعدما استودع العذراء ديراً للعذارى. وقد عاش ملخس في الدير إلى أن شبع أياماً. نقل خبره القدّيس إيرونيموس.