في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*الشّهيد في الكهنة أثينوجانيس وتلاميذه *الشّهيد أثينوجانيس الآخر *الشّهيد فوستوس *الشّهيد أنطيوخوس السّبسطيّ *شهداء بيسيديا *الشّهيدة جوليا العذراء *الشّهيد هيليي البلجيكيّ *القدّيسة البارّة غودولا البلجيكيّة *القدّيس البارّ تينينان الإنكليزيّ *القدّيسة المعترفة المتبالهة مطرونة بلياكوفا الرّوسيّة *أبونا الجليل في القدّيسين يعقوب مَسْكَييف والشّهداء الرُّوس الجدد الّذين معه.
* * *
✤ الشّهيد في الكهنة أثينوجانيس وتلاميذه ✤
فيما كان اضطهاد ذيوكليسيانوس للمَسيحيِّين مُضطرمًا في كلّ الإمبراطوريّة وفيه حثّ للأولاد على تسليم ذويهم، والدّم والرّعب ذائعان في كلّ مكان، دخل الحاكم فيليماخوس مدينة سبسطية، في أرمينيا الصّغرى، يتقدّمه موكب من كهنة الأوثان والمزمّرين وضاربي الصّنوج. وما إن استقرّ في ديوانه حتّى خرج المنادي يدعو كلّ السّكّان إلى التَّقدّم للتّضحية لآلهة الإمبراطور. لكنّ الجموع أجابت بصوتٍ مُتّفِقٍ: “نحن مَسيحيّون ولا نضحّي للأوثان!” فكانت النّتيجة أن سُلِّم عدد من المسيحيّين للذَّبح.
وجاء مَن وشى لدى الحاكم بالخور أسقف أثينوجانيس، المقيم في هيراكليوبوليس، أنّه يحثّ السّكّان على مقاومة مراسيم الإمبراطور. أُرسلت مفرزة من العسكر إلى المكان. وإذ لم يجدوه أوقفوا تلاميذه العشر واستاقوهم إلى سبسطية مصفّدين بالقيود وألقوهم في السّجن ريثما يتمّ القبض على معلّمهم.
فلمّا عاد القدّيس أثينوجانيس، في اليوم التّالي، بحث عن تلاميذه رافِعًا الصَّلاة بدموعٍ إلى الرَّبّ الإله من أجلهم. وإنّ الظّبية الّتي رعاها منذ أوّل نشأتها دنت منه وقبّلت قدميه. وإذ اتّخذت صوتًا بشريًّا، بنِعمَة الله، كشفت له أنّ تلاميذه جرى إيقافهم واقتادهم الجند إلى سبسطية ليستشهدوا. بارك القدّيس الحيوان وأسرع الخُطى إلى المدينة. فلمّا وصل إلى المحكمة صرخ بالطّاغية أنّ غضب الله سوف يحلّ عليه لكلّ المِحَن الّتي ينزلها بالمسيحيّين. للحال أمسكوه وألقوه في السّجن فالتقى هناك تلاميذه من جديد وشجّعهم على الثّبات في الجهاد إلى النّهاية ليكون لهم أن يجالسوا المسيح في العشاء الّذي دعاهم إليه.
في اليوم التّالي مَثَل الجميع أمام فيليماخوس الّذي هدّدهم بعذابات مروّعة، نظير سواهم من المَسيحيّين الّذي سبقوهم، إن لم يقدّموا الأضاحي للأوثان. أجاب الأسقف القدّيس أنّ هؤلاء الشّهداء المَغبوطين يرقصون الآن مع المَلائكة ولا رغبة لديه، هو ورفاقه، سوى في الانضمام إليهم. أمّا العشرة فمُدِّدوا للتّعذيب. ولمّا لم تنفع الحيلة في حملهم على التّراجع عن موقفهم جرى قطع رؤوسهم. أمّا أيثنوجانيس فلمّا دنا منه فيليماخوس قال له: “أين مسيحك؟ لِمَ لمْ يأتِ ليخلّص رفاقك؟!” والقدّيس نفسه مُدِّد وضُرب على جنبيه فهتف: “عليك، سيّدي، قد وضعت رجائي فنجّني برأفتك”. فسُمع صوت من السُّماء يقول: “تشجّع يا مختاري ولا تخف لأنّي معك لأحفظك”. وإذ بقي الجلاّدون كأنّهم مشلولون، هتف فيليبس، مُشير الحاكم: “لقد قلت لك إنّه ساحر. لنتخلّص منه بسرعة!” فلفظ فيليماخوس، في حقّ القدّيس، حكم الموت، لكنّه، بناء لطلب رجل الله، رضي أن يكون تنفيذ الحاكم في محلّ إقامته.
لمّا بلغ الموكب المكان ركضت الظَّبية وسجدت عند قدَمَيّ أثينوجانيس فقال لها: “لقد حُرمت من إخوتك وستُحرمين، بعد قليل، من الّذي ربّاكِ. ليعطِ الرَّبّ الإله ذرّيتك ألا تقع البتّة تحت سهام الصّيّادين شرط أن تقدّمي كلّ سنة أحد صغارك ليُقدَّم ذبيحة يوم ذكرانا”. ثمّ صرفها بسلام وباركها. بعد ذلك وجّه الصّلاة إلى الله من أجل مَن يقيمون تذكاره. ثمّ أحنى عنقه فجرى قطع رأسه وانضمّ إلى تلاميذه.
رغبة القدّيس من جهة الظبية استُجيبت بعد نياحته، فكلّ سنة، في ذكراه، أثناء قراءة الإنجيل في القدّاس الإلهيّ كانت ظبية تدخل الكنيسة حاملة أحد صغارها فتجعله عند المذبح وتنصرف.